الأستاذ حسن صالح في لقاء مع صحيفة الراية الأسبوعية القطرية
التاريخ: الثلاثاء 17 تشرين الاول 2006
الموضوع: اخبار


نشرت نشرة (يكيتي) التي يصدرها حزب يكيتي الكردي في سوريا, الحوار الذي أجرته صحيفة الراية الأسبوعية القطرية في عددها 8911 تاريخ 30/9/ 2006 مع الأستاذ حسن صالح سكرتير اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي، ونظرا لأهمية الحوار ننشر فيما يلي النص الكامل للحوار نقلا عن نشرة يكيتي:

نص الحوار:

بداية كيف تنظرون إلى الضغوط المتصاعدة على سوريا؟ وهل تعتبرون هذه الضغوط تعنيكم كمواطنين سوريين؟

الضغوط كبيرة على النظام بسبب سياساته الخاطئة التي ترتكز على عمل كل شيء من أجل الحفاظ على السلطة، وهو يتجاهل التفكير العالمي الجديد،وسيادة مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومستمر في السير عكس التيار، وأن العولمة ورياح التغيير قادمة لا محالة بل وملحوظة حالياً، ومع ذلك رفض النظام التخلي عن القمع والاستبداد، ويرفض التعددية والرأي الآخر، وحتى مبدأ الحوار يرفضه، وبذلك تشتد أزمته داخلياً وخارجياً، ونحن كشعب كردي نناضل من أجل أن تكون سوريا دولة ديمقراطية تصان فيها الحريات وكرامة المواطن ويشعر داخلها الجميع –على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم- بالأمان على حياتهم وآرائهم وحقهم في المشاركة في القرار السياسي وإدارة البلاد، وبتوفر ذلك تزول لضغوط تدريجياً.

هل ترى أنكم كمعارضة قادرين على تغيير النظام فيما يرى المراقبون أن النظام أصبح أكثر قوة بعد العدوان الأخير على لبنان، وانتصار حزب الله حليف سوريا؟

إذا أردنا أن نحمي أرض بلادنا من التصحر، فعلينا توفير المياه وزراعة الأشجار، وبغير ذلك فإن الرياح القوية تستخدم الرمال الناعمة كسلاح لإزالة التربة ونخر الصخور مهما كانت قاسية. ومادام النظام غير مستعد لقبول التغيير الديمقراطي، فإن الضغوط من الخارج ومن المعارضة الداخلية سوف تثمر حتماً، والنظام أصبح ضعيفاً لأنه معزول، وحتى حزب الله أصبح ضعيفاً فقد تسبب في تدمير لبنان، واعترف نصر الله نفسه بأنه لم يكن يدرك هذا الرد العنيف من إسرائيل. والآن جاء دور الحوار لحل قضايا النزاع في المنطقة، ولا جدوى للعنف.

أنتم في المعارضة وكأحزاب كردية، على ماذا تراهنون، هل تراهنون على دعم خارجي أم على تحرك داخلي، والبعض يقول أنكم تراهنون على حصان خاسر؟

الفساد مستفحل داخل سوريا، ويتزايد جيش الفقراء والعاطلين عن العمل والمشردين والمبعدين، وبالنسبة للشعب الكردي فهو يعاني بكل فئاته من سياسة الإقصاء والتمييز والمشاريع العنصرية (الحزام الاستيطاني، التجريد من الجنسية، التعريب...)، وبالتالي فهو قوة هائلة نعتمد عليه، ومن مصلحته المباشرة حصول التغيير وإزالة الفساد والاستبداد. وأعتقد أن الأكثرية الساحقة من الشعب السوري تعاني الحرمان وتسعى إلى تغيير هذا الواقع المرير. وإذا كانت المعارضة في سوريا تبدو قليلة الفاعلية بسبب استمرار سياسة قمع الحريات، والاعتقالات، وهيمنة الأجهزة الأمنية، فإن المستقبل كفيل بتصاعد قوة المعارضة سيما وأن النظام بامتناعه عن الإصلاح وبتماديه في القمع، يساعد على ازدياد عدد المعارضين وتعاظم قوتهم.

مع من تنسقون؟ وما هي الأطراف التي تتعاملون معها في المعارضة السورية، سواء في الداخل أو الخارج؟

في بداية 2005 كنا من المؤسسين للجنة التنسيق الوطني، على أساس أن نقوم بأعمال نضالية مشتركة، ولكن هذه اللجنة انهارت بعد عدة أشهر بسبب عدم جديتها وترددها في الالتزام بإيجاد حل ديمقراطي لقضية شعبنا الكردي، حيث أن ذهنية قسم كبير من المعارضين تجاه شعبنا الكردي وحقوقه لا تزال تنطلق من مفهوم التعالي القومي العربي وتجاهل حقوق الآخرين، واللعب على وتر الديمقراطية وحقوق المواطنة. لذلك رفضنا المشاركة في إعلان دمشق طالما أنه حصر حقوق الكرد كأفراد وكمواطنين، وليس كشعب له خصوصيته القومية.
وحتى معارضة الخارج مازالت غامضة في موقفها تجاه الشعب الكردي، ولذلك ننتظر تبلور موقف صريح وواضح من قضيتنا سواء من معارضي الداخل أو الخارج.

رفضتم الانضمام إلى إعلان دمشق. ألا ترى برفضكم الدخول في هذا الإعلان أصبحتم خارج المعارضة وخارج السلطة؟

إذا كانت السلطة تضطهد الكرد ولا تستجيب لمطالبهم، فالأحرى بالمعارضة التي تنشد الحرية والعدل أن تقبل بحقوق الكرد حسب الشرائع السماوية والقوانين الوضعية كي تزداد قوة المعارضة، ونحن على استعداد مباشر للدخول في إعلان دمشق إذا قبلت المعارضة تعديل ما يخص وضع شعبنا، وإذا أبدت جدية في الالتزام بالنضال العملي السلمي وتحملت تبعات هذا النضال. من جانب آخر فإن معظم جماهير شعبنا مع موقفنا وترفض الانتقاص من حقوقها.

لكن سوريا تتبنى نهجاً علمانياً، كيف تنظرون إلى تحالف الأخوان المسلمين مع خدام؟ ألا ترى أن هذا التحالف كيدي أكثر ما هو وطني؟

النظام بتماديه في السياسات الخاطئة يساهم في حصول تحالفات معارضة. ونحن نرى أن من حق كل متضرر من سياسات النظام أن يناضل من أجل المساواة ورفع الظلم. أما محاسبة خدام على ما ارتكبه سابقاً فمتروكة للنظام المستقبلي الديمقراطي عندما يصبح الحكم والسيادة للقضاء النزيه والمستقل.

قلت إن خطاب الأخوان المسلمين كان متشدداً سابقاً وغير مقبول، هل تعتقد أن خطابهم الحالي منسجم مع هذه المرحلة؟

القبول بالآخر والتعددية ومبدأ الحوار والديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة باستخدام صناديق الاقتراع ونبذ العنف، كلها أمور ضرورية وأساسية في هذه المرحلة، ونلاحظ أن السيد البيانوني يطرحها في وسائل الإعلام.

هل ترى أن المعارضة السورية يمكن أن تستفيد من خدام أم أنه يضعف مصداقيتها؟

الاستفادة من كل معارض مفيدة، شريطة اعترافه بالأخطاء السابقة وانحيازه إلى مكونات الشعب السوري المتنوعة، وإبداء الجدية في النضال.

ألا ترى أن النظام قام بخطوات إصلاحية جدية في الفترة الأخيرة ووعد الأكراد بتسوية وضعهم؟

لم يقدم النظام سوى وعود وهمية، لم ولن ترى النور، لأن النظام غير جاد في الإصلاح، ويتخبط في الفساد. وما طرحته السيدة د.نجاح العطار نائبة رئيس الجمهورية مؤخراً على بعض الأحزاب الكردية بشأن حل قضية الكرد المجردين من الجنسية، هو تكرار لوعود كبار المسؤولين لاسيما في الأعوام الأربعة الأخيرة، حيث ازداد النشاط السلمي للكرد وبلغ الذروة في انتفاضتهم في آذار 2004م، وأعتقد أن النظام قد أغلق طرق الحل تجاه القضية الكردية، وليس أمام شعبنا سوى خيار النضال الديمقراطي المتصاعد حتى انتزاع حقوقه.

هل تعتقد أن التعويل على أسلوب غاندي في الاعتصام والمظاهرات سوف يؤتي بالمعجزات؟

نعم. أنا مؤمن بقوة بالنضال السلمي، وأمقت العنف وإزهاق الأرواح. فالعنف لا يجلب إلا العنف. وقد أدرك العالم، لاسيما أوربا، ويلات الحروب، واتخذت العبر فاعتمدت قوانين معينة لتنظيم الحياة على أسس جديدة، بعيدة عن العنف، وتقدس حقوق الإنسان. ولذلك ساد العدل النسبي وعم الازدهار الحضاري، وأصبح العلم والمخترعات في خدمة البشرية. أما في الدول النامية فالقمع والاستبداد واحتكار السلطة وإلغاء الآخر هي السائدة، والنزاعات المسلحة تودي بالأرواح والممتلكات. والأسلوب الأمثل هو في نزول الجماهير إلى الشارع والابتعاد كلياً عن العنف. ومعلوم لدينا أن الكثرة تغلب الشجاعة، ومهما كانت قوة السلطة ظاهرة فإنها سرعان ما تضمحل أمام الجموع الغفيرة المطالبة بالحرية والديمقراطية والكرامة. علينا أن نثق بقوة الشعب، ونحثه على سلوك النضال الديمقراطي، ونرفض ونستنكر كافة أشكال العنف، الحروب والعنف تشبه الظلام والنضال السلمي يشبه النور.

قلت إن الحرس القديم موجود في المعارضة، وأنتم تعانون منهم، لكن البعض يقول أنكم لستم بعيدين عن تفكير الحرس القديم في المعارضة؟

حسب النظام الداخلي لحزبنا «يكيتي» يجري انتخاب السكرتير لدورة واحدة تدوم ثلاثة أعوام فقط، لترسيخ مبدأ التغيير والتجديد، ونحن نلتزم بأساليب النضال السلمي، وطرح القضايا على حقيقتها، وقد تعرضت شخصياً للسجن عندما شاركت في قيادة مظاهرة سلمية أمام البرلمان السوري عام 2002، ورغم سياسة القمع والملاحقة فإن حزبنا قد كسر حاجز الخوف باللجوء إلى المظاهرات والاحتجاجات، وباعتماد سياسة النضال العلني، علماً أن السلطات حتى الآن تحظر تشكيل الأحزاب، ولا يوجد قانون للأحزاب في سوريا.

قلت في إحدى المقابلات الصحفية أن قضية الشعب الكردي هي قضية شعب عريق يعيش على أرضه التاريخية كردستان. هل تسعون لإقامة كردستان سوريا بعد كردستان العراق أم أنكم في النهاية ستقيمون دولة واحدة؟

النزاعات والحروب العبثية واتفاقيات الدول الاستعمارية هي التي رسمت حدود الدول في منطقتنا دون مراعاة مصالح الشعوب وانتشارها الجغرافي، وكل الشعب الكردي ضحية اتفاقية سايكس بيكو، حيث ألحق جزء من شعبنا مع أرضه بدولة ناشئة هي سوريا، وشارك الكرد بقوة في إنجاز استقلال سوريا، لكن التيار القومي العربي، وخاصة حزب البعث، مارس سياسة عنصرية إلغائية تجاه شعبنا، وحاول طمس هويته القومية، مما استوجب قيام حركة سياسية ديمقراطية تناضل من أجل تحويل سوريا إلى دولة ديمقراطية حقيقية تعددية يشارك فيها الكرد في الحكومة بقدر نسبتهم السكانية. أما في المناطق الكردية (الجزيرة، كوباني، عفرين) التي هي جزء من كردستان، فينبغي أن يتمتع شعبنا فيها بإدارة نفسه بنفسه مع الحفاظ على وحدة البلاد. من ناحية أخرى لكل جزء من كردستان خصوصيته، ويجب احترام إرادة الشعب الكردي  في تقرير مصيره وشكل الإدارة التي يختارها. ولابد من القول أن حل القضية الكردية سلمياً وبالحوار داخل سوريا هي من مصلحة الجميع، ويحول دون أية تدخلات خارجية.

سيكون لحزبكم وحزب آزادي وتيار المستقبل الكردي عمل احتجاجي مشترك في الخامس من الشهر المقبل أمام المحكمة العسكرية بدمشق احتجاجاً على تجريدكم من الجنسية في العام 1962، هل هذه الأحزاب الثلاثة تشكل تكتلاً جديداً بعد الاجتماع الذي حصل بينكم في 22/7/2006، وهل تنسقون مع أحزاب أخرى؟

لقد نفذنا احتجاجاً أمام المحكمة العسكرية بدمشق يوم 7/9/2006 احتجاجاً على تقديم 49 شاباً كردياً للمحاكمة بتهمة المشاركة في مظاهرة سلمية في قامشلي إثر اغتيال الشيخ الشهيد معشوق خزنوي.
أما يوم 5/10/2006 فهو يصادف مرور 44 عاماً على جريمة تجريد مئات الآلاف من الكرد من جنسيتهم السورية لأسباب عنصرية بحتة. وطالما أن النظام السوري مستمر في سياسة الاضطهاد والتمييز والقمع ضد الشعب الكردي فإن حزبنا يكيتي والحزب الشقيق آزادي وتيار المستقبل سنقوم بعمل احتجاجي جماهيري في مدينة دمشق آملين أن تغطي وسائل الإعلام هذا الفعل النضالي الهام. وسوف نحاول التنسيق مع بقية الأحزاب الكردية والقوى الديمقراطية في عموم سوريا، كما ستكون هناك نشاطات للجالية الكردية في الخارج.

هل تنوون الانضمام إلى المجلس الوطني الكردستاني الذي تشكل نتيجة مؤتمر بروكسل الأخير؟

شاركنا في ذلك المؤتمر، لكننا لم ننضم إلى المجلس الوطني الكردستاني، لأن معظم الأحزاب الكردية في الداخل لم تحضر المؤتمر. وفي المستقبل لا مانع من إعادة النظر في تركيبة المجلس بحيث يشارك الجميع فيه، أو تتفق الأحزاب على تشكيل مجلس جديد.

هل تسعون إلى تشكيل مرجعية كردية أو مجلس يكون ممثلاً حقيقياً للشعب الكردي ككل؟

نحن مع مثل هذا التشكيل، لكن ينبغي قبل ذلك أن نتفق مع الأحزاب الأخرى على رؤية مشتركة لحل القضية الكردية، وعند التشكيل لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار حجم ودور كل حزب، كما لابد من اختيار شخصيات وطنية مستقلة تحظى بالقبول لدى أطراف الحركة الكردية.

في حال صدور قانون أحزاب كيف ستتعاملون معه وهو الذي يمنع قيام الأحزاب على أساس قومي؟

لا يجوز لحزب بمفرده أن يصدر قانوناً للأحزاب، من جانب آخر فإن حزب البعث مبني على أساس قومي عربي، في حين يحجب هذا الحق عن الأحزاب القومية الكردية. إن الأحزاب الكردية تأخذ شرعيتها من جماهير الشعب الكردي ولا يجوز منع أي حزب من ممارسة نشاطه مهما كان توجهه طالما أنه ينبذ العنف ويؤمن بالديمقراطية ويمارس النضال السلمي.
إن الحركة الكردية تمارس نشاطها الديمقراطي منذ عام 1957 وسوف تستمر الأحزاب الكردية في ممارسة حقها في النضال، ولن تخشى القمع والسجون.


 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=975