القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

طريق الموت

 
الأحد 17 كانون الأول 2006

علي شيخو
 
دخلت ديوان المسؤول وأنا كلي أمل في حل مأسات حينا التعيس
سألت الموظف الذي سلمته العريضة :قدمت عريضة بالأمس, هل وافقوا عليها ؟
- لا ياأخي لم يوافقوا عليها.... 
- لماذا ؟
لإنكم تطلبون وضع مطبات على طريق الموت للحد من سرعة السيارات , المطبات ممنوعة ياأخي .
يقول السيد المسؤول:إنها غير حضارية.
- منذ متى هذا القانون؟
- منذ سنين !.


- لكن هناك عشرات المطبات الجديدة , وفي أرقى أحياء المدينة ,لما لا يشملها القانون؟
قال الموظف: اطمئن, حلت مشكلة طريق الموت, لقد كتب السيد المسؤول في أسفل العريضة, التي قدمتموها:
(كلفت شرطة المرور بحل هذه المشكلة).
- طبق عليّ المثل الشعبي : ( جئت أكحلها , عميتها. )
خرجت من ديوان السيد المسؤول والخيبة تشل حركتي , أحسست بضعف يسيطر عليّ كائن لاحول له ولا قوة أحاول عبثا التخلص من خيال الطفلة , الذي لا يفارقني لحظة واحدة منذ يومين, كان الوقت صباحا , والحياة نشطة علي طريق الموت ,الذي يقسم الحي إلى نصفين , سيارات تشق الطريق كالسكين بسرعة جنونية , رغم أن الحي يقع في مدخل المدينة ... طفلة في الخامسة من عمرها , لا تعرف سوى الابتسامة للحياة , أرادت عبور الطريق , حيث ينتظرها والدها في الجهة الأخرى من الشارع , فجاة داهمها الموت على الطريقومن سرعته لم يستطع الوقوف فألصق الطفلة بصدر الإسفلت

,تناثرت الطفلة من صدر الإسفلت, كتلا من المخ اللزج تلمع كأنها تتحرك , أو تحاول الاستقرارفي مكانها المعهود , فرغ جمجمة الطفلة من محتواه وبدت ككهف مهجور.
ركض والدها نحوها , كان يبدوكمن فقد عقله , اخذها من حضن الإسفلت ليحضنها لآخر مرة, صاح بها ابنتي .... ابنتي.... كانت الطفلة قد وصلت إلى عالم آخر, عالم أكثر رحمة وطمأنينة .
تجمهر الناس حول جثة الطفلة , منهم من آلمتهم الحادثة , ومنهم من لم يبال , لأنهم تعودوا على مثل هذه الحوادث .
سألني أحدهم: لما أنت منزعج هكذا ؟ المسألة لاتستاهل كل هذا الأسف , .
قلت له : إذا كانت الإنسانية غير جديرة بالإهتمام , فأي شيء تعتقده مهما ؟
قاطعني بقوله : هل عرفت صاحب السيارة ؟ ما لون السيارة , ما شكلها ؟.
قلت له محاولا التخلص من سؤاله الثقيل : كانت بيضاءاللون, شاحنة صغيرة ماركة هونداي .
قال : سأعرف السائق بالتأكيد . كنت واثقا من كلامه , فالسائقون كلهم يعرفون بعضهم بعضا .
وفي اليوم الثاني بعد الحادثة رأيته صدفة , استوقفني بقوله :عرفت السائق يااستاذ ,قلت له : لا يهمني ذلك , قال : إنه يسكن حينا , لقد باع داره واشترى هذه السيارة منذ فترة قصيرة ,لم يحصل على إجازة سوق بعد ,المسكين لم يفرح بسيارته الجديدة؟ ! .

 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات