الكرد السوريون * الى أين
التاريخ: الأثنين 24 ايار 2010
الموضوع: اخبار



حسين عيسو

هذه الرسالة موجهة الى المثقفين , الى الانسان الكردي الذي يعتقد اليوم أنه لا يملك من أمر نفسه شيئا , فهو محبط  لا يعرف ما العمل والى أين تسير به الأيام .
لأنه من جهة يعاني من سلطة لا يعرف أحد ماذا تريد , فكل يوم تصدر قرارا أسوأ مما قبله لدرجة أن أحدنا صار يخشى الغد , بدلا من التفاؤل به , عكس كل شعوب الأرض.
ومن جهة أخرى مجموعة من القادة "بهلوانات" لأحزاب كردية , عددها غير معروف اليوم , أما أعداد منتسبيها , فلا تعادل أكثر من واحد بالمائة من أبناء القومية الكردية في سوريا , ورغم أن هذه الأحزاب مجتمعة لا تعادل أكثر مما ذكرت , فهي تدعي تمثيل الكرد السوريين


والمصيبة الأكبر أنها لا تعرف الى الآن ماذا تريد , فقط همها الوحيد هو المحافظة على وجودها من خلال طرح شعارات , دغدغت فيما مضى مشاعر الناس البسطاء ودفعتهم الى التقوقع والانعزال عن باقي مكونات المجتمع السوري , وهي اليوم , وفي تناغم مع السلطة تعمل على توسيع الهوة بين الكرد وباقي أطياف المجتمع , وبذلك حرمت الانسان الكردي , من شرح معاناته للآخر السوري , والحصول على دعمه , وهذه الأحزاب غير معروف كيف تعمل , فهي تحت الطاولة مع كل ما يراد منها , وفي العلن ضد كل شيء , وشعارات , هي تارة تسمي المنطقة ذات الأغلبية الكردية في سوريا , اقليم غربي كردستان , وتارة أخرى , كردستان سوريا , وتارة لا يقبلون بأقل من الفدرالية , وتارة يتم التنازل الى الحكم الذاتي ويخرج من القمقم جهابذة يشرحون لنا ما هو الحكم الذاتي وما هي سماته , وبعضه الآخر يقول نحن أقلية ولسنا قومية , والبعض ضرب على نغمة الشوفينيين من العرب السوريين الذين يدعون أن ليس في سوريا غير قومية واحدة , هي القومية العربية , أما غيرهم , فوافدون من المريخ أو كوكب الزهرة , وفي المقابل سلطة استبداد لا ترحم , فهي يوما تغير أسماء القرى وأخرى تمنع الانسان من بناء مسكن فوق أرضه , أو حتى شراء منزل , فالبيع والشراء للعقار ممنوع عندنا بمراسيم , عكس كل دول العالم وقوانينها , ومؤخرا صدر قرار بكف أيدي فلاحين يكدحون في أراض ورثوها عن آبائهم وأجدادهم , وهكذا يستمر الفعل من قبل السلطة , وردات الفعل من قبل بهلوانات الأحزاب , لا دفاعا عن حق هذا الإنسان المغبون والمغلوب على أمره , وانما بشعارات براقة , لا يدفعون هم ثمنها , وانما يدفعها الانسان الكردي البسيط الذي لا معين له في مأساته.
فالكردي اليوم يبحث عن أي فرصة للهرب من الجحيم الذي أوقعه غيره فيه , حتى محيطات أوستراليا وأمريكا وبحار اليونان وصقلية وغيرها انتشت بابتلاع جثث هذه الفئة من البشر .
فأين الحل ؟ , السؤال اليوم موجه للمثقف الكردي "لا أقصد مثقفي الأحزاب الذين هم أسرى مصالح أحزابهم" انما الانسان الذي يعيش المعاناة ويتلمسها في كل يوم من خلال طفل مريض لا تجد أمه ثمن دوائه , أو عائلة تبيع كل ما لديها لتسليمها الى سماسرة ومهربي بشر ** ليصلوا الى بر الأمان هربا من هذا الجحيم الذي كان قبل أعوام قليلة , من أحلى جنان الأرض قاطبة .
"السياسة فن تحقيق الممكن" , ولنتكلم هنا بصراحة كاملة , هل الكرد في سوريا بمستوى أي من القوتين الكرديتين في كل من العراق وتركيا , وهل هنالك من مجال للمقارنة بيننا وبينهم في أي ظرف من الظروف . ففي حين نرى أن تلك القوتين عادتا بعد حروب داخلية استمرت عشرات السنين الى العمل ضمن المشروع الوطني , كلٌ في بلده , فماذا يراد منا نحن الكرد السوريين , هل يصدق عاقل أن الكرد يستطيعون العمل دون دعم باقي القوى الوطنية في سوريا , اذا كان هنالك من يستطيع ذلك , فليتفضل , والساحة أمامه , دون مزايدات وشعارات وانما بالفعل , أما اذا كنا نؤمن بأن العمل يجب أن يكون من خلال العمل مع باقي القوى الوطنية , فالآخر السوري يريد أن يعرف ماذا نريد أولا , هل نحن مع الشعارات الشعبوية والمزايدات المذكورة آنفا , أم نؤمن بأن سوريا هي وطن لنا جميعا , وهل نؤمن بسوريا المستقبلية كدولة مدنية هي دولة الحق والقانون , دولة لا تعامل أيا من مواطنيها , تفضيليا بسبب عرق أو دين , دولة لا تلغي القوميات وتدمجها في بوتقة قومية واحدة , انما دولة بشعب واحد وقوميات متعددة , في دولة تعترف دستوريا بثقافات كل قومياتها , وتعتبر ذلك نوعا من الثراء الثقافي في بلد تمتد حضارته الى آلاف السنين , اذا كنا نؤمن بذلك فلماذا لا نحاول كسر الحاجز الذي أقيم بيننا وبين الآخر السوري , ونشرح له أننا لسنا دعاة انفصال , وأننا لسنا أقل وطنية منه , وأننا سوريون أولا , وأن معاناتنا هي معاناته هو أيضا , وأن تجريد سوريين كرد من جنسيتهم كما حصل في الاحصاء الاستثنائي المشؤوم هي وصمة عار في تاريخ سوريا وحضارتها , ويجب أن يكون ازالتها هدفنا جميعا , ولنضع معا تصورا حضاريا لسوريا المستقبل .
في 24/05/2010  
Hussein.isso@gmail.com
*هذه الرسالة موجهة الى الانسان الكردي في سوريا فقط لأن الكرد في الدول الأخرى ومع كل المحبة , أصبح كل منهم يلتفت الى أموره ضمن بلده فلماذا لا نفعل ذلك أيضا.
** كتبت عن ذلك منذ أكثر من عام بعنوان "حكاية من التراث الفيليبيني" وهي منشورة في العديد من المواقع.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=7068