دلالات لقاء الرئيس مسعود بارزاني مع وفد المجلس الوطني الكردي في سوريا.

اكرم حسين
استقبل الرئيس مسعود بارزاني، يوم الأربعاء 8 كانون الثاني 2025، وفداً من قيادة المجلس الوطني الكردي في سوريا، في لقاء تناول التطورات الجارية في سوريا  ، ومواقف الأطراف الكردية تجاه هذه التحولات بعد سقوط الطغمة  الأسدية . حيث جرى في هذا اللقاء نقاش حول الوضع الراهن والمستجدات في سوريا، إضافة إلى تأكيد الرئيس بارزاني على دعمه الثابت لقضية الشعب الكردي في سوريا وأهمية توحيد الصفوف والمواقف بين الأطراف الكردية.
لا شك أن اللقاء حمل دلالات بالغة الأهمية، لا سيما في ظل المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها سوريا. فالتغييرات التي تشهدها البلاد بعد عقود من الاستبداد والقمع، تضع كافة مكونات الشعب السوري أمام مسؤولية كبيرة للمشاركة في بناء سوريا الجديدة. وللكرد، الذين طالما عانوا من التهميش والإقصاء، دور مركزي ينبغي أن يُعترف به لضمان بناء دولة ديمقراطية وشاملة .
يعكس الدعم الذي يقدمه الرئيس بارزاني التزامه الثابت بالقضية الكردية، ليس فقط في سوريا، بل في عموم المنطقة. هذا الالتزام ينبع من إيمانه العميق  بالمشروع القومي الكردي الذي طالما كان المجلس الوطني الكردي جزءاً منه، ومن حرصه على توحيد الصف الكردي وتعزيز مكانته في المعادلة السورية.
إن موقف الرئيس بارزاني لا يقتصر على الدعم السياسي أو المعنوي، بل يوجه رسالة واضحة للأطراف الكردية في سوريا بضرورة تجاوز الخلافات الداخلية واتخاذ الحوار والحلول السلمية وسيلة لتحقيق المصالح الوطنية والقومية.
ورغم الدعم الكبير الذي يحظى به المجلس الوطني الكردي، فإن التحديات التي تواجهه لا تزال كثيرة. من أبرزها: عدم وضوح المرحلة الانتقالية في سوريا . فالمشهد السياسي السوري يعاني من غموض كبير حول شكل الدولة والنظام السياسي القادم ، ومدى استعداد الأطراف السورية للاعتراف بالحقوق القومية الكردية .
أضف إلى ذلك طبيعة الخلافات بين الأطراف الكردية التي تشكل عائقاً أساسيا  أمام التوافق والالتزام برؤية موحدة وهيئة تمثيلية تخدم القضية الكردية في سوريا . كما ينعكس تداخل المصالح الإقليمية والدولية في القضية السورية بشكل مباشر على  تحقيق التوافق المنشود .
إن دعوة الرئيس بارزاني لتوحيد الصف الكردي تحمل رسالة بالغة الأهمية. فالوحدة الكردية ليست فقط ضرورة لتحقيق الحقوق القومية، بل هي أيضاً ضمانة للمساهمة الفاعلة في بناء سوريا الجديدة على أسس الديمقراطية والتشاركية واللامركزية.
سوريا الجديدة يطمح إليها الكرد  أن تكون دولة ديمقراطية لامركزية ، بحيث تعترف بحقوق كافة مكوناتها، بما في ذلك حل القضية الكردية في إطار وطني جامع ، وهذا يتطلب من الكرد التحلي بالمسؤولية التاريخية لتجاوز الخلافات والعمل بروح جماعية لتحقيق تطلعات الشعب الكردي في سوريا .
ان لقاء الرئيس مسعود بارزاني مع وفد المجلس الوطني الكردي هو دعوة للعمل المشترك من أجل مستقبل يليق بالكرد وبكافة مكونات الشعب السوري، في إطار سوريا ديمقراطية تعترف بحقوق الجميع وتضمن العدالة والمساواة وحقوق الانسان.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس أقنعة الجهل والخداع، بلاهة مدروسة وكراهية مبرمجة، تعابير الوجه كأداة لخداع الجماهير. في الآونة الأخيرة، بات من الجلي أن بعض المحاورين المدافعين عن الطغيان التركي، أو المروجين لاستراتيجيات الأنظمة المعادية للكورد، لا يعتمدون على لغة العقل والمنطق، بل يستعيضون عنها باستخدام لغة الجسد وتعابير الوجه بدلًا من الكلام، ويكررونها بشكل نمطي، وكأنهم يتلقون تدريبًا ممنهجًا…

زاكروس عثمان كثر الحديث عن شكل الدولة المزمع اقامتها في سوريا بعد سقوط نظام الاسد و استلام ابو محمد الجولاني وجماعته للسلطة في دمشق، في هذا الصدد يدور جدال واسع بين مختلف الاطراف السورية بين متمسك بشكل الدولة المركزية “سوريا الاسد” و بين مطالب بدولة فيدرالية “لا مركزية” ويميل اكثرية المكون السني وهم القومية الغالبة الى دولة مركزية ـ سلفية،…

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف…

فرحان كلش منطقياً، المحطات التاريخية تجلب معها صياغاتها الفكرية والوجدانية والسياسية …..الخ معها، أي تستحضر منظومتها القيمية التي تتوافق مع الأرضية الاقتصادية – السياسية التي تتبناها. وما نشهده الآن على الساحة السورية عامة والكردية خاصة بوادر حركة انحلال قوى وصعود قوى حزبية أخرى مختلفة، فالتاريخ يعلمنا أن الأزمات في البنى التحتية تلد بنى فكرية ومجتمعية منسجمة و منعَكَسة عنها. و…