القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: الصحافة الكوردية والبحث عن فضاء الحرية

 
الأربعاء 21 نيسان 2010


لافا خالد

في 22 نيسان من كل عام يتذكر الكورد أينما كانوا (عام 1898 ، صحيفة كوردستان، مقداد مدحت بك بدرخان ، القاهرة) نتذكر كما السنوات الماضية و ننحني لجهود رواد الصحافة الكوردية كواجب وطقس نمارسه في لحظة تصوف في حضرة الكلمة التي كانت البدء وفيها نتوحد بشراً حالمين بعالم أفضل.


بدرخان أو البرومثيوس الكوردي:- في مفارقة لها مدلولاتها القومية والسياسية في تاريخ الشعب الكوردي انطلقت الصحافة الكوردية في المهجر وبالذات من القاهرة التي انطلقت منها لاحقا أول إذاعة كوردية ، انطلاقة المهجر وانتقالات لاحقة من منفى لمنفى تمثل مقاربة تصل حد التطابق بين تاريخ ومسيرة الصحافة الكوردية وتفاصيل الهم الكوردي وأحلامه المؤجلة , 31 عددا هي حصيلة أعداد صحيفة كوردستان من 22 نيسان 1898 ولغاية عام 1902 ، الأعداد (1-5) صدرت في القاهرة ، الأعداد (6-19) في جنيف ، الأعداد (20-23) في القاهرة العدد  24  في لندن ، الأعداد (25-29) في فولكستون – شمالي انكلترا ، الأعداد (30-31) في جنيف. اقترنت الصحافة الكوردية بالعائلة البدرخانية كما اقترنت الحركة القومية في كوردستان العراق بالعائلة البارزانية، البداية كانت مع مقداد مدحت بك بدرخان والأمير جلادت بدرخان والأمير كاميران بدرخان وكانت ثريا بدر خان التي ترأست صحيفة كوردستان أول امرأة كردية تترأس صحيفة لا في كوردستان وحدها بل وفي المنطقة، العائلة البدرخانية لم تتوقف مع توقف مسيرة صحيفة كوردستان فاستمرت في نشاطها وفي بيروت كانت مجلة روناهي وستير، ومازال أحفاد وزملاء البدرخانيين يحملون شعلة برومثيوس دون خوف ووجل.
الإشكالات التي رافقت نشوء الصحافة الكوردية:- يمكننا القول إن الصحافة التي تُعًّرف بأنها السلطة الرابعة تُمثل بحد ذاتها المرآة التي تعكس واقع بقية السلطات وميكانزم تطورها ، الإشكالية الكوردية تتمثل بظهور السلطة الرابعة دون أن تسبقها بقية السلطات (التشريعية – التنفيذية – القضائية) ، غياب السلطات الثلاث وبشكل أدق غياب الدولة القومية ومؤسساتها جعل من الحالة الكوردية تمتلك من الخصوصيات والإشكاليات التي مازالت تؤثر في مسار وتطورهم الطبيعي ، بعض الخصوصيات ايجابية وكثير من الإشكاليات كانت سلبية ، أهمها التأثير في مسار التطور التاريخي للشعب الكوردي ومن ثم عرقلة دخولهم عصر الحداثة ، الإشكالية المتعلقة بعالم الصحافة تتمثل بضعف مؤسسات المجتمع المدني الكوردي ومن ثم خلق الظروف الموضوعية لهيمنة الصحافة الحزبية إن كانت صفراء أو بلون آخر . وجود الصحافة الحزبية أكثر من ضرورية وبالأخص بالنسبة للشعوب التي لم تحل قضاياها الرئيسية،  ولكن هيمنة الحزب والخطاب السياسي على تفاصيل مفردات العمل الصحفي يفقدها الكثير من حريتها وبالأخص حينما تكون مساحة الحرية والديمقراطية في الحياة الحزبية ضيقة.إذن يمكننا القول دون أن نعتبر ذلك مجازفة بان احد أهم الخصوصيات الكوردية بعد رسم فضاءهم الجغرافي والقومي بحراب المنتصرين في الحرب العالمية الأولى هو تداخل ملامح المُحرر والمعوق لخطاب حزبي جعل من صحافتنا الرهينة التي تحمل أجنحة الانطلاق والتحرر. ما هي الإشكاليات التي رافقت نشوء الصحافة الكوردية وكيف ناضل روادها في وقت كانت الكلمة الكوردية جريمة ومازالت ممنوعة من الصرف في زمن نقترب فيه من حدود عولمة اللغة بخلق لغة عالمية تجمعنا  نحن البشر.
1-إشكالية المُحرر :- تقترن ولادة وتطور الصحافة الكوردية ولأسباب تاريخية بالوعي القومي (الكوردايتي) ومن ثم بالأحزاب القومية التي عملت على بعث المشاعر القومية وتغذيتها لديمومة الحركة الكوردية، ارتباط الإعلامي بالقومي ، خطابا وتنظيما ، جعل من الصحافة الكوردية أسيرة له  ورهينة لخطابها  رغم الجوانب الايجابية لتلك العلاقة وبالذات على صعيد تأكيد الهوية والشعور القومي، ولمخاطبة جمهورها لجأت الصحافة الكوردية في خطواتها الأولى إلى الأدب والتراث الكورديين كنتيجة حتمية لظروف القمع القومي الذي وصل لدرجة منع الصحفيين الكورد من إصدار صحفهم والتعبير عن مواقفهم تجاه قضية شعبهم وشعوب المنطقة وأحداث العالم، منع الصحافة الكوردية والصحفيين الكورد بالتعبير عن تطلعاتهم سهل الأمر على الأحزاب القومية الكوردية بان تكون السلطة التي تحرر السلطة الرابعة ومن الصحفيين الكورد أن يعلنوا وبصراحة عن التزامهم وانتمائهم السياسي في عملهم المهني، بل وعن التطابق في الأهداف بين السلطتين. العلاقة بين سلطة الحزب وبالذات حينما تكون في المعارضة مع سلطة الصحافة تحمل رغم جوانبها الايجابية المتمثلة بصحافة ملتزمة ومؤدلجة مخاطر تتضاعف مع كل خطوة صوب تشكيل الأحزاب لسلطتها ، لان الصحافة حينما تكون جزء من السلطة وان كانت سلطة الحزب الجماهيري فإنها تفقد الكثير من سلطتها لصالح الأولى . إن تحرر الصحافة الكوردية من سلطة الأحزاب بغض النظر عن طبيعة تلك الأحزاب تبقى ولمدى منظور بعيدة المنال ويمكن حل إشكالية العلاقة بجعلها متوازنة وباتجاهين في إضافتها المعرفية من خلال دمقرطة الخطاب السياسي للأحزاب الكوردية ، ففي ديمقراطيتها تتحرر الصحافة ومنها الحزبية عن الحدود المرسومة لها من قبل الإيديولوجية في صفحات الأنظمة الداخلية للأحزاب.
2- إشكالية الفضاء:- نتيجة لظروف التجزئة وعدم اكتمال المشروع القومي للكورد كبقية شعوب المنطقة فان الصحافة الكوردية بقيت أسيرة الفضاء المجزأ على صعيد خطابها ومساحة انتشارها ، خطاب الجزء وأجزاء الانتشار ساهم بمضاعفة إشكالية الهوية عند الكورد ،  ناهيك عن عدم نجاح صحافتنا  بخلق رأي عام  موحد حول القضايا للرئيسية التي تهم الكورد وقضيتهم ، عدم قدرة الصحافة الكوردية من التوسع الأفقي في كل الأجزاء ساهم أيضا بمحدودية الطبع ومن ثم تحجيم سوقها وقراءها وهذا أدى إلى خسارة اقتصادية بالنسبة للصحف العلنية وخسارة جماهيرية بالنسبة للصحف السرية أما الصحف الصفراء فإنها تقع ضمن واقع وتاريخ صحافة  السلطات والمراكز.
3- فضاء اللغة:- الفضاء اللغوي التي عملت فيها الصحافة الكوردية هي اللغات العربية والتركية والفارسية إضافة إلى تعدد اللهجات واختلاف الأبجديات بالنسبة للكورد أنفسهم، يمكن اعتبار التعدد اللغوي بل وحتى اللهجوي إثراء للثقافة الكوردية بل إثراء لمكونات هويته القومية إن كان هناك توزان في العلاقة بين الكورد وبقية الشعوب أي بمعنى أن لا تعمل الثقافات واللغات الأخرى على احتواء للثقافة واللغة الكوردية لدرجة وصلت في بعض الحالات ما يمكن تسميته بالانفلة الثقافية للكورد. إن إشكالية اللغة حينما تكون لغة الآخر هي الوسيلة الوحيدة للصحفي أو للصحافة يحدد من مدى انتشاره ومن ثم تأثيره وهذا ما نلاحظه بشكل جلي بالنسبة للكورد  في كوردستان العراق بعد عام 1991 وما خلفه من المتغيرات السياسية على صعيد انتشار لغة الأم وتراجع نسبي للقراء الكورد للإنتاج المعرفي بضمنها المخرجات الصحفية التي تنشر باللغات الغير كوردية. إن الحالة الطبيعية هو الإنتاج بلغة الأم ، مع الأخذ بنظر الاعتبار إن وجود عدد كبير من المبدعين الذين يبدعون بلغات عربية وتركية وفارسية من الكتاب والصحفيين الكورد تعتبر ثروة غنية يمكن أن تُفعَّل لصالح الحوار الحضاري مع الآخر ومخاطبته بالشكل الذي يؤدي إلى خلق علاقات أفضل بين شعوب المنطقة ، فهل قامت حكومة إقليم كوردستان بالاستفادة من  تلك الخبرات التي تنحصر يوما بعد يوم؟ سؤال موجه لها لأنها بدايات تشكل السلطة التي تضم السلطات الثلاث. إن تلك الإشكاليات التي تم تسليط الضوء عليها لا تمثل لوحدها المعوقات التي تقف بوجه الصحافة الكوردية ، بل هي الإشكاليات الكامنة في ذاتها وهي ناتجة إلى حد ما عن عرقلة التطور التاريخي للكورد من خلال رسم خطوطه وحدوده من قبل الآخر.
حول واقع الصحافة في كوردستان العراق:-  الواقع الكوردي في كوردستان العراق وعلى خلاف ما يطرحه البعض من إنها ساحتهم فاتركوهم أن يلعبوا كما يشاءون، نرى إن تناول الوضع القائم فيها جزء من واجبنا تجاهها ، كيف لنا أن نهرب من واجب نمارسه مع شعوب نعيش معها بل ومع شعوب خلف البحار ولا نمارسه مع أبناء جلدتنا في الجانب الآخر ، القضية اكبر من أن نحدد الساحة باتجاه جغرافي لأنها وببساطة تتعلق بكيفية تعامل الكورد مع ذاتهم ومع الأخر حينما يمتلكون هامشا جيدا من السلطة والقرار إن لم نقل شبيهها. بعد عام 1991 تحولت الغالبية العظمى من الصحف الكوردية في كوردستان العراق من صحافة أحزاب إلى صحافة السلطة نتيجة لتداخل جهاز الحكم بالحزب السياسي وهذا أدى غياب المسافة مابين الصحافة الحزبية وصحافة السلطة، الخطاب التبريري لصحافة الأحزاب وبالذات السلطوية يؤدي إلى فقدان المصداقية بتلك الصحافة من جهة والى خسارة الحزب لقاعدته الجماهيرية إذا ما كان هناك خلل في الأداء الحكومي وهذا ما تجسد بشكل واضح من خلال الانتخابات البرلمانية في الإقليم وفي العراق وما رافقه من انشطار حزبي قابل للتفجر والتكرار، إن وضع الصحافة الحزبية مصيرها وخطابها رهن جهاز الدولة أدى إلى غياب الموقف القومي وفق رأي البعض حينما تسلط الصحيفة المركزية الالكترونية لأحد أحزاب السلطة الضوء على البيانات العسكرية للحكومة التركية ولناطقها الرسمي العسكري فيها في الصراع الدائر بينها وبين حزب العمال الكوردستاني دون أن تطرح إعلان الطرف الآخر بغض النظر عن الموقف من الصراع هناك.التحول الآخر لعدد  من الصحف الحزبية الأخرى هو تحولها إلى صحف موالاة أو تابعة . قد يبرر  مسئولي إعلام الأحزاب خطابهم السياسي لكن الصحفيين الذين عملوا وبشجاعة على خلق صحافة كوردية  مستقلة كصحيفة هاولاتي لا يملكون المبرر المهني حينما يسلطون الضوء على سلبيات الحكومة في الإقليم وأحزابها دون أن تناول الجوانب السلبية للمعارضة وهذا ما رصدناه فترة الانتخابات البرلمانية في الإقليم والعراق لأنه وببساطة حينما تسلط الصحيفة المستقلة على سلبيات طرف معين في المشهد السياسي وتتجاوز أخطاء وسلبيات الطرف الآخر تتحول إلى صحافة حزبية من نوع آخر.هل تتحرر الصحافة الحزبية من جهاز السلطة وحين تحررها هل تتحرر من محددات النظام الداخلي للحزب ، أسئلة في إجاباتها حل لمشكلة عزوف القراء عن تناول الصحف في كوردستان العراق رغم إن عدد الصحف فيها تجاوز عدة مئات.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.2
تصويتات: 5


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات