أمير سلفي جديد وإمارة جديدة
التاريخ: الجمعة 10 حزيران 2011
الموضوع: اخبار



إبراهيم اليوسف
elyousef@gmail.com

إلى ثامر في مرقده
عشية "جمعة جديدة" يراقبها بلهفة

    ما أكثر العلامات المميزة التي يمكن وضعها، للثّورة السورية من جهة، ولاستراش النظام من جهة أخرى، إذ باتت لكل من الطرفين، علامته الفارقة، لأنه شتان ما بين هاتين العلامتين، علامتي القاتل والشهيد.


   ولعلّ أوّل ما يمكن أن يحسب للثورة، هو أن الطفل السوري، انخرط فيها، رافعاً ما يلزم ثورته، من ورود، وأغصان زيتون، وذلك لأنه أوّل من كان قد بدأها في مدينة درعا البطلة، حين كتب عبارته الموجزة، على جدار المدرسة، لتزلزل كيان النظام، وترتعد فرائصه، ويفقد صوابه، وهل كان يملك الصواب أصلاًًًً، من جرّاء دلالات ما دونه هذا الطفل، ببراءة، مسطّراً بذلك  بداية تاريخ سوريا الجديدة، ومجدها، الأبقى، ليجعل هذا النظام يتصرّف بهستيريا- وهو المختصر في سوط، وزنزانة، وتهمة، مدبّرة، وقاض، ينتظر الإشارة ،عبر جهاز الخليوي، صوتاً، أو رسالة sms وكرسي للتعذيب، ورصاصة، وإعلامي كاذب، يعمل بحسب "الريمونت كونترول"، يدافع اليوم عن النظام، في منبر، سيشتمه عبره، إن أتيح له المجال، مع أن الطفل  هو من سيدفع الضريبة، بأكثر، لتقتلع أظافره، ويتمّ اعتقاله"، مارداً سياسياً، وهو الذي يسمح له في الدول التي تحترم حكوماتها نفسها بتمزيق صورة الملك، أو الإمبراطور، أو الرئيس، كي يضحك المعني نفسه، للمنظر- أياً كان-  كي يراجع نفسه سائلاً: لم لا يحبني الطفل، وهو "باروموتر" البراءة، والصدق، والطهر، والشفافية؟، فمن يصدق أن يتمّ اعتقال الأطفال ، الأكباد- كما قال بدوي الجبل- أو الفلذات، لمدد طويلة، بعيداً عن صدور أمهاتهم، حتى نفد بعدها صبر آباء، دخل أبناؤهم "سجل" "غينيس"، أو"سجن": النّظام، كأوائل ساسة صغار في العالم، شأن أطفال سوريا، الذين عرفوا مثل هذا السجن وطلقات النظام، بدءاً من قامشلي إلى درعا، حيث باتت أعداد الشهداء الأطفال، أو الأبطال، لا فرق، منذ اشتعال فتيل الثورة، تتجاوز الخمسين، ومن بينهم: الموليان الأميران المندسان، والسلفيان: الحمزة  وتامر الشرعي، ابنا الجيزة، اللذان يجمعهما، ليس أنهما ابنا بلدة، واحدة، فحسب، بل لأن الجلاد جمع بينهما، في طريقة التعذيب، والمصير، ليبين مدى جبنه، ولا إنسانيته، وبشاعته.

ولعلّ أكثر ما استفزّني، اليوم، وأنا أسمع أستاذ العلاقات الخارجية في جامعة دمشق: د.بسام أبو عبدالله-أي بسّام من يسوغ مقتل البسمة على شفاه الطفولة!- والذي يليق به أن يعمل جلاداً في فرع للتحقيق، وليس أكاديمياً في مجال الحقوق، لأن هذا يتنافر، ويتنافى، ويتضادّ مع مجاله التخصصي-أيّ الحقوق- فهو كما تبدو هويّته يوماً وراء يوم، بأكثر، كغيره من ثلته العاملين، أو الاحتياطيين، من المولعين برائحة الدم، والدفاع عن الجلاد، في وجه العباد، ويتمثلونه، كرمى لأعطية هنا، وتربيتة هناك، وهل يمكن أن يقول أحد سواه، يحترم نفسه، وعلمه، في العالم، كلّه، ردّاً على سؤال لمذيعة عن موت طفل اسمه موجزاً" ثامر الشرعي" كيف يتمّ قتله، وصنوه حمزة ليقول: هؤلاء مجرمون، وليسوا أطفالاً، هكذا يلوث هذا الفاسد براءة الطفولة، وهو لن يكون مجرماً، لو كانت على ياقته صورة يرتئيها، وهو يهتف باسم قائد فرد، أحد ضرورة، ويريق الأرواح في منظار القنّاص.
الانتقام من الطفولة في تشويه جسد القتيل بعد وأد روحه تعذيباً، لانتماء إلى مدينة ما، باسلة، أو لالتقاط رائحة شعار أو هتاف على شفته، شأن صرف، مدمغ بخاتم نظام فرد، لا غير.  
 لقد كان عيد الطفل العالمي-في هذه السنة- حيث يحتفل به شيوعيو العالم-ومنهم شيوعيونا السوريون- والذي يصادف الأول من حزيران متميزاً بأضحياته الكثيرة، وهل أكثر من  أن يقتل تحت التعذيب في عشيته، أحدهم، ويقتل بالطريقة نفسها، آخر، وهو العيد الذي لا تنساه الحكومة الروسية، الآن، وهي تتناول إفطارها في مطاعم المكدوناند، بروحها الدبية، المائزة، ذابحة أمميتها في بيتها، ولتتعاطف مع استبداد لا يزال يقتلنا، باسم ما لاتؤمن به، وتئده، هي، في دارها: آباء، وأبناء، وأحفاداً، ببنادق، صدرتها للنظام، عينها بذلك، على ضرع البقرة السورية، تأخذ ما يلزمها من استحقاق-شأن شريكها التنين الصيني- لقاء بقاء النظام على سدّة القتل، لتردّ ثمن صداقة هذا الشعب، موتاً زؤاماً إليه، مراهنة على بقاء قاتله، مقابل المساومة على بيعه كاملاً، وليس بدعوى بقايا هوى اشتراكي زائف، ترجمه العقل الأمني،سورياً، اشتراكية قتل المواطن، بعد ذبح المواطنة!.
في يوم عيده العالمي، يجتاز الطفل السوري الحدود، صوب الأردن، أو لبنان، أو تركيا، أو الجحيم، حافياً، جائعاً، على ظهره حقيبة ملابسه، وظمأ الطريق وخوف الحدود، و صورة" البلطجي" شبيحاً، أو عنصر أمن، تلاحقه، كما أبيه، وجاره، وكل أبناء حيه، وهو يتعامل بمنطقين، في آن، فالمردة المحتجون عشرة مخربين-كما يقول  متفوّه اسمه طالب إبراهيم-إلا أنهم –في جسر الشغور، جيش عرمرم، يبكي ضحاياهم، ضحايانا، بدموع التمساح، وهم مائة وعشرون-من أبنائنا وأهلنا نحن لا أهليهم- ولكن: هل كان هؤلاء مكتوفي الأيدي، من دون سلاح،أبيض، أو أوتوماتيكي؟، وقعوا في فخّ سلفي، إرهابي، هل كان هؤلاء فراشات،أو وعولاً، سهلة الصيد، بما معهم من أسلحة خفيفة، وثقيلة، ودبابات؟، أين كاميرات تصويرهم؟، أجهزة هواتف ضباطهم الناجين، شهاداتهم؟، في الوقت الذي يصور "الفيسبوكي" بلغة المفكر إبراهيم محمود قناصاً يرميه بالرصاص، ويرسل الصورة إلى  شاشات ضمير العالم الحر قائلاً: أن روا، ليروح إلى زنزانته، أو تابوته، هل نحن هنا، أمام طائرات هليكوبتر سلفية، وغازات كيمائية، نوّمت هؤلاء الأخوة من أبناء جيشنا، لتصطادهم، في معركة هوليودية غير متكافئة، وهم في عدّة وعتاد كاملين؟، وإن كان منطق الألم يقول: من يقد جيشه إلى المعركة، فهو قاتله، إذاً، والقتل لغة منبوذة، فليس "الجسري" من جاء بالجيش، في أمر عسكري،أزعر،  بل جاء به صاحب القرار، وهو في الغرفة المكيفة، متوخياً سوريا بلا شعب، كي يكون هو، هو الوطن والمواطن، الماضي، والحاضر والمستقبل، ولندور كلنا في فلك هو: ذاته...!.
ها نحن، نستظهر الأسماء حمزةً حمزةً،  وثامراً ثامراً، والبقية في" سجل الوطن، نبقيهم كي نطلق أسماءهم على رياض الأطفال، والمدارس، والجامعات، والحدائق، حين يكون مخابرات البلاد حراساُ على أمننا، لا زبّانية يترصدون خطواتنا، وأنفاسنا، ولتكون مراقد هؤلاء الشهداء، صغاراً، كباراً، نساء، رجالاً، مزارات لنا-في كل عيد للحرية- أو في كل "Azadi، نشرح للأجيال: لم قتل هؤلاء؟، كي  نحبّ أبناء هؤلاء القتلة، أكثر، نصونهم، كما نصون موق الأعين، لا نخدش ضمائرهم بتذكيرهم بما فعل آباؤهم ضد الوطن وإنسانه، لتكون سوريا التشاركية، الموحّدة، العلمانية، الديمقراطية، بيتاًً لنا جميعاً، لا مجرد ثكنة  وضباط مسلطين على رقابنا، أو مزرعة للفرد الضرورة، يروعنا بزعرانه وبلطجيته، ووعيد أمرائه السلفيين، في أن يحولوا بلدنا إلى إمارة سلفية، أسوأ من مزرعته..!.     






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=8788