القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: وقفات مع ميلاد السيد المسيح عليه الصلاة والسلام

 
الأربعاء 02 كانون الثاني 2008


  الدكتور علاء الدين جنكو

منذ بداية أيام طفولتي كانت سيرة السيد المسيح عليه السلام تشدني بمراحلها المختلفة من الميلاد إلى رفعه من قبل رب العباد..
عقيدتنا – نحن المسلمين – في السيد المسيح هي الإيمان المطلق بحقيقة رسالته ونبوته وإنها رسالة سماوية ، انزل الله كتابه الإنجيل على رسوله وعبده عيسى بن مريم العذراء البتول ، ومن أنكر أصل هذه الرسالة أو قصة ميلاده يخرج من بوتقة الإيمان إلى الكفر حسب أصول العقيدة الإسلامية.
وكلامي هنا في حقيقته لا يخص المؤمنين به فقط – سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين – فنحن متفقون على كثير من الأمور من وجهة نظري ، ولو أن الخلاف في جزئه الأخر يتعلق بالأصول !!


بل يضاف إليهم أؤلئك الذين يضعون المسيح ومات يتعلق به من قصة ميلاده ورفعه في ميزان العقل وحكمه ، وينكرون الغيب والمعجزة في حقيقة أمره ، لي معهم هذه الوقفات :
الوقفة الأولى :
هل يستطيع أحد من البشر مهما بلغ من العقل وقوته أن ينكر وجود شخص من البشرية اسمه المسيح بن مريم ؟!!  أعتقد أن الجواب بالنفي
ومن جانب آخر هل يستطيع أحد أن يقول : أن عيسى ولد لأب بشري ؟؟  أعتقد ثانية أن الجواب بالنفي
وقع الخلاف بين المسلمين والمسيحيين في نسبة المسيح إلى الله ولداً ، فالمسلمون يرفضون قطعا هذه الرواية ليقفوا عند نقطة إيمانية لا جدال فيها :
هي أن خلق عيسى كخلق آدم ، خلقه الله من دون أب ، وانه روح الله وكلمته وعبده ورسوله ، جاء بدين سماوي يقيم بها العدل والتسامح والمساواة .
أما من يحكم على خرافية رواية المسلمين بأن عيسى عليه السلام خلق من غير أب، ليجيب أولا ، كيف خلق الله آدم عليه السلام ؟! وكيف خلق حواء من جسمه ؟!
الوقفة الثانية :
العلاقة بين الإسلام والمسيحية ، وسر بعض الأحكام في الشريعة الإسلامية ،
فالعلاقة بين الديانتين هي علاقة إيمانية أحادية الطرف، لأن المسلمين يؤمنون بالمسيحية ، أما العكس فلا ، ويكاد أن يكون هذا الحكم مطلقا ومتفقا عليه بين جميع الطوائف في الطرفين .
وبناء على هذه العلاقة ، كان سر بعض الأحكام في الشريعة الإسلامية كمنع زواج المسلمة من الرجل المسيحي ، في الوقت الذي يسمح للرجل المسلم أن يتزوج من مسيحية .
فالمسلم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسيء إلى المسيح عليه السلام ولا أن يسيء إلى الديانة المسيحية في أصل سماويتها وقدسيتها ، لأن ذلك من أصل معتقدات المسلم ، فالإيمان بعيسى عليه السلام من أركان الإيمان ، وأي خدش فيه هدم لعقيدته الإسلامية ، لذا يبقى الزوج المسلم محترما لعقيدة زوجته المسيحية.
أما الرجل المسيحي الذي لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا مرسلا من الله تعالى ، ولا بالإسلام دينا ، فلا يكون له – وحاله هذا – رادع يمنعه من الإساءة لعقيدة زوجته المسلمة ، فمهما كان الزوج مراعيا لعقيدة زوجته ، تبقى المرأة في حالة من الانكسار والتذلل وخاصة إذا كان زوجها المسيحي رجلا متدينا ..
الوقفة الثالثة :
كيف ينظر الإسلام والمسلمين إلى أتباع السيد المسيح في أيامنا هذه ، وهل هناك مجال للحوار معهم ، أم أن العلاقة لا تقبل إلا وجها واحدا ؟!!
أعتقد – و حسب فهمي للإسلام – أنه لم يدعو في لحظة إلى إجبار أحد في اعتناق الإسلام ، وخاصة مع أهل الكتاب حيث دعاهم إلى الحوار والمناقشة ، قال تعالى : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمه سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون )
جاء الخطاب في القرآن الكريم بـ : (يا أهل الكتاب) اثنا عشرة مرة ، اثنان منها دعوة واضحة وصريحة للحوار ، والبقية هي مناقشة أهل الكتاب في بعض التصرفات التي خالفوا فيها أصول معتقداتهم ، وخاصة التوحيد لله تعالى .
إن الدعوة للحوار بين الأديان دعوة قرآنية ، أما الغلو في طرح بعض المحاولات التي تصل للدعوة إلى وحدة الأديان ، اعتقد أن ذلك ضرب من الخيال ، ومضيعة للجد والوقت !!
وفي هذه الوقفة يحزنني أن أجد المسيحي وغيره يحكمون على الإسلام من خلال مصادر معادية له ، في الوقت الذي يناقش المسلمون معتقدان المسيحية الحالية من خلال علمائهم ، لأن المعادلة في هذا الشكل من الحوار والنقاش غير متكافئة !!
الوقفة الرابعة :
بين الدعوة والتنصير : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما منعت مسيحيا في العالم الإسلامي كله من الدعوة إلى دينه وعقيدته بشرط واحد فقط وهو عدم استغلال حاجة الإنسان من مأكل ومشرب وملبس ، لأن حركة التبشير في كل مراحل تاريخها قائمة على هذا الاستغلال مع كل أسف ..
ليُفسح لهم المجال في المناظرات العامة مع المسلمين ، وأن يفتح لهم أبواب الإعلام في شاشات التلفزة جنبا إلى جنب مع علماء المسلمين .
ليكن الحوار علنا ، ليتحول الشارع إلى الحديث عن حرية في الاعتقاد حتى يصل إلى مستوى عال  يسمع المسلم في بيته الديانة المسيحية ، والمسيحي يسمع في بيته الديانة الإسلامية .
ليكن العقل والفطرة هي التي تحكم وتختار فهي أقدر على اختيار الصلح لها ..
قد تكون دعوتي هذه لا تروق للكثيرين ، ولا ترضي وجهة نظرهم ، لكني أقول وبكل ثقة : إن القرآن الكريم وسنة رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم تعاملا مع المخالفين للمسلمين تعامل المثيل للمثيل ، ولم يرد أن الإسلام دعا إلى النظرة الدونية للمخالف في الفكر والاعتقاد ، وإلا كيف ناقش المسلمون الأوائل المسيحية مع أهلها ، وكيف ألفوا وكتبوا وناظروا ؟!!
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ) .
كيف يكون الحال ، واليوم أصبح الأب الحقيقي في التربية للإنسان وسيلة الإعلام التي لا يمكن الابتعاد والتخلي عنها من جهة ، والشارع المجتمعي من جهة أخرى .
وفي الختام الكل يسعى للحقيقة ، وقمة الإنسانية أن يطأ المرء رأسه للحق لا أن يكون عبدا لفكرة ربما لا يكون هو بذاته مقتنعا بها ..

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات