كي لا تتكرر تجربة الاستنساخ الحزبي ..
التاريخ: الثلاثاء 10 تشرين الاول 2006
الموضوع: اخبار


روني علي

   غني عن البيان أن السجل النضالي للحركة الكردية (الحزبية) في سوريا، مليء بالإخفاقات والانكسارات، وخاصةً في مجال العمل الجماعي أو المشترك، أو في مجال التأسيس لذهنية منفتحة ومتطورة، تحتضن الآخر وتحترمه، مهما كان درجة الخلاف والاختلاف، وأن تاريخ هذه الحركة، وما اعترضتها وتعترضها من مشاكل وعراقيل تصب في المنحى ذاته .. حيث أن هذه الذهنية، وبحكم موروثاتها، قد أغلقت الباب على نفسها وفتحته أمام الآخر – كائناً من كان، سواء من الداخل الكردي أو من الخارج -  كي يلعب دوره في إذكاء الفتن وتأجيج الصراعات الهامشية داخل الجسمين السياسي والحزبي الكرديين، وبالتالي كان وما زال من نتيجتها المزيد من التفريخات والمزيد من حالات التشظي والانشطار، دون أن يبحث أحدنا عن الهدف أو المقومات أو الشرعية في أية خطوة نخطوها...

   وبما أن الثابت في كل هذه الحالات المرضية في الجسم الحزبي، هم أقطاب التوازنات، فإن الحراك الدائر في الوسط السياسي الكردي لا بد أن يصطدم بهذه المراكز، كونهم ما زالوا باقون على رأس الهرم، ومازالوا يمارسون دور الأبوة تجاه كل الحزب، وبالتالي فإن الارتقاء في الحزب، سواء في الجانب السياسي أو في الجانب المعرفي، لا بد أن يقف عند حدود مدارك ومفاهيم هذه الرموز ولا يمكن تخطي تلك الحدود، لأن عملية التخطي فيه نوع من المجازفة بالحزب كله، وفيه تجاوز للمقدسات التي تربى الحزب عليها، حتى أضحى الارتقاء في الجسم الحزبي خاضعاً لمقاييس سرير بروكوست، المصنوع من قبل الهرم القائد، بحكم التوازنات والاصطفافات، وكذلك آليات العمل الحزبي، بحيث أن على العضو الحزبي أن يتقلص ويتكدس في ذاته ومن تلقاء نفسه، إذا ما تجاوز مقاييس السرير في الجانبين السياسي والمعرفي، حتى لا يخلق مشكلة للحزب، أو يشكل إشكالاً له، وأزمة فيه، أما إذا كان دون المقاييس، فلا يجري له عملية الاستطالة، أو تغذيته بما يساعده على النمو، لأن في وضعه القائم، وبما هو عليه من مدارك وآفاق متواضعة، خدمة للحزب، وإبعاد للمشاكل والقلاقل ..
    إن أخطر ما يواجه أنظمتنا السياسية الحاكمة، وكذلك أحزابنا، بتركيبتها وتشكيتلها القائمة والسائدة، هو انتشار الوعي وتعميمه، كونه يشكل العدو اللدود الذي لا بد أن ينخر في النماذج الاجتماعية البالية والبائدة، وكذلك في الجسم الحزبي، وبالتالي يفتت التراتبية الموجودة، وأن الوسيلة المجدية في إبعاد هذه الآفة أو هذه المخاطر، تتجسد في إقصاء الوعي من دائرة العمل والفعل، الاجتماعي والحزبي، وعليه فإن المحافظة على الشكل القائم والتراتيبة القائمة، كي يتفاعل ويستمر، يكمن في نسف هذا الخصم، لأن التركيبة القروية أو القبلية للوعي المجتمعي، لا يمكنه أن يتفاعل مع أدنى أشكال المعرفة، ومن هنا فإن على المتنور أو المثقف الحزبي، إما أن يسلك مشيئة أهل القرار في الحزب، وبالتالي الانطواء على ذاته والاستمرار في النمطية السائدة، أو التوجه نحو الحفر في الصخر والتأسيس لحالة جديدة، مبنية على أدوات معرفية تمتلك القدرة لاستئصال جذور الإرهاب الفكري والممارسة الفردية في صناعة القرار وتركيبة الحزب .. بمعنى ما، وكمدخل لمعالجة الحالة القائمة، يقع على عاتق الشريحة التي تشكو من النموذج المتوارث في بناء الحزب وصناعة الموقف والقرار، أن تعي دورها في التأسيس والبناء والتجديد، والذي لا بد أن ينصب في القاعدة وينطلق منها، وذلك حتى نتمكن من قراءة الحدث وفق معطياته، لا كما يحلو لأولي الأمر، ووفق مصالحهم الخاصة بهم، وكذلك وفق ما يملى عليهم من قرارات وتوجيهات، ومن أية جهة أو مصدر كان ..

10/10/2006







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=942