صلاح بدرالدين
بين تمثيل الشعب والتمثيل عليه
منذ نحو عشرة أعوام بدأ الصراع الحزبي يحتدم في ساحتنا الكردية السورية ، وكامتداد لمواجهات المحاور الكردستانية بين كل من حزب الاتحاد الديموقراطي الذي ظهر كفرع سوري لحزب العمال الكردستاني – تركيا ، والحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا الذي يصنف نفسه تابعا للحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ، اما المسائل الخلافية بين الطرفين واعتمادا على مخرجات اتفاقيات أربيل ودهوك ، انطلقت من الصراع على النفوذ ، وتركزت على موضوع – المحاصصة – بسلطة الامر الواقع التي استاثرت بها جماعات – ب ك ك – وامتيازاتها الوظيفية ، والمالية ، ولم تظهر خلال حواراتهما اختلافات سياسية كبرى حول المصير الكردي ، والموقف من نظام الاستبداد الحاكم آنذاك ، وقضايا الازمة العاصفة بالحركة الكردية السورية ، وسبل حلها ، بل كان الموقف العام لهما هو تجاهل ازمة الحركة ، والتعتيم على كل الأصوات وخصوصا على مشروع حراك ” بزاف ” المنشور ، والمطروح مبكرا ، والداعي الى إعادة بناء الحركة عبر المؤتمر الكردي السوري الجامع ، وهكذا وفي هذا المجال كان يتنازع خلال ذلك العقد في الساحة الكردية مشروع الأحزاب غير المستقلة الباحثة عن النفوذ وتقسيم الوظائف ، ومشروع الوطنيين المستقلين باسم حراك ” بزاف ” الساعي الى توفير شروط عقد المؤتمر الجامع المنشود لاعادة البناء ، وحل الازمة .
تواصل مع الاشقاء في الاقليم
ولان الاشقاء في أربيل كانوا معنيين بمايجري في ساحتنا ، واحتضانهم لاحد الفريقين ، وتوسطهم للحوار بينهما ، فقد تواصل ممثلو حراك ” بزاف ” مع الأخ الرئيس مسعود بارزاني الممسك بالملف لعشرات المرات ، وقدموا له أيضا اكثر من ثلاثين مذكرة ( جميعها موثق وبعضها منشور ) وكلها تتعلق بمطالبته بدعم مشروع عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع في كردستان العراق لانه الحل الوحيد لمعالجة الازمة .
سارت الأمور على هذا المنوال حتى سقوط نظام الاستبداد الذي فاجأ كل الكيانات السياسية السورية بما في ذلك – قسد ومسد ، وكل المسميات الأخرى المرتبطة بحزب العمال ، وكذلك الأحزاب الكردية برمتها ، والتي كانت اما على تواصل مع النظام المنهار او مراهنة على العودة الى احضانه ، مما شكل سقوطه خلطا للأوراق ، واثار قلقا في اوساطها خاصة عندما اعلن العهد الجديد عن حل كل الكيانات السياسية في البلاد ، وعدم التعامل مع الفصائل العسكرية ، والمنظمات الحزبية ، ( بعض مسؤولي تلك الأحزاب حاول الاتصال بالإدارة الانتقالية ولم تفلح ) وقد كان ذلك كفيلا باضطرار الأحزاب الكردية الى التعامل مع موضوعة – وحدة الحركة الكردية – بل ابعد من ذلك دعواتها المتباينة – لعقد المؤتمر الكردي السوري – الذي كان من المحظورات في اعلامها خلال عقد من الزمن ، وحتى تناولها الالتفافي الاضطراري الأخير كان من اجل اثبات الذات ، ومن منطلق المصلحة الحزبية الضيقة ، وبوسائل ملتوية اساءت – لجوهر – المؤتمر المنشود ، فلو كانت نيات هذه الأحزاب صادقة تجاه مسالة المؤتمر لاعلنت الاعتذار لحراك ” بزاف ” واعترفت بصدقية ، وتاريخية مشروعه بهذا الخصوص ، ولشعرت بنوع من تانيب الضمير بسبب رفضها لعشرات المبادرات ، وعدم ردها على العديد من رسائل حراك بزاف بخصوص الحوار ، وترتيب البيت الكردي واللقاءات التشاورية .
حذارى من التورط في الفتن الطائفية
يواجه العهد الجديد بعد انجاز اهم واعظم الواجبات الوطنية باسقاط نظام الاستبداد العديد من التحديات الداخلية من جانب موالي النظام المنهار وبعض التيارات ، والمجموعات الباحثة عن مصالح ضيقة ، والخارجية من الأطراف الإقليمية والدولية التي تضررت ، وخسرت نفوذها على حساب السيادة الوطنية للشعب السوري بسقوط صنيعتها نظام الأسد مثل النظامين الإيراني ، والروسي ، وميليشيات حزب الله ، والحشد الشعبي العراقي .
والتحدي الأكبر الذي تواجهه الإدارة الانتقالية هو النجاح في تحقيق اهداف ثورة السوريين في الحرية ، والكرامة ، والديموقراطية ، والعدالة الانتقالية ، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية بما في ذلك البرلمان ، وصياغة الدستور الجديد ، وابرام العقد الاجتماعي الجديد بين المكونات الوطنية ، ووضع اللبنات الأساسية للنظام السياسي بصورة توافقية ، وعلى قاعدة التشاركية ، والعيش المشترك ، وذلك يتطلب حرص الجميع على السلم الأهلي ، وتعزيز سلطة القانون ، وتسهيل عمل الدولة ، وبسط السيادة الوطنية على كل الأراضي ، واحتكار السلاح .
ليس خافيا ان سلطات الامر الواقع في بعض المناطق ، والمحافظات ، باشكالها الإدارية ، والعسكرية ، والحزبية ، والمذهبية التي ظهرت في عهد النظام السابق المنهار ، وكذلك مجموعات من خلايا نظام الأسد المسلحة التي تعمل بالخفاء ، ولم تستجب لعملية – التسويات – تتنشط الان في مناطق الساحل ، ان هذه المجموعات تنتمي بكليتها الى القومية الحاكمة ، وليست لديها قضية وحقوق قومية كما هو الحال في القضية الكردية السورية بحقوقها المشروعة ، والبعض منها لديها نوايا تآمرية لاعادة عقارب الساعة الى الوراء ، والبعض الاخر يمكن معالجة مطالبها عبر حقوق المواطنة ، وحرية المعتقد ، والنظام السياسي الديموقراطي .
هناك معلومات متواترة ، وتسريبات إعلامية لانعلم مدى دقتها تشير الى تورط جهات حزبية باسم الكرد بتقديم الدعم المالي ، والمعنوي لمجموعات مذهبية سورية ، وتشجيعها على التمرد بوجه العهد الجديد ، وكما يبدو فان مماطلتها بشان المؤتمر الكردي تعود الى انتظار حدوث هزات وردات ، نقول ان صحت هذه المعلومات فان المتورطين لايعبرون عن مصالح الكرد السوريين ، ويلحقون الضرر بحركتنا السياسية ذات التقاليد الوطنية والديموقراطية ، وعليهم التوقف عن اللعب بالنار ونذكر الجميع بان من مهامنا العاجلة ، واولوياتنا ترتيب البيت الكردي من خلال توفير شروط عقد المؤتمر الجامع .
لكم الموفقيه تشكر على جهودك الجبارة
شكرا مع التحية