نقاط رئيسية في الحكومة السورية الجديدة

عبدالله كدو
 كثيرون يؤكدون ضرورة انتظار أفعال الحكومة الانتقالية الجديدة قبل تقييمها، خاصة مع حداثة عهدها وثقل إرث النظام السابق. ومع ذلك، توجد قضايا أساسية تمس قطاعات واسعة من الشعب السوري وتستحق النقاش الفوري.
غياب مصطلح “الديمقراطية” :
هل يعكس الإصرار على عدم استخدام الإدارة كلمة “الديمقراطية” تعارضًا مع نسخة الفقه الإسلامي المثبتة في الإعلان الدستوري ؟
تمثيل المرأة المحدود:
يُلاحظ تهميش دور المرأة في الحكومة الجديدة ، حيث اقتصر تمثيلها على وزيرة واحدة مقابل 22 وزيرًا.
هذا التوزيع يخل بالتوازن ويناقض مبدأ المساواة في المواطنة، خاصة مع استمرار تقديم الذكور على الإناث في الخطاب الرسمي ( “السوريين والسوريات” بدلًا من “السوريات والسوريين” ) .
إشكالية التعددية القومية:
• تخفي الإدارة الانتقالية موقفها إزاء التعددية القومية وتكتفي بإطلاق عبارات عامة حول “التشاركية” ، علما أنها تسلمت الوثائق الرسمية من مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية التي تصدرت المشهد السوري – رسميا – خلال سنوات الثورة ، المتمثلة بهيئة التفاوض و الائتلاف الوطني السوريَين ، تلك الوثائق التي تؤكد أن سوريا تتشكل من العرب والكرد والتركمان والسريان الآشوريين وغيرهم . كما أنها ، أي الإدارة ، لا تُبدي نيتها للقيام بمعالجة آثار سياسات التمييز القومية التي مورست ضد القوميات غير العربية ، والتي ظهرت بأقسى تجلياتها البغيضة ضد القومية الكردية، تاريخ مأساوي من التعريب والتهجير القسريَين ، ممارسات كانت أشبه بممارسات الاستعمار القديم ، فمطلوب من الإدارة الجديدة إبداء حسن النية بوضوح – على الأقل – لمختلف القوميات وطمأنتها في هذه اللحظة السورية الفارقة ، ريثما تتمكن – الإدارة – من تنفيذ وعودها في رفع الغبن عنها في أقرب وقت ممكن ، علما أنه من نافل القول أن الفرحة تغمر جميع السوريات والسوريين بتحرير البلاد من نظام البعث الأسدي الدموي ، والجميع بارك وهنّأ للعهد الجديد برئاسة السيد أحمد الشرع .
 إقصاء الأحزاب وإبقاء العناصر المدانة والأجنبية:
• هناك إقصاء مستمر للأحزاب والتيارات السياسية الوطنية التي قارعت النظام الأسد منذ عقود تحت مبررات غير مقنعة.
• وهناك أيضا استمرار عدم معالجة قضية وجود عناصر غير سورية في المؤسسات الحكومية والعسكرية ، حيث الجميع يرى ضرورة إخراجهم من تلك المؤسسات.
• وأيضا هناك بقاء عناصر و فصائل عسكرية، مدانة بارتكاب الانتهاكات ضد المدنيين السوريين من قبل لجنة التحقيق الدولية و غيرها من المؤسسات والمنظمات الدولية، ضمن قطاعات حكومية .
الانقسام السياسي الحالي:
• التيار الحاكم يتبنى تفسيرات مختلفة للفقه الإسلامي دون آليات قياس واضحة ، حيث هناك تطبيقات مختلفة للفقه الاسلامي في تفسير جماعات الإسلام الصوفي و السياسي والسلفي و الجهادي والتكفيري و الوهابي وغيرها ، مما يثير مخاوف من أن تغييب مصطلح “الديمقراطية” استناداً إلى تفسيرات فقهية معينة، ربما يتسع ليتم تغييب قواعد ومفاهيم أخرى تتصل بالتشاركية والاحتكام إلى إرادة الشعب السوري أولا وأخيراً..ذلك في ظل غياب الانتخابات خلال الفترة الانتقالية الطويلة.
• في المقابل، يدعو تيار وطني سوري آخر إلى النسخة الديمقراطية التي تقوم على المساواة الكاملة ، بغض النظر عن الجنس والدين والقومية والثقافة، واحترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تحترم خصوصيات الأفراد و الجماعات.
هذه القضايا تتطلب نقاشًا عاجلًا، إذ لا يمكن تأجيل الحكم عليها ، والعمل على تصحيحها ، بحجة انتظار “الأفعال”، خاصة عندما تكون بعض الممارسات واضحةً منذ الآن.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

م.اياز خلف في زيارة تحمل رمزية عالية، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السعودية مجددًا كمحطته الخارجية الأولى في ولايته الثانية، في مشهد يعيد إلى الأذهان زيارته الأولى عام 2017. هذه الخطوة ليست بروتوكولية فحسب، بل تشير إلى أن الرياض ما تزال مركز ثقل إقليمي لا يمكن تجاهله، خصوصًا في الملفات الحساسة والمتشابكة، وعلى رأسها الملف السوري. تأتي زيارة ترامب في…

صالح بوزان ـ دادالي ما إن تنفس الشعب السوري الصعداء بكافة أطيافه ومكوناته وتياراته يوم ٨ كانون الأول من العام ٢٠٢٤ بسقوط نظام البعث في سوريا وهروب رأس النظام بشار الأسد ، إلا أنه وبعد أيام معدودة من سيطرة الجهاديين المنضوين تحت لواء هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، بقيادة أبو محمد الجولاني ( أحمد الشرع )، وانتشار تلك…

يتابع المجلس الوطني الكردي باهتمام بالغ التطورات الأخيرة المتعلقة بإعلان حزب العمال الكردستاني، في مؤتمره الأخير، وقف العمل المسلح وحلّ الحزب، استجابةً لدعوة زعيمه السيد عبدالله أوجلان. ويعتبر المجلس أن هذه الخطوة تمثل تحولاً سياسياً مهماً وإيجابياً من شأنه الإسهام في تعزيز فرص السلام والاستقرار في تركيا والمنطقة عموماً. وإذ يثمّن المجلس الوطني الكردي هذا التوجه نحو المسار السلمي، فإنه…

فواز عبدي   حسب ما قرأت فإن ما حدث في بحيرة ميدانكي بريف عفرين لا يمكن اختزاله فقط في نفوق الأسماك أو انبعاث روائح كيميائية غريبة من الماء. إننا أمام جريمة متكاملة الأركان، تُرتكب عن سابق إصرار وتصميم، في منطقة أنهكتها الحرب، ولم تَسلم حتى مواردها الطبيعية من وحشية الإنسان. إن تسميم المياه ليس فقط خرقاً بيئياً أو تهديداً للصحة…