قضية كرد سوريا على عتبة عقد جديد (1 – 3 )
التاريخ: السبت 02 كانون الثاني 2010
الموضوع: اخبار



صلاح بدرالدين

  نودع سنة أخرى وهي نهاية عقد وصفت عالميا بعام – انفلونزا الخنازير – و – الأزمة المالية – و – الأخطار البيئوية – و – مواصلة الحرب على الارهاب - واعتبرته النخب السياسية والمنابرالاعلامية العالمية بغالبيتها الساحقة مخيبا للآمال والطموحات وبدورنا نراه الى جانب ذلك كله وعلى صعيد ما يعنينا بشكل مباشر مثقلا بهموم الملاحقات والاعتقالات والأحكام الجائرة على الصعيد الوطني , ونحن نهم لاجتياز عتبة السنة الجديدة في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين لابد من التأمل قليلا واستعراض الأحداث والتطورات التي رافقت مسار قضيتنا القومية الخاصة المتشابكة عضويا مع العام الوطني السوري بكل تفرعاته واسقاطاته


والراضخ بدوره للعامل الخارجي في معادلتيه الاقليمية والدولية بحثا عن تشخيص مصادر الآمال والطموحات في الحاملة الشعبية المعطاءة التي لن تنضب ومكامن الخلل في الوقت ذاته في ثنايا ادارة الأزمة الكردية من جانب كل المعنيين بها: النظام والمعارضة وأصحاب القضية ومن ثم التواصل نحو فرز الصائب من الخاطىء والنافع من الضار وصولا الى نتائج استخلاص الدروس ومن ثم استشراف آفاق المستقبل الأمثل الذي نبحث عنه ونتمناه لبلادنا ولكل مواطنينا السوريين من منطلق المصير المشترك فالماضي بكل مايحمل من أعباء ثقيلة ومهام غير ناجزة لن يذهب سريعا مع الريح بل سيبقى ماثلا في الحاضر وكامنا في المستقبل وسيشكل جزء من الصراع القادم لذلك ومن أجل تحقيق الغاية المرجوة سنتبع في محاولتنا هذه منهجية الولوج في دوائر ثلاث بادئين بالأبعد فالأقرب بملامسة واستحضارمستجداتها ومسائلها بقدر ما تخدم بحثنا وتكون ذات صلة وتأثير مباشرين بموضوعنا الرئيسي الذي نختتم به هذه المساهمة  .     
  أولا – المشهد الدولي
        بعد مخاض طويل لأكثر من نصف قرن شهدت محاولات متواصلة تماثل عملية الحفر في الصخور بحثا وراء سبل ايجاد وتثبيت وتفعيل الأبعاد الاقليمية والدولية لقضيتنا واذا كان الأسلاف المهاجرون في بلدان أوروبا الغربية على قلتهم منذ منتصف خمسينات القرن المنصرم والذين أسرهم النظام الرأسمالي لامسوا المهمة وداروا من حولها دون أدائها فانه يسجل لليسار القومي الديموقراطي منذ منتصف ستينات القرن الماضي الذي بدوره أسره الحل الاشتراكي للقضية القومية ثلاثة انجازات استراتيجية الأولى : تخطيه الحواجز الداخلية باستعادة اهتمام القوى السياسية العربية السورية باالقضية الكردية وايصالها من جهة أخرى الى تخوم حركات التحرر العربية في لبنان واليمن والجزائر والخليج ومركزها الأساسي الحركة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير ليثبت بذلك بعدها الاقليمي والثانية : افتتاح وتدشين قنوات التواصل والعلاقات السياسية والثقافية مع دول أوروبا الشرقية الاشتراكية بدرجة مرضية وكوبا والى حد ما الصين الشعبية بوتيرة أقل وبذلك أيضا تم وضع اللبنات الأولى في صرح البعد الدولي للقضية الكردية السورية من خلال نافذة القوة العظمى الثانية في العالم التي أوتيت ثمارها في مجالات عدة ليس المجال هنا لتناولها بالتفصيل والثالثة : بجلب انتباه المنظمة الأكبر المهتمة بحقوق الانسان في العالم الرأسمالي ( منظمة مراقبة حقوق الانسان – هيومان رايتس ووتش ) نحو قضية كرد سوريا وجذبها للتعامل المباشر معها من خلال التواصل ودعوة وفد منها لزيارة شبه سرية الى قلب المناطق الكردية ( 1986 ) ونشر تقرير مفصل وللمرة الأولى حول قضية كرد سوريا الذي ما زال المصدر الأدق لصناع القرار في الغرب والمتابعين ومن حينها وبمرور الزمن شبت القضية كموضوع قومي ديموقراطي انساني عن الطوق وبدأت تجد مكانتها لدى أصحاب الرأي ومصادر القرار وتتحول الى مسألة رئيسية لدى المنظمات العالمية غير الحكومية المعنية بحريات  الشعوب وحقوق الانسان مستحوذة في الآن ذاته اهتمام الحكومات الامريكية والاوروبية بمسائل حقوق الكرد الانسانية والثقافية والمطالبة في الكثير من المناسبات عبر البيانات والتصريحات بتحسين اوضاعهم وتحديدا وبصورة اوضح منذ تطبيقات مشروع الحزام العربي ومخطط الاحصاء الاستثنائي الذي جرد أكثر من مائة وخمسين ألفا من المواطنين الكرد من حق الجنسية والمواطنة السورية في النصف الأول من ستينات القرن الماضي مرورا بهبة 2004 في سائر مناطق التواجد الكردي وابان موجات الاعتقالات والقتل  والاغتيالات وصار من الأمور المعتادة ادراج قضية كرد سوريا في مناقشات لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في الاجتماعات السنوية بجنيف  مع التعاطي المباشر لبرلمانات اوروبا مع الوضع الكردي السوري تجاوبا مع دعوات ابناء الجالية وبعض المنظمات الحقوقية والسياسية الناشطة وتجري الآن مناقشة احوال ودور ومستقبل كرد سوريا في فعاليات ومؤتمرات مراكز البحث الاوروبية والامريكية والاقليمية وكذلك في بعض المنابر الاعلامية وقد كان تقرير منظمة - هيومان رايتس ووتش -الأخير في نوفمبر الفائت ( 2009 ) بعنوان : "  إنكار الوجود: قمع الحقوق السياسية والثقافية للأكراد في سوريا " تتويجا كما يظهر من عنوانه لمكانة القضية الكردية السورية بأبعادها الانسانية والسياسية والقومية والحقوقية في وسط الرأي العام الخارجي .
  ثانيا – المشهد الاقليمي
    يتصدره التقدم المطرد للتجربة الفدرالية الديموقراطية في كردستان العراق وثباتها رغم كل المعوقات والمآخذ في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية والتحول التدريجي الى نموذج يعتد به بشأن الحل السلمي الديموقراطي للقضية القومية ومثالا لاعادة البناء وتحقيق الرفاه الاقتصادي في أجواء السلم والاستقرار وتعايش الأقوام الى جانب التحولات التركية – الكردية نحو آفاق السلام والمصالحة والتي أحدثت حراكا واسعا وتجاذبات آخرها الحكم الجائر للمحكمة الدستورية التركية بحل حزب المجتمع الديموقراطي مع تراوح ملفت مشوب بالجمود والتراجع في كردستان ايران وبشكل عام يقودنا التوصيف الواقعي للحالة العامة الراهنة للحركة التحررية القومية الكردستانية – ونحن من ضمنها - الى كونها مازالت تعيش فكريا وثقافيا – صدمة – الزلزال الذي أودى بالمعسكر الاشتراكي وانهماكها عمليا في عبور المرحلة الانتقالية التي طالت أكثر من التوقعات وأنها بصدد الانتقال الى بداية مرحلة نهوض على صعيد الوعي الشعبي واستكمال عملية نمو واستقرارالطبقات الوسطى والفئات الشبابية والنسوية المثقفة الأكثر ادراكا كما يظهرمن أعضاء الجماعات الحزبية لشروط الخلاص وبدأت مفاهيم جديدة متقدمة تنتشر في مجتمعات أجزاء كردستان ومنها توجهات البحث عن صيغة تحقق الحد الأدنى من التوافق السياسي في المجال القومي واعادة تعريف الحركة الكردية بمنح أهمية بالغة لطبقات وفئات تحمل الأفكار الجديدة على حساب تقلص دور الجماعات الحزبية التقليدية التي تعيش أزمات ثقافية وفكرية وتنظيمية وسياسية من دون أن تفلح في معالجتها بسبب عجزها وعقمها وتهربها من ممارسة النقد الذاتي ورفضها للتجديد خاصة على صعيد العامل الذاتي وما مسلسل التشرذم واعادة انتاج الانشقاقات المستمرة الا صورة معبرة عن مرارة الفشل وهول الانهيار بالمقابل بدأت محاولات البحث عن سبل الخلاص وصياغة البدائل وأكثرها جدية تلك الآتية من خارج الأطر الحزبوية عبر مشاريع وبرامج وكتابات تهدف الى تجديد الحركة بصورة جذرية فكرا وتنظيما ووسائل وقيادة وقد تطول العملية وتواجه المعوقات الا أنها غير قابلة للتوقف أبدا وستشكل العنوان الأبرز للعام الجديد  في الحراك السياسي والشعبي الكردي  .
   لم تتوقف العلاقات العلنية والسرية بين الأنظمة والحكومات الشوفينية المستبدة التي تقتسم كردستان بل ازداد التعاون الأمني الموجه ضد الكرد بين تركيا وسوريا وايران التي تتفق دوما حول الملف الكردي بما في ذلك تهديد فدرالية كردستان العراق وشهدت العلاقات السورية التركية تطورا بارزا انطلاقا من اتفاقية أضنة أساسا باضافة بنود جديدة تتعلق بتعاون أمني سوري في معالجة وعودة الأكراد السوريين العاملين في صفوف – ب ك ك – ومضاعفة التنسيق على جانبي الحدود  كما تم اقرار قوانين تسهل التواصل بين مواطني البلدين وهذا أمر قد يكون له مردود ابجابي في مجال تلاقي العوائل والأقارب الموزعين في البلدين خاصة بما يتعلق بالكرد الذين تعرضوا للتقسيم منذ اتفاقية سايكس – بيكو وحرموا قسرا من التلاقي وجمع الشمل وتتوقف احتمالات استثمارهذه التطورات لصالح القضية الكردية على درجة استعدادات الحركة السياسية في الجزئين ومدى قدراتها على تحويل ذلك من انجازات للنظامين في حساباتهما الأمنية الى منطلق لمزيد من النهوض والفعل السياسي لمواجهة موحدة لمخططات الأوساط الشوفينية الحاكمة في البلدين وانتزاع الحقوق الكردية المشروعة .
   للبحث صلة ....







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=6537