القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: الرّسالة المثيرة إلى حدّ الدّهشة

 
الأحد 15 كانون الثاني 2023


صبري رسول

وصلتني رسالة عزاء بعد يومين من وفاة أخي في منطقة ديرك، قرية ملامرز، من كاتبة كردية عفرينية مقيمة في سوريا، سأنشرها هنا للقراءة والتأمّل، وهي واحدة من عشرات الرسائل المكتوبة كبرقيات تعزية، ومواساة لنا من أصدقاء وأحبّة. 
الرّسالة عبارة عن نصٍّ امتزجت فيه الفلسفة والفكر والدّين والمواساة، ما أثار في نفسي قلقاً وجودياً ينتاب الكثيرين في لحظة التّفكير عن وجودنا البشري، وأيقظت مشاعر الحبّ للإخوة والأهل، وللإنسان ككائنات تمتلك ذاكرة مرعبة.
الرّسالة مدهشة في التّحليل النّفسي، وفيها بحثٌ عن الموت كحقيقة مطلقة.


نصّ الرّسالة:

الإخوة نياطُ القلوب

«الإخوة نياط القلوب، جسورٌ طريّة، لا تتذمّرُ من فلترة الأوكسجين، وتمريره من الرّئة إلى المِضخّة الحمراء القانية، التي يفتكُ هديرُها النّاعم بصدورنا.
 بينما نحن منهمكون في تقميط نصوصنا ببتلات الزنبق الأبيض، وننسّق الزّهور في مزهرياتنا الحزينة، نرقبُ عبور الأحبة إلينا من عقارب الساعات، يُفسد نزقٌ طارئٌ عجينة المعجزات بين أيدينا، ولا أحدَ يأتي، نتضوَّر شوقًا للبعيدين، ونشتبك مع فيضان الوقت في معارك ضارية.
يتأهّب الموت ويندسٌّ بيننا خلسةً، ويتسرّب من أقرب ثغور الحياة إلينا، ويرْشَحُ مرّاً إلى أكوابنا، كالماء الذي يمكر بصلصال الخوابي ليهرب منها،  ويُغِير مع صعاليكه على مرابعنا الآمنة.
لكلٍ منا ناقوسٌ زجاجيٌ أوحد يا عزيزي، يُقرع مرّة واحدة ليعلن النهاية، ويسقط من عليائه، مخلفًا مع كل شظيّة أنَّة مؤلمة رغم لامرئيته.
لن نستطيع فهم الموت، ولسنا منوطين للإحاطة بأحابيله، مهما قمنا بتشريحه ورصدنا التّيار الغامض في دارته المربكة، سيباغتنا بهيئة مختلفة، لذلك نستسلم له دون حيلة، ونطعمه أرواحنا إقرارًا منّا بطبيعته النّهمة، في التهام خزانات بشرية، لخلق حالة متزنة، فكما تناقصُ أعداد قنديل البحر، يتسبب بالجلبة والهلع في عمق البحار، والتّدفق الزّائد للمياه العذبة، يخلُّ بملوحة مزاج المحيط، عدم الإقرار بضرورة الموت وتقبله، يصيب كمالَنا النّفسي بالجُذام.
صديقي الأستاذ صبري:
هذه ليست عِظة، إنما محاولة تحريضية لعشب يناير، كي ينبثق وسط أرصفة الحزن القاحل ومرارة الفقد، وتفنيد الغياب الأبدي لأحبتنا.
 إنهم هنا معنا بالتفاصيل، هم فقط اختاروا طريقاً أخرى لمواصلة الحياة، وصاروا كالنّسمة تزور نوافذنا المترقّبة خلف السّتائر، نأنس بوجودها رغم عجزنا عن رؤيتها.
أجاركم الله في مصابكم الجَلَل، وتغمّدَ فقيدكم بواسع رحمته.
ولترقد روحه بسلام في مهده التّرابي المبارك المقدس.
أنْ نُوارى الثَّرى في مساقط رؤوسنا، هو فضيلة الموت الوحيدة في مِحْنة الإغتراب القسري».
09.01.2023
صديقتك: مروى بريم

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 6


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات