الحالة المناسبة للمشهد السياسي الكردي في سوريا *
التاريخ: الأحد 02 ايار 2010
الموضوع: اخبار



موسى موسى

ان التجمعات البشرية كظاهرة سابقة لظهور الدول والممالك والامبراطوريات تعود اليها  اساساً  نشوء الدول وغيرها من اشكال النظم السياسية، ولم تتوقف تلك الظاهرة، فهي في حراك مستمر سلباً أم ايجاباً بحسب ما تستدعيه مصالح قوادها أم مصالح رعيتها، ولم يشهد التاريخ السياسي للمجتمع البشري خلو أي تجمع - حتى في الدول - من التجمعات المتخالفة، بل كان الصراع بين الحاكم والمحكوم، بين الحكام والرعية قائما.
وقد اتخذت ظاهرة التجمع تلك في العصور الحديثة شكل الاحزاب والحركات السياسية، إما لطرد المستعمر كحركة تحرر وطني، وإما للنضال في دولها ضد السلطات الحاكمة التي تستحوذ على مقدرات البلاد، دون ان تترك لشعبها حرية التطلع الى حياة أفضل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.


وقد سطر تاريخ الشعوب نشوء الحركات والاحزاب التي ناضلت في سبيل الاستقلال من الاجنبي وحكمت بلدانها دون أن تقدم لشعبها الأمن والاستقرار والنماء، بل تحولت الى أكثر من الاحتلال في امتصاص لقمة الشعب بالإضافة الى القمع والاستبداد، كما شهد التاريخ على وجود بعض الاحزاب التي لم تستطع أن تستحوذ على السلطة في بلدانها المستقلة والتي بدت نظرياً بانها معارضة وبسبب عدم امتلاكها لأسباب القوة حافظت فقط على وجودها اسماً لكنها عملياً أصبحت خاملة، حيث وجودها من عدمها سيٌان.

و الاحزاب الكردية في سوريا رغم عدم سعيها للسلطة، يبدو لي بانه أمر يختلط في مفهومه مع مفهوم المشاركة في ادارة البلاد وصنع القرار، وإذا كان مفهوم المشاركة أخفُ وطأة من مفهوم السعي الى السلطة لكنها ليست بعيدة المنال فقط، بل تبدوا مستحيلة في الظروف الحالية للحركة.

 
وإذا لم تتسنى للحركة الكردية في سوريا بتجمعاتها المختلفة  ولعوامل موضوعية من المرور بمرحلة النضال الوطني بقصد الاستقلال، لكنها استمرت كتجمعات متخالفة مع نهج السلطات الحاكمة في البلاد دون ان تستطيع  تحريك نهج السلطة الساكن والراكد بالنسبة للقضية الكردية ايجاباً منذ عهود، لا بل تمادت السلطة في اتخاذ اجراءات أشد عنصرية تجاه الشعب الكردي، وإن عدم مسؤولية الحركة الحزبية الكردية  عن إصدار وتنفيذ القوانين والمشاريع العنصرية بحق  الشعب الكردي، لا يعفيهاـ بتراخيهاـ من مسؤوليتها غير المباشرة، كما لا يعفيها من المسؤولية المباشرة عما آلت اليه وضع الحركة الحزبية نفسها من التشرذم الذي أدخلتها الى مستنقع لا يمكن الخروج منه بحال من الاحوال، وبتخصيص الحالة لا يمكن إلا القول بان القيادة هي المسؤولة عن تردي الأوضاع الحزبية الداخلية خاصة وأوضاع الحركة عامة.  

 
ان اسلوب النضال التنافسي او التوافقي او غيرها من الاساليب قد تجد طريقها الى النجاح لدى بعض المجتمعات، أما في الحالة الكردية فالأمر لا يخلوا من الاختلاف، فلا الاسلوب التوافقي يرى طريقه الى النجاح، إلا إذا كان مستنداً على مقدمات عمل نضالي مؤثر وليس التوافق من أجل التوافق، ولا الاسلوب التنافسي كذلك، فلو أخذنا أحد الاطر المتحالفة كمثال: التحالف، أم الجبهة، أم لجنة التنسيق، أم المجلس السياسي، ولو سئل أحداً ما، ماذا سيحدث للحركة الكردية أو الحركة الحزبية لو انسحب احد الفصائل الحزبية من أحد الاطر المتحالفة؟؟؟ سيكون الجواب لا شئ يحدث.

 
حسناً وماذا سيحدث للفصيل المنسحب؟بالتأكيد بالنسبة للبعض سيكون مرتعاً ليس للطعن فقط بل لأكثر من ذلك...، وبالنسبة للبعض الآخر اهمال وعدم مبالاة،  والحركة الحزبية مدعوة على تفسير تقاتلها على الالتفاف حول بعضها ضمن أطر تجمعهم  مثنى أو ثلاث أو رباع أو مضاعفاتها، كذلك مدعوة قبل تأطير الاطر المزمعة بتبيان الدوافع التي تدعوا الى ذلك والنتائج التي تترتب عليه ـ أو يلحق بالفصيل المنسحب ـ في حال انسحابه. فماذا قدمت الاطر السابقة وماذا ستقدم الاطر اللاحقة اذا لم يكن هناك ما يدعوا الى ذلك كإحتياج ضروري، يتضرر من يبقى خارجه.

 
من هذا المنطلق  لا أرى بان العمل التوافقي يؤدي الى نتائج ايجابية في المدى المنظور حسب ما تشير اليه واقع الفصائل الحزبية.

ان التفكير المنطقي للامور يقتضي تقديم برنامج عمل نضالي جاد، ومن ثم طرحه على الاطراف للالتفاف حوله وتشكيل اطار تحالفي على أساسه، أمامحاولة تشكيل إطار تحالفي ومن ثم الاتفاق على برنامج عمل، مثله كمثل وضع العربة أمام الحصان، فينعطف البرنامج في خطه البياني نحو الاسفل الى أن يفقده صفة العمل النضالي

فلو راجعنا بالذاكرة الى الماضي ماقبل تأسيس الاطر، التحالف،ا لجبهة، التنسيق، المجلس السياسي، ماذا زادت الأطر من الأعمال النضالية الجادة والمؤثرة عن الفترة ما قبل تأسيس تلك الأطر؟؟ .

أما الاسلوب التنافسي بل الاحادي ـ وإن كثُر فثنائي ـ هو الاجدى في حال الحركة الكردية اذا توافرت لديها شروط ، فمن المعلوم في حالة تشكيل الأطر وبقاء أحد الاطراف خارجها سيكون موضع نقد وربما تخوين، لذلك من شروط العمل الاحادي هو عدم الاهتمام بالمغرض من الاقاويل، ولا يمتلك صفة  عدم الاهتمام بالمغرض من الأقاويل إلا من ترفع عنها بالعلم والمعرفة، ومن امتلكهما أمتلك نهجاً صحيحاً يستطيع به أن يمثل شعبه، فبالعلم والمعرفة والنهج الصحيح تتكون القوة ، وبها يستطيع أن يؤثر على القرار السياسي في الدولة، ويكون من نتيجته اعتراف الدولة بتمثيلها لشعبها، لا كما اليوم حيث تدعي الحركة بانها الممثل الشرعي للشعب الكردي، فما هي الاماكن التي تمثل فيها الحركة شعبها، فهي لا تمثل شعبها لدى السلطة، ولا لدى المجتمع الدولي، أو الاسلامي، أو العربي، ولا حتى الكردستاني، كون القضية الكردية في سوريا ليست حاضرة لدى هذه الاطراف فكيف يقبلون تمثيلها، والسبب في ذلك هو عدم امتلاكها لأسباب القوة المؤثرة.   

 
كما تتصف الحالة الكردية بالمزاجية، فالحزب الديمقراطي الكردي السوري الذي بقي ردحاً من الزمن

خارج الأطر الثلاثة لم يتعرض الى شئ من ذلك القبيل، وارى بانه لو بقي خارج المجلس السياسي أيضاً  لما تعرض الى شيئ من قبيل النقد أو غيره، وبالمقابل هناك البارتي الديمقرطي الكردي، هل تجرأ أحد الفصائل في دعوته للإنضمام الى المجلس السياسي؟؟.

لذلك يبقى أي تحليل  لأوضاع الحركة الكردية ناقصاً كون الحركة الحزبية خاضعة لأمزجة المتنفذين في فصائلها، وإذا كانت الأمزجة هي المتحكمة  فلا جدوى لأي اسلوب نضالي قبل أن  تضمحل تلك الامزجة ويصبح هاجس القضية هو الأهم، ومع ذلك يبقى الاسلوب الأحادي ـ ليس بمعنى التنافسي ـ هو الأقرب الى الواقعية و الانجع في هكذا أوضاع.

 
01/04/2010

* جواباً على سؤال ( موقع بنكه).







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=7012