القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

حوارات: حوار مع الكاتبة والشاعرة د. روفند اليوسف

 
الأحد 03 ايار 2009


  أجرى الحوار:
شوان تافينك - اربيل

في الدول الغربية نلاحظ المرأة تشارك بشكل كبير في الحياة الاقتصادية ولها مردود مالي مستقل من هذا المنطلق هل تعتقدين بان لهذه الاستقلالية الاقتصادية دور في تحرر المرأة ونيل حريتها .؟؟

صحيح أن المرأة قطعت خطوات متقدمة من المسافة التي تفصلها عن الرجل بفضل العمل الذي يستطيع لوحده ان يضمن لها التمتع بحرية واقعية ملموسة ,ولكن هذا لا يعطي المرأة تحرراً كاملا,لأن العمل في يومنا هذا لا يعني الحرية المطلقة ولا يمكن للمرأة أن تتحرر بشكل تام إلا بواسطة العمل و ضمن المجتمع الاشتراكي لان أغلبية العمال في المجتمع الرأسمالي مستثمرون من قبل رأس المال .كما ان البيئة الاجتماعية من جهة ثانية لم تتغير جذريا نتيجة لتطور شروط حياة المراة المعاصرة..


لازالت المرأة لا تشعر بأطمئنان وسلام في حياتها لانها مازالت تقف في منتصف الطريق .والمرأة التي تتحرر اقتصاديا من قيود التبعية نحو الرجل لا تجد نفسها على الرغم من ذلك شروط أخلاقية واجتماعية ونفسية مماثلة لشروط الرجل .ان الامتياز الذي يتمتع به الرجل والذي يشعر بها منذ الولادة هو ميله لان يكون إنسانا سوياً مستقلا لا يتعارض مع كوامنه كذكر , أما المرأة فان المجتمع يطلب منها ان تكون متعة وفريسة لكي تكتمل أنوثتها وهذا يعني التخلي عن مطالبها في ان تكون إنسانة فاعلة تتمتع بالسيادة الكاملة.

كيف تنظرين إلى تأثير الوسط الجغرافي الذي تعيش فيه المرأة في استئصال آفة العنف بمعنى أخر هل مستوى التعليم – الحياة المهنية - الحياة الاجتماعية – اللغة والطبقة التي تنتمي إليها في نضالهن ضد العنف والتميز ..؟
اجل تستهدف المرأة بسبب أصلها أو انتمائها أو هويتها أو تفكيرها أو لأنها تنتمي إلى طبقات مسحوقة .اتفاقية القضاء على كل إشكال التمييز ضد المراة. أقرتها الجمعية العامة للام المتحدة وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرارها 43/180المؤرخ في 18 كانون الأول ديسمبر 1978 تاريخ بدء النفاذ 3 أيلول 1981طبقا للأحكام المادة 27 ان هذه الاتفاقية تؤكد تحت ضمانة الامم المتحدة التزام الدول المشاركة في التوقيع عليها بالإيمان بحقوق الإنسان الأساسية  وبكرامة الفرد وقدره وبتساوي المرأة مع الرجل في الحقوق والواجبات من غير تمييز بمافي ذلك التتميز القائم على الجنس . العنف ضد المرأة يرتكب في زوايا متعددة من العالم ,وهو فضيحة خفية في مجال حقوق الإنسان انه انتهاك صارخ ضد الإنسانية بالدرجة الأولى. والعنف ضد المرأة ظاهرة عالمية تتخطى حدودها الإقليمية والعرقية والثقافية والدينية .قد يكون العنف ضمن إطار الأسرة وذلك عند معاملة الزوج أو الرجل لها بقسوة عن طريق ضربها جسديا أو تهديها وإهمالها. فقضية العنف قضية عالمية يجب إيجاد آلية مشتركة لعمل النشطاء والمناهضين للعنف وحث الدول على الوفاء بالتزاماتها ومعارضة القوانين التميزية وتقديم الدعم والتعاون للمنظمات الغير الحكومية وتفعيل دور الأخيرة في زيادة الوعي والتربية على مواجهة العنف والتصدي له. أن كل عنف ضد المرأة يتضمن بالضرورة تمييزا وهذا يدل عليه عبارة على أساس الجنس الواردة في تعريف ظاهرة العنف في الإعلان العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة. فالمرأة تستهدف باعتبارها أنثى لا باعتبارها إنسانة كأنها كائن مؤذ أو مصدر الفتنة للرجل. العنف يدعم التميز العرقي بين الجنسين او اللونين فالكثير من الرجال أرباب  الأسر يتعاطون العنف الجسدي لفرض الدور التقليدي النمطي على نساءهم وتقيد حركتهن وعلاقتهن.  التميز يؤدي إلى العنف فمبدأ طاعة المرأة لزوجها , وتأديب الزوجة,وفي مجال القانون الجنائي يعتبر تخفيف العقاب على مرتكب جريمة الشرف تبريرا للعنف القاتل لا بل تشجيعا على ارتكابه. فالتميز هو نوع من العنف الأساسي لأنه لا يستهدف ملكية الآخر فقط بل يستهدف ماهية الآخر . أن العنف هو نفي للإنسانية الكاملة للمرأة ولمبادئ التي تقوم عليها الحياة الاجتماعية في عصرنا الذي يستنكر كل أشكال العنف ضد الإنسانية وعلينا ان لا ننسى ان المرأة إنسان .

عند الحديث عن  الحركة الفيمينية نرى بان في الشرق الأوسط والعراق وإقليم كردستان هذه الحركة تديرها الرجال لكن في الغرب نلاحظ عكس ذلك أي أن النساء هن يدرن الفيمينية ووسط هذا وذاك نجد نظامين اجتماعيين مختلفين ما هو تحليلكم لهذا الواقع ..
هذا متعلق بدرجة تطور المجتمع الغربي والشرقي من حيث الجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحضاري , علينا الاعتراف ان المجتمع الشرقي قائم على عقلية الاستبداد ( الذكوري ) فإذا كانت الإنسانية كلها قيمة مبتذلة في هذا المجتمع فلا عجب ان تكون المرأة في أسفل السافلين بالتالي يعتقدون أنها غير جديرة بالتعبير عن نفسها .

في المجتمعات الشرقية ومن ضمنها المجتمع الكوردستاني بان ثقة المرأة بنفسها ضعيفة جدا صحيح أن لها الإرادة في وسط أسرتها لكن لم تمارس حتى الآن هذه الإرادة او  تترجمها إلى قوة أو سلطة . كيف ترون هذه الصورة الاجتماعية..

اختلفت رؤية الشعوب إلى المرأة عبر التاريخ ففي المجتمعات المشاعة كانت للمرأة  السلطة العليا في اخذ القرارات .ولكن فيما بعد أصبحت الحرب هي وظيفة الرجل الرئيسية وهذا ما منحه أولوية اجتماعية على حساب دور المرأة, وأيضا نرى بان الحالة البيولوجية للمراة تشكل لها حاجزا يحول دون شعورها بشخصيتها المستقلة ,لأنه لازال هناك تمييز واسع النطاق ضد المرأة ويعد عقبة أمام مشاركتها في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية  وإذ يساورها القلق وهي ترى أكثر النساء في حالات الفقر و لأنه مازال يعتبرون المرأة عورة يجب سترها خلف الجلباب والحجاب وإيهاب ذهنية إلى الوراء إلى ما قبل الإسلام أيام الجاهلية الأولى نجد أن بعض النساء ظهرنا كشاعرات ومقاتلات وصاحبات مهن مختلفة رغم العوائق الاجتماعية التي كانت مسيطرة حين ذاك. إذا حللنا العائلة نجد الأب أو الأخ هو الحاكم في تشكيل طقوس العائلة .ولأنه الرجل كالدولة يعتبر العماد الأساسي ضمن العائلة فالذي يحق له اخذ القرارات هو الرجل وليست المرأة لذلك صعب على المرأة ان تدرك مالذي يجري من حولها من تطورات سياسية واجتماعية وثقافية .

هل المقارنة بين الوضع الاجتماعي الذي تعيشه المرأة الشرقية والحالة التي تعيشها المرأة الغربية مقارنة منطقية وعقلانية.
مطلقاً لان تباين الظروف من كل النواحي يجعل المقارنة مهزلة لاننا عمليا نريد ان نقارن بين مرحلة تاريخية معاصرة ( الغرب ) ومرحلة عابرة تعود إلى العبودية ( الشرق ) فنحن عمليا كشرقيين نعيش قيم العصور الوسطى وان كنا زمنيا نعيش العصر الجديد.

الكثير من الحركات الفيمينية في الشرق ترى بان حرية المرأة في مساواتها بالرجل ألا ترى بان الرجل أيضا في هذه المجتمعات مغبون ومضطهد بشكل من الإشكال.
يقول: جبران خليل جبران (الحرية والحياة بغير الحرية كجسم بغير روح والحرية بغير الفكر كالروح المشوشة الحياة والحرية والفكر ثلاثة أقانيم في ذات واحدة أزلية لاتزال و لاتضمحل ) . هذا أكيد لا أنكر ذلك الرجل والمراة هما قطبين مختلفين أي سالب وموجب بدونهما لا تستمر الحياة ولكن يجب إلا ننسى بان قضية تحرر المرأة إنما هي قضية إنسانية – شاملة-  لأنها لا تمس حياة نصف المجتمع وإنما حياة المجتمع كله ,ولكن هل المساواة هي عنوان التحرر الوحيد للمراة..؟الى متى ستظل المرأة مكتفية بحقها في  المساواة وأية مساواة..؟ فأقول بان المرأة قبل ان تكون أسيرة الرجل هي أسيرة نفسها. الرجل ليس غريمها بل الغريم هو تقصيرها عن ان تتساوى مع نفسها .فالمعاناة والآلام التي تعانيها المرأة من الناحية الاجتماعية لا تقاس ومع هذا على الرجل ان يعطيها مزيدا من الدافعية للعمل يدا بيد.

أن النسوة التي هجرن من كردستان واستقررن في الدول الأوروبية حملن مع أنفسهن كثير من المعاناة والإمراض الاجتماعية برأيكم عندما تصطدم عاداتهن وتقاليدهن الشرقية بعادات الغرب ماذا يحصل وكيف ينظر المجتمع الغربي إلى هذه الحالة هل هي نظرة إنسانية
.
دائماً تسعى المرأة إلى كسر الأغلال التي تحيط بحياتها أينما كانت , ولكن المرأة ليست الوحيدة في الغرب تصطدم عاداتهن وتقاليدهن مع عادات الغرب  وإنما الرجل أيضا في المقابل يصطدم بتلك العادات والتقاليد ..اعتقد بان شرف المرأة والرجل إنما هو الصدق هذا قبل كل شئ بدون الصدق لا كرامة للإنسان ,ففقدان الحب في حياة الناس هو الذي يسبب لهم الأمراض النفسية ولكن الحب مرتبط بالمساواة بين البشر والعدالة والصدق والحرية ويجب على الإنسان ان يعبر عن أفكاره بحرية ,المرأة التي هاجرت وطنها تمضي بخطوات سريعة نحو قيم ومفاهيم الحداثة  وهي ليست اقل من المراة الغربية بعقلها وجمالها وتفكيرها , اعتقد ليس هناك أي مشكلة ان أصبحت المرأة الشرقية متفهمة لواقع  الغرب ولكن كل شئ ضمن الحدود ,يجب ان لا ننظر الى المراة الغربية على إنها  ليست متزنة وهي متحررة أكثر من المرأة الشرقية أيضا هناك بين أوساطهم ممن ينادون بالقيم والمبادئ وحريصون على نسائهم ربما أكثر من هم ينظرون الى هذه الحالة كحالة إنسانية  وليس كما نحن ننظر إليها بأنها متمردة ونصفها بانها غير أخلاقية بالعكس لان الكبت الذي تعيشها المرأة الشرقية  بحكم الموروث الاجتماعي كـالعادات والتقاليد التي مازالت ينادون بها ربما يتصارع مع الجزء الحقيقي من نفسها مع جزئها المزيف
تقول الدكتورة نوال السعداوي: (ان الصحة النفسية للإنسان مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بقضية الحرية في مجتمع من المجتمعات , فالحرية لصحة النفس كالهواء والاوكسيجين لصحة الجسد ان قل الأوكسجين فسد الدم وإذا انعدم مات الجسد)  فكذلك للحرية إذا قلت فسدت النفس وإذا انعدمت ماتت النفس وان ظل الجسد حيا يرزق لكن حياة الجسد في تلك الحالة ليست إلا حياة عضوية أو بيولوجية كحياة الكائنات الأدنى من الزواحف ووحيدات الخلية.

البعض يرى أن التحرر المرأة في الشرق ومساواتها بالرجل مسالة شمولية أي لها علاقة بالأوضاع السياسية وا لاجتماعية في هذه المجتمعات ..؟؟
اجل هذا صحيح لا يمكن ان يحصلن على الحرية والمساواة في مجتمع لم تتحقق فيه الحرية والمساوة لمختلف شرائحه الاجتماعية والثقافية والسياسية. لا نستطيع فصل قضية تحرر المراة في أي مجتمع عن تحرير الفئات الأخرى المضطهدة. لا تؤمن المراة بتحريرها ان لم تشعر قط بإمكانيات الحرية ويبدو لها العالم يديره قدر غامض لا يمكن مجابهته ,وكثيراً من المثالب التي تؤخذ على المراة كالخجل والخمول والخفة والعبودية تعبر في الحقيقة عن ان الأفاق مسدودة أمامها ,فهناك رجال كثيرون مغللون مثل النساء في ميدان العمل. فالعامل يهرب من وضعه بالعمل السياسي معبرا عن إرادة ثورية ,أما الرجال الذين يعملون في التجارة والمستخدمين أيضا يقومون بأعمال متكررة مثل أعمال النساء ,ولكن إذا قارنا وضع المراة بالرجل  فالرجل وضعه أفضل من وضع المرأة بمعنى له إمكانيات ملموسة أوسع ليظهر حريته . بشكل عام تبقى المراة في اغلب الدول محرومة من التمتع ببعض الحقوق ومن ممارساتها ولم ترقى بعد إلى حق المواطنة ولا الى المساواة رغم أهمية الدور الذي تلعبه في هذه المجتمعات. فالطريق الوحيد أمامها هو الثورة وليس الرضوخ والاستسلام  سوى العمل على تحرير نفسها وهذا التحرير لا يمكن ان يكون إلا بانتهاء التطور الاقتصادي لوضع المراة فبهذا تستطيع المراة أن تفك سجنها وتحوله إلى  سماء واسعة وعبوديتها إلى الحرية عند محبة ذاتها.

رغم ازدياد المراكز والجمعيات النسوية التي تدافع عن المرأة مع هذا نرى أن مأساة المرأة الكوردستانية مستمرة  وان حالات الانتحار والحرق لم تتوقف ما هي وجهة نظركم في هذه الإشكالية.

اعتقد ان السبب هي البنية العشائرية الزائفة في المناطق الكردية , وخاصة المناطق التي تزداد فيها تأثير الثقافة الإقطاعية والمذهبية ,والمناطق التي تكثر فيها جهالة المرأة بنسب عالية من هنا تزداد فيها حالات انتحار النساء وقتلهن .الكثير من حالات الانتحار المعاشة في كوردستان تتم في المناطق المحرومة من الفكر والتي تزداد فيها الجهالة وتضطر المرأة عندها الى اختيار سبيل أخر وهي الانتحار أو الحرق ,ولكي ينهي المرء وجوده بالنار , يضطر تحمل الألم كتمرد ضد النظام الاجتماعي ,لذلك يتطلب منا تسريع عجلة تطوير وإحداث التغيرات من الناحية الاجتماعية وخاصة الواقع التي تعيشه المرأة الكردية والانتحار المتفاقم بإعداد هائلة
فحالات الانتحار تعكس مدى القهر والتبعية والظلم وحرمان المرأة من حقوقها وحريتها والكآبة والإحباط التي تتعرض لها المرأة في كردستان ..

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 2.1
تصويتات: 10


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات