الحقوق القومية للكورد السوريين.. كيف السبيل إليها..!
التاريخ: السبت 20 اب 2011
الموضوع: اخبار



دهام حسن

من حق الشعب الكوردية في سوريا، من حق طليعته الحركة السياسية الكوردية في ظل الظروف الثورية الراهنة، من حقه بحث القضية الكوردية على الصعيدين الوطني السوري، والقومي الكوردي، فعلى الصعيد الوطني السوري تقتضي من الحركة أن تفرش -حسب رؤيتها- مشروع خريطة الطريق في حل المسألة الكوردية مع سائر القوى الوطنية الأخرى، سواء مع القوى المناوئة للنظام، أو مع قوى النظام نفسه، وهنا يعترض سبيل الساسة الكورد أمران مهمان، لا يمكن للحركة السياسية تجاوزهما بسهولة، بل لا بد  أخذهما بالحسبان.. فمن جانب.. ينبغي أن تكون الحركة السياسية الكوردية موحدة، وهنا على الحركة..ألا تستبعد أحدا، فلا تلعب لعبة الإقصاء مع أي فريق أو تنظيم أو حركة جراء حسابات حزبية ضيقة أو خاطئة، حتى لا تضعف ولا تتبعثر جهودها في الخلافات الجانبية الهامشية..


على الحركة أيضا في الوقت نفسه ألا تأخذها النشوة فتنسى الاعتبارات الأخرى وتغدو قومية بنظرة ضيقة  لا تفكك خيوط المسألة بوعي ومعرفة..
على الحركة الكوردية قبل أي شيء في مسألة التحالفات والتوازنات أن تكون بجانبها قوى المعارضة بغالبية تنظيماتها، وأن تكون الحركة على قدر ومستوى عال من المسؤولية عندما تستعرض مع حلفائها أو مع تلك القوى التي من المزمع أن تغدو حليفتها سائر القضايا..
إن النظرة القومية الضيقة تضر بالحركة الكوردية، وأي تناول للمسألة ينبغي أن تضطلع بها كوادر كفوءة فكرا وحنكة وفي ذات الوقت لا بد لها من استيعاب وسلاسة في التناول والمعالجة، فمهمة المحاور هنا بالدرجة الأولى هي كسب الأصدقاء، أصدقاء الكورد للوقوف إلى جانب قضيتهم العادلة، بعيدا عن أجواء التحدي أو التنفير، ولابأس هنا من الاستئناس برأي المثقفين الكورد ومشاركتهم مع السياسيين في ظروف تقتضيها الحالة فحسب.
عندما نحاور أو نفاوض فريقا غير كوردي في البلاد في المسألة القومية الكوردية، علينا أن ننظر لهذا الفريق المحاور كحليف ننشد معا قيم الحرية والديمقراطية والمواطنة والمساواة، علينا أن نكسبه إلى جانب الحقوق القومية للشعب الكوردي، لا ندعه في خانة النفور، علينا أيضا أن نعي أن المسألة وتقبل أحدنا للآخر، ليست أيضا بهذه السهولة أن يقبل منك ما تطرحه الآخرون، فعلينا أن نعي أنه منذ قرن على أقل تقدير ألهبت الشعارات القومية الجياشة المشاعر القومية لدى الإنسان العربي بوجه خاص في مصر وبلاد الشام، حيث لعبت تلك المشاعر حافزا إيجابيا حماسيا للتحرر من نير السلطان العثماني من جانب، كما أن تلك المشاعر لاسيما بعد أن تشكلت الأحزاب القومية لعبت أحزابها فيما بعد لعبت دورا سلبيا عنصريا في أعقاب الحرب العالمية الثانية التي انتهت في عام 1945 من جانب آخر، فالنزعة القومية والوحدة العربية بأية صيغت كانت ولدت عند الإنسان العربي شيئا من الاستعلاء، ربما لم تقدر مشاعر الآخرين فانعكست تلك المواقف سلبا على مستقبل العلاقات مع القوميات الأخرى، لكن هذه مسألة أخرى لن نمضي فيها خوضا الآن..
الشيء الذي ينبغي فهمه وتقديره هو أن الواقع والظروف في طريقهما إلى التغيير بعد حلول الثورة التي نعيشها ونشهد فصولها، فلا يمكن الحكم بالعقلية السابقة، فالثورات هي القوة المحركة للتاريخ، هي قاطرة التاريخ حسب تعبير ماركس، وستغدو الحكومة أية حكومة كانت، ستغدو بالمفهوم الجديد: (الحكومة الأفضل هي الحكومة التي تحكم لفترة أقل) فالحكم مفسدة ويفسد حتى الصالحين كما يقول سبينوزا، فالنظم الاستبدادية ستسقط سواء أكانت يمينية أم يسارية.؟! بسبب عجز تلك النظم من تطوير شرعيتها، والملاحظ أيضا أن الأنظمة الشمولية تخرّب كل المؤسسات فتعمل على احتوائها، وتفقدها هويتها واستقلاليتها وتجعلها تابعة، من هنا تكون الثورة إسقاطا للأغلال ومن بعد تستدعي الثورة أيضا المضي قدما نحو آفاق الحرية لأن (الثورة هي حرب الحرية ضد أعدائها) حسب تعبير روبسبيير، والثورة بالآخر ليست سوى حالة لتحسين مصير الجماهير الغفيرة الثائرة، والسير بها نحو المساواة، فلا بقاء للحرية دون مساواة حقيقية..
تجاوزنا ربما لب موضوعنا عن المسألة الكوردية، لهذا في ختام المقال نلخص ما المطلوب من الحركة الكوردية فعله أو طرحه في هذا السياق..
- على الحركة الكوردية أن تعي أن الحل السياسي السلمي الديمقراطي للمسألة الكوردية هو مسعى الشعب الكوردي، وهو الحل المنشود، ومن هنا يأتي الحوار من حيث الشكل والزمن، والرفض أو القبول يحدده الواقع السياسي وإفرازات الثورة الدائرة..
- من حق الحركة الكوردية أن تمضي إلى أي طرف محاور بفريق واحد، وبكلمة موحدة، دون تخوين أو استبعاد أي طرف، فهي التي ستحدد البوصلة، مع الإدراك أن المسألة ليست سباقا بين الأخوة الأعداء لمن يفوز بالكعكة أولا..
- الفريق المحاور ينبغي أن يكون على قدر من الوعي والمعرفة والقدرة على التحاور، يتمتع بطول بال وأناة، عليه أن يعي واقع المسألة بأبعادها السياسية والقومية والدينية، فضلا عن واقع الشراكة الوطنية، والتاريخ المديد الذي جمع بين هذه العناصر الوطنية على مدى عصور وقرون..
- علينا أن نعلم أننا لا نحاور خصما بل هو شريك لنا، حليف للحق الكوردي، وهنا يتوجب عليه أيضا أن يكون مناصرا لمشروعية الحق الكوردي، هذا ما ينبغي أن نتوقعه من هذا الشريك التاريخي، وبالتالي من السهل أن يصلا إلى قواسم مشتركة عند رسم الخطوط الأساسية في خارطة الطريق..
- على الكوردي أن لا يتوهم أنه وحده على حق، والآخر على البطلان، عليه ألا يفكر بروح عدائية أو انتهازية تجاه الآخرين وأن يكون متفهما للواقع متفائلا بالتاريخ..
- على الساسة الكورد أن لا يتخلفوا عن قراءة ما يجري على الساحة الدولية من تحولات وتبدلات، عليهم أن يعرفوا أن المسألة القومية مسألة تاريخية فهي كما ظهرت في عصر ما في ستختفي يوما ما، لتحلّ محلها تجمعات إنسانية ضخمة كما تشهدها الولايات المتحدة وأوربا..
- لكن في كل الأحوال هذا لا يحول دون مطالبة الحركة السياسية الكوردية بحقوق الكورد المشروعة، وعلى الصعيد الشخصي فأنا جدا متفائل بأن الأخ الشريك الآخر سوف يتفهم هذه الحقوق وسيقر بها دون أن يخسر أحدهما الآخر على أساس المواطنة كخصلة جامعة لكليهما.. 








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9677