سوريا الجديدة: دعوة للحوار وبناء وطن مشترك لجميع السوريين

محمد زيتو*

 

مع سقوط النظام السوري الذي حكم البلاد لعقود، تقف سوريا اليوم أمام لحظة فارقة في تاريخها. هذه اللحظة ليست فقط تحدياً، بل فرصة ذهبية لإعادة بناء وطن يستوعب جميع أبنائه ومكوناته دون استثناء.

لقد عانت سوريا لعقود من القمع والانقسامات التي زرعتها أنظمة الاستبداد، مما أدى إلى صراعات دامية أرهقت البلاد وأثرت على كل مكونات المجتمع السوري، من الكرد والعرب والآشوريين والسريان إلى الأرمن والشركس وغيرهم. اليوم، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة، لا بد أن يكون الحوار هو الطريق نحو المستقبل.

الحوار كأساس لبناء المستقبل

الحوار الوطني الشامل هو المفتاح لتحقيق المصالحة الحقيقية. يجب أن يشارك في هذا الحوار جميع السوريين، دون إقصاء أو تهميش، لإعادة بناء الثقة التي تضررت خلال السنوات الماضية.

  • الحوار بين الكرد والعرب: العلاقة بين الكرد والعرب هي حجر الزاوية في وحدة سوريا. يجب أن يكون هناك اعتراف متبادل بحقوق الجميع، واحترام للتنوع الثقافي واللغوي، والعمل على تحقيق العدالة والمساواة.
  • إشراك الأقليات والمكونات الأخرى: لا يمكن بناء سوريا جديدة دون الاعتراف بالدور التاريخي والثقافي لكل المكونات السورية.

وطن مشترك بمبادئ جديدة

لكي تكون سوريا وطناً مشتركاً للجميع، يجب أن تقوم على المبادئ التالية:

  1. الديمقراطية: بناء نظام حكم يتيح لجميع السوريين المشاركة في اتخاذ القرار دون احتكار للسلطة.
  2. العدالة الاجتماعية: ضمان توزيع عادل للثروات والفرص بين جميع المناطق والمكونات.
  3. الاعتراف بالتعددية: احترام التنوع الثقافي واللغوي والديني في سوريا، مع ضمان حقوق جميع الأقليات.
  4. سيادة القانون: بناء دولة مؤسسات تحكمها قوانين عادلة ومستقلة عن أي انتماء سياسي أو عرقي.

دور الشباب والمرأة في البناء

لا يمكن الحديث عن مستقبل سوريا دون تمكين الشباب والمرأة. فقد أثبتت السنوات الماضية أن الشباب هم وقود التغيير، وأن المرأة قادرة على تقديم رؤية مختلفة وقيادة مجتمعاتها نحو مستقبل أفضل.

الدعوة إلى المصالحة والتسامح

بعد سنوات من النزاع، لا بد من فتح صفحة جديدة تقوم على التسامح والمصالحة. يجب أن تُبذل جهود حثيثة لشفاء جروح الماضي من خلال آليات العدالة الانتقالية التي تضمن محاسبة المسؤولين عن الجرائم مع تحقيق المصالحة الوطنية.

رسالة إلى جميع السوريين

سوريا الجديدة تحتاج إلى الجميع. لا يمكن أن تُبنى على الإقصاء أو الانتقام. لنكن جميعاً يداً واحدة في مواجهة تحديات المستقبل، ولنجعل من هذه المرحلة فرصة لبناء وطن يشبهنا جميعاً، وطن يحتضن الجميع دون تمييز.

سوريا اليوم هي حلم، وغداً يمكن أن تصبح واقعاً إذا آمنا بالحوار والتعاون. فلنبنِ وطناً لأبنائنا يستحق أن نفخر به أمام العالم.

* ناشط إعلامي وسياسي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس ثق بنفسك، فنحن اليوم قوة لا يمكن تجاوزها، ليس فقط في سوريا، بل في الشرق الأوسط بأسره. ولهذا السبب نجد أن التركيز الإعلامي علينا يتزايد، سواء كان بدعم إيجابي أو بعداء مستفحل، وهو ما يعكس حقيقة دورنا ومكانتنا في هذه المنطقة. علينا أن ندرك جيداً أنه لا توجد قوة أو منظمة أو حتى…

خليل مصطفى أمس الأحد نشر أحد العُربان المعتوهين (مُقيم بألمانيا) على صفحته الفيسبوكية حرفياً الآتي: { أيها السوريون: الجزيرة الفراتية العربية الشمّاء والأبية، ليست قنينة غاز طبخ، أو جوال حنطة، أو شلّ قطن.. عصابات ــ قنديل ــ الإيرانية ــ تحتل ــ الجزيرة }. المقدمة : لم يسلم الكورد ولا الآخرين (غير العرب) من افتراءات نظام البعث العنصري (الذي زرع الأحقاد…

في الوقت الذي يعاني فيه الشعب السوري من ويلات الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد، تتزايد الاعتداءات التركية ومن عصابات المرتزقة التابعة للائتلاف السوري على مناطق الشعب الكردي ، ما يزيد من معاناة المدنيين الأبرياء ويعمق الأزمة الإنسانية والسياسية في البلاد. يدين تيار مستقبل كردستان سوريا بشكل صارخ هذه الحرب الظالمة التي تستهدف المناطق الكردية، ويعتبرها استمراراً للسياسة التي…

أزاد خليل في جريمة نكراء تُضاف إلى سجل الاعتداءات التركية المستمرة على الأراضي السورية، فقدت الساحة الثقافية والفنية في منطقة الجزيرة السورية أحد أبرز أعمدتها، الفنان المسرحي الكردي جمعة خليل إبراهيم، المعروف بلقبه الفني بافي طيار. استُشهد بافي طيار متأثرًا بجراحه التي أصيب بها جراء القصف التركي الوحشي على سد تشرين في 18 كانون الثاني 2025. مسيرة فنية حافلة…