عند تناول المسائل السياسية الكوردية الحساسة..!
التاريخ: الخميس 11 تشرين الثاني 2010
الموضوع: اخبار



دهام حسن

عندما يتناول واحدنا مسألة سياسية حساسة ومصيرية تخص شعبنا الكردي عليه أن يعي قبل أي شيء أن تناوله لهذه المسألة الحساسة تستوجب فضلا عن خلفية ثقافية وفكرية، تستوجب منه معرفة أن ما يكتب ليس بنص شعري حتى يكتب أو ينشد ما يحلو له، وما يحضره من خواطر ومشاعر، ويسترسل بالتالي مع عواطفه، وينفرد بعزفه، عليه أن يعلم أن ما يكتبه لا يخصه هو وحده حتى يتفلسف كما يريد، عليه أن يعي أيضا أبعاد ما يقوله، لأنه لا يعمل في فراغ..
كلامي هذا موجه بشكل خاص للذين يعيشون خارج سوريا، فإذا كان واحدهم بمنجى من مساءلة بسبب وجوده خارج البلد، عليه أن يدرك تبعات كلامه بمثل هذه الجراءة والاستعراض على هؤلاء المتشبثين بأرض الوطن، لا للسابحين في فضاءات الخارج،


 فلندع السياسة لمن يختبرون السياسة كواقع، لا لنزف الأقلام، وثرثرة الألسنة دون أدنى مسؤولية، الجرأة تكون في القراءة الواعية للحالة، في الطرح السليم لا في تكبير الحجر، الجرأة أن تعيش في الواقع لا في الخيال، علينا أن نعرف مدى وقع كلامنا على هذا وذاك، وما جدواه بالنتيجة.؟
سئل حيدر كوتلو السكرتير العام للحزب الشيوعي التركي في زيارة له إلى أوربا، سئل سؤالا محرجا من قبل صحفي تركي مقيم في أوربا بشكل دائم، ومحظور عليه العودة إلى تركيا، أما السيد كوتلو فلم يكن عليه أي حظر يتنقل بين أوربا وتركيا بكل حرية، ولما كان الرد على سؤال الصحفي محرجا، فرد عليه السيد كوتلو: تعال إلى تركيا واسألني هذا السؤال سأعطيك الجواب.!؟ فإذا أنت أخي بهذا التفكير، وبهذه الجرأة، لن أقول لك لماذا لا تأت إلى داخل الوطن، لأنك لن تأتي، وربما تكافح في سبيل لقمة العيش، لكني أقول لك كن أيضا مدركا لظروف الآخرين، وأبعاد حساباتهم..
أجمعت الحركة السياسية الكوردية في الداخل إيجابيا موقف السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد في أكثر من تصريح له بشان الكورد في سوريا، وبالتالي هم وحدهم المخولون بهكذا تقييم، لأنهم وحدهم يعيشون الواقع ويتحسسونه وليس من كان يعيش خارج أرض سوريا.. ربما على الإنسان الكوردي في الخارج أن يحلل ويقيـّم أي موضوع شاء، لكنه في أية حال ليس من حقه أن يزايد على الداخل بإطلاق تصريحات غير مسؤولة..
نقطة أخرى علينا التنبه لها، فعندما نكسب صديقا من غير الكورد لا سيما عنصرا عربيا،  ينظر إلى المسألة الكورية بتفهم واعتدال، يقف نسبيا إلى جانب الكورد في معاناته، ومع حقوقه الوطنية المشروعة، يرى سوريا لكل السوريين وبكل مكوناتها المجتمعية، فيركز على المساواة، وعلى المواطنة، علينا أن نتقبل من أمثال هؤلاء هذا الموقف، ونشكرهم لا أن نطالبهم أن يكونوا ملكيين أكثر من ملك، أي أن يكونوا أكرادا حتى أكثر من الكورد أنفسهم، يحفظون في جيوبهم برامج لحل المسالة الكوردية، هذا غير ممكن، هذا غير واقعي، ومن المعلوم أن السياسة هي فن الممكن، فتحييد إنسان خير من أن تطالبه إما بقبول برنامجك، أو تصنفه كالآخرين في الضفة الأخرى ..
إن الرد العنيف على كاتب عربي يتناول مسألة ما تخص الشأن الكوردي، بشيء من الاستقلالية ليس بالمفيد أبدا، في أي أوقيانوس يعيش هذا الإنسان العربي، أنه ابن هذا الواقع، كما أنت، وعليكما من ضغوطات الواقع ربما تفسد عليه التفكير السليم، كما أفسدت عليك التفكير بحلم وصبر، فما عليك إلا أن تلتقي به وتجادله كما هو يجادلك، لا أن تشهر سيفك وتصنع منه عدوا..
النقطة الأخيرة.. قبل قليل قرأت مقالة، لم يدع كاتبها خصلة جيدة إلا ونسبها لشعبنا الكردي الكريم، فجعل منا شعب الله المصطفى، أجل شعبنا الكردي شعب طيب ومحب، ومكابد أيضا، لكننا في الحقيقة، لا نختلف عن الآخرين، فكثير من الشعوب محكومة بأخلاقها وبسجاياها إما للبيئة الاجتماعية أو الجغرافية أو للتاريخ، أو للحالة الطبقية، أو بما ورثه هذا الشعب أو ذاك من عادات وتقاليد وأعراف..
إن هذه السمات الإيجابية التي تكونت لدى شعبنا، لم تحرم منها الشعوب الأخرى، ثم إننا عشنا حياة الكهوف والجبال، ثم في السهول، في الريف ثم في المدن، وعشنا في ظل تلك الإقطاعيات الكوردية الظالمة، وعشنا قتال عشائر وقبائل، وكل هذا ورثـّنا مزايا، وصنع من الإنسان الكوردي عما هو عليه اليوم، ومثل هذه السمات أكسبت شعوبا أخرى شهدت نفس التجربة، وتخلقت بكثير من تلك الأخلاق والخصال التي أنجبتها تلك البيئة الاجتماعية والجغرافية، فلماذا يلجأ بعض كتابنا للتفرد بمزايا وخصال ينسب إلى شعبه وحده وكأنه بيضة الديك..
وأقول لكاتبنا هذا للحقيقة لا في سبيل التندر، هل هذه المشاحنة والبغضاء في المسلك الحزبي بين الأحزاب الكوردية من أخلاق شعبنا.؟ ربما تقول لا ..أما أنا فأقول نعم.. ولماذا لا.؟ فتلك القيادات، أجل.. من هذا الشعب المسكين المتخلف، والواقع السياسي الكوردي المزري  هو الذي أفرز هذه القيادات وبالتالي مثل هذه العداوة..
فلا يمكن الحط من شأن أي شعب من شعوب الدنيا، فالشعوب في الآخر نتيجة عوامل وظروف أتينا على بعضها للتو.. 
أخيرا أقول أن تكسب صديقا من غير قوميتك، يتفهم موقفك، ويتقبله بعض الشيء، أي أن تخلع عنه رداء العداء، وتبقيه قريبا منك، صديقا لك، أو حتى في موقف حياد في بعض الحالات، هذا يعد مكسبا نضاليا، وليس شيئا ثانويا،، ليس بالضرورة أن يفكر الآخر كما أفكر، ربما تكون هذه الخطوة الأولى من التفهم والتلاقي، هي الخطوة التمهيدية في مشوار سـفـر نضالي طويل ..







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=7568