القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

حوارات: أول لقاء مع الشاعر الكبير سيداي (جكرخوين)

 
الجمعة 08 شباط 2013


  كان ذلك في صيف عام 1977 م و كنت عائداً من حلب مع طفلي "سلمان" و أختي "صفية" و ابنتها الصغيرة "روزين". كنا جالسين في آخر مقعد في "الأوتوماتريس", القطار, و الى الجهة المحاذية لنا من اليسار مقعد فيه أربعة أشخاص: شاب و شيخ مسن سمين أبيض الشعر, أخضر العينين, و فتاتان مراهقتان, ظهر فيما بعد أنهما جزراويتان من الأرمن في القامشلي. كنت أنظر الى هذا الشيخ المسن و أردد النظر متوهماً أنه أحد أغنياء و بورجوازيي القامشلي. و ذات مرة, ناديت على بنت أختي "روژين" آمراً إياها ألا تتحرك كثيراً, فقال الرجل المسن: "من هي روژين؟" فقلت: "هذه الطفلة بنت أختي" فقال منتهزاً الفرصة ليكلمنا: "خودى وى بهيلى" يعني /الله يطول عمرها/ فقلت: "تو ساغ بي" .. أي /تسلم/. فعاد و سأل: "ما درجة قرابتكم بـ (الملا صالح الكرمي)؟" فقلت: "هو جدي" , قال: "كان زميلاً لي في حجرة سيداي (ملا عبيد الله) و كنت أراجعه بعض الدروس لأنه تأخر في الدراسة", فقلت مندهشاً: "من حضرتكم؟", فقال:" (جكرخوين) !!" فقمت على الفور و صافحته بشوق و قلت: "لكنني كنت أتخيلك حسب صورة لك في الديوان الأول!!؟", فقال: "العمر يمضي و يشيب الإنسان و يتغير" فاستسمحت الشاب الجالس الى جانبه, و كان مرافقاً له, أن يأذن لي قليلاً حتى أحادث (سيدا) فأومأ إليه و قال لي:"اجلس أهلاً و سهلاً"


بدأ حديثنا دينياً و فلسفياً حول فكرة الألوهية بين الدين و الفلسفة و في غمار الحديث .. قال لي:" اليونانيون فكروا في الإله ألف عام فلم يستفيدوا شيئاً, خير للإنسان أن يفكر في عقار يضعه في زجاجة و يقدمه كدواء لمريض من أن يفكر في هذه الأمور؟ فقلت:" و إذا فكر و لم يستطع مقاومة هذه الأفكار؟" , قال:" لا يستفيد شيئاً .. البشرية بحاجة إلى من يفكر لها و لخدمتها ... و انقاذها من الظلم و التخلف و الاستغلال." فانتقلنا بعد ذلك إلى الأدب الكردي و اللغة الكردية, ذكرت له أنني أكتب الشعر بالعربية فنصحني بأن أكف عن ذلك و قال:" لن تستطيع أن تصبح مثل (أحمد شوقي) فعليك أن تشق طريقك في ميدان الأدب الكردي و باللغة الكردية", أخذت نصيحته بعين الاعتبار و شكرته على ذلك, ثم صرت أطرح عليه أسئلة عن رأيه في المرأة و في شعره و في القادة الكرد قديماً و حديثاً, فأبدى آراءه بعفوية و مباشرة و دون تكلف. و عن المرأة و الحب قال:" الكون كله محبة و أهم عنصر يجلب هذه المحبة /المرأة/ و في الكردية نصف اسم الإله هو اسم المرأة (!) خودا: فـ (خو) يعني طبع و طبيعة, و (دا) يعني الأم" هكذا قال !! " و يجب أن نعتني بالمرأة كثيراً و نهيء لها أجواء الراحة و السعادة و الكرامة و نخلصها من التقاليد و العادات السيئة ... إلى آخر كلامه الجميل ... . سألته عن رأيه في زعماء التنوير و الاصلاح الديني في مصر كجمال الدين الأفغاني و محمد عبده و الكواكبي فأبدى إعجابه بهم و لكنه أضاف " أن الإسلام السياسي لم ينجح في مدى ألف عام فعلى الناس أن يرجعوا الى الأفكار التقدمية و الاشتراكية بالأسلوب الديمقراطي فهناك النجاح" ... ثم انتهى بنا المطاف عن وضعه السكني في القامشلي, فقال:" إن فقراء الكرد بنوا لي منزلاً جميلاً جنوب جامع (قاسمو) و إني أشكرهم و لكني أعاتب أغنياء الكرد لأنهم لم يتعاونوا معي في ذلك" ... و وعدته أن أزوره في بيته الجديد فرحب قائلاً:" أز ز ديندارى شهرزا حزدكم!!" أي /أنا أحب المتدينين المتحضرين/.
وتوقف "الأوتوماتريس" في (أخترين) لمدة ساعة فكانت فرصة سعيدة لمزيد من الحديث معه. كنت أقرأ في غضون وجهه الممتلىء الأشقر ملامح الذكاء و المودة و العفوية و شيئاً من الاستياء و البرم بالواقع الكردي, حيث قال لي فيما بعد:" إنه لا يعجبني أي حزب كردي الى الآن" و انتقد الأحزاب الصغيرة و الكبيرة و ضحالة منتسبيها فكرياً و سياسياً و دبلوماسياً و أكد أن الحالة الكردية حالة عقم و عجز و لا شك أن الواقع الدولي أيضاً ليس في صالح الكرد. " و لكن علينا بإتاحة الدور للقلم" قال ذلك حين ذكرته ببيت شعر له يقول: (في سياق: شاهناما شهيدان)
قلم فيده دكه إيرو تو رابه - خوا شيرين ژ بو ته پر عذابه 
شكرته في النهاية على الصدر الرحب و الصبر الجميل الذي يتصف به شاكراً مرافقه و معتذراً له على الإطالة بسبب عطشي إلى لقاء هذا الشخص الوطني الجليل إبن كردستان بامتياز و وعدته بزيارته في القامشلي و نزلت الى كوباني مع من معي.
ملی کرد
نقلا عن مدارات کرد

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات