ثمانية واربعون عاما على استشهاد الزعيم كمال جنبلاط ( ٦ ديسمبر ١٩١٧ – ١٦ مارس ١٩٧٧ )

صلاح بدرالدين

 

  بحكم تواجدنا القسري في لبنان في سنوات نظام البعث وحكم الدكتاتور حافظ الأسد ، تعرفنا عن كثب على قادة الحركة الوطنية اللبنانية وفي المقدمة الشهيد كمال جنبلاط ، الذين استقبلونا برحابة الصدر ، ولاننا كنا مستهدفين من أجهزة ذلك النظام الشوفيني المجرم ، فقد قدم لنا الرفاق اللبنانييون ، والأصدقاء في منظمة التحرير الفلسطينية ، كل أسباب الأمان والحماية من ملاحقات ، ومحاولات الخطف والتصفيات ، واكثر من ذلك فقد فتحوا امام منظمة حزبنا آنذاك ( منظمة البارتي اليساري ) أبواب مؤسسات الحركة الوطنية اللبنانية بزعامة الشهيد جنبلاط ، بعد ان شاركت في المؤتمر التاسيسي للحركة ، كما وفروا وسائل نشاطنا الإعلامي ، وإمكانية تشكيل – رابطة كاوا للثقافة الكردية – والجمعية الثقافية الاجتماعية الكردية – في بيروت ، واحياء احتفالات نوروز من جانب فرقة – كاوا – ، واستقبال الوفود الكردستانية من مختلف البلدان ، وكذلك تنظيم دورات منتظمة لتربية الكادر ، وتهيئة المناضلين ، سياسية ، امنية ، عسكرية ، وتسهيل الحصول على منح دراسية للطلاب الكرد .

  إضافة الى الشخصية الكاريزمية لجنبلاط ، ودوره المحلي والإقليمي والعالمي ، وكونه رمزا للنضال الوطني الديموقراطي ، وترؤسه للجنة العربية للتضامن مع الشعب الفلسطيني ، ورئاسته للحركة الوطنية اللبنانية ، فقد كان بغاية الاهتمام بوضع الكرد بالمنطقة ليس لانه من أصول كردية فحسب بل لمشاعره الإنسانية النبيلة تجاه قضايا الحرية ، وحقوق الانسان في كل مكان ، فبعد تحقيق الانتصار التاريخي والتوقيع على اتفاقية الحادي عشر من آذار عام ١٩٧٠ التي دشنت الحكم الذاتي لكردستان ، من جانب كل من الزعيم الراحل مصطفى بارزاني ، ورئيس العراق احمد حسن البكر ، والتي دامت عدة أعوام ثم بدأ نظام البعث الشوفيني بالتراجع ومحاولة التنصل وإصدار قانون – مسخ – جديد للحكم الذاتي الذي سمي بالكرتوني ، ثم بدأت سلطة صدام حسين بالتحضير لاشعال الحرب من جديد ، والتخطيط لابرام اتفاق خياني مع شاه ايران للاطباق على ثورة كردستان العراق بقيادة الزعيم الراحل بارزاني ، تحركت قوى الخير من اجل قطع الطريق على المغامرة البعثية ، وحينذاك في أواخر عام ١٩٧٣ شرحنا للشهيد جنبلاط خطورة الوضع هناك ، وتمنينا عليه بالتحرك لمحاولة عدم حصول الحرب ، واتفقنا على اقتراح تشكيل لجنة عربية من كل من : جنبلاط وياسر عرفات ، والرئيس اليمني الجنوبي سالم ربيع علي ، وجورج حبش ، من اجل التدخل ، ووافق الجميع وتم تكليف جنبلاط بالتوجه الى العراق ، ووصل بغداد فعلا واجتمع مع صدام حسين ، واكمل الى كردستان واجتمع مع مصطفى بارزاني ، ثم عاد واخبرنا وعلائم الحزن على محياه ان صدام حسين رفض التوسط ، واصر على القتال ، في حين ان بارزاني وافق ، ولم يمضي وقت طويل حتى هاجمت القوات العراقية كردستان ، وحصلت الهجرة المليونية ، وواجهت الثورة انتكاسة عميقة ومكلفة حتى تجددت الثورة من جديد ، وحصل شعب كردستان على الفيدرالية .

  لان الشهيد جنبلاط وقف الى جانب الشعبين اللبناني والفلسطيني ، ومع الحق والعدالة في كل مكان ، قام حافظ الأسد شخصيا بإصدار الامر باغتياله في مثل هذا اليوم ١٦ آذار عام ١٩٧٧ ، من اجل ان يزيل العقبة الأساسية امامه للسيطرة على لبنان وضرب الحركة الوطنية ، وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية ، ويشاء القدر ان يتم القاء القبض على الضابط الذي اشرف على عملية الاغتيال ( اللواء إبراهيم حويجة ) وكان حينها مديرا للمخابرات الجوية وذلك بعد سقوط النظام ، وتحديدا خلال احداث الساحل السوري .

   كل التحية لذكرى الشهيد كمال جنبلاط

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

م.اياز خلف في زيارة تحمل رمزية عالية، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السعودية مجددًا كمحطته الخارجية الأولى في ولايته الثانية، في مشهد يعيد إلى الأذهان زيارته الأولى عام 2017. هذه الخطوة ليست بروتوكولية فحسب، بل تشير إلى أن الرياض ما تزال مركز ثقل إقليمي لا يمكن تجاهله، خصوصًا في الملفات الحساسة والمتشابكة، وعلى رأسها الملف السوري. تأتي زيارة ترامب في…

صالح بوزان ـ دادالي ما إن تنفس الشعب السوري الصعداء بكافة أطيافه ومكوناته وتياراته يوم ٨ كانون الأول من العام ٢٠٢٤ بسقوط نظام البعث في سوريا وهروب رأس النظام بشار الأسد ، إلا أنه وبعد أيام معدودة من سيطرة الجهاديين المنضوين تحت لواء هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، بقيادة أبو محمد الجولاني ( أحمد الشرع )، وانتشار تلك…

يتابع المجلس الوطني الكردي باهتمام بالغ التطورات الأخيرة المتعلقة بإعلان حزب العمال الكردستاني، في مؤتمره الأخير، وقف العمل المسلح وحلّ الحزب، استجابةً لدعوة زعيمه السيد عبدالله أوجلان. ويعتبر المجلس أن هذه الخطوة تمثل تحولاً سياسياً مهماً وإيجابياً من شأنه الإسهام في تعزيز فرص السلام والاستقرار في تركيا والمنطقة عموماً. وإذ يثمّن المجلس الوطني الكردي هذا التوجه نحو المسار السلمي، فإنه…

فواز عبدي   حسب ما قرأت فإن ما حدث في بحيرة ميدانكي بريف عفرين لا يمكن اختزاله فقط في نفوق الأسماك أو انبعاث روائح كيميائية غريبة من الماء. إننا أمام جريمة متكاملة الأركان، تُرتكب عن سابق إصرار وتصميم، في منطقة أنهكتها الحرب، ولم تَسلم حتى مواردها الطبيعية من وحشية الإنسان. إن تسميم المياه ليس فقط خرقاً بيئياً أو تهديداً للصحة…