محلل سياسي
أولا: الأبعاد الكردية للاتفاق
يشكل الاتفاق تحولا هاما في العلاقة بين الدولة السورية والمجتمع الكردي، حيث يقر صراحة بأن الأكراد جزء أصيل من سوريا ويتمتعون بكامل حقوق المواطنة.
- ضمان الحقوق الدستورية: يلزم الدولة السورية بتقديم ضمانات رسمية للكرد من خلال الاعتراف بهويتهم وحقوقهم، وهو ما يتجاوز الخطاب الرسمي السوري السابق الذي كان يتجنب الاعتراف بأي خصوصية لهم.
- دمج المؤسسات المدنية والعسكرية: يعد هذا البند تنازلا جزئيا من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لصالح الحكومة السورية .
- مستقبل العلاقة مع دمشق: لا يتحدث الاتفاق صراحة عن الفيدرالية، أو الإدارة الذاتية او اي شكل من أشكال اللامركزية، وهذا تراجع كبير للمطالب الكردية .
ثانيا: الأبعاد السورية العامة
الاتفاق يهدف إلى إعادة توحيد البلاد تحت سلطة الدولة السورية . النقاط التالية توضح الأثر السوري الأشمل:
- إعادة بسط سلطة الدولة: تتعهد قوات سوريا الديمقراطية بإعادة دمج مؤسساتها مع الدولة، وهو ما يعزز من نفوذ الحكومة الجديدة على الأراضي الشمالية الشرقية، خاصة المعابر والمطارات وحقول النفط، وهي موارد استراتيجية.
- إنهاء الصراع العسكري: وقف إطلاق النار يمثل خطوة ضرورية لمنع المزيد من إراقة الدماء، ويشير إلى تحول التركيز نحو إعادة الإعمار والاستقرار السياسي بدلا من الصراعات المسلحة.
- التعامل مع قضية المهجرين: يمثل بند ضمان عودة المهجرين تطورا هاما، لكنه يطرح تحديات تتعلق بكيفية تحقيق هذا الهدف فعليا، خاصة في المناطق التي تعرضت لتغيرات ديموغرافية.
- محاربة فلول الأسد: هذا البند يشير بوضوح إلى أن الدولة السورية الجديدة تتبنى موقفا مناهضا للنظام السابق، وتسعى لتصفية أي جيوب متبقية له، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد مع قوى إقليمية ودولية داعمة للأسد.
- رفض التقسيم وخطاب الكراهية: يعكس هذا البند رغبة في الحفاظ على وحدة البلاد رغم التنوع العرقي والطائفي، ما يشير إلى ضرورة انتهاج خطاب تصالحي بين مختلف المكونات.
ثالثا: التحديات والمخاطر
رغم أن الاتفاق يضع أسسا لإنهاء الانقسام السوري، إلا أن هناك تحديات قد تعيق تطبيقه:
- قبول القوى الدولية والإقليمية: التحالفات المتشابكة، خصوصا مع النفوذ الأمريكي والتركي، قد تعيق تنفيذ الاتفاق بالكامل.
- مستقبل النظام السياسي: لا يحدد الاتفاق شكل الحكم المستقبلي في سوريا، ما يترك الباب مفتوحا لمفاوضات طويلة حول طبيعة السلطة في المناطق الكردية.
يمثل هذا الاتفاق خطوة نحو إعادة توحيد سوريا على أسس جديدة تأخذ في الاعتبار التنوع العرقي والسياسي، لكنه يبقى مرهونا بالتنفيذ الفعلي ومدى استجابة الأطراف المحلية والإقليمية له.