مؤتمر شبيحة المعارضة السورية
التاريخ: الأثنين 18 تموز 2011
الموضوع: اخبار



إدريس داوى

في البدء أذكر القارئ برائعة المرحوم أحمد شوقي الذي أبدع  في وصف المنافقين المتاجرين باسم الله والدين والذي ربما يناسب في وصف شبيحة المعارضة السورية التي لطالما وصف النظام السوري وحزب البعث بالظالم والعنصرية والطائفية وادّعت أنها تسعى إلى اقامة دولة سورية حرة تعددية لا يقصى فيها أحد على أساس الطائفة أو القومية  :
"برز الثعـــلب يوماً في ثياب الواعظـــينا
فمشى في الأرض يهذي ويسبّ الماكــــرينا
ويقول : الحمـــــدلله إله العالمـــــينا
ياعبـــــاد الله توبوا فهو كهف التائبــينا
وازهدوا في الطير إن العيش عيش الزاهديــنا
واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبـــــح فينا


فأتى الديك رســــــول من إمام الناسكينا
عرض الأمر عليـــــه وهو يرجو أن يلينا
فأجاب الديك : عذراً يا أضلّ المهتديـــــنا
بلّغ الثعلب عني عن جدودي الصالحـــــينا
أنهم قالوا وخير القول قول العــــــارفينا
مخطئٌ من ظنّ يوماً أنّ للثعلب ديــــــنا "

انعقد في يوم السبت 16 تموز/يوليو 2011 في إسطنبول ما سميّ بـ "مؤتمر الإنقاذ الوطني" حيث شارك فيه معارضون سوريون وناشطون يدعمون حركة الشباب السوري ضد النظام السوري وعلى أمل وضع خريطة الطريق لإسقاط النظام واخراج البلاد من حالة الاستبداد  إلى دولة " تعددية ديمقراطية ".
وعلى الرغم أن المؤتمر حضره شخصيات وطنية سورية شريفة نكن لهم كل الاحترام والتقدير الا أن أؤلئك الشرفاء للأسف لم يكن لهم إرادة في مكان وزمان وخفايا المؤتمر الذي كاد أن يكون مؤتمرا لمعارضة أي دولة إلا الدولة السورية وشعبها الأبي الذي لن ولم يقبل أن يبدّل نظام ديكتاتوري عائلي بنظام أشد عنصرية وطائفية.
 فالمؤتمر من حيث الاسم كان يخص السوريين ولكن المتتبع لمجريات أحداث المؤتمر يجد أن المؤتمر كان يفوح منها رائحة عنصرية واقصائية نتنة وتحت وصاية بعض الشخصيات والجماعات السياسية المتاجرة باسم الدين الاسلامي والفكر العروبي الاقصائي ومن يدور في فلكهم وايديولوجيتهم بطريقة أو أخرى.
ففي الوقت الذي كان ينتظر العالم عامة والسوريون خاصة أن يعكس هذا المؤتمر طموحات وآمال الشعب السوري المتطلع الى الحرية والديمقراطية والتعددية بعد المآسي والظلم الذي لازال يعاني منه الشعب السوري طيلة عقود نتيجة سياسات النظام الظالمة, تفاجئ الشعب السوري بأن المؤتمر الذي كان يسيطر عليه بعض شيوخ شبيحة الفكر الطائفي العنصري ومن يدور في فلكهم من الذين يجمعهم نهج التعصب القومي والطائفي والاستعلاء على بقية الشرائح السورية.
لقد اتضح لكل عاقل أن المؤتمر لا يمثل لا من بعيد ولا من قريب طموح الشعب السوري وثورته بل يعكس الفكر العنصري الاقصائي لبعض شبيحة ما يسمون بالمعارضة الذين جعلوا أنفسهم أوصياء على الشعب السوري بكافة أطيافه وقومياته وكأنهم آلهة يحيّون من يشاؤون ويميتون من يشاؤون من السوريين عن طريق اقصاء الآخر الذي يختلف معهم سواء فكرياً أو أثنياً أو طائفياً.
فبعد أن وحد ثورة الشباب ودمائهم الطاهرة كافة الأطياف السورية من اسلامية ومسيحية وأزيدية, عربية وكردية وآشورية وسريانية ودرزية وعلوية وشركسية وتركمانية وغيرهم سواء كانوا علمانين أم متدينين.  بعد توحد الشعب السوري في وجه الظلم مفتديا بدمائه لنقل سوريا إلى دولة حرة ديمقراطية تعددية يتعايش فيها الجميع بكرامته دون اقصاء وانكار حقوق أي من أطيافه, وجدنا كيف بدأ بعض الانتهازيين يتعربشون بحبل هذه الثورة وينفثون بسمومهم لزرع الفتنة والشك والتفرقة بين الاطياف السورية المتنوعة, وذلك عن طريق اثارة النعرات القومية العنصرية والطائفية مستغلة بخبث اللعب والمتاجرة باسم عروبة سورية وتخويف الشعب العربي من شركائه في الوطن وكأن عروبة عرب سوريا لاتكون الا بفرض اسم العروبة على كل السوريين أو كأن كرامة العرب وحريتهم لا تتحقق الا عن طريق اضطهاد شركائه في الوطن وتعريبهم واغتصاب حقوقهم.

لقد حان للشعب السوري الغيورعلى دولة سورية ديمقراطية لكل السوريين بغض النظرعلى انتماءاتهم الفكرية والقومية والدينية, عليهم الوقوف بحزم بوجه شبيحة مايسمى بالمعارضة وانقاذ البلاد والعباد ليس من النظام فحسب بل أيضا من شبيحة المعارضة التي تريد خطف هذه الثورة واغتصاب كرسي الحكم للتسلط على الشعب وارجاع  البلاد الى مستنقع عفن مرة أخرى.

فيبدو أن شبيحة المعارضة  لن تكون بأفضل من شبيحة النظام بل أسوأ بأضعاف المرات, فشبيحة النظام يحاولون قتل أو نفي كل من ضد النظام بغض النظر عن انتماءاته بينما شبيحة المعارضة قرروا قتل ونفي واقصاء كل من لا ينتمي لقوميتهم وطائفتهم. هذا الحكم صدر مقدما وقبل أن يستولوا على السلطة  فكيف لو وصلوا إلى السلطة وتثنى لهم تسلط سيوفهم على رقاب الشعب السوري !؟

أن المطّلع على خفايا تلك الخطابات العنصرية الطائفية العفنة يكتشف حقيقتهم ومنهاجهم المستقبلي في اقصاء وانكار حقوق وخصوصيات بقية الشرائح السورية الغير مؤمنة بالفكر الطائفي والقومي العنصري. لقد تبين للجميع أن هدف شبيحة المعارضة ليس الوصول الى سوريا ديمقراطية تعددية تسودها العدالة والقانون ولا إعادة حقوق الشركاء في الوطن إنما هو الوصول الى السلطة من منظور طائفي عنصري انتقامي من بقايا الأطياف السورية التي ربما لاتتفق وأيديولوجيتهم العنصرية الاقصائية. فما يبدو أن هذه الشبيحة لو وصلت للسلطة بهذه العقلية الهرمة المتكلسة فأنهم سوف يلجأؤن إلى تصفية حساباتهم ليس من النظام والطائفة العلوية  فحسب بل من كافة الاقليات الأخرى الذين وبحسب نظريتهم الطائفية أنهم كانوا يدعمون النظام . ففي الوقت الذي تجدهم ينادون بدولة العدالة والحرية  لكنهم يلجأؤن بكل وسائلهم إلى تعبئة جماعاتهم بالفكر الطائفي والعنصري الانتفامي ومن يتصفح الانترنيت وغرف البالتوك يكشف حقيقة  شبيحة المعارضة  التي تريد الانتعاش على دماء الشهداء والسطو على ثورتهم لسرقة مكتسبات الشباب السوري وتضحياته في سبيل الحرية.

فالديمقراطية التي ينادون بها ليس إلا حق يراد به باطل للوصول إلى سدة السلطة لأن نفوس شبيحة المعارضة وبفكرهم العنصري المتعفن لا يستطيعون قبول الآخر كما هو, بل فقط يقبلون به عندما يتجرد من حقوقه ولغته وقوميته ودينه وفكره, حينها قد يكون مواطنا مقبولا بنظرهم, لذا إن كان يجب على الشعب السوري الحذر من شبيحة النظام مرة, فعليهم الحذر من شبيحة المعارضة ألف مرة. 
فليس من المستبعد أن تنمو بعض الطفيليات الخبيثة وتتعريش بشجرة الثورة السورية الفتية للاستيلاء عليها وسرقة مكاسبها والادعاء بأنها هي قادة الثورة والمعارضة مستفيدة من امكانياتهم الاعلامية والدعم الخارجي والاقليمي وخاصة تركية التي تمسك بخيوط شبيحة المعارضة وشبيحة النظام معا وتنظر أي منهما يمكن أن يقدم أكثر للعثمانية التركية الجديدة.
وإذا كان شبيحة المعارضة السورية يتجاهلون خوازيق الدولة التركية وحقيقة احتلالهم للواء اسكندرون وأطماعهم في عثمنة المنطقة من جديد فالأحرار السوريين والمعارضة الوطنية الشريفة لا يمكنهم تجاهل هذه الحقيقة.
فكما لا يمكن لمعارضة سورية شريفة أن تعقد مؤتمرا لها في اسرائيل وتحت رعاية استخباراتها كذلك لايمكن لمعارضة شريفة أن تنطلق من تركيا وتحت وصاية استخباراتها, فكلا الدولتين محتلتين لأجزاء من سوريا ولا يمكن لهما أن تكونا الا دولتين محتلتين ولا يمكن لعدو محتل أن يريد الخير إلا مقابل ثمن كبير.
فما هو الثمن وماهي الاتفاقيات الاستخباراتية السرية بين رموز شبيحة المعارضة السورية وسيدهم أردوغان – قدس الله سرهما؟
ولماذا اصرار شبيحة المعارضة على اجهاض الثورة السورية عن طريق تفريق أطياف الشعب السوري على أساس عنصري شوفيني  بتخويف الشعوب الغير عربية والطائفة الغير سنية على أن لاحقوق لهم  في دستور " الجمهورية العربية السورية " الجديدة الا إذا كانوا عربا أو يتعربوا لكي ينالوا رضا شبيحة المعارضة السورية ؟
ندع الجواب لأحرار سوريا وشرفائهم بكل أطيافه الجميل الذي يطمح إلى اقامة دولة سورية تعددية لكل السوريين وليس لطائفة دون أخرى.

 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9208