القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

حوارات: إبراهيم الجبين للعرب اليوم : نجوم المعارضة بالخارج لم يصلوا بعد إلى غبار طريق العملاق مانديلا أو عماد شيحة السوري!!

 
الأحد 16 كانون الأول 2007


حاوره ـ عادل محمود

قبل أن أطلق العنان لأسئلتي لمحاورته , تأملت ضيفي أكثر من اللزوم , فأن تحاور رجلاً من رجال  الممنوعات الثقافية في دمشق حيث يقيم. عليك أن تحلق كثيرا في أعماقه. في ظنه لا ينبغي للإعلام أن يحتوي أحداً وليس من دوره أن يكون على توافق مع أحد، وإلا أصبح إعلاماً موجهاً لا يختلف بشيء عن دكاكين السلطات العربية جمعاء. ولكن كيف يتمكن الإعلام من أن يكون الادوار كلها ،؟
دون أن يخرج عن أخلاقيات (صنعته) ؟ مشكلة الأصوات المعارضة للأنظمة العربية، والتي باتت لا تجد لها منابر محترمة تستحق أن تمنحها صوتها.عبر مقالات أو حوارات أو دراسات .في بلده يقول:


يفهم رئيس التحرير في أية صحيفة أنه عليه أن يكون صديقا للمحافظ ورئيس البلدية و الشاويش في المخفر...ومن تشاء من أبطال المسلسل السوري الذي بات معروفا للجميع ـ إبراهيم الجبين ..كاتب وشاعر وصحفي سوري . صدر له : (براري) ـ مجموعة شعرية 1994 ـ (إبراهيم يعبر اليم) ـ مجموعة شعرية 2003ـ (لغة محمد) ـ دراسة تبحث في لغة النبي ولفظه وطريقة قراءته للقرآن ـ 2003(منعت القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا توزيعه وتداوله بين القراء) ـ (حياة أسامة بن لادن في سوريا) ـ فيلم وثائقي ـ إخراج نبيل المالح (منع عرض الفيلم في سوريا وتمت مصادرته) .سكرتير تحرير جريدة (الدومري) السورية ـ 2001 ـ 2002مؤسس ومدير تحرير جريدة المبكي السورية ـ 2005 ـ أسس دار الناس للطباعة النشر ـ (بيت الشعر السوري) الذي أصدر حتى الآن : قصائد أندروميدا ـ حازم العظمة ـ لا ـ فارس البحرة ـ اصطياد الجملة الضالة ـ علي سفر ـ مؤسس ومدير تحرير (بقعة ضوء) السورية 2005يكتب في الصحافة العربية له (يوميات يهودي من دمشق) ـ رواية وثائقية يتحدث فيها عن تفاصيل ويوميات تدور حول يهود دمشق وسكانها وإسلامييها وعمارتها ..إلخ..

العرب اليوم - حدثنا عن تجربتك الابداعية في عالم الكتابة ؟

 لم يكن لدي الكثير من الوقت لأعرف أكثر عن العملية الإبداعية، بمعناها ـ كتجربة ـ بقدر ما اكتفيت من زمني، بما سمح لي أن أتعرف أكثر وأكثر، على نفسي، وعلى ما أتقنه، وما ينقصني، للمزيد من العيش بهدف خلق ما، فكرة أو سحابة، أو حتى جملة عابرة تكتبها على حاشية دفترك الصغير.
وما كان ينبغي لي أن أكتب، كنت ماضياً نحو أفق تشكيلي ، وحياة مع الألوان ورائحة العصارات والقماش والسبيداج والزنك الأبيض الناصع، ولكن انحرافا ما جعلني أكتب بادئا باللغة التي تشبه الرسم، لغة الكتابة على الصورة، لا على الثرثرة الشعورية، وغرقت من وقتها في أكوام من الحروف ـ تخيلها كمجسمات بالخط الثلث ـ متعة العلاقة مع العالم من خلال الكتابة ...ومتعة العلاقة مع اللغة بحد ذاتها...دونت في كتابي (لغة محمد) معادلة تقول بأنه عندما يتواصل اثنان فإن ثلاثة معان تبدأ بالتشكل : المعنى الذي يقوله المتكلم والمعنى الذي يفهمه المستمع والمعنى الثالث الذي تقوله اللغة بذاتها.
من بوابة الشعر تدخل ثم تذهب إلى الكتابة الصحفية والريبورتاج إلى الكتابة للكاميرا .. وصولا ً إلى البحث في اللغة ... ...وأخير الكتابة الروائية....لا أعرف كم في ذلك من الإبداع ..ولكنه حركة.

العرب اليوم - من خلال تجربتك في المنع والممنوع ضد اعمالك .. ما هي مقومات الاعلام الناجح في احتواء الاقلام المعارضة للانظمة في الوطن العربي

لم يعجبني السؤال بصراحة ...كيف يكون الإعلام ناجحاً إذا طلبت منه أن يحتوي أقلاما معارضة أو غير معارضة؟..في ظني لا ينبغي للإعلام أن يحتوي أحداً وليس من دوره أن يكون على توافق مع أحد، وإلا أصبح إعلاماً موجهاً لا يختلف بشيء عن دكاكين السلطات العربية جمعاء.
ولكن كيف يتمكن الإعلام من أن يكون الادوار كلها ، دون أن يخرج عن أخلاقيات (صنعته)؟ هذا سؤال يستحق أن نجره قليلا ليشمل مشكلة الأصوات المعارضة للأنظمة العربية، والتي باتت لا تجد لها منابر محترمة تستحق أن تمنحها صوتها ...عبر مقالات أو حوارات أو دراسات .
في بلدي يفهم رئيس التحرير في أية صحيفة أنه عليه أن يكون صديقا للمحافظ ورئيس البلدية و الشاويش في المخفر...ومن تشاء من أبطال المسلسل السوري الذي بات معروفا للجميع.سأروي لك حادثة حصلت معي في جريدة مستقلة، كنت سكرتيرا لتحريرها يوما ما، أحضر احد الشباب المحررين تحقيقا عن الطبقات الجيولوجية على الأرض السورية وهو تحقيق علمي ولا علاقة له بالسياية، فوجئت بأن الموظف المسؤول عن ترتيب المواد ومراجعتها ينزل الدرج راكضا وهو يلهث ويقول :يا أستاذ ابراهيم شلون وافقت على هالمادة؟ ما نك شايف الخطوط الزلزالية؟ قلت له : لا شي غير عادي، قال : كيف لا شيء غير عادي ..؟ مو شايف إنو الخط الزلزالي حول مدينة دمشق يمر بجانب القصر الجمهوري ؟!!!! قلت له : والله هذا أمر الله والجيولوجيا ..ولا ذنب للصحفي بالموضوع ...قال سأناقش رئيس التحرير ..وذهب إلى رئيس التحرير ..وما حصل هو أنهما قاما بتغيير مسار الخطوط الزلزالية بعيدا عن القصر الجمهوري ... طيب هل هذه رقابة برأيك ؟ هل هذا إعلام بربك ؟
ولكن حين تظهر وسيلة إعلام تتمكن من ترسيخ اسمها على الساحة ..تبدأ المعايير التي يعاملونها وفقعا بالتغير ..فمن يتمكن من منع مراسل قناة الجزيرة من استعمال تعابير مثل (نظام) و(معارضة) و(اعتقال) وو..إلخ. ليس هذا بسبب تسامح السلطات ..ولا بسبب علاقات دبلوماسية لدولة قطر ..ولكن لأن الجزيرة كمحطة تمكنت من لعب اللعبة باحتراف ..وقدمت بضاعتها التي هي (الصوت الحر) والنبرة اللاذعة ....وقامت بتقديم الكثير من الأصوات المتنافرة والمتضادة ...حتى التبس أمرها أحيانا على ثقافات عريقة ديموقراطيا ولها تجربة طويلة في الحريات الإعلامية ...ثم إن اللعبة بحد ذاتها هي هكذا أن تكون جاذبا للقاريء ـ الرأي العام ، عبر خلطات من هذا النوع ...مثل العطار الذي يشكل الخلائط لتفوح روائحها في سوق مثل سوق البزورية في مدينتي دمشق .

العرب اليوم- العالم العربي يعيش نكسات ثقافية ومنها اتساع الفجوة بين القارئ والكتاب .. برأيك ما هي الاسباب وراء الظاهر؟

لا يظهر لي أن العالم العربي يعيش هذه النكسات بقدر ما يعيش تحولاته التي يرافقها عادة في الزمان الممتد، ظواهر من هذا النوع ..تأخر التطور الذي كان لابد أن تمر به مجتمعاتنا في العالم العربي، ولذلك فإن كل ما يندرج تحته كعنوان تأخر أيضاً، بما في ذلك العلاقة مع موارد المعرفة الكتاب والراديو والشاشة والسي دي والشبكة العنكبوتية.
الأسباب كثيرة، ومشوقة، وتفتح حوارات وحوارات، أول تلك الأسباب التشوه الكبير والخطر، الذي رافق تحولات هذه المجتمعات منذ عصور التألق الثقافي العربي الإسلامي الذي مثلته الدولة الأموية وما انحدر بها فيما بعد بعد مجازر الأمراء ودولة العباسيين الثأرية...
لم تكن المعرفة هدفا بحد ذاتها، سوى في الزوايا الصوفية المتناثرة هنا وهناك، وما حصل هو أنها أخذت تتحول إلى وسيلة للتقرب إلى السلطان، وهو ما نتج عنه هذا الجيل من المثقفين الذين يتحركون حولنا الآن في ركضهم نحو السلطة.وبالمقابل تم خلق طرق أخرى للوصل إلى فتات موائد السلطان ...
الآن ...لماذا تريد من الناس أن تقرأ ؟..هناك آلاف الطرق التي تدفعك أكثر في الطريق إلى السلطان، أسهل وأفضل من أن قضاء الوقت للاستزادة معرفيا ..
ولكن لوصدق المحللون والندابون، لما رأيت دار نشر واحدة لم تغلق أبوابها في العالم العربي حتى الآن...ما داموا يعملون... فهذا يعني أن الناس تشتري الكتب ..وتقرأها.

العرب اليوم - هل تؤيد الحوار العربي الكردي ؟.. وما هي برأيك اسباب عدم الالتقاء في حوارات سياسية ثقافية نخبوية من الطرفين لاجل الوصول الى نقطة انطلاق نحو الغاء ارث العداء المكنوز في بعض الادمغة؟

ليست الصيغة (عربي ـ كردي) مشجعة على بدء حوار، وهل هناك قطيعة أصلاً؟ العداء المفترض بين الكرد والعرب لم ينشأ أساساً سوى بسبب بعض الشخصيات التي أفرزها الانهيار غير المتوقع للدولة العثمانية والتي سعت إلى خلق قومية موازية للقومية الطورانية النامية في تركيا ...تلك العقلية ألغت جهد قرون طويلة عملت فيها الثقافة الإسلامية على احترام التعددية في واحدية الجامع، ولم تفكر كيف أن صلاح الدين الأيوبي كان كرديا أو أن الظاهر بيبرس كان شركسياً أو حتى أن الحسين بن علي كان من قريش العربية!
تم تمزيق المجتمعات التي ركبت أساساً وفق منطق مختلف، وتركت هذه المجتمعات لتتعارك على (فهم الصراع) لأنها لا تدركه ...هل لدى الكرد ما يجعلهم قادرين على فهم النزاع إذا حجبنا عن المشهد صورة الضباط البعثيين الذين ألغوا واقصوا المظاهر والأسماء الكردية ذات يوم في الشمال السوري؟
وهل لدى العرب ما يمكنهم من فهم مجتمعاتهم كدولاب ألوان وثقافات، دون الانسياق مطأطئي الرؤوس وراء هتافات استعملت وجربت ولم تخلّف سوى الخراب؟! المشكلة العربية الكردية هي مشكلة عربية عربية، وكردية كردية في الوقت نفسه، ولا شيء يزيد أو ينقص عن أن الوضع الذي يسبح فيه كل من العنصرين، إنما هو وضع صعب للغاية، ويتطلب الكثير من العمل المعرفي والسوسيولوجي والاقتصادي..إلخ.
بالمختصر، من يريد لهذا التكوين الذي تختص به بلاد الشام والعراق ان ينفجر فسيجد ما يمكنه من تفجيره دائماً، ومن يرغب بمنحه فرصة الحياة الطبيعية، وذلك فقط بـ (حق المواطنة) سيمكن سكان شرق المتوسط من التعبير عن ثقافاتهم وآفاق وجودهم ومستقبلهم معاً.

العرب اليوم - هل تؤيد معارضة الاوطان من الداخل أم من الخارج ؟

المعارضة ليست للأوطان، ولكن للأنظمة وأشكال الحكم التي تسيطر على الأوطان، وإذا اختلفت مع سلطة ما هذا لا يعني أنني ضد وطني بالتأكيد، وما الفرق بين الخارج والداخل، بالطبع سيكون الجواب أن العواقب هي الفوارق! ... وهذا مبرر كبير، في ظل حرية مطلقة يمارسها الحاكم ضد معارضيه، ولكن على ألا يكون البقاء في المنفى هو كل شيء وهو النيشان الذي يضعه المعارضون على صدورهم، ويفاخرون به على من يعيش المأساة داخل البلد.
لم تعد فكرة الحرمان من زيارة الأرض سوى مشكلة رومانسية تمكنت السلطة ـ بمكرها ـ من التغلب عليها بدعوة المعارضين في الخارج للعودة، ولكن الحقيقة أن ممارسة الاعتراض والاحتجاج من الداخل الآن أكثر جدوى وأكثر حيوية وتفعل فعلها بشكل مباشر، ولا بأس من التعرض للمضايقات والضرائب، أما ما يحصل من بطش الآن فله أسبابه التي ربما لاتتعلق بالمعارضة بقدر ما تتوازى مع اضطراب علاقات بعض المعارضين بأجنحة السلطة.
لا يمكنك أن تطلب مني أن أحدد للمعارضين أي الخيارين أصلح خيار الداخل أم الخارج، من أنا حتى أتحدث بما شرد الناس وفتك بأسرهم ومستقبلهم، وغير خطاهم وآمالهم وأحلامهم في الداخل والخارج ..؟ ومن أنا حتى أعرف أي الخيارين أكثر نزاهة ؟ ما أعرفه هو ان عماد شيحة الذي قضى في السجن أكثر من تسعة وعشرين عاماً متواصلة ...هو أكثر نزاهة ممن يدعون بطولات المنفى في العواصم وهم لم يدخلوا السجن لحظة واحدة ...ومنهم من تعرفهم جيدا، ويعرفهم الجمهور السوري كمثقفين ونقاد وكتاب ومترجمين ..كل كم يوم نقرأ حوارا لأحدهم يدعي فيه أنه دفع من عمره كذا وكذا بسبب المنفى الاختياري أو القسري، والحقيقة هي أنه لو بقي في البلد لما أصبح نجماً من نجوم المعارضة، ولما وجد من يصفق له حين تستضيفه المحطات الفضائية..الساحة الحقيقة هي الداخل وليست سيرك التلفزيونات... نحن هنا في الداخل، كتبنا وأنجزنا ما لم يقدر عليه كثيرون في الخارج، ومنعت أعمالنا كما قلت في بدء حوارك معي، ودفعنا ثمن أننا مختلفون عن الإيقاع الداخلي للبلد، وهم يقاطعوننا الآن ويحرموننا من فرص العمل ويغلقون علينا الطرق حين نفكر بمشاريع حتى على المستوى الشخصي، ويمنعون كتبنا من الطباعة ويؤخرون الموافقات التي تلزمنا للبدء بأي خطوة... ويحتكر حلفاؤهم المناخ الثقافي والإعلامي السوري بالكامل، ومع ذلك فنحن نتعايش مع ذلك كله، ولا يمنعنا من الاستمرار، والمحاولة والاحتجاج...أما نجوم المعارضة فهم لم يصلوا بعد إلى غبار طريق العملاق مانديلا أو عماد شيحة السوري، ولم يتم بعد دفع الثمن الكافي واللائق بمطلب الحرية والحياة الكريمة.
 (نشر هذا الحوار بتاريخ9/7/2007)

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات