القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: وطنٌ أحمله.. وأحلمه

 
السبت 24 تشرين الاول 2009


عمر كوجري

   في هذه الساعة الهاربة نحو حتفها ، في هذا الهدوء الذي يذكرنا بقوافل الموتى وأشباههم الذين ودعناهم بدموعنا الهاربة من عيوننا التي ـ جفت كل الينابيع ـ وبقيت هي تجود ببقايا الماء الحلال والزلال.
   في هذا الساعة حيث يحاصرني المكان بصلافته وغباره ورماله وضيقه حتى أكاد أسمع تهشم ضلوعي . هذا المكان الذي من دموع وعويل سميناه بأسمائنا الكردية الأولى، حيث الآلهة التي اندثرت ذات ظل طافحة بأنوثتها على وجوهنا المسفوحة في أربع جهات الأرض نحو أزلنا الأزلي، وبقائنا وربما فنائنا المحتم.


   إنها مدينتنا ... ضيعتنا التي ضيعناها  ويا ويلي في لحظة عربدة وطيش، وكنا نحن الكرد الغارقين في قرويتنا وجبليتنا وطين طيبتنا نقاتل ثم نقاتل على عدد كؤوس الشراب التي دلقناها أمعدتنا الخاوية إلا من ظلالنا .

   إنها مملكاتنا التي أمحت تحت وقع سيوفنا والغبار المتصاعد من تحت حوافر خيولنا التي تقاتلت بصلابة مع أخواتها الخيول، حتى كادت تفني بعضها بعضاً .
   نعم ، وصرنا نوزع الأنخاب .. أنخاب انتصاراتنا وهزائمنا على بعضنا البعض، والبعض منا أحس أن طعم الملوحة في الشراب أكثر من المعتاد ولم يدرٍ أنه يشرب، ويأكل لحم أخيه حياً أو ميتاً.. لا يهم.
     منذ أن لفظتنا الآلهة خارج رحمها كنا شركاء الماء ..الهواء التراب.. وفي لحظة هيستيريا أردنا أن نعجن مع ذؤابات الجبل والينبوع فانقسمنا إلى مليون مملكة تبيع ماءها و هواءها وترابها، ولا تشتري سوى الغيوم البيض لتكفن بها موتاها ،وتشتري من الإله ..الليل وشاحه الأسود لتتدثر به أيام الصقيع وغرز الخناجر في الحناجر والبطون.
    وهكذا توزعنا في صحاري وبراري الآلهات التي لا حدَّ لبياضها ولا حد لسوادها ، وكنا ونحن نغير على أولادنا وأحبابنا تلاحقنا. بل تنظر إلينا بعين العطف والرخى نسور الجو ،وتترصد حشرجاتنا وتململنا وتطاير الشرر من عيوننا لتظفر هي الأخرى بوجبات الطعام من على أجسادنا ، وتعقد لتأكل "على البال المستريح "  لحومنا الجيف التي تهوي على قمم الصخور وفي عمق الوديان السحيقة .إنها مشيئة ما ..لطبيعة ما أن نظل نتناول من ذات الشجرة تلك الثمرة المحرمة آلاف وآلاف السنين.
 لهذا نحن كرد بكل جسارات الآلهة.. نخسر في اليوم مليون مرة، دون أن نحلم بالفوز ولو مرة!!
لكن يبقى لنا حلم واحد على هذه البسيطة وهو أن نظل نحلم بتين مشتهى، وينبوع لا ينضب، وبهواء نظيف .. نظيف.. وبوطن نحمله .. ونحلمه.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات