حلف ( الممانعة ) ومأزق البقاء
التاريخ: الأثنين 16 تشرين الاول 2006
الموضوع: اخبار


صلاح بدرالدين

   خلافا لتجليات  ما سلف من الأيام تابع المراقبون في توقيت شديد التقارب تصريحات ثلاث  تصب في موقف واحد : من طهران مرشد الجمهورية الاسلامية يستخدم أحد بيوت الله ليشن من على منبره هجمة شعواء على القوى السياسية الرئيسية العاملة من أجل التغيير الديموقراطي والتقدم الاجتماعي والسلم الأهلي ودحر الارهاب في العراق وفلسطين ولبنان الذي نال النصيب الأكبر , ومن القاهرة مرشد عام جماعة الاخوان المسلمين يحذو حذو زميله في الارشاد ليمطر الجميع ودون أن يوفر طرفا بمفردات تكاد تتطابق مع سلفه الا في متطلبات التاريخ والجغرافيا وأصول توزيع الأدوار حيث شاء التوقف أكثر على ساحة فلسطين

أما من دمشق فكان زعيق ذلك الدبلوماسي الغر نائب وزير خارجية النظام متوعدا الجميع دون استثناء ومتحديا القرارات الدولية برفضه المطلق للعلاقات الدبلوماسية مع لبنان حتى تسقط الحكومة الشرعية المنتخبة , وقد سبقتها خلال الأيام الماضية كما لحقتها مهرجانات النصر والحسم وحفلات تخوين المناضلين الشرفاء وصيحات الحناجر الى درجة الاغماء من مرشدي حماس وحزب الله الى جانب هؤلاء وما قبل تلك التصريحات لوحظت مواقف من أقلام نشاز مازال أصحابها يتسترون – زورا -  بلبوس اليسار وهم أقرب الى الفكر الفاشي يمتهنون صنعة التنظير كأحد مصادر العيش لتحسين صورة الوجه القبيح للأصولية ( الدينية – المذهبية والعلمانية ) بدعوى محاربة ( العدو الأمريكي ! )  آخذين على عواتقهم مسبقا مهمة وضع العراقيل أمام مساعي تحقيق اصطفاف جديد لقوى التغيير والديموقراطية ومن ضمنها تيارات اليسار الملتزمة بقضايا شعوبها والمدركة لحقائق العصر الجديدة وسمات ومواصفات التطور التاريخي نتيجة التحولات العالمية والاقليمية وخاصة في الشرق الأوسط .
     الملاحظة اللافتة في توجه هذه المواقف مجتمعة توحي بالانطباعات التالية :
أولا : تصعيد اللهجة العدائية تجاه المقابل شعوبا وحركات سياسية وحكومات عربية واقليمية وقوى دولية مقرونة بتهديدات مباشرة أو مبطنة وهو كما يبدو تكتيكا مستجدا لاخفاء العجز والخوف والدفاع عن الذات عبر اختلاق مبررات للهجوم فقد كان طرفا هذا المحور من حكام نظامي دمشق وطهران المستبدين يمارسان منذ عقود العمليات الارهابية ضد الأعداء والخصوم دون رحمة وارسال فرق الموت لملاحقة المعارضين في أجواء بعيدة عن الانفعالات المكشوفة والتهديدات المعلنة أما اليوم يبدو عليهما العجز في تحقيق الأهداف المرسومة لأسباب كثيرة وأولها محاذير وتفاعلات  العقوبات الدولية ومساءلة لجان التحقيق الدولية وملاحقة المحاكم المختصة التي تنشؤها وتشرف عليها هيئة الأمم المتحدة والى درجة ما تهيبا من محاسبة الشعوب عندما تستعيد حريتها وتقرر مصيرها كما حصل في يوغسلافيا والعراق وغيرهما وتعويضا عن ذلك تحل التهديدات اللفظية التي لن تخيف أحدا بعد أن تحطمت جدران الخوف في أكثر من مكان من منطقتنا بدا من العراق ومرورا بسورية وانتهاء في لبنان .
ثانيا : العنوان الفاقع لكل ما يصدر عن جماعات حلف " الممانعة " هو التدخل الفظ في شؤون الغير ومهاجمة القوى الديموقراطية في البلدان المعنية بالاسم مع اظهار العداء لها ومناصرة جماعات ضد أخرى والتحول طرفا في الصراعات السياسية القائمة بين أبناء الوطن الواحد والسماح لنفسها بتأليب هذه الجهة ضد تلك بمخالفة صريحة للقوانين الدولية كل ذلك لايصال الرسائل الى الجهات المعنية والتأكيد على قيام – حلفها – والانتقال بذلك من الشك الى اليقين وهذا كله يدفعنا الى الحذر من مما يخطط لمستقبل فلسطين ولبنان والعراق من محاولات تسعير الاقتتال واشعال الفتن الطائفية انتهاء بالحروب الأهلية والتحضير لاقتراف جرائم اخرى بحق كل من يقف في مواجهة الاستبداد والظلامية الأصولية وهو بحد ذاته كما ذكرنا هجمة دفاعية ومحاولة في توجيه أنظار شعوب سورية وايران الى خارج الساحتين واستخدام  الساحات الأخرى كخطوط دفاع أمامية على حساب سيادتها ومعاناة شعوبها في محاولة يائسة لن تحصد  من نتائجها سوى الندم والخسران .  
ثالثا : بعد انكشاف خطط – وأسرار – أطراف حلف – الممانعة – وسقوط ذرائعها المتمثلة بشعارات التحرير والمقاومة وبيع الوطنيات والمزاودة على المناضلين في حين أنها وبحقيقة الأمر وبكل قواها وفروعها وأذرعها وأذنابها اما أصل الاستبداد ومصدر الاستسلام وسبب الانهيار وطنيا وقوميا أو مشروع جلب التردي والتخلف والعنصرية والطائفية والارهاب نقول بعد أن ظهر المستور وبانت الخفايا من الصعوبة تصور تلك الأطراف وهي ترى الحقائق وتسلم بالأمر الواقع بل أن الدلائل تشير على مضيها في تضليل المجتمع الدولي كما يمتهنه نظاما دمشق وطهران ويتبعانه في تعاملاتهما المحلية والاقليمية والدولية والتهرب من المسؤوليات السياسية والجرمية واخفاء الحقائق عن الشعوب والاقدام على مغامرات جديدة وعقد الصفقات مع منظمات الارهاب العالمية والمحلية واقتراف جرائم ضد الأفراد والمجموعات والتيارات السياسية لأن المسألة تتعلق بالوجود والمصير بسب ذنوبها وجرائمها المقترفة بحق البلاد والعباد ونهبها لأموال الشعوب وفسادها فهي تقف في الخندق المواجه للديموقراطية والتقدم فاما هي واما الخندق الآخر حسب معادلة واضحة ومحسومة وفي الحالة هذه فان أطراف حلف - الممانعة – وفي نهاية المطاف ستضع نهايتها بنفسها لأن وجودها واستمراريتها وبقاءها هو سر مأزقها ومصدر انهيارها .
      النتائج المستخلصة آنفا لاتعفي قوى التقدم والسلم والتغيير الديموقراطي من مسؤولياتها الآنية والمقبلة وخاصة على صعيد تفعيل الحراك الشعبي والسياسي والثقافي والدبلوماسي لتسريع عملية التغيير وقطع الطريق أمام مخاطر المخططات الارهابية ومشاريع الحروب الأهلية على غرار ما يراد للعراق الفدرالي الجديد أو خطط تنفيذ المواجهات الطائفية والمغامرات غير المحسوبة كما يرسم للبنان أو تحويل المنافسة السياسية الى صراعات مسلحة وفرض المواقف بالقوة كما يجري في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية , بل أن مصالح شعوبنا ومستقبل أجيالنا يقضيان بضرورة العمل الجاد والسريع لتحقيق أوسع اصطفاف لمختلف هذه القوى في جميع بلدان المنطقة وخصوصا لقوى التغيير في ساحات الصراع والمواجة في العراق وسورية ولبنان وفلسطين وايران وتركيا وقيامها ببناء تحالفاتها الاقليمية والدولية مع أية قوة رسمية أو شعبية اقليمية أو عالمية تقف ضد الارهاب والتخلف والاصولية الظلامية والاستبداد فالمرحلة بما تحمله من مخاطر ومن آمال في الوقت ذاته تقضي بواجب بناء أوسع جبهة في وجه من يريدون العبث بمصائر الشعوب عبر العنف والقهر أو بوسائل الاعلام المأجور والفضائيات المختصة ببث سموم الفرقة والتقاتل واشاعة الأضاليل وتزييف الوقائع وايقاف عجلة التاريخ والعودة بنا الى القهقرى .
          







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=971