يا هنية .. إنك امرء فيك جاهلية
التاريخ: السبت 14 تشرين الاول 2006
الموضوع:


علاء الدين عبد الرزاق جنكو
Ameer336@hotmail.com 

ما كنت أتصور أن أسمع يوما تصريحات مسيئة للشعب الكردي من رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية والقيادي في حركة حماس إسماعيل هنية في ما قاله في حق البشمركة بأنها عصابات ..
ولا أدري الخلفية الذهنية من وراء هذه التصريحات هل هي بساطة ودروشة سياسية أم أنها عصبية قومية ، فإن كانت الأولى فتلك مصيبة وإن كانت الأخرى فالمصيبة أعظم .
فيا سيد هنية .. سأرد عليك ككردي نلت منه ، ومن مقدساته التي يرى تجاوزها تجاوز للخط الأحمر الذي رُسم بدم الشهداء من البشمركة ، أولئك الأبطال الذي كانوا ينفذون وصايا الرسول الأكرم في قتالهم ، فما قتلوا صبيا ولا امرأة ولا شيخا طاعنا في السن ، ولا قطعوا شجرة ولا حرقوا صومعة ، ويكفي أن أدلك يا سيد هنية على موقف الأكراد عندما وقعت قوات نظام صدام في يدهم في انتفاضة 1992م فلم ينتقموا منهم وعاملوهم أفضل معاملة عرفها التاريخ الحديث للأسرى ..

نعم يا سيد هنية : كنت بغنى عن الإساءة لشعب روى بدمه أرضك وأرض آبائك ، اسأل من أين جاءت العائلات الكردية التي تعيش بين جنبيك في فلسطين تاركة كردستان أرضها وأرض آبائها ؟!!
فمنهم من جاء مع القائد الفاتح صلاح الدين الأيوبي ، ومنهم من جاء مع الجيش العثماني ، واسأل يا هنية عن أولئك البشمركة الكرد الأبطال الذين قاتلوا معكم في حروبكم مع الإسرائليين ، واذكر أن أول طيار سقط شهيداً في سماء ( تل أبيب ) عام 1967 كان كوردياً أسمه ( حسين بيداوي ) ولا تنسى موقف البارزاني الراحل الذي أوقف كل العمليات العسكرية ضد الجيش العراقي عام 1967 و1973 ، حتى لا يأتي عربي في آخر الزمان ويقول أن الكرد أشغلوا العراقيين عن مساندة إخوتهم في حربهم المقدسة ، وموقفه الخالد عندما طلب من الرئيس جمال عبد الناصر أن يفتح له جبهة في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م ليكون له وللكرد شرف الدفاع عن مصر ، حينها قدر عبد الناصر موقف البارزاني الخالد ، وسجل هذا الموقف في أروع صفحات العلاقات الكردية العربية   ..
ماذا أقول لك يا هنية .. فالعرب لم يؤتوا من طرف الأكراد يوما ما حتى يومنا هذا ، ولم يسيؤوا لأحد ، فلماذا هذا الموقف غير المسؤول تجاه هذا الشعب المسلم المسالم .
نحن يا هنية رضعنا مع حليب أمهاتنا ( فلسطين داري ودرب انتصاري ) ، وغنيناها بعد نشيد ( ماما ماما ) وحتى يومنا هذا ، الأكراد كانوا يرفعون صور شهداء الشعب الفلسطيني ، في الوقت الذي كان الفلسطينون يرفعون صور جلاد الأكراد !! ويقيمون مراكز العزاء للمجرمين ( كعدي وقصي )  الذين نالوا من أحفاد صلاح الدين  ، كما ونسمع بين الحين والآخر ، من يخرج من القادة الفلسطينيين ويدلي بما يسيء للشعب الكردي ، فلماذا هذا الموقف المتشنج من هذا الشعب الذي يُكِنُّ لشقيقه الفلسطيني كل الاحترام والتقدير ؟!!
هل البشمركة هم الذين يمنعون وصول الدعم المادي والاقتصادي إلى فلسطين ، وهل هم الذين يحاصرون الفلسطينيين ؟؟!!
هل البشمركة هم الذين حجزوا الفلسطينيين أسابيع بأكملها في معابرهم ؟!!!
هل البشمركة الذين يقصفون غزة بالصواريخ وغيرها ؟!!
هل البشمركة هم الذين يتجسسون على الفلسطينيين في غزة ، وهل هم الذين يهندسون عمليات الاغتيال للقادة الفلسطينيين ؟؟؟
إذا كان البشمركة قاموا بذلك فأنا أقر معك أنها عصابات ، وإلا فلماذا النيل منهم ولماذا لا تتجرأ عن الحديث عن العصابات الحقيقية ؟!!
البشمركة في القاموس الكردي : هو الفدائي الذي يسير في مقدمة الجيش ، وبالتالي هو الذي افتدى بروحه من أجل حصول شعبه على حريته والعيش بكرامته ، والحديث عنهم بالسوء والنيل منهم ، إنما هو نيل من الشعب الكردي بأكمله .
أذكرك يا سيد هنية : إن كان دافعك قومي تعصبي بموقف الرسول صلى الله عليه وسلم من أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عندما قال لبلال الحبشي رضي الله عنه : يا بن السوداء ، فقال له الرسول : يا أبا ذر إنك امرء فيك جاهلية !!
طبعا ما كان من أبي ذر إلا أن ذهب إلى بلال ، وقال له بعد أن وضع خده على التراب : ضع قدمك على خدي . فأراد أبو ذر أن يجتث هذه الجاهلية من جذورها ، فقال بلال رضي الله عنه  : ما كان لبلال أن يضع قدمه على جبين سجد لله سجدة .
فكنت أتمنى أن تقتدي بأبي ذر في إصلاح ما أفسدته من علاقة بين شعبين شقيقين عبر التاريخ بتصريحاتك غير المسؤولة ، أما نحن الكرد فسنقتدي ببلال رضى الله عنه ولن نحمل إخوتنا الفلسطينيين مسؤولية تصريحاتك الظالمة ، وأتمنى لو كنت في شجاعة سيدنا أبا ذر رضى الله عنه وتعترف بخطيئتك وتعتذر – ومن على منبر يوم الجمعة – بشكل رسمي من الشعب الكردي حتى تصحح الخطأ الذي ارتكبته .
وفي الختام أنت يا سيد هنية أحرجت كل داعية مسلم - من أبناء الشعب الكردي - يقوم بواجبه الشرعي كونك تمثل جهة إسلامية ، هذا الداعية الذي يناقش شعبه الكردي من أجل أن يتعاطف مع إخوته المسلمين في العالم ، وخاصة الفلسطينيين ، فجئت يا سيد هنية لتزيد الطينة بلة ، وتهدم ما بناه الدعاة الكرد من سنين في لحظات ..
فاتق الله في نفسك ... وفي المسلمين .. ولا تتطاول على المظلومين ، فأنت قد ذقت ما ذاقوه ، ومن أكبر المصائب ، أن يكون المظلوم ظالما ..  والعياذ بالله ...







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=961