لابد من الحسم, وتمييز الموقف من الحراك؟!
التاريخ: الجمعة 02 ايلول 2011
الموضوع: اخبار



عبد الرحمن آلوجي

لم يكن للباحثين والكتاب و المراقبين و المحللين أن يتوقعوا التحرك بهذا الزخم والتواتر والتصعيد, في تفجر الثورات وامتدادها وتصاعدها مع اندلاع الشرارة الأولى التي أطلقها محمد البوعزيزي, وهو يشعل بجسده المتمرد, وروحه الظامئة إلى الانعتاق ,وهو يحترق ليضيء فيتعاظم مد البركان الخامد, وتمتد جحافل الثائرين وهي تستفيق من كراها, فتتنامى شرقا وغربا.. وتسقط أنظمة طالما سحقت الرؤوس وتجبرت وعاندت إرادة شعوبها, لتصل إلى أخرى تترنح تحت ضربات الصوت الإنساني المتفجر وهو يطلق الصيحة الأولى : حرية.. سلمية... كرامة أو موت..


ويتصاعد المد المتفجر تدريجيا مع القمع و السفك وإراقة الدماء الزكية... حتى يصل إلى أعلى سقف يمكن أن تصل إليه الثورات... وقد كان عصيا على الفهم والتحليل أيضا موقف أطياف المعارضة.... حتى كانت الثورة تتعاظم في الحراك الشعبي الممتد, فيكون الاختيار صعبا أمام الانتهازيين والوصوليين و المترددين وراكبي الموجة من العرب والكورد وآخرين لم يحسموا أمرهم.. أما من اختار منذ البد إرادة التغيير وانخرط في الحراك الشبابي بقوة فقد كسب الرهان, وفي أشد ظروف الامتحان وأصعبها وقد صدق هذا أيضا على مجمل الثورات العربية , وإن امتد الحراك في الثورة السورية إلى مئة و واحد وسبعين يوما فكان الوضوح أكبر وكان الاختبار أشد و أقسى .
أما على صعيد الحركة الكوردية, وكجزء من الحراك الوطني العام, فقد تبين الخيط الأبيض من الخيط  الأسود وإن كانت المنطقة الرمادية غير ملتبسة على المراقب المنصف للحركة و تياراتها إذ اختار المترددون و العابثون, وضعاف النفوس أن يجعلوا من اتهام المعارضة السورية وتخويف الكورد من المستقبل, والاتهام بأن السلفيين والأصوليين الموهومين بأنهم سوف يتحكمون بمصير البلاد و العباد , ويرددون – في ندواتهم و مقالاتهم – مخاوف تجسد انخراطهم الكامل في صف المنحازين ضد الانتفاضة و المتصيدين في الماء العكر والذين يعرفون أنفسهم قبل أن يدل الآخرون عليهم, وإن تعرّت سوءاتهم ومعرّاتهم أولئك المتبرقعون دجلا و زيفا وزورا و بهتانا بلباس الوطنية والمقالات الجريئة, والخارجة على المألوف في الحراك الوطني الكوردي, ليدرك الناس نواياهم وأدوارهم المشبوهة, وهم يقعون في منزلق تبصره وتدركه الأعين الثاقبة والآذان المرهفة, والشباب المتحرك في الساحة وهم يطالبون بالكرامة والأمن والتغيير الجذري الشامل لكل مناحي الحياة, نحو دولة مدنية ديمقراطية, تعددية برلمانية, تعترف بالوجود الكوردي كمكون أساسي دستوري, وفق صيغة عقد عصري يكافئ بين المواطنين السوريين دونما تمييز, وهو ما ائتلف عليه الشعب الكوردي وحركته الوطنية منذ سنين.
أما الفريق الآخر من الحركة والذي اختار صف الشعب بوضوح وإدراك لضرورات المرحلة, والذي تجلى في الميثاق الوطني الكوردي, وتيار المستقبل؟ وحركة الإصلاح, وأحزاب التنسيق, وأحزاب وطنية أخرى تعرف نفسها ويعرفها المراقبون المنصفون, لتجد نفسها جميعا في الدائرة البيضاء, تنشد المؤتمر الوطني الكوردي بشروط هيئة التنسيق المستقلة للحوار الكوردي – الكوردي, صاحبة المبادرة, دون أن تحاول الاستئثار مطلقا بالمؤتمر, أو أن تختار لنفسها توزيع الأنصبة المذلة والمهينة كما فعل الآخرون ممن كان أشد الناس ترددا و أبعدهم عن التجاوب مع ضرورات المرحلة, والمسؤولية التاريخية الحاسمة, والدافعة إلى إنشاء مركز قرار كوردي مستقل شامل وعادل التوزيع و النسب , بين الأحزاب الكوردية قاطبة دون استثناء صغيرها أو كبيرها, وتنسيقيات الحراك الشبابي, والمستقلين من النخبة المدركة (أكاديميين و وطنيين و قوى و فعاليات مدنية و مجتمعية ) ليكون المؤتمر جامعا مجديا , وشاملا و منتجا لضرورات المرحلة و آفاقها لا أن يكون مؤتمرا حزبيا ضيق الأفق, وانتقائي المزاج والتوجه والتوجس من المرحلة, وهو ما أوضحناه في مقالاتنا وندواتنا (في القامشلي و عامودا و الدرباسية .....) والتي شارك فيها الميثاق وتيار المستقبل وحركة الإصلاح, ليدرك الناس أن الواقفين في المنطقة الرمادية ينبغي أن يحسموا أمرهم أيضا باتجاه اختيار أحد السبيلين, إما دائرة النور في الحراك الشبابي المتقدم, كجزء من الحراك الوطني العام, في إرادة الحياة دون مذلة أو مهانة أو تمييز , وإما الولوج في دهاليز معتمة اختارها الآخرون, تحسر فيها الأبصار, وتتيه منها دروب المخرج.
فالحسم منظار يدركه المراقبون, والاختيار سبيل من أدرك قيمة التغيير إلى الآفاق التي لا بد أن تشرق في بلدنا باتجاه الازدهار والدولة المدنية.








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9867