الى ماذا ستؤدي مآلات الوضع الكوردي الحالي

صديق شرنخي
لم تكن الساحة الكردية في سوريا والعراق وتركيا نشطة ومتفاعلة في اي وقت مضى مثل ما هوعليه الان، كأننا نشهد مخاض ولادة وطن بكل تعقيداته ومخاطره وهي اقرب الى اجواء عشرينات القرن المنصرم بتعقيداته ومفاعيله على الساحة الشرق اوسطية  والعالمية ،
لماذا؟ هل لان شرق اوسط جديد يولد بقوانين ومصالح جديدة وبلاعبين جدد دخلوا على الخارطة العالمية مثل دولة اسرائيل التي غدت قوة ضاربة اقليميا ومؤثرة دوليا  واصبحت هي التي ترسم مستقبل المنطقة على غرار الاستعماريين السابقين، نقصد بالمعنى الايجابي للكلمة ،
هل ان الانكليز الذين كانوا دائما وراء افشال المطامح الكردية تاريخيا عبر سايكس بيكو ولوزان وغيرها من المواثيق الغادرة ضد شعبنا ،هم نفسهم تغيروا الان .
هل اثبت العربان وانظمتهم الشوفينية عقم ادائهم الدولي والاقليمي في رسم عالم جديد وحر يوائم التطورات كما كان مطلوبا منهم  على كامل القرن المنصرم ،وبالعكس من ذلك لم يتخلصوا من منظومات الفساد والقمع والتخلف على جميع الصعد، ولم يكن تفاعلهم الحضاري الا  بتلك العودة الى الاسلاموية الممجوجة على مدار ١٤٠٠ سنة .
ام ان تركيا  منذ عدة عقود وهي تجتر مجدها العثماني بكل صفاقته وظلمه على شعوب المنطقة من اليونان والكورد والارمن والعرب  وغيرهم مستغلة وجودها البراغماتي بوقاحة في الناتو مما يضر الحلف نفسه ويحرج اوربا في ادائها الدولي دون الالتفات الى مجموعة التحذيرات المتوالية ضدها .
تبقى ايران وريثة الإمبراطورية الفارسية العريقة والتي كان مرسوما لها ان تكون صورة للعالم الغربي في شرقنا ،فخانها الشاهي نشاه السابق فبدلت بما هو اسوا واعتى بنظام الملالي الذي وجد الارضية المذهبية القديمة مسرحا لوجوده وعودة التخلف الاسلاموي بعد فترة القمع لما يسمى بالعلمانيين ، فاصبح هذا النظام الان عارا على العصر .
هذه المقدمات لو توافقنا عليها هي العوامل البنيوية والتاريخية لمتطلبات تغيير الشرق الاوسط وبناء دول جديدة و وكيانات   اكثر قبولا مثل كردستان للدول العظمى التي تدير العالم او بالأحرى  الدولة العميقة ، ساعدنا  ايضا بقاء واستمرار الانتفاضات والثورات والمطاليب الكردية بدون توقف  عبر المئوية السابقة من هذا العصر ،
لن ندخل في التفاصيل وكيف سيحصل ولكن التاريخ علمنا بان الوقت اذا حان كما في تشكوسلوفاكيا السابقة باوربا او في الاتحاد السوفيتي ،هناك سلسلة متوالية من الاحداث تتراكم لتخلق ظرفا جديدا لصالح قضية او ضدها كما في الماضي وكما هو الان في فلسطين وكردستان من جهة اخرى.
نظل نحن الكورد لاعبين غير اساسيين في المعادلة الدولية ولكن بنفس الوقت لا تغيير بدون وجودنا على الارض ،وقد يتخوف احدهم من فشل ادائنا العملي  والسياسي  وحتى من  يقولون  لوجاء ذلك اليوم الذي نستحق فيه كوردستاننا هل نحافظ عليها ؟
نعم ان الذين اسهموا في وجودها سيخلقون الظروف من اجل بقائها واستمرارها واطفاء نيران الخلافات البينية كما نلاحظ المجريات على الساحة الكوردستانية .
ان تفاءلنا يستند على معطيات تاريخية ومستجدات عميقة وحلفاء اساسيين مثل إسرائيل  وورائها امريكا واوربا بالبنط العريض،  والتي يتسابق على صداقتها اليوم اعدائنا التاريخيين وذلك بتذويب خلافاتهم القديمة معها بل والغائها مباشرة ،ولكن التجربة التاريخية المريرة بينهم تجعلنا ربما الحلفاء الاقوى لهم في المستقبل والذي سيؤدي حتما الى ستا تيستك جديد لصالح شعبنا يعترف به العالم اجمع .
٢١/١/٢٠٢٥

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس أقنعة الجهل والخداع، بلاهة مدروسة وكراهية مبرمجة، تعابير الوجه كأداة لخداع الجماهير. في الآونة الأخيرة، بات من الجلي أن بعض المحاورين المدافعين عن الطغيان التركي، أو المروجين لاستراتيجيات الأنظمة المعادية للكورد، لا يعتمدون على لغة العقل والمنطق، بل يستعيضون عنها باستخدام لغة الجسد وتعابير الوجه بدلًا من الكلام، ويكررونها بشكل نمطي، وكأنهم يتلقون تدريبًا ممنهجًا…

زاكروس عثمان كثر الحديث عن شكل الدولة المزمع اقامتها في سوريا بعد سقوط نظام الاسد و استلام ابو محمد الجولاني وجماعته للسلطة في دمشق، في هذا الصدد يدور جدال واسع بين مختلف الاطراف السورية بين متمسك بشكل الدولة المركزية “سوريا الاسد” و بين مطالب بدولة فيدرالية “لا مركزية” ويميل اكثرية المكون السني وهم القومية الغالبة الى دولة مركزية ـ سلفية،…

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف…

فرحان كلش منطقياً، المحطات التاريخية تجلب معها صياغاتها الفكرية والوجدانية والسياسية …..الخ معها، أي تستحضر منظومتها القيمية التي تتوافق مع الأرضية الاقتصادية – السياسية التي تتبناها. وما نشهده الآن على الساحة السورية عامة والكردية خاصة بوادر حركة انحلال قوى وصعود قوى حزبية أخرى مختلفة، فالتاريخ يعلمنا أن الأزمات في البنى التحتية تلد بنى فكرية ومجتمعية منسجمة و منعَكَسة عنها. و…