السوريون النازحون في كوردستان يفضلون البقاء على العودة لـ”مصير بلادهم المجهول”

سنوات طويلة عاشها السوريون النازحون من بلادهم إلى العراق إثر الصراع المسلح منذ عام 2011، قضوها في العديد من المناطق العراقية، خاصة إقليم كوردستان الذي وجدوا فيه العيش الكريم وفرص العمل التي تطعم عائلاتهم ورغم سقوط النظام السوري المتمثل ببشار الأسد، وحكومته، إلا أن حالة الخوف من مصير بلادهم الذي لا يزال مجهولاً، يضعهم أمام خيار البقاء في إقليم كوردستان.

خديجة عبيد لاجئة سورية من مدينة دمشق، تعيش منذ سنوات في مدينة أربيل، إثر الأوضاع الأمنية التي تشهدها سوريا منذ عام 2011.

تقول عبيد لموقع الحرة “في البداية اضطر زوجي عام 2013 إلى ترك سوريا خشية التعرض للاعتقالات العشوائية ولجأ إلى أربيل، بقيت أنا مع الأولاد في دمشق لكن عندما بلغ أبني السن القانوني للخدمة العسكرية اضطررت إلى اللحاق بزوجي ومازلنا نعيش في أربيل”.

تشير عبيد إلى أن عائلتها سعيدة بسقوط النظام السوري لكن سعادتها ممزوجة بالخوف والترقب لما ستؤول اليه الاحداث بعد ذلك.

وتضيف عبيد “مشتاقون جدا ومتحمسون للعودة إلى بلدنا مع عودة الحياة إلى طبيعتها لكننا قررنا الانتظار حتى تتحسن الأوضاع والخدمات ويحل الأمان ولو بنسبة قليلة ثم نعود وهذا رأي أغلب العائلات السورية التي تقطن في إقليم كوردستان”.

لا يختلف الحال عند ماهر محمد، وهو لاجئ سوري كان يعمل خلال السنوات الماضية في لبنان لكنه اضطر إلى تركها منذ نحو عامين إثر تدهور الأوضاع هناك، ولجأ إلى أربيل حيث يعمل أجيرا يوميا في مجال البناء.

يقول محمد لموقع الحرة “فرحتنا لا توصف بانهيار النظام في سوريا الذي بسببه حرمت من العودة إلى بلدي منذ عشر سنوات كوني مطلوب للخدمة العسكرية وكنت أخشى العودة لأنه سيتم زجي في المعارك التي يخوضها النظام من اجل بقاءه، حتى أنني لم أستطع العودة عند وفاة أمي”

يعمل محمد الان في أربيل لتأمين المال وارساله لزوجته واطفاله لسد احتياجاتهم الأساسية في سوريا، ويقول إنه ينتظر على أحر من الجمر بدء الرحلات الجوية بين أربيل ودمشق لكي يعود وتنتهي رحلة لجوءه الطويلة.

استقبل إقليم كوردستان خلال السنوات الماضية أعدادا كبيرة من اللاجئين بعد الأزمة السورية عام 2011 واندلاع معارك تحرير الأراضي من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا بعد عام 2014.

وبحسب آخر إحصائية حكومية يبلغ العدد الإجمالي للاجئين السوريين في إقليم كوردستان نحو 260 ألف لاجئ يقطنون داخل المخيمات وخارجها.

وتشير السلطات الحكومية بإقليم كوردستان الى أن اللاجئين السوريين لا يرغبون بالعودة إلى بلدهم رغم سقوط نظام بشار الأسد لانعدام الثقة بالأوضاع الحالية.

يقول مدير مكتب محافظة دهوك لدائرة الهجرة والمهجرين واستجابة الأزمات في حكومة إقليم كوردستان، بير ديان جعفر لموقع الحرة “اللاجئون لا يرغبون بالعودة بسبب الأوضاع الحالية بمناطقهم ونحن في حكومة إقليم كوردستان سوف نستمر باحتضانهم وتقديم الدعم والمساعدة لهم لحين عودتهم طوعيا إلى بلادهم.”

ولا يختلف اللاجئ السوري هفال حمو عن اقرانه الآخرين في تأجيل العودة إلى سوريا كونه لا يعلم إلى ماذا ستؤول إليه الأحداث في المناطق الكوردية من البلاد والتي ينتمي إليها.

حمو كوردي من مدينة قامشلي ويقيم في اربيل منذُ بداية الاحداث في سوريا، ويقول “انتظرنا سقوط نظام الاسد وتحسن الاوضاع لنعود إلى وطننا الام، لكن لم تكتمل فرحتنا فعودتنا إلى ديارنا قد تأخذ وقتا أطول وإلى الآن لا نعلم مصير مناطقنا ان كانت آمنة أم لا”.

ويعزو حمو الأسباب التي تمنع هذه العودة إلى تردي الاوضاع المعيشية وعدم توفر فرص العمل إضافة إلى عدم الاستقرار الأمني في المناطق الكوردية والمخاوف من حدوث معارك بين فصائل المعارضة السورية وقوات “قسد” المسيطرة على المناطق الكوردية في شمال وشرق سوريا.

من جانبه يرى رئيس ممثلية المجلس الوطني الكوردي السوري في إقليم كوردستان، جدعان علي أن الكورد السوريين يرون أن مناطقهم لم يحصل فيها تغيير لأنها خاضعة “للإدارة الذاتية” التي يحكمها حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردي في سوريا.

ويؤكد علي للحرة أن الكورد السوريين لا يفكرون في العودة حاليا، “فهناك تريث من هذه الخطوة، والناس متخوفة بنفس الوقت بالإضافة الى وجود مواجهات مسلحة في مناطقهم كما وأن الإدارة الذاتية التي يحكمها حزب الاتحاد الديمقراطي مستمرة في التضييق على المواطنين واتخاذ سياسات التجنيد القسري للشباب”

ينهي جدعان علي حديثه بالقول إن استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمية والأمنية والمخاوف من مصير مجهول يواجه هذا البلد، كلها أسباب تجبر اللاجئين على البقاء لفترة أطول لحين استقرار تلك الأوضاع ومن ثم العودة إلى مناطقهم التي نزحوا منها.

=============

شفق نيوز

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف إذ كان يمكن لشرنقة الصمت أن تكون أكثر أمنًا، وانفتاحاً على تحقيق المكاسب، وإذا كان للتأني أن يترجم حكمة، وللموقف أن يُرجأ باسم الواقعية، فإنني اخترت أن أضع اسمي حيث يتقاطع الخطر مع الانحياز. إذ لم تكن المغامرة بحثًا عن بطولة، بل اضطرارًا داخليًا، غريزيًا، لأن أقول “أنا” حين يُمسّ الضعيف. وكلما صار القول مكلفًا، قلتَه أكثر، لاسيما…

خالد بهلوي يُعدّ اختيار الكفاءات من أبرز العوامل التي تُسهم في تقدّم المجتمع ونجاح مؤسساته، إذا تم الاختيار ضمن مناخ ديمقراطي يتيح انتخابات حرّة ونزيهة، تُفرز عندها قيادات مسؤولة أمام الشعب، وتخضع للمساءلة القانونية في حال ارتكابها أخطاء مالية أو إدارية، أو في حال إهمالها قضايا وهموم من انتخبوها. عندما يُنتخب المسؤول من قبل الشعب، يجب عليه أن يعمل…

عبد الجابر حبيب في الأيام الأخيرة، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو يُظهر عناصر من الجيش السوري يقومون بإهانة شيخ طاعن في السن، بحلق شاربه على الملأ، في صورة تجسّد انحطاطاً أخلاقياً صارخاً، وعنفاً رمزياً مؤلماً يتجاوز الفعل ذاته. هذا المشهد ليس مجرد انتهاك فردي، بل تمثيل فجّ لطريقة تفكير أمنية ترى في الكرامة الشخصية سلاحاً يجب كسره، وفي رموز…

إبراهيم اليوسف تأسيسًا على المسار الطويل لإفناء الهوية الدرزية، لا يبدو أن المسألة متعلقة بحادثة أو خلاف طارئ، بل ها نحن أمام صفحة جديدة من كتاب ممدود بالحقد، تُضاف إليه في كل عقد ورقة نار. حيث لم يكن التاريخ الدرزي سلسلة من الانعزال عبثًا، بل ثمرة جراح طاردت هذا المكوّن منذ القرن الحادي عشر، فألجأته إلى قلاع الجبل ومخازن الصمت،…