الحمض النووي يلم شمل كردي عائد إلى حلبجة وأمه بعدما فرقهما «الكيماوي» 20 عاما
التاريخ: الأحد 06 كانون الأول 2009
الموضوع: اخبار



 

حلبجة: آسو أحمد *

قبل عقدين من الزمن من قصف قوات الرئيس العراقي السابق صدام حسين لمدينة حلبجة الكردية بالأسلحة الكيماوية وتشتيت عائلته، عاد علي أسمين إلى المدينة بعد أن غادرها وهو ابن أربعة أشهر ليعيش مع أسرة بالتبني في إيران.


رحلة علي الطويلة انتهت الخميس، عندما كشف القاضي عن نتائج تحليل الحمض النووي (دي إن إيه) الذي أجري للشاب مع ست عائلات يائسة كان تطمح كل منها في أن تجد فيه ابنها الذي ضاع في هجوم مارس (آذار) 1988، والذي تزعم بعض المصادر أن عدد القتلى فيه وصل إلى 5.000 شخص.
قال علي أول من أمس «أردت أن أعود إلى موطني، لكني وجدت عائلتي قتلت، وأمي تعيش بمفردها». وخلال احتفاله في منزل والدته تصفح صورا لأفراد عائلته الذين قضوا خلال الحملة العسكرية الوحشية ضد الأكراد في أواخر الثمانينات. تلك العملية التي سميت بالأنفال دمرت قرى وأرسلت عائلات إلى معسكرات الاعتقال، حيث اختفى ما يقرب من 182.000 شخص.
خلال قصف قوات صدام لمدينة حلبجة التي استولى عليها المتمردون الأكراد والجنود الإيرانيون قرب نهاية الحرب العراقية الإيرانية التي دارت رحاها على مدار ثماني سنوات، قتل والد علي وخمسة من أقربائه، أما علي الذي كان يبلغ من العمر حينها أربعة أشهر فأنقذه الجنود الإيرانيون. عندما عاد إلى حلبجة وقف الشاب يحملق في الفضاء مع غناء الأقارب يغمره الحزن على عدم لقاء والده وإخوته وأخواته. في الليلة التي سبقت معرفته بأن اسمه زيمينكو محمد أحمد بدا وكأنه لا يزال يحتفظ بمشاعره. وقال علي الذي لا يعرف اللغة الكردية ولا يتحدث سوى الفارسية وقد عمل جيرانه كمترجمين له «إنني أحترم العائلات الكردية والشيعية».
كانت فاطمة محمد صالح والدة علي ذاهبة إلى السوق مع أبنائها الستة أثناء قصف الجيش العراقي لحلبجة، وتتذكر سماع أحد أبنائها يصرخ قبل أن تغيب عن الوعي يقول لها: «أمي إنني أحترق». أخلت القوات الإيرانية الجرحى وأفاقت فاطمة في المستشفى في طهران. لتبدأ بعد ذلك رحلة محاولة جمع شتات الأسرة، فبدأت في توزيع النشرات وبحثت عن أطفالها في العاصمة الإيرانية، لكنها لم تلبث أن عادت إلى العراق بمفردها. ما لم تكن فاطمة تعلمه هو أن الجنود الإيرانيين وجدوا علي يبكي على الأرض، وخطط الجيش لإرساله إلى أحد الملاجئ الإيرانية، لكن متطوعة إيرانية اسمها كوربا حميد بور تبنته، وأطلقت عليه اسم علي، وربته مع ولديها في منطقة شرق إيران.
ويروي علي عن ذلك بالقول «كانت أمي بالتبني لطيفة معي، وقد أخبرتني عندما ذهبت إلى المدرسة الابتدائية أنني من حلبجة، وأنني فصلت عن أمي وأبي، وأنني بحاجة إلى معرفة عائلتي».
بعد وفاة أمه بالتبني بثلاث سنوات شعر علي بأن عليه البحث عن والديه، ومن ثم اتصل بالحكومة الإيرانية طالبا منهم مد يد العون. وقال علي: «شعرت بالوحدة ودفعني شعور غريب إلى العودة إلى عائلتي الأصلية وأقاربي».
لكن علي كان يفتقد إلى أوراق الهوية، ومنذ ثلاثة أشهر التقى خبير الأسلحة الكيماوية الذي كان صديقا لأقارب علي الإيرانيين ببعض المسؤولين الأكراد ونقل قضية علي إليهم. ونظرا لوجود ما يقرب من 41 طفلا مفقودا في هجوم حلبجة تقدمت ست عائلات زاعمة أن علي ابنها. لذا قررت السلطات الكردية اللجوء إلى تحليل الحمض النووي، وأعلنت النتائج ليلة الخميس. وأول من أمس عانقت فاطمة البالغة من العمر 58 عاما ابنها، الذي أصبح رجلا، والذي كان يرتدي السروال الكردي الفضفاض وسترة قصيرة. كانت تضحك وهي تضم ابنها.
وقالت «هذه والله دموع السعادة. إنني لا أستطيع أن أفهم أو أعي ما يحدث. هل أنا أحلم؟ إن ذكرى فقد عائلتي بالكامل لا تفارق مخيلتي».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=6415