أحداث الشرق الأوسط في مؤسسة كاوا
التاريخ: الأربعاء 16 شباط 2011
الموضوع: اخبار



      نظمت مؤسسة كاوا للثقافة الكردية ندوة بعنوان " قراءة في موجة تغييرات الشرق الأوسط " للدكتور – فؤاد حسين – رئيس ديوان رئاسة اقليم كردستان في مركزها  بالعاصمة أربيل بحضور شبابي حاشد من النخب السياسية والثقافية والطلابية .
    بعد الترحيب بالسادة الحضور من جانب مقدم الندوة د. ابراهيم محمود , افتتح المحاضر الندوة مستعرضا في مستهل حديثه الثورات والانتفاضات المتواصلة في أكثر من بلد واصفا اياها بالطبيعية في حياة الشعوب التي تعاني من عدم الاستقرار والمعاناة ولكل شعب خصوصيته في القيام بالدعوة الى التغيير ان كانت بشكل سلمي  او ثوري او القيام بانتفاضة  وهنا في كردستان بودي ان اوضح حول الرؤى المطروحة والمتداولة حول التغيرات التي حدثت في المنطقة .


     فبالنسبة لما جرى مؤخرا  في مصر وتونس وما حدث من اجراء استفتاء حول مصير جنوب السودان وما رافق من تسارع لبدايات تغيير وجه الانظمة التي تتحكم بشؤون دولها وادارتها يستدعى التوقف .
  نعلم جيدا بان الولايات المتحدة طرحت خريطة طريق الشرق الاوسط الكبير ولكنها لم تتمكن من تحقيق ذلك سوى في افغانستان والعراق ولو بتلكؤ ولم يحدث لدن دول اخرى لعقبات واجهت مشروعها .

       ما جرى في مصر وكما هو باد فان مصر كانت دولة  صديقة ومنذ عقود للولايات المتحدة الامريكية و منذ اتفاقية كامب ديفيد  وكانت تمدها بالمساعدات لاستقرار النظام  .
      وكذلك بالنسبة الى تونس ونظام بن علي ايضا وبالرغم من ان النظام هناك كان الاقرب الى فرنسا فان ذلك لم يستدعى بان تقدم الولايات المتحدة وفرنسا المساعدة لرأس النظام عندما خرجت التظاهرات لتغييره .
       لسنا هنا بوارد تقييم السياسة الامريكية فكما هو معروف فان السياسة الامريكية في المنطقة ترعى مصالحها بالدرجة الاولى واستدعاء حالة الاستقرار وهذا بحد ذاته يستدعي تغيير الواقع الراهن واصلاح ماهو قائم بازالة نظم بالية واهنة .
     الوضع الان في مصر أصبح بأيدي الجيش واستلم المقاليد لادارة الحكم واعدا بانه سيعمل على الاتيان بحكومة مدنية بعد اجراء انتخابات ديموقراطية , ولكن السؤال المطروح هنا, هل سيدعم الجيش الحكومة المدنية في حال فازت احزاب الجماعات الاسلامية بالانتخابات كما هو الحال الاخوان المسلمين في مصر وحزب النهضة في تونس , وهل ستكون الحكومات المستقبلية على غرار حكومة حزب العدالة الحاكم في تركيا ؟
       اسئلة كثيرة مطروحة اذ ان الثورة المصرية لها تأثيراتها على المنطقة بشكل عام وبالاخص في دول الجوار من السودان وعلاقاتها مع اسرائيل والقضية الفلسطينية وتعاملها مع الفصائل الفلسطينية المتناحرة وهذا بمجمله سيكون من خلال مجريات المستقبل المنظور اي فترة زمنية محددة لا تتعدى السنة الواحدة .
          اما بالنسبة للعراق وكردستان
      الوضع هنا في العراق وكردستان يختلف عن مصر وتونس , كون الحكومة المركزية في بغداد ليست مسيطرة مركزيا على جميع المناطق في العراق وعدم وجود شخص مركزي او قائد مركزي لو قورن مع مصر وتونس , كون دعوات الثورتين كانت مطالب حول السياسة الداخلية والمشاكل الاجتماعية المتراكمة لعقود من حكم حزب حاكم ورئيس تعاقب لمرات عديدة الى سدة السلطة , اما في العراق فان مجمل المطالب هي خدماتية وتحسين مستوى المعيشة وتوفير الامن ومكافحة الفساد .
  فمثلا لو قامت الانتفاضة في البصرة فانه من الصعوبة ان تتجاوب معها المناطق الاخرى في العراق اي ان المطالب هي محلية وليست لها تاثيرات على مجمل المناطق في العراق.
  مضيفا بانه توجد  نقطة مهمة هنا اود الاشارة اليها وهي, ان المسالة التنظيمية مفتقرة لدى المطالبين للخروج بانتفاضة او حتى المطالبة باحداث تغيرات او المطالبة بحقوق منقوصة , كونه يتواجد في العراق احزاب متعددة لكل منها برامجها وهي تتنافس فيما بينها في الانتخابات البرلمانية وقد ارتضت جميعها بهذه المنافسة الانتخابية, وهي ليست مستعدة بان تقود التظاهرات كونها مشاركة في ادارة الحكم والتنافس الانتخابي.
    ومن جهة اخرى فان التعددية الحزبية الدستورية تحصر هؤلاء الفائزين بان يحكموا لفترة محددة ولدورة انتخابية واحدة ومن خلال هذه الفترة يكون الرهان على استمراريتهم في الحكم او فقدانهم لمراكزهم كل ذلك يكون في ايدي الناخبين .
وفي كردستان فان المسالة هي حزبية بالدرجة الاولى وبوجود احزاب متعددة تتنافس فيما بينها لاستلام السلطات والمقاعد البرلمانية, ولجميع الاحزاب مكانة على ارض الواقع وتصل بصوتها الى مركز اتخاذ القرارات , وهو النقيض من مثال مصر وتونس حيث كان الكثير من الاحزاب غير شرعية وغير مسموح بها مثل الاخوان المسلمين في مصر وحزب النهضة في تونس ,  بالرغم من تواجد احزاب اخرى ولكنها كانت ذات تأثير لايذكر , وقاعدتها الجماهيرية كانت صغيرة و محدودة مقارنة بمثيلتها من الاحزاب الحاكمة والتي كانت تستحوذ معظم المقاعد البرلمانية .
      بتصوري المعارضة لديها خلل في التعامل مع الاحزاب الحاكمة هنا في كردستان اذ ان الاحزاب هنا لديها شرعية ثورية وشرعية قانونية , وهنا السؤال المطروح والمتداول هل  الاحزاب المعارضة تريد استنساخ حالات مناقضة لوضع الاقليم ؟  والحقيقة المرة هي أن تمادي المعارضة أكثر - وهي ليست بأفضل حال من الحزبين الحاكمين -  يعني العودة الى الحرب الأهلية
 هذا السؤال يدعونا للقول بان هكذا دعوة تناقض نفسها بنفسها وقد قادنا ذلك الى كارثة فيما سبق من اقتتال داخلى , ومع الاسف كانت لذلك اسبابها وتداعياتا ونتائجها المؤلمة , وهذا مرفوض في الوقت الراهن رفضا باتا ولن نسمح بتكرار تلك الكارثة الفاجعة. لان هذا يعني الانهيار الكامل لكل مابنيناه ومكتسبات حققناها بتضحيات شعبنا وخلال عقود من النضال وانهار من الدماء وقوافل من الشهداء , وحقيقة نحن نقلق جدا من هكذا طرح .  
     سؤال آخر بل وتساؤلات جمة بانه يوجد هناك فساد مستفحل , نقول نعم يوجد فساد وفي هكذا حالة يتوجب المطالبة بالاصلاح وازالة هذه الآفة ولكن ليست الدعوة والمطالبة للقيام بثورة او انتفاضة . فاذا كانت المطالبة بالثورة فانه يتوجب اولا من احزاب المعارضة والاحزاب الحاكمة ان تغير نفسها اولا ومن ثم تطالب بالتغيير الثوري .
    نحن هنا بحاجة الى اصلاح وباستعمال جميع الاساليب والامكانات والاليات وذلك بوضع الية قانونية وادارية , وفي الدرجة الاولى يتطلب الانطلاق من تعريف ومفهوم الاصلاح , وهل الاصلاح يتوجب ان يبدأ اولا من داخل المجتمع او ان يكون فقط في الادارات والممارسات .
ولذلك استطيع القول بانه يتوجب وضع خطط وبرامج للاصلاح وحل المشاكل بالحوار والنقاش حكوميا وجماهيريا وحزبيا وهذا ايضا غير كاف وانما يتطلب ان يبدا من داخل المجتمع , وهذا يتطلب ان يبدأ من كل هيئة ومؤسسة ومن داخلها وهكذا تتوسع الى ايجاد حلول لمجمل المشاكل وليست وضع حلول للبعض من القضايا هنا وهناك, لانه لايمكن مواجهة النقائض مع بعضها , ويتطلب هذا القيام بخطوات متدرجة للاستمرار والتواصل وتمهد لاجراء التغيرات ومن ثم التغيير في البنى اوجميع المفاصل والوصول الى مراحل نهائية و يتقبل الجميع بعضهم البعض , اي ايجاد منظومة توافقية في النهائية .
      وبالعودة الى منظومة الاحزاب الهرمية في الدول التي شملها التغيير فانه كانت لدى تلك الدول منظومة هرمية في احزابها الحاكمة وكانت القررات لانطلاقة الانتفاضة في السابق تبدأ  من الاعلى في النسق الهرمي لقيادة الثورات, اما الان وما شاهدناه في انتفاضتي مصر وتونس فكان له طابع افقي في قيادة الثورة اي التواصل عبر الانترنيت والفيس بوك بين جميع فئات الشعب وهذا ماعجل  بحتمية انتصار الثورة اي بالفيس بوك والانترنيت والتواصل عبر الهواتب النقالة .
وهناك ايضا مثال الثورة الايرانية 1979 باستعمل تقنية الكاسيت وذلك بتسجيل الخطابات والتوجهات على اشرطة الكاسيت وتوزيعها وهذا مادعي بان الثورة الايرانية كانت ثورة الكاسيت.
لو نظرنا الى العراق فان عدد المشتركين في الانترنيت هي بحدود النصف مليون واكثر من النصف فقط هي موجودة في كردستان , ففي تونس كان العدد يصل الى حدود ا اكثر من مليونين ونصف وفي مصر الى خمس ملايين وهذا مادعا بخروج المتظاهرين باعداد مليونية ولم يتمكن النظامان في مصر وتونس المواجهة واستعمال القمع وبالتالي السيطرة على الاعداد المليونية .
واختتم الدكتور كلمته قائلا : اكرر مرة ثانية باننا هنا في كردستان لسنا بحاجة الى ثورة وانما نحن بحاجة الى الاصلاح وفي حال استفحال المشاكل فانها ستتوسع ولايمكن السيطرة عليها فيما بعد , ولدينا الوقت الكافي في معالجتها قبل استفحالها والخروج عن السيطرة وآنذاك نكون قد ضحينا بما جنيناه على حساب  دمائنا ودموعنا .
    ونحن بحاجة الى مراجعة شاملة ووضع تجاربنا امام اعيننا وطرح المشاكل والاخطاء والنواقص بجرأة ومسؤولية ومعالجة الخلل ووضع الخطط والطرق والبرامج والسير عليها وذلك  بالحوار والنقاش الهادئ .
هذا وقد شارك الحضور بالمداخلات والمناقشات الواسعة والعميقة كما تمت التغطية من وسائل الاعلام الكردستانية  والعربية .
16 / 2 / 2011
 الهيئة الادارية
مؤسسة كاوا للثقافة الكردية












أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=7857