الشرق الأوسط الجديد وأحجار الدومينو

أحمد حسن 
   من يتتبّع الأحداث يدرك أن مئوية التغيير بدأت لإنشاء شرق أوسط جديد، وبمقاييس ومعايير جديدة من حيث الأنظمة والخرائط والأحلاف والرؤى والمناهج الفكرية والثقافية، وفي الجوهر منها التحالفات البشرية وإنشاء الشراكات والقوى الإقتصادية والمنافذ التجارية وطرق الإمداد من الشرق، وبكل الاتجاهات، ومعالم هذا التغيير بدأت يوم ماسُمّي بطوفان الأقصى 7 تشرين الأول ( أكتوبر ) 2023 وإطلاق حماس 4300 صاروخ على إسرائيل من غزة، ومن هنا بدأت الشرارة الأولى للتغيير الكبير في دول المنطقة والتي أعطت، وعززت الذرائع والمبررات لإسرائيل والتحالف الدولي للبدء بمشروع الشرق الأوسط الجديد والذي صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نيابة عن العالم.
  وفي اليوم التالي من الهجوم بأنه لن يتوقف عند غزة بل سيُغيّر وجه الشرق الأوسط، وهذا ماحدث فعلياً ومازال، فما سُمّي بمحور الشر من (حماس – حزب الله اللبناني – الحرس الثوري الإيراني – ميليشيات حزب الله في سوريا – الحوثيين في اليمن- النظام السوري، نالت ضربات موجعة موجعة وكلها سقطت كأحجار الدومينو ومازالت الأحجار الأخرى تنتظر السقوط كالحشد الشيعي في العراق ونظام الملالي في إيران وقنديل، والقائمة تطول وستشمل كلّ من يقف عائقاً أمام هذا المشروع العالمي الكبير (سياسياً – اقتصادياً – جغرافياً – ايديولوجياً- اجتماعياً – عسكرياً – …….. ) والذي يجري بخطى سريعة وقوية خاصة في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب (الحزب الجمهوري ) الذي كثيراً مايلجأ إلى الطرق والأساليب العنفية والعسكرية.
 وسينجو من هذا الطوفان والسقوط فقط الذين يمتلكون الحنكة والديبلوماسية ويتعاملون مع شعوبهم بالديموقراطية، ويسعون لتحسين مستوى معيشة شعوبهم ويستندون في تعاملهم مع مواطنيهم إلى مبادئ حقوق الإنسان، ويؤمنون الحرية والكرامة لكافة مكوّنات شعوبهم (العرقية والدينية والمذهبية والإثنية) ويعترفون في دساتيرهم بحقوقهم القومية والوطنية المنصوص عليها في المواثيق والعهود الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، وإلا فإنها ستسقط كما سقطت من قبلها، وسيكتمل سقوط أحجار الدومينو حتى الحجر الأخير لتشكيل شرق أوسط جديد وفقَ معايير يريده التحالف الدولي وفق مصالحه وعلى الصّعُد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية والتنموية والعسكرية والخرائط الجغرافية كافة، وسيُدخِل المنطقة في تغييرات مئوية قادمة لا محالة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس أقنعة الجهل والخداع، بلاهة مدروسة وكراهية مبرمجة، تعابير الوجه كأداة لخداع الجماهير. في الآونة الأخيرة، بات من الجلي أن بعض المحاورين المدافعين عن الطغيان التركي، أو المروجين لاستراتيجيات الأنظمة المعادية للكورد، لا يعتمدون على لغة العقل والمنطق، بل يستعيضون عنها باستخدام لغة الجسد وتعابير الوجه بدلًا من الكلام، ويكررونها بشكل نمطي، وكأنهم يتلقون تدريبًا ممنهجًا…

زاكروس عثمان كثر الحديث عن شكل الدولة المزمع اقامتها في سوريا بعد سقوط نظام الاسد و استلام ابو محمد الجولاني وجماعته للسلطة في دمشق، في هذا الصدد يدور جدال واسع بين مختلف الاطراف السورية بين متمسك بشكل الدولة المركزية “سوريا الاسد” و بين مطالب بدولة فيدرالية “لا مركزية” ويميل اكثرية المكون السني وهم القومية الغالبة الى دولة مركزية ـ سلفية،…

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف…

فرحان كلش منطقياً، المحطات التاريخية تجلب معها صياغاتها الفكرية والوجدانية والسياسية …..الخ معها، أي تستحضر منظومتها القيمية التي تتوافق مع الأرضية الاقتصادية – السياسية التي تتبناها. وما نشهده الآن على الساحة السورية عامة والكردية خاصة بوادر حركة انحلال قوى وصعود قوى حزبية أخرى مختلفة، فالتاريخ يعلمنا أن الأزمات في البنى التحتية تلد بنى فكرية ومجتمعية منسجمة و منعَكَسة عنها. و…