أداء الكورد والاستراتجية الدولية الجديدة المرتقبة في العراق
التاريخ: الجمعة 20 تشرين الاول 2006
الموضوع: اخبار


محمد محمد ـ ألمانيا

- هل أن هشاشة وضعف الأداء والتعاون الكوردي, الشيعي والسني المعتدل مع قوات التحالف المحررة للعراق,  قد أضرا أو ربما سيفشلان " لا سمح الله " مساعي EU-USA الخاصة بدعم نشر الحريات والديموكراتية, مكافحة الارهاب, وجلب الاستقرار في الشرق الأوسط ؟!
استنادا الى أوساط اعلامية متنوعة، ومنها ال BBC البريطانية أيضا، يجري الحديث حاليا عن احتمالات تغيير جذري في السياسة الأمريكية في العراق، إذ من المتوقع أن توصي لجنة أمريكية برئاسة وزير الخارجية الأمريكية السابق جيمس بيكر بذلك.


ويعتقد أن اللجنة وضعت خيارات عدة تتعلق بهذا التغيير، ومن بينها إشراك إيران وسورية في مساعي تحقيق الاستقرار في العراق, ربما في بدايات السنة القادمة، وبعد انتخابات الكونغرس الأمريكية في نوفمبر القادم.
وقد رحب الرئيس العراقي جلال طالباني بذلك قائلا لـ BBC : إنه إذا أشركت ايران وسورية فستكون تلك "بداية النهاية للإرهاب ويمكن أن تستقر الأوضاع في العراق خلال أشهر".
كما رحبت سوريا على لسان سفيرها في واشنطن باحتمال دعوتها للمشاركة في جهود استقرار العراق.
من ناحية أخرى، قلل الرئيس الأمريكي جورج بوش، في مقابلة تلفزيونية، من دور إيران في أعمال العنف التي يشهدها العراق. لكنه نفى ما تردد حول انسحاب عاجل لقواته من العراق، ورفض رفضا قاطعا خيار تقسيم البلاد إلى ثلاث مناطق.
يمكن الاستناد الى هذه الاشارات، وهي من جملة الدلائل الأخرى التي تشير فعلا الى العجز والمتاعب  الصعبة والكبيرة التي حدثت منذ ما بعد تحرير العراق ولازالت تحدث أمام جهود قوات التحالف الساعية الى جلب الاستقرار هناك.  فكما هو معروف، لقد تمكن هذا التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية, ووفقا لقدراته المعنوية والمادية الجدية والتكنولوجية القوية, منذ حوالي ثلاث سنوات ونصف من تحرير العراق من السلطة البعثية الهمجية السابقة خلال ثلاثة أسابيع، وبعدد محدود جدا من الضحايا, وحتى دون الحاجة للمعارضة العراقية المتنوعة السابقة, الأمر الذي أدخل البهجة والسعادة في نفوس الملايين من البشر, علما ان المعارضة العراقية المتنوعة قبل التحرير كانت تكافح وبمختلف السبل منذ عقود عديدة، و تقدم ضحايا بشرية واقتصادية كثيرة جدا, ولم تكن تتمكن من تغيير واسقاط تلك السلطة الهمجية السابقة.
ولكن كان أمرا مفهوما أيضا لدى أغلب المهتمين والمراقبين، بأن بقايا أتباع السلطة السابقة، والمجموعات الارهابية التي سوف تمولها وتدعمها السلطات العروبية والتركية والاسلامية الشوفينية الدكتاتورية المتعصبة المجاورة للعراق سوف تتسلل هناك، بقصد اثارة وخلق المتاعب والعراقيل أمام قوات التحالف ، بغية افشال جهوده الخاصة بنشر الحريات وتهيئة مسار الديموكراتية وجلب الاستقرار هناك وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. طبعا في تلك الحالات, أي بعد أن يفتح التحالف ويحرر دولة ما، من المهم جدا أن تتعاون القوى السياسية والاجتماعية ذات المصلحة الحقيقية بذلك التحرير هناك بشكل جدي وصادق وعلمي دقيق وبكافة السبل المشروعة مع قوات ذلك التحالف الغريبة عن المجتمع والجغرافية في تلك الدولة، وخصوصا بوجود قدرات التحالف العسكرية والأمنية التكنولوجية الاقتصادية القوية المهيئة لتلك القوى, وباعتبار أن تلك القوى المحلية تعلم جيدا ظروف مجتمعها الديموغرافية واللغوية والعرقية والطائفية والحدودية، ولدى قيامها بالتعاون الفعلي مع قوات التحالف, ورغم محاولات السلطات الشريرة تلك, سوف تنجح عملية الكونترول والتحكم بالأوضاع وبالتالي سيتم كشف تحركات المجموعات الارهابية وعرقلة نشاطاتها في القرى والمدن ومسارات الحدود المجاورة, طبعا وهذا ما كان يتوقعه التحالف، ويتوقعه حتى  تلك السلطات المجاورة والمجموعات الشريرة الارهابية أيضا. غير أن الذي حصل بعد التحرير في العراق، هو أن القيادات الكوردستانية والشيعية والسنية المعتدلة الرئيسية شكرت ورحبت بالتحرير، وتعاونت  فقط بشكل جزئي أوسمانلي خجول وضعيف مع قوات التحالف، الأمر الذي شجع تلك السلطات المجاورة والمجموعات الارهابية باستغلال تلك النواقص، وبالتالي زيادة نشاطاتها وارتكاب العديد من الأعمال الارهابية من تدمير البنى التحتية وقتل العديد من عناصر التحالف والعراقيين يوميا في مختلف مناطق العراق، ولو نسبيا أقل في بعض المناطق الكوردستانية والشيعية. هذه المتاعب والمصاعب الكبيرة المتصاعدة كلفت التحالف آلاف القتلى والجرحى ومليارات من الدولارات، بالاضافة الى عشرات الآف من القتلى والجرحى العراقيين، ودون أن يتحقق الاستقرار المطلوب أيضا. مما أدى بالتحالف أن يرجئ مشاريعه الخيرة الخاصة بتحرير شعوب ودول أخرى من السلطات الدكتاتورية الشوفينية الداعمة للارهاب في الشرق الأوسط، وربما سيغير استراتيجيته حتى في العراق أيضا، اذا ما استمرت تلك العمليات الارهابية اليومية، وذلك ليرضي بها السلطات الغاصبة الداعمة لتلك العمليات الارهابية هناك, وبالتالي سيؤثر ذلك بالتأكيد سلبا قبل كل شي على الحقوق الاستراتيجية الكوردية في العراق وحتى في الأجزاء الأخرى أيضا. طبعا يمكن القول هنا بأن الشيعة والسنة المعتدلين وبعد أن تخلصوا من السلطة السابقة، ربما لم يعد لهم مهما، أن ينجح المشروع الأمريكي ـ الأوروبي في العراق والمنطقة، بل ربما يودون افشاله أيضا،  كما ان العدديد من تياراتهم تنسق وترتبط طائفيا وقوميا مع السلطات المجاورة, ولديهم على كل الأحوال كيانهم ودولتهم، وبالتالي لم يهتموا ولا يهتمون بضرورة التعاون الجدي مع التحالف. بمعنى أن الشعب الكوردي المهدد والذي لم يحصل بعد حتى على الحد الأدنى من حقوقه الاستراتيجية وضم مناطقه العديدة في كوردستان العراق وفق ضمان رسمي محلي ودولي، هو الذي سيدفع الضريبة الأساسية في حال حدوث أي تغيير اضطراري مرتقب في خطة التحالف. علما أنه رغم معرفة التحالف بقصور القيادات الكوردستانية والشيعية في التعاون الجدي الدقيق، لا يزال يشيد بأولئك المسؤولين، لأنه ان أزعجهم على ذلك القصور، هناك مخاوف أن يصبحوا أيضا ضده، وبالتالي سوف يفشل التحالف في العراق بشكل نهائي. كما  أنه، رغم عدم اهتمام الشيعة والسنة بالتعاون الفعلي مع التحالف كما ذكر، فكان وسيكون بمقدور الكورد أن يزيلوا الكثير من العقبات أمام التحالف وذلك بعرقلة حركة المجموعات الارهابية، وذلك اذا ما قامت وستقوم به القيادات الكوردستانية بتنظيم واعداد رفاقهم وأنصارهم, وبالتعاون مع قوات الحلفاء, بالعمل الجاد على المراقبة والبحث في كافة مناطق العراق، وخصوصا بوجود كافة المستلزمات التقنية والاقتصاديةالأمريكيةـ الأوربية المهيئة  هناك، لكشف الارهابيين المتسللين والداخليين، وكشف ملاذهم ومناصريهم. أي كان ويكون لزاما على المسؤولين الكوردستانيين في هذا الظرف المهيء, ظرف تحرير التحالف للعراق, أن يهيئوا لمناصريهم وللكورد الوطنيين بشكل عام هناك,  بأن يبادروا بالعمل المتنوع الدؤوب أكثر بكثير من العمل السياسي والمسلح الذي كانوا يقومون به في العقود الصعبة السابقة والتي كانت غير مهيئة. حيث ان استشهاد أو جرح كوردي في هذا الظرف الذهبي وخصوصا في اطار التعاون مع التحالف، سيحقق الكثير من آمال الشعب الكوردي المشروعة. بينما كان نفس هؤلاء المسؤولين السياسيين والعسكريين الكورد بالاضافة الى مسؤولي PKK يحرضون الكورد على القيام بالعمل المسلح الغير مكافئ بتاتا في ظروف الحرب الباردة السوداء والغير مهيئة، أي دون الاكتفاء بالقيام بالعمل السياسي فقط والذي كان هو الأنسب لتلك الظروف الصعبة, ودون التخطيط مع القوى الدولية المهمة، بسبب طبيعة الصراع الحاد آتذاك بين المعسكرين الشرقي والغربي، بل كان أولئك المسؤولين الكورد يعتمدون في العمل المسلح والسياسي معا على السلطات الغاصبة الأربعة لكوردستان، على أساس تناقضاتها المزعومة، وكان ذلك العمل القتالي يشكل حجة قانونية مزعومة كبيرة أخرى لدى تلك السلطات، بأن تشن حملات عسكرية رهيبة على الكورد والمناطق الكوردستانية الآمنة، لتدمر وتبيد وتشرد ولتغير المعالم الديموغرافية الكورستانية ولتحرم الكورد من الاستقرار ومن التطور الاقتصادي والاجتماعي والعلمي، وحتى دون تحقيق شيء مهم يذكر في تلك الأجزاء، بل أن ذلك كان يؤثر سلبا حتى على الشعب الكوري في سوريا أيضا، عندما كانت السلطات الشوفينية هناك تتحجج بما كان يجري من قتال في الأجزاء الأخرى، لتطبق مشاريع عنصرية والاستيطان العربي هناك, رغم اتباع الحركة الوطنية الكوردية في سوريا العمل السياسي فقط. وهنا يمكن أن يقال بأن الفيتناميين، الفلسطينيين، الجزائريين كانوا يستخدمون العمل المسلح أيضا في تلك الظروف الصعبة، وكانوا يقدمون ضحايا كثيرة من أجل الحرية، علما ان السوفييت السابق ومعه الصين كانا يدعمان الفيتناميين ماديا ومعنويا، وهكذا كانا يدعمان الجزائريين والفلسطيين، اضافة الى دعم أغلب الدول العربية والاسلامية لهم, ثم ان السوفييت والصين والسلطات العربية والاسلامية كانت غير غاصبة للمناطق الفيتنامية أو الجزائرية، أوالفلسطينية، بينما كانت السلطات الغاصبة لكوردستان نفسها تقدم بعض السلاح الخفيف والمساعدات اللوجستية الهشة لأولئك المسؤولين والحركات الكوردستانية المذكورة، كي تستخدم ذلك العمل المسلح المزعوم, ولتلعب تلك السلطات وتمثل فيما بينها لتضر وتزيل القضية الكوردستانية بشكل أكثر، حيث كانت تعلم جيدا آنذاك، بأنه مهما كافح الكورد سياسيا أو مسلحا في غياب الاهتمام الدولي بذلك، لايمكن أن يحقق الكورد شيئا مهما. فلو امتد ظرف حرب الباردة السابقة مدة عشر سنوات أخرى، ربما كانت تغيرت المعالم الديموغرافية الكوردستانية هناك سلبا بشكيل كبير جدا.
وهكذ, ولله الحمد, الى أن انتهت الحرب الباردة تلك, بدأ الغرب الديموكراتي الى حد ما, بالاهتمام النسبي الاستراتيجي بالقضية الكوردية وخصوصا في الجزء الجنوبي، فدافع بقوة لاصدار قرار دولي لمجلس الأمن سنة 1991 بعد الانتفاضة والهجرة المليونية ( وهنا تأتي أهمية النضال في الظروف الدولية المهيئة), بانشاء بعض المناطق الآمنة هناك، ومن ثم مواصلة الغرب الديموكراتي  حماية تلك المناطق ( بشكل أقوى أمريكا- بريطانيا ) حتى تحرير العراق سنة 2003 ، وذلك رغم تكاليف ومعارضة السلطات الغاصبة المجاورة وحتى  الغير المجاورة لتلك الحماية, ورغم مقاتلة PDK ، YNK ، PKK، وأحيانا PDK-ايران أيضا لبعضها البعض، وتعامل العديد من قيادات تلك الأطراف مع السلطات الغاصبة، لتضر بالمصالح الاستراتيجية للشعب الكوردستاني، ولتضر أيضا بالمشروع الغربي الديموكرتي في الشرق الأوسط أيضا. ولكن يبدو حتى الآن، رغم  تحرير التحالف للعراق، بأن بعض المسؤولين السياسيين الكورد الأساسيين هناك، لم يبدوا جدارة الكورد في حماية مصالحهم ومصالح الغرب أيضا، كما يعتبر الغرب الكورد تحت اختبار، عما اذا كان الكورد جديرين وقادرين لمساعدة تطبيق الاستراتيجية الغربية الديموكراتية في الشرق الأوسط كجدارة اليونانيين والأرمن وغيرهم هناك أم غير ذلك !
فيفترض أن يكون المسؤولين الكورد ملمين بأهمية تلك الجدارة, لكي لاتخيب آمال الكورد المضطهدين والمهددين مرة أخرى وخصوصا في هذا الظرف الذهبي .








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=997