القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: قلعة أثرية كوردية بين القامشلي و نصيبين على أنقاض قلعة رومانية

 
الأربعاء 26 حزيران 2013


  المهندس رياض مجدل بك

لقد غرقت بلاد الأكراد في ليل طويل من الضياع والتمزق منذ ان وطأت أقدام المستعمرين أرضهم, إذ لم يرافق ذلك غير الدمار والخراب على أهلها وناسها, إضافة إلى ذلك قام المحتلون والمستعمرون لهذه البلاد بمحاولة دفن ووأد التاريخ الكوردي العريق, ومارسوا شتى الوسائل من اجل إخفاء هذا التاريخ, والذي احرق قسم كبير منه وزور القسم الآخر.
في الماضي عندما كنا صغارا كنا نطوف مدينة القامشلي الصغيرة بطولها وعرضها, وغالبا ما كنا نذهب إلى أطراف المدينة على الحدود (السورية _ التركية) وبالتحديد منطقة الهضبة المحاذية للحدود والواقعة بين قامشلو ونصيبين والتي تسمى بالعامية (ﭙرا نصيبين) وكنا نرى بقايا لموقع اثري, وكانوا يقولون لنا بأنها بقايا قلعة رومانية, ولم يتخيل لي أبدا بان تكون بقايا قلعة كوردية .


اليوم عندما نقف على أبواب الحقائق التاريخية فلا نستطيع ان نبق مكتوفي الأيدي ونحن نرى باب مغلقا وتقف وراءه حقيقة تاريخية كوردية هامة ولا نسعى جاهدا لفتحه.
في الآونة الأخيرة حصلت من احد الأصدقاء على كتاب قيم بعنوان (مهد البشرية _ الحياة في شرق كوردستان  1909 – تأليف:
دبليو . أي . ويكرام (دكتور في اللاهوت)
إدكار . تي . أي . ويكرام (مؤلف كتاب شمال اسبانيا)
نقله إلى العربية جرجيس فتح الله).
وهذان المؤلفين هما مستشرقين أوروبيين كانا بالأصل عضويين في بعثة رئيس أساقفة كانتري إلى الاثوريين (النساطرة) ضمن ما يمسى بالبعثات التبشيرية إلى القبائل الآثورية في منطقة كوردستان .
حيث جابت البعثة عدد كبير من القرى والمدن الكوردية, وقامت بوصف آمد وماردين ودارا والموصل وبارزان ووان وهكاري ونصيبين وغيرها والشيء المهم ذكره, هو انه عندما تصف نصيبين تأتي على ذكر الحروب (الرومانية – الفارسية) التي حدثت في هذه المنطقة منذ القدم, لان نصيبين فيما مضى كانت موقع استراتيجي هام في ذلك الصراع آنذاك .
 ويتحدث هذا الكتاب عن تلك القلعة الكوردية التي بنيت في العصور الوسطى اي عصر الإمارات الكورية والتي بنيت بالأصل على أنقاض قلعة رومانية اي ان تلك القلعة الرومانية تحولت بعد حوالي خمسمائة عام في العصور الوسطى إلى قلعة كوردية كما يذكر المؤلفان على الشكل التالي " هناك أثر(1) من أهم آثار الأيام الغابرة يقوم على مسافة قصيرة من غرب طريق (أورمية – وان) فوق أعلى جبال تلك الأنحاء. فهناك واد يمتد من ســــــــاحل بحيرة (وان) منحدرا إلى السهل ومتجها إلى نهر دجلة. وهو ممر مفتوح على مدار السنة بين سهل (مابين النهرين : ميسوﭙوتاميا) و بين هضبة أرمينيا (2), ولا شك انه قد يغدو طريقا خارجيا للتجارة إلا ان الكرد الذين يقطنونه هم أشرس من ان يدعوا مسافرا يقطعه بأمان, لهذا خمل(3) ذكره ولم يعد يعرف عنه الكثير . في حين كان في الماضي ممرا سوقيا على جانب كبير من أهمية, يوم اتخذت الإمبراطورية الرومانية من (نصيبين) قلعة أمامية تجاه الحدود الفارسية, ويوم كانت أرمينية دولة متقلبة الميول تقوم بين الرومان والفرس حاجزا. و لم يعد الرومان مفرا من حماية هذا الطريق السوقي فنصب مهندسوهم عليه قلعة من أفخم القلاع وأروعها ما زالت قائمة إلى يومنا هذا لم يلحق بها الخراب(4), وقد يكون (ديوكليتيان) بانيها. لأنه محصن هذه الجهة الستراتيجية . ولابد ان الرومان أخلوها عندما تنازل (يوفيان) عن هذه الأقاليم للفرس بعد سلفه ديوكليتيان بخمسين عاما . ومنذ ذلك الحين وهي مهجورة معروضة لمن يرغب في سكناها, و هكذا ظلت قائمة إلى اليوم أثرا من أعظم الآثار الرومانية في اي مكان .
إنها قلعة جبارة مربعة الشكل صممت على شكل المعسكر الروماني . بمقرها اﻟﭙريتوري Praetorium الذي حصنها وقد أقيم في وسط الناحية الغربية منها .
لقد هدم الجدار الشمالي من الحصن واستخدمت أنقاضه في بناء قلعة كردية في القرون الوسطى تحول إليها المقر والسكن. والأرجح أنها تشتمل على معظم الحصن القديم (5). والبناء برمته يستحق من الخبير الآثاري دراسة مستفيضة, شريطة ان يفهم واضع اليد الحالي عليها, الفرق بين دراسة الآثار وبين الجاسوسية وأننا نشك في انه سيفهم ذلك مطلقا.
وتحتل قرية كردية بائسة مدخل هذه القلعة الجبارة بنيت بيوتها طبعا بالأحجار المقلوعة من الجدران الضخمة, حتى هذه (الأعشاش الحقيرة في القصر) لا تدري بان هذا الصرح قد آوى رجالا أعظم منهم. وأهل هذه القرية يخبرونك بان الغول والسحرة هم الذين بنوا القلعة و هذا القول لا يثير فيك اي دهشة.  "
ونحن نريد بدورنا ان نكشف للعيان هذه الحقيقة التاريخية الهامة ولا سيما ان الحكومة التركية تعمدت إلى عدم التنقيب في تلك المنطقة ليبق السر مدفون في إطلال تلك القلعة .
هوامش :
1  1-   يقصد بالأثر الهام الوادي الذي يذكره لاحقا.
2 2 -  هضبة ارمينا في مناطق الأرمن السابقة و ليست دولة أرمينيا الحالية.
3-2-     (خمل) بمعنى (تم إهماله).
4-4-   بعد الحرب العالمية تهدمت معظم أجزاء القلعة و لم يبق منها إلا ما هو موجود حاليا.
5-5-     هنا يبين تحول معظم القلعة الرومانية إلى قلعة كوردية.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.75
تصويتات: 8


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات