القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: دم المغني يحفظ كلمات النشيد أيضاً

 
الأربعاء 06 تموز 2011


  * محمد حيان السمان 
 
  قتلوا المغني إذاً ؟ قتلوا - إبراهيم قاشوش - الذي ألهبَ حناجر المحتشدين في ساحة العاصي بحماه فغنوا معه واحدةً من أروع أغاني الثورة السورية : سوريا بدها – أي تريد - حرية!!. ذبحوه من الوريد إلى الوريد, ثم ألقوا جثته- الصوتَ والدمَ معاً- في نهر العاصي.
  هكذا إذاً... هكذا يكون ردُّ النظام التسلطي, في عنفه العاري وبربريته الغبية, على تظاهرة ساحة العاصي وعلى مغنّي الحشدِ فيها: حزّوا بالسكاكين حنجرته التي صدح بها منذ أيام : الحرية صارت ع الباب !!


  كان مغني ساحة العاصي قد خاطبَ العرب قبل أيام بأغنية طلعتْ من دمه : يا عرب ..يا عرب.. ذبحوا السوري وأنتو السبب ! كان دمه يعلم جيداً أن القتلة يترصدون الأريجَ , ويهيئون للصرخة طعنتها. كان دمه يعلم.

  منذ بداية انطلاق الثورة في حماه, كان إبراهيم قاشوش يغني لدرعا.. وحمص.. وبانياس والبيضا التي – داسوا فيها الإنسان – كما قال المغني مرتجلاً والناس تغني من بعده. كان يمسح بكلماته المرتجلة– على السليقة كما يُقال –و الملحّنة الموزونة, مواقعَ الجرح السوري الرغيب الممتد من درعا إلى جسر الشغور مروراً بمعرة النعمان و دوما والميدان... لم ينسَ أحداً و هو يرتجل مباشرة نشيدَه البهي. كان يتتبع بصوته الطافح بالرجولة والإلفة معاً, تضاريسَ الجريمة على جسد سوريا كلها, فيعلو إيقاعُ النشيد على شفاه الحشد في ساحة العاصي, وتصير الأغنية صلاة. وفي اللازمة : ارحل عنا يا بشار.. تعثر الحناجر أخيراً على صوتها المسروق منذ عقود.
   أيضاً المغني الشهيد لم ينس القتلة واللصوص في أغنيته... سمّى الأشياء بأسمائها: العصابة الهمجية ! يريد بذلك حاكم سوريا وأعوانه قتلة الشعب وناهبي خيرات سوريا... سوريا التي , كما تقول لازمة النشيد وتعيد : بدها حرية.
   من أين طلع هذا الحقد كله على الشعب ؟ منذ متى وهم يرعون حقول القسوة واللؤم والخسة حتى استطاعوا قطع حنجرة المغني بالسكاكين ؟!! ردوا على الأغنية بذبح المغني.. وتلقوا النشيد بسفك دم المنشد ؟؟!.. كان إبراهيم قد غنى لدم الشهداء أيضاً في ساحة العاصي. ومنذ أن بدأ القتلة يسفكون دم السوريين في ربيع سوريا العظيم, أعلن المغني في أناشيده مراراً : دم الشهداء مانو رخيص... دم الشهداء ما منخون !!.
  و دمك إذاً أيها المغني النبيل...؟؟! أيها الشاعر المقدام... أيها الصوت الذي صاغته ذاكرة وباصرة: ذاكرة تنوء بمقتلة الأهل في حماه منذ سنين الدم تلك... وباصرة ترصد حال الأهل في سوريا كلها الآن, في هذا الربيع الدامي. وبين الذاكرة والعين نهض صوتك الرجولي الوادع الطيب ليرجم القتلة الطغاة, ويضيء ليلَ ساحتنا البهية.
  في أسطورة استلهمها شاعر الأرض اليباب , أن الطاغية يقطع لسان الجميلة كي لا تستطيع الكلام عن الجريمة. لكن الآلهة حولت فيلوميلا الجميلة إلى عندليب تطلق إدانتها في كل مكان:
    
                      العندليب هناك... تملأ القفر جميعاً بصوت لا يُغتَصب !
                      وبقيت تصيح ...
                      وبقي العالم يلاحق الصوت !!
 جسد المغني إبراهيم قاشوش يطفو على مياه النهر, دمه يؤرج بساتين العاصي. الحشد في الساحة ما نسي النشيد أبداً. و منذ الآن : نواعير العاصي تتكفل بنشر صدى صوته الرجولي الحر على المدى كله.

* كاتب وباحث من سوريا
.


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 5


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات