شــريف علي
سوريا وبعد سقوط نظام بشار الأسد باتت ساحةً لتنافسٍ إقليمي متصاعد بين تركيا وإسرائيل، حيث يسعى كل طرف لتعزيز نفوذه على الساحة السورية مع تلاشي السلطة وتغير مستمر في موازين القوى.في ضوء التطورات الإقليمية والدولية الراهنة ، ساحة لا تزال ترتسم ملامحها مع تحولات سريعة وغير متوقعة لكنها ليست بمعزل عن السياق التاريخي والسياسي العميق لمنطقة الشرق الأوسط.
ففي الوقت الذي نجد الطرفان متفقان على ضرورة الإستمرارفي كبح النفوذ الإيراني في سوريا، بناء على رؤية تل أفيف في انسحاب إيران فرصة لتعزيز أمنها، وسعي أنقرة لتوسيع نفوذها في شمال سوريا. وادراك الجانبين أهمية تجنب صدام مباشر، والاسراع إلى متابعة المحادثات في أذربيجان لتفادي التصعيد العسكري وتنسيق التحركات الميدانية ،نجد أن اسرائيل تركّز في محادثاتها على مطلبين، وهما؛ منع تمركزأية قوات تشكل تهديداً لها قرب الحدود مع سوريا، ورفض وجود أســلحة استراتيجية في الأراضي السورية قد تستخدم ضدها .
يأتي هذاعلى خلفية نقاط الخلاف المتمحورة حول دعم تركيا الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع ، وسعيها لتثبيت وجودها العسكري في الشمال و العمق السوري ، مما يثير قلق إسرائيل التي تخشى من تعزيز نفوذ أنقرة قرب حدودها. من جانبها، تقوم إسرائيل بشن غارات جوية على مواقع سورية متعددة، بما في ذلك محيط القصر الرئاسي في العاصمة دمشق مؤخرا ومطار حماه العسكري و قاعدة 4 Tالجوية تحديدا لمنع تركيا من إقامة دفاعات جوية في العمق السوري، كما تعارض إسرائيل أي تقارب بين تركيا والفصائل الإسلامية في سوريا والتي لا تزال تدعم العديد منها في مناطق من ادلب وريف حلب ، معتبرة ذلك تهديدًا لاستقرار المنطقة، في حين ترى تركيا أن دعمها لتلك الفصائل ينبع من ضرورات أمنها القومي و يساهم في تحقيق الاستقرار والأمن في سوريا بدعوى انها تشكل القوة الرادعة لتواجد تنظيمات حزب العمال الكوردستاني الـ ـPKK .
هذا التوتر بين الطرفين دفعت بديناميكيات المشهد السوري باتجاه تغييرملحوظ و تحولات كبيرة في المشهد السياسي والعسكري، حيث تتداخل المصالح الإقليمية والدولية في ظل الفراغ السياسي عقب سقوط نظام بشار الأسد. وتبعا للتطورات الحاصلة تلك يمكن ان تمييز ثلاثة سيناريوهات رئيسية محتملة تشكل مخرجات تغيرالديناميكيات في سوريا:
تصعيد عسكري محتمل لمرحلة التصادم إن كان بشكل مباشر أو غير مباشرعبر وكلاء محليين .
إعادة تشكيل التحالفات الداخلية والإقليمية، ومحاولة كل طرف لتعزيز تثبيته اكثر من الآخر في ظل الحضور الامريكي والاوربي والروسي المؤثر على الاطراف كافة الداخلية والاقليمية .
تأثيرات على مستقبل سوريا السياسي،وعلى الخارطة السياسية والادارية الداخلية لها.
فالتباينات العميقة في الأهداف والاستراتيجيات بين تركيا وإسرائيل في سوريا التي تعيش أصلا حالة لا استقرار مجتمعي تزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري، وملوحا بمرحلة دموية قادمة قد تطول أو تقصر، و تجعل من الصعب تحقيق توافق دائم، كما تؤثر على أمكانية حل القضايا الداخلية البالغة التعقيد على طاولة الحوار الوطني وإعادة هيكلة الدولة ومؤسساتها بما يلبي الحقوق المشروعة لكافة المكونات، وجهود إعادة الإعمار والاستقرار المستدام.
وبالتالي مع استمرار هذه التحديات، نجد أن التنسيق المستمر والحوار المفتوح برعاية مراكز القرار الدولية ضروريًا لتجنب تصعيد قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة في المنطقة وهي النتيجة التي من شأنها أن تؤدي إلى عواقب وخيمة على حياة ومستقبل شعوب المنطقة.