بمناسبة الذكرى السنوية لميلاد مصطفى البارزاني «خه بات» تحاور صلاح بدرالدين (2 – 2)
التاريخ: الأثنين 15 اذار 2010
الموضوع: اخبار



   أجرت صحيفة – خه بات – اليومية لسان حال الحزب الديموقراطي الكردستاني التي تصدر في أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق حوارا مع السياسي الكردي صلاح بدرالدين بمناسبة الذكرى السابعة بعد المائة لميلاد الزعيم الخالد مصطفى البارزاني التي تصادف الرابع عشر من آذار الجاري حيث يروي بعضا من مشاهداته وانطباعاته خلال لقاءاته مع البارزاني قبل أكثر من أربعين عاما وفي ما يلي الترجمة العربية للحوار الذي أجري بالكردية ونشر اليوم 14 – 3 – 2010 في الصحيفة المذكورة :
الجزء الثاني:
   مازال هناك العديد من الذين يتابعون بشغف وهدوء تفاصيل نهج البارزاني الخالد ولاينفكون يربطون الماضي بالحاضر بموضوعية وتحليل علمي ويجدون في كل مرحلة تجتازها الحركة التحررية الكردستانية وخاصة في كردستان العراق حضورا معنويا وفكريا للبارزاني ببصماته الواضحة ونتائج نضاله وانجازاته خلال أكثر من نصف قرن


 ومن بين هؤلاء بل في مقدمتهم السياسي الكردي صلاح بدرالدين من قادة الحركة الكردية السورية البارزين منذ ستينات القرن الماضي والرئيس السابق لحزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا والذي يترأس الآن مؤسسة كاوا للثقافة الكردية في أربيل ومنسق جمعيات الصداقة الكردية العربية الذي التقى البارزاني الخالد في المناطق المحررة بكردستان العراق منذ اواسط الستينات وتواصل معه بعد ذلك وقد أجرينا معه في صحيفة – خه بات – الناطقة باسم الحزب الديموقراطي الكردستاني اللقاء التالي بمناسبة الذكرى السنوية لميلاد البارزاني والذي يصفه كقائد قومي شجاع ويكشف العديد من الخفايا للمرة الأولى من بينها شهادة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بخصوص البارزاني : " كان البارزاني رجلا عظيما تعرض للغدر " .

     أجرى اللقاء : آسو علي فرج
هذا السياسي رئيس مؤسسة كاوا للثقافة الكردية يواصل سرد الحجج والدلائل الحية حول نهج البارزاني القومي الديموقراطي بطرح الوثيقة الثانية قائلا  :
   عندما أرسل اليه المكتب السياسي لحزبه الديموقراطي الكردستاني من بغداد تقريرا حول النشاطات ومنها أنه أقام علاقات مع الحركة الكردية في ايران أجاب البارزاني بصفته رئيسا للحزب :  " عليكم اقامة العلاقات مع الحركة الكردية في الأجزاء الثلاثة وليس مع جزء فحسب " وهي اشارة معبرة من جانب البارزاني يجب الأخذ بها في الوقت الحاضر .
    أما الوثيقة الثالثة فهي نص كلمة البارزاني في الكونفرانس السياسي – العسكري الذي عقد في – كاني سماق – في 15 أيار عام 1967 وفيها حدد استراتيجية الثورة ومواقفها السياسية تجاه السلام والمفاوضات مع الحكومات العراقية والنظرة الى علاقات الصداقة مع الشعب العربي وأن الصراع هو مع الأنظمة وليس مع العرب وما ينتظر من المجتمع الدولي تجاه الحقوق الكردية كما تضمنت تقييمه للصراع والمواجهات الداخلية معلنا أن العمل الحزبي وسيلة وليس هدفا وأن – الكردايتي – هي خيمة الكرد الجامعة بعيدا عن التعصب الآيديولوجي وأن مقياس الوطنية الصادقة هو مدى خدمة هذا الشعب والتفاني في سبيل أهدافه ومصالحه وأن الاقتتال الداخلي خيار محرم مهلك كما تضمنت سياسته الاجتماعية تجاه المظلومين والفقراء وعامة الشعب باعلان السهر على كرامته واحترام ارادته وخدمته وجاء في كلمته دعوة للمغرر بهم للعودة الى صفوف الثورة وتعزيز القوى لمواجهة الشوفينية والعنصرية وتحقيق الحقوق والأهداف .   يسجل التاريخ عدالة البارزاني الخالد في المناطق المحررة حينذاك وبهذا الصدد يقول صلاح بدرالدين :
   عندما زرت كردستان العراق وخلال المدة التي قضيتها ذهابا وايابا ( 25 ) يوم والمدة التي قضيتها في منطقة كلالة التقيت بالكثيرين ان كانوا قياديين وكوادر ومسؤلين سياسيين وبيشمركة أو قرويين وناس عاديين لم ألحظ أي أثر لنفوذ الاقطاعيين في المناطق المحررة وبالرغم من حالة الفقر التي كانت سائدة نتيجة الحصار الحكومي والحروب الا أن الناس كانوا أحرارا ومفعمون بالأمل ومتحمسون للنضال وتقديم التضحيات وفهمت أن البارزاني قد بسط عدالته وقوانينه المعبرة عن مصالح الغالبية من الشعب والفقراء كما لاحظت أن حماية البارزاني وحرسه الخاص المؤتمن عليهم كانوا بارزانيين وكلدان وآشورييون وأزيديين وهذا تعبير ثقافي سياسي انساني في غاية العمق عن مدى ديموقراطية وعلمانية نظرة البارزاني الى مسألة الأديان والطوائف وحريتها في مجتمع كردستان وصدقية مفهومه الكردستاني للثورة والمصير المشترك لسكان المنطقة الأصليين ولاشك أن ذلك يعود الى طبيعة الحياة المشتركة العادلة في بارزان منذ الشيخ عبد السلام الذي أطلق عليه المستشرق الأمريكي ورجل الدين – ويغرام – تسمية ( شيخ المسيحيين ) كناية عن رعايته للحرية الدينية في بارزان وذلك خلال تجواله في المنطقة منذ أكثر من مائة عام .
أنشأ البارزاني حينها محكمة مختصة بشؤون المناطق المحررة الى جانب مقر المكتب السياسي في - كاني سماق - للفصل في قضايا المواطنين وحل مشاكلهم وقد تابعت عدة قضايا تتعلق بالزواج والطلاق والخطف والقتل والميراث ولمست العدالة بكل ما للكلمة من معنى .
   حول العلاقة العضوية بين الثورة والشعب واهتمام البارزاني الخالد بقضايا المواطنين صغيرها وكبيرها يقول صلاح بدرالدين :
   في زيارتي الثانية بعد صدور بيان الحادي عشر من آذار عام 1970 الى كردستان العراق تلبية لدعوة رسمية من البارزاني الخالد وكنت في ضيافته الكريمة ببلدة – حاجي عمران – وفي احدى الليالي وفي ديوانه الذي كان يضم حوالي الأربعين من المراجعين وعامة الناس وبعد أن قدم السجائر لمن حوله وكنت من بينهم كتقليد لتكريم الضيف استأذن أحد الحضور وقدم شكوى ضد سائقي السيارات وبينهم سائقي سيارات البيشمركة الذين يزعجون المواطنين ويجفلون المواشي في طريق كلالة – حاجي عمران فتجاوب معه البارزاني وبدأ الحديث حول الموضوع داعيا الى احترام الناس وتوجه بعد ذلك الى الشهيد – فرانسوا حريري – الذي كان بصحبة الراحل – ادريس البارزاني – في مدخل الديوان يأمره بالحفاظ على حقوق المواطنين ومعاقبة كل سائق يزعج أي مواطن في جميع الطرقات مكررا أنه لن يقبل أبدا الاساءة الى الشعب من أي مصدر كان لقد أثر في ذلك المشهد كثيرا وزادني اعجابا بقائد الثورة وزعيم الشعب وتأكدت بأن سر قوة البارزاني يكمن في ايمانه بشعبه واعتماده عليه رغم كل التحديات من أعدائه .   كانت خيانة الشعب والقضية من مصادر قلق البارزاني وانزعاجه اللامحدود وبهذا الصدد يقول صلاح بدرالدين :
   بعد التعرف على البارزاني وتعدد اللقاءات معه لاحظت مدى انزعاجه الشديد وتغير ملامحه عند ذكر رؤساء الجحوش الذين خانوا الشعب وكذلك الذين خانوا الحزب والثورة فلم يكن هناك مجال لديه للتردد في ادانة هؤلاء ومواجهتهم بكل قوة الى جانب امكانية العفو عنهم اذا ماتابوا بصدق وقناعة في جميع الأحوال كان يتمتع بشخصية مهيبة ومحبوبة في الآن ذاته .
    كل من حظي بلقاء البارزاني الخالد لاحظ مدى احترامه وتقديره للناس وفي هذا المجال يقول صلاح بدرالدين :
   بداية أقول أن البارزاني ينتمي الى قوم يقدم التضحيات ويعاني الهجرة والتشرد في سبيل القضية القومية – الكردايتي - طوال أربعة أجيال متواصلة وبذلك حازوا على محبة الشعب الكردي في كل مكان من جهة أخرى وحسب معرفتي أهل مناطق بارزان معروفون باحترام الناس والتواضع في تعاملاتهم الانسانية وقد كان البارزاني يجسد هذا السلوك الانساني بأجلى صوره وعرف عنه التواضع والبعد عن المكابرة وعدم السماح بتملق الآخرين .
   من خصال البارزاني الخالد أنه كان يتقبل النقد البناء الصادر بصدق ويقول صلاح بدرالدين أنه في احدى اللقاءات وجه نقدا فأجابه البارزاني يا صلاح المجنون ليس الأمر كما تقول وبدأ بشرح وجهة نظره حول الموضوع .
   في المرة الأولى وحول بعض القضايا الفكرية – السياسية والقومية وجهت نقدا أمام البارزاني لقيادة الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي كان رئيسه وكان بعد كلمتي في المؤتمر الثامن ل ح د ك في - ناوبردان - التي لم تخل من الحماس الزائد فرد علي مخاطبا وبلهجة محببة وبابتسامة عريضة : ياصلاح المجنون المسألة أعقد مما تتصور وبدأ بسرد تجربته خلال تواجده في الاتحاد السوفيتي ومعاناته وصحبه هناك وتعقيدات القضية الكردية والموقفين الدولي والاقليمي والظروف الصعبة للحركة الكردية في الأجزاء الأربعة وأعترف أنني اقتنعت بمعظم ملاحظاته وأخذت بقسم منها فيما بعد .
   من أحد هموم البارزاني وتمنياته بناء علاقات كردية عربية سليمة وبهذا الصدد يقول صلاح بدرالدين :
    خلال زيارتي الأولى وعندما كنت في ضيافته اندلعت الحرب العربية الاسرائيلية المعروفة بحرب الأيام الستة أو حرب حزيران ومنذ اليوم الأول كان باديا أن العرب خسروا الحرب وكان القلق باد بوضوح على محيا البارزاني وتساءل مرة لماذا خسر العرب ؟ مجيبا بسبب خيانة حكامهم وكانت له مواقف ثابتة فحين تنشب الحرب بين اسرائيل والعرب كان يوقف العمليات في كردستان .
    حول العلاقات الكردية مع الفلسطينيين وياسر عرفات الذي كان لصلاح بدرالدين دور رئيس فيها يقول :
     في احدى لقاءاتي مع الراحل ياسر عرفات في بداية سبعينات القرن الماضي ببيروت رغبت في طرح موضوع البارزاني الخالد وتعريف تاريخه وشخصيته ودوره وذلك بعد أن تورط البعض في اعطاء صورة خاطئة عنه لدى الرأي العام العربي فدهشت عندما لمست تعطش السيد عرفات لمعرفة الحقيقة وأصر على استبقائي لمدة أربعة ساعات كاملة وشرحت له القصة بكل موضوعية وحسب قناعتي الكاملة فلاحظت عليه التأثر من جهة والارتياح من جانب آخر لأنه أصبح على دراية بدور الزعيم الخالد البارزاني وكنت قد مررت بنفس التجربة قبل ذلك مع الزعيم الشهيد كمال جنبلاط وبعد انتهاء اللقاء فاجأني الراحل عرفات بالقول : البارزاني قائد عظيم وقد غدروا به وأصبح يردد هذا الكلام في كل مرة يلقاني وبعد ذلك بسنوات طلب مني اللقاء مع الرئيس مسعود البارزاني وفعلا مهدت السبيل وحصلت عدة لقاءات بينهما وأسر لي انطباعته بعد ذلك بالقول أن الرئيس مسعود قائد صادق وهادىء ومعتدل وتعززت العلاقات بين الزعيمين فيما بعد وفي احدى اللقاءات مع عرفات وبحضور عدد من اعضاء القيادة الفلسطينية بينهم ابو اياد وابو جهاد والرئيس ابو مازن بدأ بالحديث عن البارزاني قائلا : لقد تعرض الكرد والبارزاني الى الابادة من جانب الأنظمة العربية الشوفينية ولو كنت بدل البارزاني لنسجت العلاقات مع اسرائيل وغيرها لتوفير الحماية من الفناء .
   في ختام اللقاء الصحفي طالب السياسي الكردي صلاح بدرالدين بألم ممزوج بالأمل بضرورة البحث والتعمق في جمع وتوضيب آثار البارزاني الخالد وصياغة وثائق ومصادر وجوانب نهجه واقامة " مؤسسة البارزاني للسلام " مسترسلا :
    هناك تقصير تجاه البارزاني ونهجه نحن نؤمن بالتطور ونعلم أن الحياة تتطور ولكن هناك ثوابت تبقى ماثلة في حياة أجيال بكاملها وهناك في نهج البارزاني ثوابت ومبادىء ووثائق القسم الأعظم منها بحوزة الأخ الرئيس مسعود ما أحوج الكرد اليها في القرن الحادي والعشرين مع امكانية تطويرها وصقلها لتتناسب مع روح العصر ومتطلبات مصالح الحركة التحررية الكردستانية ومنذ عشرة أعوام طرحت مشروع انشاء "مؤسسة البارزاني للسلام" كمنظمة كردستانية – عالمية ومازلت أنتظر التجاوب مع المقترح وأكرر دعوتي للرئاسة والبرلمان والحكومة في الاقليم لتلبية اقتراحي بخصوص المشروع .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=6800