رؤية معرفية في واقع لامعرفي (سياسة الطفل)
التاريخ: السبت 01 ايار 2010
الموضوع: اخبار




هيبت بافي حلبجة

بداءة لامناص من المقولات التالية ، الأولى : إن الشعب الذي يمارس ( السياسي ) هو شعب لاسياسي على الإطلاق ، والشعب الذي يمارس ( المعرفي ) هو شعب سياسي بإمتياز ( اليابان ، ألمانيا ) . الثانية : إن الشعب الذي يقوده ( سياسي ) هو شعب جاهل وأحمق ، والشعب الذي يقود ( السياسي ) على قاعدة التثليث ( العلم ، المعرفة ، القانون ) هو شعب تاريخي ( فرنسا ، الصين ) . الثالثة : إن الشعب الذي ينتقد الآخرين ( الشعوب الأخرى ) هو شعب غائب ضائع ، والشعب الذي ينتقد ذاته هو شعب حي يقظ  ( اليابان ) . الرابعة : إن الشعب الذي ينافح عن حقوقه فقط هو شعب مائت ، والشعب الذي لايفرط لا في حقوقه ولافي حقوق غيره هو شعب ذو قضية في التاريخ . الخامسة : إن الشعب الذي يتعامل مع السلب بنفس مكيال تعامله مع الإيجاب هو شعب ولود حيثي ( الولايات المتحدة الأمريكية ، الهند ) ، والشعب الذي لايعي هذه الرابطة هو شعب خامد هامد .


وإذا ما تم إدراك مصب تلك المقولات ، بانت السياسة كعلم له ركن وشروط ومبادىء وقواعد. ركن السياسة : هو الحفاظ ، كتنظيم ( تيار ، حزب ، تحالف ، جمعية ) ، على علة وجوده ( الأمة ، الشعب ، البلاد ، الدولة ، مسألة خاصة ) ، لإن علة وجوده ذات أسبقية زمنية وأولوية موضوعية على وجوده نفسه ، لذلك لمفهوم الحفاظ مدلولان ، الأول هو المنافحة والمدافعة عن ذلك الجوهر ، والثاني هو تفعيل أسباب التطور والتقدم له . أما شروط السياسة ( التي تتباين في حدودها عن تلك التي تعود للتنظيم نفسه ، لإنها تخص السياسة كمفهوم ) فهي ، على الأقل ، الأول : القدرة على ذلك الحفاظ . الثاني : تحديد مجال المختبر ( الساحة النضالية بالمفهوم المبتذل ) . الثالث : وعي وتعيين التناقض الأساسي فيه . الرابع : وعي السمة التاريخية السائدة لكل مرحلة من مراحل النشاط . الخامس : وحدة أجزاء المختبر ، وعدم الفصل مابينها . السادس : تطابق المنهجية مع الأستراتيجية ( جوهر المسألة أو القضية ) ، مع طبيعة التنظيم نفسه . وأما مبادؤها ، فهي ، أولاً :  عدم الإضرار بحقوق الغير . ثانياً : عدم أستخدام الأسباب المؤقتة والخاصة ، ولا الأسباب الأستفزازية . ثالثاً : طرح المسألة أو القضية المنافحة عنها ( الأمة ، الشعب ، البلاد ، الدولة ، مسألة خاصة ) بالصورة التاريخية ، المعرفية ، الدقيقة دون ألتباس أو إيهام . رابعاً : الدفاع عن تلك المسألة أو القضية بكليتها . خامساً : إيجاد التطابق النسبي ما بين حيثيات ( الواقعي ، الموضوعي ) ، وجوهر تلك المسألة أو القضية ، والإبتعاد عن الصيغ التوافقية ، والمسوغات التبريرية  . سادساً : المطالبة بكلية المسألة ( كل الحقوق ) . سابعاً : تحديد ميتودولوجيا دقيقة ، صريحة ، واضحة ، لكيفية تحقيق نيل ( تلك الحقوق ) . وأما قواعدها ، فهي ، أولاً : لامصلحة للتنظيم خارج حدود معطيات المسألة أو القضية . ثانياً : ولادفاع عنه خارج الدفاع عنها . ثالثاً : الإرتقاء بالأساليب ( المعرفية ومراكزها ، الإقتصادية وعواملها وأسبابها ، السياسية المحضة ، العلاقاتية ، الجغرافية ، الديموغرافية النسموية  وتوازنها ، العقارية ومدلولاتها ، الرؤية النظرية ، التخمر السوسيولوجي ، الدراسات المتعددة ، المؤسسات المختلفة ) إلى مستوى مواز لجوهر ومحتوى المسألة أو القضية .  نعم ، كل هذا ، بل أكثر ، لإن العملية السياسية تتناظر ، على سبيل المثال ، مع الخطوات التمهيدية للإقدام على الزواج ، ثم لعقد الزواج ، فالنكاح ، فاللقاح ( بويضة ، حيوان منوي ) ، فالتكاثر ، فصناعة الجنين وأعضائه وفقاً لمقاسات دقيقة ، صارمة ، إذ لاخلل في القلب أو الكبد أو الغدد أو محتويات الدم ، لاتأخر في الوظائف ، ولاتخلف في نمو أحد الأعضاء لمصلحة عضو آخر ، وإلا لأنكدر المولود ، وأمسى مشوهاً ، وإلا لأنمحقت السياسة ، وتاهت . نعم ، كان لامندوحة من أبراز هذا التقويم ، على هذا الشكل ،  لإنه ، في رأي ،  يناسب ويوائم أكثر محتوى التطور الحالي للنظام الرأسمالي - الأقتصادي ، وفحوى السمة التاريخية السائدة ، ومدلولاتها الجديدة في الإقتصاد ، الفكر ، السلوك ، العلاقات ، القوة ، بعيداً عن المفهوم الكلاسيكي المبتذل للسياسة ( فن الممكن ، موازين القوى ، التوازن الإسترتيجي ) ، المؤدي إلى المخاتلة ، والمخادعة ، والمنافقة ، والدجل ، والإنتهازية ( قواعد كرة البينغ بونغ في أمثل الأحوال )  . نعم ، كان لامحيص من بيان كل ذلك ، لنلج إطار الإجابة على الأسئلة الجدية التي تفضل بها السياسي ، والإعلامي ، والصديق حاجي سليمان . أولاً : ماهوية وطبيعة ومستقبل المجلس السياسي الكوردي في سورية الذي تأسس لاحقاً من تسعة أطراف ( مجموعات )  . ثانياً : ماهي المنهجية الحزبية المناسبة والمطابقة للمشهد السياسي الكوردي في سوريا . ثالثاً : ماهو محتوى العلاقة ما بين ( المثقف ، مثلما هو كائن وموجود ) والأحزاب الكردية في سوريا . طبعاً ، ومن البداهة ، إن هذه الأسئلة تقتضي أجوبة من نوع مختلف ، من نوع لايكترث بمفهوم الفعل ورد الفعل ، ولا الخطاب الفاشل للأطراف التحزبية ، ولا الخطاب الجاهل للمثقفين ، ولا الخطاب العشوائي ( اللامعرفي ) للجماهير ، وبعيداً عن الردود الفرويدية في مضمون الكبت والقمع والأستمنائي ، أو الوقوف عند محتوى المزاجية التبريرية ، وأبداء جسامة المعوقات . لذا وإعتماداً على ما تقدم ، نقتضب المسألة وفق المنظور الضروري الملحف الأتي ، أولاً : كون المسألة موضوعية في الجذر ، فإن المعادلة لاترضى بالتأويل أو التكهن وهي ( القدرة أو عدم القدرة على أن تكون – فعل الكون ) ، تماماً مثلما لايجوز الزواج مع عدم القدرة على الأنتصاب ( أو الإيلاج لمرة واحدة على الأقل حسب جمهور الفقه الإسلامي ) ، فوجود القضيب لايعلل الزواج . ثانياً : نحن نعي ، تمامه وفصوله وأوصاله ، أيما علم ، إن اطراف المجلس السياسي الكوردي قد أنشقت ( تجزأت ) بعضها عن البعض ، والكيفية التي أستحكمت ساعتئذ ،  وهذا طعن في التاريخ ، وله تفسيران ، لاثالث لهما ، إما إن تاريخ وأسباب ومقومات تلك الإنشقاقات كانت ملفقة ومزورة ، فيما إذا إنشاء المجلس السياسي هو الآن صائب ، أو أن إنشاءه ملفقاً ودجلآً ، إذا كانت علل تلك الإنشقاقات صائبة ، والأمر والأدهى أن تكون أسباب الإنشقاقات ، ومقومات إنشاء المجلس ، كلاهما معاً ،  إحتيال إجتماعي ونصب فكري . ثالثاً : إذا ما أؤتلف مجلس سياسي من تسعة أطراف ، فلابد من الضرورة التاريخية ، وبيان المسوغ القاهر ، وإلا غدت القضية تفسير لإرادة معطوبة ، أو لوقائعية شخصانية لاموضوعية ، لاتمت للتحليل البنيوي بأي صلة ، فالأسباب التحزبية أو ضعف العلاقة مع الجماهير والمثقفين ، أو ، أو ، لاتبرر ، ويخالجها الإرتياب ، ويعتورها السقم ، ويفضحها العقم . ولاسيما ، ونحن ندرك إن النظام السوري يمارس منذ عام 1970 نفس العقلية الإقصائية والمشاريع الإجتثاثية ، وتلك الخطط الوحشية ، القتل والغدر . رابعاً : لنفرض ، جدلاً ، إن الضرورة التاريخية كامنة في مطرح ما ( لماذا لم تكن سبباً لعدم حدوث الإنشقاقات ) ، وإن هذه الأطراف لم تنشق أصلاً عن بعضها البعض ، أليس من المعقول والمنطقي أن تكون للمجلس السياسي منهجية ، فلسفة ، فكر ، رؤية خاصة به ، لإنه من حيث المحتوى والتاريخ أرقى من كل طرف على حدة . خامساً : ثم لنفرض إن كل ذلك كامن في بوتقة ما ، فأين الخطاب المستجد الموازي ، وأين النهج النضالي لمقارعة هكذا نظام ، وهنا أقول بكل وضوح ، وشفافية مطلقة ، إن مايسمى ( بالأعتصامات ، والتظاهرات ، والبيانات الحزبية التنديدية  ) تحتل المرتبة الثانية في العمل السياسي ، بعد امتلاء المجتمع ( العلم ، المعرفة ، الأقتصاد القوي ، الحفاظ على الديموغرافيا والعقارات ، مكافحة الأمراض ، الدفاع عن البيئة والزراعة ، مراكز الأبحاث والدراسات ، الجمعيات المدنية والخيرية ، مراكز الإحصاء ، المؤسسات الرياضية ..ألخ.) . سادساً : ثم إذا كانت هذه الأطراف صادقة تاريخياً في إقامة هكذا مجلس ، أليس من منطق البداهة ، أن يرتقي هذا التآلف بمستوى آداء كل طرف على حدة ، بنيوياً ، داخلياً ، تنظيمياً .  سابعاً : أما ما يخص المثقف الكوردي ( في سوريا) فإنه جزء بنيوي من هذا الترهل ، الإنحطاط ، الإندحار ، إذ قصوره هو جزء شرائحي من قصور المثقف في المشرق عامة ، ولايرتقي بفكره ، سلوكه ، دوره إلى مستوى فحوى المثقف الوظائفي لدى غرامشي ، وبالتالي هو عاجز عن أنتاج المعرفة ، وحتى عن تمثيل المعرفة ، وإعادة إنتاجها ، وفي الفعل ، هو الجاني الآثم الرئيس في هذه الأزمة ، لإشكاليتين أثنيتين في ذهنيته ، الإشكالية الأولى : هو يبحث عن وظيفة ، عن دور لدى السياسي ، وكأنه تابع حسابي له ، في حين كان من المفروض أن يبحث السياسي عن معنى ( لإرادته ، لسلوكه ، لدوره ) لدى المثقف ، لإن ( السياسي تابع رياضي للمثقف ) ، فالأول يلعب دور الأحداث ، في حين إن الثاني يلعب دور التاريخ . الإشكالية الثانية : المثقف يبرر عجزه المستديم الخاص ، زاعماً إن السياسي يلجم دوره ولا يربت على كتفه ليتفضل بالعمل السياسي ، لذا هو يستنكف عنه ( وإلا لهدم أركان المعمورة ) ، هذا التبرير أخرق ، أحمق ، والمعادلة معكوسة مثل الحال الأولى ، فالسياسي يباغض المثقف في التاريخ ، ويمنع عنه دوره بحكم طبيعة تباين الوظيفتين ، وهو في الحقيقة يخشاه ، في حين إن المثقف التاريخي هو من ينتزع دوره أنتزاعاً ، ولايطلب الأذن من أحد ، لإنه إن طلب ألتغت وظيفته . وأخيرأ ، وبمثابة الخاتمة ، نحن نعتقد إن للمشكلة السياسية ( وغيرها من المعضلات ) في المشرق أربعة أسباب بنيوية ، الأول : عدم ولوج المجتمعات الشرق أوسطية في خضم مخاض الرأسمالية حيثياً ، إنما حاكت أصولها عن تباعد ، لذا فإن ذهنيتنا هي مزيج عن جميع أدوار التشكيلات التاريخية ( الرعوية ، البطريركية ، الكهنوتية ....). الثاني : عدم وجود مدارس فكرية أجتماعية فلسفية قادرة على خوض غمار تجربتها الذاتية ، المستقلة ،البنيوية ، في الواقع والفعل ( على غرار ، مثلاً ، البراجماتية في الولايات المتحدة الأمريكية – ديوي ، بيرس ، وليم جيمس ) ، والأستغراق التام المنغلق في التراث . الثالث : الرأسمال المالي البنكي الربوي يفرض علينا الآن وظيفة متناقضة ، وظيفة مشوهة ، وظيفة جافة ،  أو كما قال مهدي عامل ، علينا أن نحلل بشكل متناقض ، لإن واقعنا متناقض في تناقضاته ، وهذا ما يجعلنا أطراف غير قادرين على فك الإرتباط ( عكس ما يعتقد سمير أمين ) ، لإننا لم نلج ( التاريخي ) بعد . الرابع : في المشرق توجد  إشكالية في الوعي ، قاعدتها عملقة الأنا ، وخصامها المطلق والتام والتاريخي للآخروي ، بل أوشك أن أعتقد إن التناقض في المشرق هو مابين الأنا والأنت ..







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=7008