حلب… ليالي الشتاء الحزينة

مشاري الذايدي

العمليات العسكرية الصاعقة، عند أبواب حلب، ثاني أهمّ المدن السورية تحت سيطرة النظام، وجّهت ضربة ثلاثية مفاجئة، للنظام في دمشق. روسيا. إيران.

المجموعات العسكرية التي شنّت الهجوم الواسع، تُنسب لما يُعرف بـ«هيئة تحرير الشام»، تحت قيادة أبو محمد الجولاني، أو أحمد الشرع، كما هو المعروف، ويُقال أسامة العبسي، لكن المهم ليس اسمه الحقيقي، بل فعله الخطير قرب حلب منذ بضعة أيام.

حلب مُحاطة بميليشيات عراقية ولبنانية، وحتى أفغانية وباكستانية، تابعة كلها لإيران، وقد ظهر بريف حلب قائد «حزب الله» العراقي، أبو فدك المحمداوي، كما أن المدينة استعادها النظام في دمشق، بعد جولات عنيفة، وعند الساحل البحري القريب، كما في الجبال القريبة، تقع القواعد الروسية الاستراتيجية، في طرطوس واللاذقية.

الأربعاء الماضي، اجتاحت مجموعات الجولاني الذي يحكم إقليم إدلب في الشمال السوري، بموجات عسكرية، منطقة حلب وأريافها، وأفاد «المرصد السوري» بأن هذه الفصائل سيطرت على 63 بلدة بريفي حلب وإدلب، وأنها تريد السيطرة على الطرق المؤدية لحلب.

حتى الآن، ومع بداية شتاء حلب القارس، نزح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

من الواضح أن هذه الهجمات ليست وليدة اليوم، بل هي أمرٌ دُبِّر بليل، بل ليالٍ كثيرة، ليالي الشتاء المُخيفة آتية، ونعلم أن هذه الفصائل في إدلب مرتبطة، بصورة أو أخرى، بأنقرة، وربما توجد لها هوامش ما من الحركة، لكنْ صعبٌ أن نتخيَّل أن يُقدم الجولاني وفصائله على عملٍ ضخمٍ كهذا دون استئذان أنقرة… على الأقلّ، إن لم يتجاوز الأمر حدود الاستئذان!

كما أنه من الواضح، أن هذه الحركة المفاجئة، تهدفُ لاغتنام حالة الارتباك التي يمرُّ بها أتباع طهران في سوريا، بعد كارثة حرب لبنان ومضارّها الكبرى على «حزب الله» اللبناني، الذي هو «محور المحور».

لا ريب أن الجولاني، المنسلّ أصلاً من «تنظيم القاعدة»، هو من الكوارث العظمى لو حكم على رقاب السوريين، لكنّه ليس أقل سوءاً من هذه الميليشيات.

ما جرى في حلب، وسيجري، يكشف أن تحت الرماد ناراً لم تنطفئ، ولستُ معنيّاً بما قيل بأن خلف هذه الحركة، مؤامرة أميركية إسرائيلية، ثم ماذا يعني؟! سوريا كل العالم يتدخل فيها اليوم… السؤال الأكبر:

ماذا عن صناعة إجماع وطني وهوية جامعة صلبة «لكل» السوريين، تغرف من مياه سوريا النقية، وليس من السحب القاتمة الآتية من الغرب الأميركي أو الشرق الإيراني أو الشمال التركي، أو شمال الشمال الروسي… البارد؟!

=============

الشرق الأوسط

شارك المقال :

One Response

  1. حتى لاتقول ايران ان تركيا وراء الهجوم،تتهم اسرائيل،..هناك اغنية روسية تقول:اذالم
    تكن في الحنفية ماء هذا يعني شربها يهودي،وإذا كان فيها ماء يعني اليهودي بال فيها …يهودي…يهودي ..انت وراء كل شئ انت تعدي…..الترك والفرس وراء مشاكل الشرق الاوسط…وينقلون حروبهم على أرض العرب والكورد ،ومن الجهتين عرب وكورد.او خللي الفخار يكسر بعضو…متى نفهم ونفهم شعوبنا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كريمة رشكو   لنا تاريخ لا يمكن لأحد إنكاره في محاربة الإرهاب والدفاع عن حقوقنا الشرعية. لم نرفع السلاح إلا للدفاع عن قضيتنا ووجودنا. لا شك أن محاربة الإرهاب والوقوف في وجه داعش، والتصدي لكل فصيل إرهابي، لا يقل أهمية عن مواجهة النظام السوري. ومع ذلك، نحن الكرد كنا من أوائل من طالبوا بإسقاط النظام وإنزال تمثال حافظ الأسد، ولا…

محمد زيتو*   مع سقوط النظام السوري الذي حكم البلاد لعقود، تقف سوريا اليوم أمام لحظة فارقة في تاريخها. هذه اللحظة ليست فقط تحدياً، بل فرصة ذهبية لإعادة بناء وطن يستوعب جميع أبنائه ومكوناته دون استثناء. لقد عانت سوريا لعقود من القمع والانقسامات التي زرعتها أنظمة الاستبداد، مما أدى إلى صراعات دامية أرهقت البلاد وأثرت على كل مكونات المجتمع السوري،…

إبراهيم اليوسف   تم تسريب تقرير قيصر في عام 2014 بوساطة مصدر سوري يحمل الاسم الرمزي “قيصر”، وهو منشق عن الأجهزة الأمنية السورية، وقد كان يعمل مصورًا في الطب الشرعي في الشرطة العسكرية التابعة للنظام السوري. هذا التقرير يُعد واحدًا من أبرز الوثائق التي فضحت الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي ارتكبها النظام السوري بحق المعتقلين والمعارضين السياسيين. ويحتوي على أكثر…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*   أثبتت التطورات صحة ما قالته المقاومة الإيرانية بأن “رأس أفعى ولاية الفقيه موجودة في طهران”. لقد سقط نظام الأسد الدكتاتور، وأصبح هذا السقوط مقدمة حتمية للإطاحة بالدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران.. ورغم أن سوريا مرت بأصعب فتراتها في ظل حكم “الأسد”، ومن حق الشعب السوري أن يفرح ويحتفل بانتصاره على الدكتاتورية الآن، إلا أنه من الضروري…