القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: هكذا أفهم الأمر 2/ 2

 
السبت 05 كانون الثاني 2008


محمد قاسم

ماذا دعاني الى هذا المقال؟!
منذ سنوات بلغني –وعاينت ذلك بنفسي في أكثر من موقف، وخاصة عبر الانترنيت- ان سجالا بين بعض مثقفي الكرد في القامشلي استعر أوارها..وقد تلقيت الخبر  -حينها-بالقول :
هذا ما أريد..!
تلقى -من حولي- موقفي ببعض اندهاش، وربما استنكار أيضا ..!!
وقد بررت قولي  بأننا -كمثقفين عموما- لن نحسن أداء وظيفتنا التنويرية، ما لم نتجاوز لغة المجاملة، والمديح المجاني،سواء أكان ذلك استجابة لنوازع المصلحة الخاصة، او لتحرك مشاعر الخوف  من المواجهة مع النمط  المتخشب او المتحجر من التفكير والأساليب الحياتية، في المجتمع..كالمجتمع الكردي الذي لا يزال يخضع -في نمطية التفكير والسلوك الحياتي-  لقيم عفا عليها الزمن-كما يقال- وتحتاج الى إعادة تشكيل بما يحافظ على أصالة الماضي وحيوية المستقبل..(يحقق استمرارية متجددة لا تلغي ما يحسن.. ولا يهرب –بلا موازنة وفعالية– الى أي تقليد..!


ولكن الذي فاجأني عندما قرأت كتاب "وعي الذات الكردية" للأستاذ إبراهيم محمود..[i]  فوجدت فيه  بعض ما لم أكن أتمناه من عبارات تتجاوز نقد الموضوع (النص)الى أوصاف ذات بعد ذاتي  لكتاب النصوص.. (بدلا من الفكرة والنص) وإن كان يجهد في تلطيفها أحيانا.....!
ولم يقصر غيره في الرد عليه ودس بعض  انعكاسات  النفس المتوترة أو الموجوعة في ثنايا ردوده..!
ولقد دعاني –حينذاك- احد الأصدقاء للتدخل بكتابة مقال، لعله يهدئ التوتر بين الأطراف الذين تربطني بهم جميعا، علاقة صداقة واحترام..ماضيا ،وآمل حاضرا أيضا..فلم يشبها شيء كما أقدر.وللكل لدي المكانة التي يستحقها..كما آمل ان تستمر هذه الصلة مستقبلا..
ولقد بدأت-حينها- في استجماع أفكاري، واختيار العبارات التي يمكن ان تؤثر إيجابا  في جو كان الهياج يحكمه..!
ولكني أحجمت في اللحظة الأخيرة، عندما علمت ان التراشق الكلامي قد قطع ما بينهم من صلات..واتخذ كل طرف موقفه الذي بدا انه لن يتنازل عنه حينئذ..!
فارتخت عضلات ذهني ..واستحسنت ان أترك الأمر لهم.. لعلهم يراجعون أنفسهم ذاتيا، او يدفعهم الى ذلك بعض ظروف تنبههم الى أن خللا يخيم على العلاقة فيما بينهم، وينبغي أن يصحح –وذاتيا أيضا-
وما يؤسف له ان هذه الظاهرة بين مثقفي القامشلي موجودة –ربما بتأثير عوامل مختلفة منها: الانقسامات الحزبية التي ألقت بظلالها على هؤلاء الذين كانوا في معظمهم من المنتمين الى الحالة الحزبية يوما ما..وبقي بعضهم مستمرا.. واستقال بعضهم او أوقفوا أنشطتهم الحزبية.،ولكن المشاعر او التأثيرات التربوية الحزبية لم تزل تعمل في  زوايا من  سيكولوجيتهم..!
فإذا كان الاختلاف والصراع واقعا في طبيعة العمل الحزبي..-عن حق او عن باطل..- فلا أعتقد أن الضرورة- تقضي ان ينساق المثقفون  مع الظاهرة -إذا تحرروا من المؤثرات الحزبية في حياتهم-.
وهذه الظاهرة –الحالة- لا تليق في سلوك الباحثين والعلماء والمثقفين ...على كل حال – حتى في حالة وجودهم ضمن الأحزاب- في مستوى الحالة النفسية ..!
أما إذا اختلفوا حول قضايا بحثية، فلغة ذلك معروفة في قول الشافعي –رضي الله عنه-: (حيثما صح الحديث فهو مذهبي) وقوله: (رأيي يحتمل الخطا،ورأي غيري يحتمل الصواب). أو كما قال.
أو في قول الفيلسوف الفرنسي- ربما فولتير -:
(قد أختلف معك في الرأي،ولكني مستعد للتضحية بنفسي من اجل رأيك).
في ديرك[ii] - يا أصدقاء- تجاوزنا الكثير من هذا الأسلوب المتوتر بين مثقفيها – وان حاول البعض أحيانا تعكير الصفو بينهم – باعتماد أسلوب يغلب فيه التسامح على حب المواجهة والتحدي العنيد .وقد اعتمدنا قاعدة أسميتها –يوما- " القاعدة الذهبية" ..وهي ان لا ينتقل ما هو خارج المجالس الثقافية، الى داخلها،ولا يخرج ما يجري في المجالس الثقافية الى خارجها-مهما كان النقاش حادا..-أي لا نتأثر بما في الخارج من العلاقات ربما المتوترة بين الأشخاص.
وطبعا يغلب أجواءنا –حتى الآن، وعمر "كروب ديرك للثقافة الكردية" حوالي ثلاثة عشرة سنة.. نعمل فيه بصمت.. نبقي الثقافة- كفكرة ونشاط-  حية، الى أن تتاح لها ان تعمل في النور  -في المراكز المصرح بها قانونيا، وهو المأمول ان يفعله النظام. لتصبح ثقافة ليست كردية فحسب، بل ثقافة كردية وسورية تمثل وجها من وجوه الثقافة السورية العامة.ونتفاعل مع الوجوه الأخرى للثقافة الخاصة العربية والسريانية والآشورية و الكلدانية والأرمينية والتركمانية والشركسية... وكل الأطياف في سوريا، دينيا وأثنيا..!
وكان أقرب نشاط إحياء أمسية ثقافية باستضافة الدكتور خليل عبد الرحمن ليتحدث عن كتابه القيم "أفستا" وذلك قبل يومين.
وأعتقد أننا نجحنا الى حد جميل..!
فاللمة الثقافية تجمع بين مختلف الاتجاهات  الحزبية [iii]..وبينها وبين المستقلين، في ألفة لاحظها الكثيرون من إخوتنا المثقفين من القامشلي، في الأمسيات الثقافية  التي أحيوها معنا مشكورين .. ولعلهم لاحظوا جو النقد الساخن في المجلس الى درجة كان يخشى ان تنعكس على العلاقات خارجها..ولكن ذلك لم يحصل.
ونأمل ان تسري هذه الروح الى نفوس إخوتنا في القامشلي وغيرها.. تهدئها.. ليتفرغوا لما هو أكثر نفعا للجميع..فضلا عن التخلص مما يلاحقهم في الشارع الثقافي والاجتماعي –والحزبي – من نعوت لا نحبها لهم.
وهذه-للأسف- دلالات على ان النفس لدى المثقف الشرقي تعاني من عوامل لاشعورية تؤثر في مساراتها.. أكثر مما كان متوقعا..!
فنحن جميعا نعاني من مشكلة تضخم اللاشعور -واحيانا يقال تضخم الأنا- نتيجة الكبت المزمن والمستمر في حيتنا البيتية، والمدرسية، والاجتماعية، والسياسية..الخ ولكنها عند البعض تتفاقم، أكثر مما ينبغي –كما يبدو-ولست اخصص أحدا بعينه، فقد وجدت ذلك عند عدد من كتابنا مباشرة او غير مباشرة.. وربما أكون ممن يعانون بدرجة او أخرى، فهي ظاهرة تطبع الجميع في مشرقنا المنكوب.
والمأمول أن يبادر كتابنا ومثقفونا ومبدعونا.. الى حركة ذاتية، للبادئ منهم فضل السبق، وهو مكرمة لا نقيصة.. فالكبار دائما هم المبادرون عادة.. ولا يخفى ذلك عليهم مما قرؤوه في التاريخ والواقع.
فالمعيب للعاقل، والمفكر، والمثقف... -بحسب ما هو معتمد في أدبياتهم- أن يتبع أسلوبا متبعا وفق  الذهنية العشائرية –قبليا – لإجراء المصالحات أو غيرها. فيسعى بينهم الناس، وينصبون لهم الخيم، ويذبحون الذبائح –دينا، أو فرضا على أبناء العشيرة – ليتخذ كل واحد منهم صدر المجلس،  يتحفز للكاميرا التي تدور بينهم لتصوير المشاهد التي يتلذذون بإبرازها.... وعملهم الذي قد يكون جرهم  إليه صبي لم يبلغ، أو شاب طائش، أو سلوك ارعن من إنسان منفلت،  لم يراعي السلم الاجتماعي ولا يعيه.. أو ظلم ظالم يتكئ على بعض مراكز القوى أسريا او قبليا أو سلطويا..!!
فقد قال -مرة- احد السائقين جوابا لمن قال له: تمهل.. لقد كدت أن تدهس الماشي..!
قال:وأين المشكلة؟!. إن ذلك لا يكلفني أكثر من خمس ليرات..! وكان يعني :
إن العشيرة ستتكفل بدفع الدية عنه،بل والاستنفار في طول العشيرة وعرضها للدفاع عن خطيئته،تحت عناوين مختلفة كلها لا ترقى الى السلوك السامي.. بل استجابة لترسبات قديمة لم تعد صالحة لظروف التطور الاجتماعي والإنساني..
هذا السائق لم يفكر بكونه سيكون قاتلا لنفس بريئة.. ولا باحتمال ان تترمل زوج -المحتمل قتله- ..ولا بتيتم أطفاله..ولا بالتأثيرات الاجتماعية سلبا، واهتزاز السلم الاجتماعي والوجداني، ولا بمصيره في العقاب والثواب.!
 انصب تفكيره -فقط- على أن ذلك لن يخسره أكثر من خمس ليرات.. ولكم ان تحكموا على نمط التفكير والذهنية عند الكثيرين من أبناء مجتمعنا..!!!
هذا قدرنا لدى الحالات المتخلفة من شرائحنا الاجتماعية ..فهل من الضروري ان يكرر مثقفونا، وكتابنا، ومبدعونا... هذه السيرة الخاطئة؟!
السيرة التي ينتقدونها دوما،ويذكرونها كحالة ينبغي علاجها..؟!!.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمسلم ان يهجر أخاه فوق ثلاث ليال وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) أو كما قال.
ولمن لا يعجبه التمثيل بقول الرسول، فإنه تمثيل لقول "محمد" –العبقرية التي تتصدر قائمة  مئة من عباقرة البشر بحسب دراسة غربية.و كما يعلمون..
منذ القديم :قيل: فاقد الشيء لا يعطيه.
وبغض النظر عن الجدل الفلسفي والمصطلحي لهذه العبارة؛ فإنها ذات دلالة حية في التمثيل لهذه الحالات..كيف يمكن لمن لا يحسن حب الآخرين ان يتفاعل معهم إيجابيا..؟
بل كيف له ان يأمل من الآخرين أن يحبوه ما لم يستطع هو ان يحبهم مثلا..؟!
 المثل الشعبي يقول –القلوب عند بعضها- وهو قول مرتكز على حقيقة نفسية..!
كتابنا، ومثقفونا، ومبدعونا.. -وأنا منهم إذا قبلوا بي معهم- مدعوون الى تحليل لبعض سلوكياتهم، ومواقفهم في كل اتجاه -وهذا من طبيعة السلوك الصحيح للتفكير- فأرسطو معروف بقضاء اغلب أوقاته في الطبيعة يتأمل..واغلب المفكرين والفلاسفة كانوا يفعلون ذلك ولا يزالون.بل إن المبدعين وكتاب الروايات والشعر.. كثيرا ما يذهبون الى بيئات خاصة؛ توفر لهم الهدوء.. وانتعاش القوة الإبداعية لديهم..!
 الم يكن الشعراء الجاهليون يتغنون بوادي عبقر.. ويستلهمون منه –بزعمهم- مواد أشعارهم المبدعة..؟!
وبعض المتصوفة ..قد استقروا على محورية التأمل في تطهير النفس.. وتصحيح المسار في السلوك..! وما الرابطة الصوفية بعد صلاة العصر او صلاة العشاء إلا نوعا من عودة التركيز ..وتحقيق التطهير.. للنفس من عالقات المؤثرات من الحياة اليومية ..
ورياضة اليوغا..وكل ما من شانه ان يغلب القوة المعنوية –الروحية- في الإنسان على القوة المادية فيه، وترويضها لما يخدم الإرادة عنده..
بل إن الرسول قضى معظم وقته في الغار، يتأمل ويتعبد الى ان أوحي إليه بقول لله عزوجل:
((اقرأ باسم ربك الذي خلق،خلق الإنسان من علق،اقرأ وربك الأكرم ،الذي علم بالقلم،علم الإنسان ما لم يعلم)). وهذه الدعوة ذاتها تشريف لمن يحن القراءة والكتابة..فما بالكم بالذي يحسن الكتابة والتأليف ((هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون..؟)) كما في القرآن الكريم.
إذا ليس الأمر بدعا ولا عيبا..ولا تكلفا.. بل انه وسيلة طبيعية وواعية في المسارات السلوكية مادمنا أحياء..!
وليس المثقفون استثناء..
في المسلسلات –الروايات –كثيرا ما نسمع احدهم يقول للآخر:دعني لوحدي-دعني لنفسي وحيدا، او وحيدا مع نفسي...! ليخلو الى ذاته يرتب الأمور في ذهنه لعلع يكتشف حل مشكلة او تفسير ظاهرة..
عندما يقوم المرء –كما فعل كلكامش- بتخليد ذاته فإنه يبحث عن الوسيلة الى ذلك.
والوسائل –كما هو معلوم– نوعان:
-وسيلة شريرة – الذهنية الشيطانية الشريرة- سلوك القادة الدمويين في التاريخ...
-وسيلة خيرة – السلوك المثالي بالمعنى الأخلاقي- الحكماء، القادة، العظماء... فيما بنوه من صروح علمية واقتصادية ..العلماء الذين اخترعوا ما نفع البشر، كـ"أديسون" والكهرباء.. وكـ"نوبل" والديناميت الذي اخترعه بدافع بناء البيوت والجسور، وعندما اكتشف الجانب الشرير فيها، ابتكر جائزة نوبل لخدمة البشرية تكفيرا..!
وفي ميدان الأدب والسمعة ..لا ادري ما الموقع الذي سيتخذه في سلم الخلود..أن تكون الكتابات –والحوارات-شتائم..وقدحا، وذما متبادلا، يتفنن الكتاب في استجلابها من الشارع، والأسواق، وخزينة الذاكرة الشعبية المتخلفة ..؟!
 وفي الحوارات ضمن برنامج الاتجاه المعاكس (الجزيرة) بعض من مؤشرات.. تميز بين الغث والسمين.. (ولقد أحسن مقدم البرنامج بعرض نماذج منها في مطلع العام الجديد وخاصة تلك المساجلة الصاخبة وغير المنضبطة بين سياسي يدير صحيفة ومسؤول في موقع حزبي كبير (مشعان الجبوري وصادق الموسوي، وان كنت أرى في سلوك الأول رعونة وانحرافا أكثر.. خاصة عندما يعيب على أساس الانتماء العرقي.. هذه النظرة البغيضة التي لا يزال البعض يتبناها بطريقة مستفزة ومتخلفة.. علما بان العولمة تكاد تصبح فلسفة القرن -بغض النظر عن موقفنا من مفرداتها- فلا ينتظرنا الواقع لنقرر وجوده.. بل ينبغي علينا أن نحسن فهمه والتكيف معه في ضوء الفعالية التي نتمتع بها ذهنيا وديناميكيا.. لما يقلل من سلبيات آثاره.. ويزيد من إيجابيات آثاره علينا كشعوب متخلفة..!
صحيح أن الحطيئة -مثلا- كان شاعرا -رغم هجائه لكل من حوله ولنفسه أيضا- وبقي شاعرا..!
وصحيح ان "بكو" اشتهر في خالدة "mem u zin" وبقي خالد الذكر بخلودها..!
ولكن الصحيح –بل الأصح- أن خلود "زهير بن أبي سلمى" مثلا، يختلف كثيرا بما اشتهر به من الحكمة،عن الحطيئة..و"تاج الدين"- و"جكو" و"عارف"  خلدوا بما هو مختلف وأفضل مما خلد به "بكو"..!وكذلك "مم"و "زين" طبعا.. وروميو وجولييت. وفرهاد وشيرين.. وقيس وليلى..الخ. والذي –جميعا –رسموا لوحة مآسي الحب الخالد وسموه..!
و إن "صدام حسين" قد شغل الناس..ولكن القبور الجماعية ومرافقاتها من الأعمال المشينة ، ستظل تلاحق صورته وذكره دائما، رغم التعاطف الذي حصل عليه بسبب الخطا في أسلوب إعدامه..!
صحيح ان "هتلر" شخصية تاريخية، ولكن اللعنات تلاحقه  بخلاف "صلاح الدين الأيوبي" الذي يحظى بإعجاب أعدائه قبل أصدقائه..!
وكثير وكثير.. غيرهم.
أصدقائي .الكتاب والمثقفون  والمبدعون، عموما، والكرد خصوصا..
وطننا بحاجة الى جهود متكاملة..!
أمتنا بحاجة الى جهود متكاملة..!
قضيتنا الوطنية والقومية الكردية،بحاجة الى جهود متكاملة..!
شرق أوسطنا بحاجة الى جهود متكاملة..!
كوكبنا الأرضي بحاجة الى جهود متكاملة ..!
ليس على صعيد ضيق..بل على صعيد أكثر اتساعا وامتدادا..!
وليس هناك أفضل من أمثالكم لوعي هذه الحقائق..والسعي –بما ملكت أيديكم  و أذهانكم ومنابع القوة الإبداعية لديكم... للمساهمة في التأسيس -او تحقيق التصحيح - للمسارات الذهنية للمجتمع لتكون في أفضل أشكالها..خدمة للبناء والتعمير أرضا ونفوسا ..
وإذا كانت النفوس كبارا  * * * تعبت في مرادها الأجسام
وأزيد تعبت النفوس أيضا في سبيلها إذا كان المراد كبيرا..ولعل قول الرسول يعني هنا الكثير (الجهاد الأكبر جهاد النفس).
ولقد أحسن لقمان الحكيم بجلب اللسان والقلب لمن طلب منه أخبث الأجزاء..ثم اللسان والقلب لمن طلب أفضل الأجزاء..مفسرا سلوكه بالقول:هذان هما الأخبثان إذا خبثا-والأفضلان إذا فضلا...
وانتم-أيها المبدعون والمفكرون والمثقفون... خير من يتفاعل مع هذه المهمة،بما ملكتم من ذهن وقاد،وذكاء حيوي،واطلاع واسع على التاريخ والسير والأفكار... والمفروض بما اختزنتم مخبرات وتجارب تؤهل لعب دور حيوي في حياتكم كأفراد وفي حياة مجتمعاتكم الصغيرة والكبيرة..!
يقول سبحانه وتعالى ((ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)). ولمن قد يتحسس من القرآن بسبب معتقد مخالف -مثلا- نذكره بـ"المهاتما غاندي" داعية اللاعنف في الهند، وقد ثبتت قيمة "فلسفة اللاعنف" في سياق الدراسات الفلسفية والأخلاقية والسياسية ايضا..
وعندما التقى "أبراهام لنكولن" الرئيس الأمريكي الأسبق ومحرر العبيد –كما يوصف عادة- جماعة من قيادات من الأمريكان السود بادرهم بالسلام،فاحتج مرافقوه على ابتدائه السلام على سود..وكان الأحرى أن يبدؤوا هم السلام باعتباره ابيض ويمثل الولايات المتحدة الأمريكية..فهل تدرون ماذا كان جوابه..؟!
لقد قال : هل تريدون ان يكونوا هم البادئين بالسلام..فيحظوا بالقيمة الأدبية للسلام قبل رئيس الولايات المتحدة..؟!. ثم أردف قائلا:  ما معناه: إن الحياة قصيرة وليس فيها متسع للحقد..بل ينبغي ان نسخر حياتنا لما فيه الخير والتقدم..بدلا من الانشغال بالحقد ونتائجه السيئة..
 و لمن يظن نفسه قويا إذا هاجم الآخرين أذكره بالمثل  ألأوروبي الذي يقول:
"فليعرف من يشاء الرفس أنه يقف على رجل واحدة"
والمغزى لا يغيب عن الجميع.
ولعل قول أبي سفيان الذي حضر اقتتالا بين حيين من قريش..فقال لهما:ألا تقبلون ما هو أعلى قيمة من الحق؟! فبهت القوم..وقالوا :ما هو الأفضل من الحق..؟! فقال: العفو..!
والعفو-دائما- هو من شيم الكرام-كما هو معلوم ومأثور.!.
وهو المادة التي بها يستعيد المجتمع –دوما-سلامه الاجتماعي عندما يعكر صفوه طارئ ما..
ونرجو ان يفعل فعله مع الإخوة المثقفين ايضا.
((وان تعفو هو أقرب للتقوى))
والله الموفق والمستعان.
----------

[i] -لم أقصد من ذكر اسم الكتاب تخصيص الأخ الباحث إبراهيم محمود بكونه البادئ او المكرس.. فقد سمعت من غيره في حقه ما قد لم يقله هو في حق غيره.. وإنما ذكرته كتاريخ –ومعلم موثق -للبدايات المتوهجة للمرحلة، والتي نتمنى ان يساهم هو في وضع نهاية طيبة لها،فهو يستحق ان يكون في هذا الموقع والمبادرة وغيره كذلك من الإخوة القديرين والجديرين بهذه الخطوة المطلوبة والمفيدة..وإذا ارتأى الإخوة من الأطراف، أني أصلح لسعي في الأمر فانا مستعد.. وان كنت أفضل ان تكون المبادرة منهم وفيهم وهو ما أحبذه لهم،وأتوسمه فيهم...
[ii] -في (كتاب المالكية) للسيد جمال الولي  يرد تفسيران لتسمية "ديريك" أحدهما أنها من دير-يك  باللغة الكردية أي- الدير الوحيد –باللغة العربية ..ولكن الصيغة اللفظية لا تستقيم مع طبيعة اللغة الكردية،كما ان الخلاف قائم حول قضية الدير نفسه فالبعض يرى ان ديرا كان في موقع آخر وان الدير الحالي – وجد في أنقاضه لوحة مرسوم عليها صليب..فاتخذ مكانه ديرا وربما يقود التنقيب الى وجود معابد وأديرة أخرى إذا تم......لذا فالأرجح ان يكون اسم "ديريك" المعرب لفظا، محرف عن  التفسير الثاني وهو :  "ده ريك" باللغة الكردية .أي الطريقان باللغة العربية-وكان طريقان يصلان البلدة بعين ديوار،موقع المستشار الفرنسي في البداية،وقبل الانتقال الى ديرك. ،وقد تحولت لفظها على ألسنة عربية  كان أصحابها يديرون، كموظفين، البلد في العهد الفرنسي وعهد الاستقلال..فأصبحت الكلمة " ديريك" بدلا من لفظها الأصلي "دهريك" ثم "ديرك" الأسهل لفظا على العربي..ثم "ديريك " المعربة لفظا ،ثم "المالكية " المعربة لفظا ومعنى..

[iii] -اذا وجد البعض خارج الكروب فذلك لمواقفهم، وليس لموانع من الكروب. والرغبة في المشاركة مرحب بها من الجميع في إطار نهج الكروب الثقافي المعروف.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات