أحمد عبد القادر محمود
رأينا في الكثير من البلدان التي تكون فيها الدساتير و القوانيين هي السلطة العليا ، و ما حُكامها سوى موظفين منفذين لهذه الشرعية ، الكثير من المشاهد التي يتعرض فيها هؤلاء الموظفين الحكام لإعتراضات تصل لحد الصفع كما حصل مع الرئيس الفرنسي ماكرون ، وهناك من رُشق بالبيض ، وأيضا هناك من تعرض ألغلظ القول من مواطنيين عاديين ربما لم يعجبهم أداء هؤلاء الموظفين الحُكام أو كانت مواقفهم ضبابية أو سلبية إتجاه قضايا يفترض حسب المواطن المعترض أن تكون أكثر وضوحاً و فاعلية
كما تمنينا نظراَ لحالنا في بلداننا التي يرى فيها حكامنا السايكوباديين أننا قطيعٌ و الوطن مزرعة يمارسون فيها كل هواياتهم و أهوائهم ، أن نرى يوما أننا كنا في حلم و ليسو نحن إلا ذاك الذي يقول لحاكم بلاده ” أنك أخطأت و ستحاسب ” .
لم يأتي موقف الأديبة و الشاعرة الشجاعة غادة الشعراني أمام محافظ السويداء وقبله أمام إمامه الجولاني من فراغ ، وهي المتشبعة بالأدب و المتسلحة بالقيم والمبادئ الإنسانية العليا و المدركة لحقوقها كمواطنةٍ
أعتقدت مثل الكثيرين أنها أستيقظت من كابوس مرعب جاثم لا يتزحزح ، لتجد نفسها أمام كوابيس مختلفة الألوان و الأشكال ، ظنت للوهلة الأولى أنه حلم اليقظة و ما هذه سوى إرتدادات الكابوس السابق ، سرعان ما ستتخلص منه ، و أنها في واقع جديد متمردٍ على واقعٍ سابق أقل ما قيل عنه أنه كان واقع قذرٍ حقير سافل ، إلا أنها سرعان ما أستيقظت على واقعٍ أقدامه أشد ثقلاً و أبلغ أثراً ، أقدامٍ هبطت من القرون الماضية مثقلة بسلاسل من النصوص القديمة ، بأنيابٍ تنذُ منها دماء متجددة اللزوجة ، بروائحٍ كريهة تسرُّ الحاقدين ، بثياب ظُن أنها باتت من مقتنيات المتاحف ، أقدامٍ تجر خلفها أدمغة مطفأة ، داخل جماجم عظيمة عفنة ، عيونٌٍ شرهة باحثة عن أجسادٍ غضةٍ طرية ، أفواهٌ يزرب منها لعابٌ زنخ ، أقدامٍ تجر الناس لكهوف مظلمة
كان لا بد من أن تصرخ و تصرخ رعباً ، رعباً من واقع الحال و رعباً مما قد يؤلوا إليه الغد ، و رعباً من خطبٍ يُعد
صرختها لم تعجب العبيد ، عبيد السلطة و السلطان ، عبيد الخوف من الحرية
عبيد محبي العبودية ، عبيد كارهي الإنسانية و الإنسان ، عبيد فرد و لو كان رأسه كزبيبة ، عبيد الطاعة و لو كان المُطاع متحولٌ وضّاع
صرختها عورة يجب أن تُكتم ، يجب أن لا يتعدى صوتها باب المِخدع
كيف لها أن تصرخ من الألم في وجه سيدها ، كان يجب أن تشكره وتذكر محاسنه و تشيد برجولته و فروسيته ، لا أن تقف أمامه كندٍ تقارعه الحجة بالحجة ، لا أن تقول له أنتم قتلتم حلمنا ، أنتم سفكتم رؤانا بالديمقراطية ، أنتم أوقفتم حتى فرحنا بسقوط الطاغية .
كان عليكِ أيتها الأديبة إحترام المجلس فالمجالس أمانات
أخرس أيها المعتوه ، لم أكن أنا من صورّ و نشر ، أنما من فعلها هم أنتم
و لغاية في أنفسكم ، أردتم إظهار كم أنتم حكماء ، وأنكم فوق الظنون
ولكن هيهات أن تخدعوا غير بسطائكم كخديعة وصولكم .