من أجل الحقيقة في هذه الظروف العصيبة
التاريخ: الثلاثاء 24 ايار 2011
الموضوع: اخبار



حسين عيسو
          
العديد من الأخوة وجهوا لي التهم بسبب البيان الذي نشرته , وبما أن الظرف الحالي دقيق ,  لدرجة لا يمكن معه السكوت عن أي خطأ , أقول : إن الحقيقة هي أن اللقاءات تمت ودون شك والكل يتكلم عنها في الغرف المغلقة , أما سبب نشري لها , فهي أن ما يحكى داخل تلك الغرف تبقى داخلها , وحتى لا تقع الكارثة بسبب عدم فضحها , ولأني أرى أن هذه الأحزاب تمثلني أيا كان رأيي فيها , ولأن أي خطأ ستكون نتائجه كارثية على الجميع , ولأني قرأت التاريخ , وعرفت من خلاله أسباب تشتت الكرد وبقائهم دون دولة تجمعهم , في مرحلة تشكيل الدول الحديثة , في بداية القرن العشرين , بل وتم تقسيمهم بين أربعة أنظمة استبدادية , فهل يعرف من اتهمني سبب ذلك ؟


 ان أهم أسباب ذاك الفشل المهين , يعود الى أننا كنا قبائل يتحكم فيها أغوات لا يعرفون غير مصالحهم , ويهرولون خلفها , مقابل فتات الرشاوى التي لم تدم طويلا , فما أن تمكن أتاتورك من أعدائه مستخدما أغوات الكرد وفقراءهم الذين ساروا خلف زعاماتهم دون أن يسألوا أين ولماذا , تلك الزعامات التي لم تهتم بأعداد قتلى الكرد وجوعهم , لأن المهم عندهم كانت جيوبهم والنياشين الخلبية التي أنعم بها أتاتورك عليهم , ثم انقلب بعد أن استنفذ قواهم لخدمة مصالحه , فأعدم من أعدم منهم ولاذ بالفرار من تمكن من ذلك , وليدخل الشعب الكردي في غيبوبة جديدة لمائة عام آخر ! . هذا ما يقوله التاريخ , وهذا ما أراه يحصل اليوم , وحتى أحزابنا التي تنتقد أولئك الزعماء وأنانيتهم التي تسببت بالكارثة لكل الكرد والتي لم تفرق بين فقير وأمير , تسير هي نفسها في نفس الطريق .

        اليوم , أتمنى من كل إنسان كردي غيور عانى مثل أبيه وجده من قمع أنظمة الاستبداد التي لم ترحم شيخا مسنا * ولم تعرف شيئا عن كرامة الإنسان , أن يراقب ما يجري بحق الكرد , لا أقصد نظام الاستبداد , فقمع الكرد واضطهادهم جزء من سياسته , لكن ما أعنيه , هو مؤامرات أحزابنا الكردية على شبابنا المنتفضين في هذا الوقت الذي يمكن القول انه قد يكون السبب في كارثة لنا جميعا , ان أخطأنا الاتجاه مرة أخرى .
          في العام 2004 دبرت السلطة مؤامرة للوقيعة بيننا وبين شركائنا في الوطن , وأفهمتهم أن الكرد انتفضوا للانفصال وحرضت الغوغاء على نهب محلات الكرد , ثم اعتقلت مئات الشباب الكرد وعذبتهم في المعتقلات شهورا , فهل فعلت تلك الأحزاب شيئا لمنع ذلك ! , أو هل اعتقلت السلطة أيا من قادة تلك الأحزاب , سؤال آخر كان يجب أن يكون قبل ذلك بأعوام وهو : هل حاولت تلك الأحزاب رأب الصدع الذي سببته سلطة الاستبداد بيننا وأشقائنا العرب في الوطن , وهل قامت بأي جهد للتقارب مع المعارضة السورية للوقوف الى جانبنا , الا فيما ندر , هل تعلمون أنهم صدقوا أننا نريد "الانفصال" الذي نحن أضعف حتى من أن نطالب به , صدقوا ذلك لأنهم لم يعرفونا سوى من خلال البيانات "الألعاب" النارية التي كان يطلقها البعض في الهواء .
              تكررت نفس المأساة بعد اغتيال الشيخ معشوق الخزنوي , ومرة أخرى تم نهب محلات الكرد , في القامشلي هذه المرة ! , واعتقل العشرات وعذبوا , ماعدا القادة الذين قيل أن السلطة لا تجرؤ على اعتقالهم , ولكن حين أرادت تلك السلطة اعتقلت من رأت أن من مصلحتها اعتقاله ولم نفعل شيئا ! "لا حاجة الآن الى التفاصيل " لكن الجميع يعرفون من اعتقل من القادة ولماذا لم يعتقل غيرهم , أي أن السلطة لا تخشى أحدا وإنما لها أجندتها وتتصرف على أساسها , خدمة لمصالحها هي , بعد تلك العذابات وفجأة , حلّت إحدى أميرات الجن في ربوع جزيرتنا الغنّاء" , قالت أنها قادمة من بلاط الرئاسة , للقاء قادة الكرد ودعوتهم للقاء الرئيس , وبدون جهد يذكر سحبت وراءها قاطرة من قادة الأحزاب وأتباعهم الى العاصمة , للقاء الرئيس الذي لم يتم , وإنما بلقاء مسئول أمني أقل من مستوى من إلتقاهم القادة في العام الذي قبله ,  ليعودوا جميعا , وكل يتهم الآخر بالإيقاع به في تلك الورطة , "غير مهم ذكر من كان السبب في الورطة" اذ المفروض أن يجيب التاريخ القريب عمن تسبب فيها , اذا كنا فعلا تجاوزنا أخطاء أجدادنا في بداية القرن العشرين , والا فسيلعن التاريخ قادة اليوم ومثقفيها الذين سكتوا عن أخطائهم , خشية أن يتهموا بأنهم ينشرون إشاعات , وغدا لن يتهمنا الأحفاد بالجهل وتحكم الأغوات والمشايخ , فقط , فلم يعد هناك وجود لتلك التسميات , وإنما أحزاب وأتباع ومثقفون , لذا ستعتبر هذه الأخطاء مقصودة وخيانة بحق الشعب المغلوب على أمره .
       اليوم وفي هذا الوضع السوري والإقليمي الخطير جدا , وحيث أصبح كل تصرف غير محسوب النتيجة , لعبا بالنار , وفي الوقت الذي قام شباب الكرد بالانتفاض من القامشلي وحتى عفرين , وارتفعت كلمة "آزادي" بين نجوم العلم السوري في كل المدن السورية المنتفضة , في جمعة آزادي , ولتتردد كلمة آزادي على كل لسان نتيجة جهود الشباب الكرد وانتفاضتهم التي حققت وحدة وطنية بين كل السوريين , أفشلت ما خططت له السلطة خلال نصف قرن , هل استطاعت أحزابنا خلال تلك الفترة أن تعمل شيئا غير التوالد والتكاثر لدرجة لا يتذكر أحدنا أعدادها فضلا عن أسمائها , أو هل تمكنت من إيصال معاناتنا الى شركائنا في الوطن , لا , بل قامت العديد من هذه الأحزاب بما أدى الى توسيع الهوة بيننا , خدمة للسلطة , أو كي لا تتسبب فيما يزعجها ! .
        الآن ومن خلال ما يجري في سوريا , ماذا تفعل هذه الأحزاب ؟ هل قدرت ما قام به هؤلاء الشباب , بالتأكيد لا, بل حاولت التآمر عليهم في "الهليلية" ثم لم تكتفي بذلك بل تم التسرب , كل يحاول أن يلتقي بجهة ومن خلف بعضهم – كما فعل أغوات الكرد في مجلس الشيخ محمود "ملك كردستان" عام 1919 أيام لجنة "كنج" !!!!, فما أشبه حال بعض قادتنا اليوم بقادة الأمس , وما أشبه اليوم بالبارحة ! .
*كتيب محمد طلب هلال يذكر سادية جلاوزة الأمن مع الشيوخ المسنين الكرد , وكمثال على ذلك والد السياسي الكردي الأستاذ حميد درويش وما عاناه على يد "حكمت ميني" رئيس المكتب الثاني من تعذيب وقهر .
الحسكة في : 24 أيار 2011







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=8604