العين الرمداء أفضل من العمى
التاريخ: الأثنين 12 تشرين الاول 2009
الموضوع: اخبار



خليل كالو
x.kalo59@hotmail.de

  الرأفة والحنان يا أخ زيور ألم تسمع بما تقوله الكرد في أمثالهم  ثعلب يقظان أفضل من أسد نائم وهذا ما فعله حزب يكيتي وسبق غيره في المضمار السباق وخطف الأنظار وما سيناله من امتنان في المستقبل هو حق فمن ـ جد وجد ـ  طبعاً على حد زعم البيان الذي صدر أخيرا يوم 12/1. من حزب يكيتي  بتعليق القيام بالتظاهر في قامشلو بسبب بوادر ومؤشرات خير قد لاحت في الأفق من الحكومة وهذا أيضا عين العقل ومنطق حكيم منها أيضاً فلن نستبق الأمور ونقول بوركت مسعاكم ـ الحكومة ويكيتي معاً ـ وسوف ننتظر بدون تعليق.


 الكرد أمة مثل غيرهم من الأمم التي تعيش في هذه المنطقة وعلى ارض الأجداد منذ فجر التاريخ ولا أحد يستطيع أن يدعي أو يثبت عكس ما قيل ويدلس الحقائق ويستهزأ بمنطق حركة التاريخ بأن هذا الشعب جاء مهاجرا أو غازيا وسكن المنطقة واستولى على أراضي الغير وكل ما في الأمر وبكلام مختصر أن التاريخ قد سلبهم الحقوق وسوف يعيشون مع الشعوب المتجاورة لهم على يوم يبعثون فأفضل الطرق وأقصرها لحل مسألة الكرد هو سعي الجميع إلى العيش المشترك في وطن مع احتفاظ كل قومية وشعب بعوامل وخصائص وجودها كمتحد له هوية ثقافية ولا نعتقد أن شعب ما مهما أمتلك من القوة وأدوات الإنكار باستطاعته إقصاء شعب آخر من جذوره فهذا ما يقوله منطق التاريخ  لنرجع بالحديث إلى عنوان المقالة ونقول إن أساس أي تغيير في واقع حال هو تغيير ما في الذات من أفكار وثقافة وسلوكيات رثة وبالية لا تماشى مع الزمن المعاش وأن السعي الحثيث والجاد بقناعة وامتلاك إرادة كفيل بحدوث تطور وتحول في منحى الحياة مهما كانت الظروف المحيطة فلا ظروف قادرة على إيقاف أي حركة نحو الأمام ما لم تستسلم الذات لها بل تستطيع تلك الظروف الموضوعية في الحد من سرعتها أحياناً وسيبقى واقع حال أية أمة وشعب مرهون بنمط الشخصية السائدة في حينها فمن يريد العظمة عليه أن يكون عظيما ومن أراد الطيران مع النسور والتحليق عاليا عليه أن يكون نسرا، وبالمقابل من يرضى أن يبقى سلحفاة سوف يزحف طول الدهر على الصخور في الوديان السحيقة. ربما لن يلقى كلامنا هذا آذانا صاغية لدى الكثير من الذين استطالت آذانهم واحتلت البلادة عقولهم وضمائرهم ودب الفساد في هياكلهم بعدما تم الاستخفاف بالمسالة الحقوق القومية إلى درجة اتهام كل من يقوم بعمل خلاق بالمغامرة وبدعوة أنه مشبوه يستندون في تقييمهم على وعي مزيف وفكر مغترب وثقافة بليدة. إن خطورة هذه الشخصية تكمن في محاربتها للشخصية المبدعة والتاريخية واتهامها بالتطرف والعصبية والعنصرية وتسعى إلى التشكيك بالقيم القومية والحقوق الإنسانية إنها لا تؤمن بالأهداف الحقيقية بل تسعى إلى انتقاء مطالب لتتخذها لنفسها مادة سياسية لتجعل كل الانتهازيين وذوي النفوس الضعيفة تلتف من حولها متذرعة ببعض الشعارات التي يغلب عليها الطابع الأدبي والإنشائي. فهي لا تمتلك فكرا معينا بل تتخذ من السياسة اليومية منهجا لها وتنتهج مبدأ رد الفعل في السياسة أساس حركتها وبانتقاء. ليس لها خصوم سوى الفكر الخلاق والحقيقة، كما أنهم ليسوا في عداء مع أحد بل مع التاريخ والمستقبل . إنهم يشوهون التاريخ ويحشرون أنفسهم في كل شيء وأن أغلب أنصار هذه الفئة هم من الأميين والمنتفعين والبسطاء. إن البحث عن الأسباب الحقيقية لمنشأ هذه الشخصية تبدو معقدة نتيجة تعدد منابتها واختلاف ينابيع الرضاعة الثقافية والاجتماعية لها. فهي تستطيع أن تخرج من كل الفئات والطبقات الاجتماعية لأنها ليست وليدة حالة كما أنها ليست خاصة بمهنة أو طبقة معينة ولا هي نتيجة لظروف تاريخية واجتماعية وفكرية ولا تنتسب إلى مرحلة تاريخية دون غيرها بل هي موجودة عند أغلب الشعوب وفي كل المراحل وفي كل مكان ولا زال. ومن سماتها الأساسية أنها جبانة غير ثابتة في مواقفها وغير دقيقة في تشخيصها لمرحلتها وغير جادة بل سطحية في تنظيمها وذات منبت ثقافي فاسد هدفها السيطرة والقيادة فتأخذ من أهداف المجتمع غطاء لعملها الحقيقي السري وهي المنفعة الذاتية. إنها تنخر في جسم الأمة كالدود في جذع الشجرة فتترك الأوراق تذبل وتتساقط. إنها تستطيع أن تتعامل مع أعدائها ضد شعوبها دون خجل، وقد وجد هذا النمط بكثافة في جسم الحركة الكردية أثناء المراحل المفصلية من التاريخ وتبدو بوادرها في كل مكان حاليا أيضا ولكن الظروف الموضوعية لم تكتمل لها بعد لكي تكشف ذاتها علنية. إن كلامنا هذا ليس موجها إلى الشعب الكردي كأفراد بل إلى جماعات سياسية ومثقفين ونخب أخرى ذات فعالية في المجتمع بأن العامة من الناس لا يستطيعون تقرير مصيرهم بدون قيادة تقودهم كما هي حالة كل الشعوب، وأن الشعب الكردي قد قدم التضحيات ودافع عن حقوقه مع كل من ادعى بأن قائد لهم ولكن مع الأسف تخلفوا بوعودهم واستثمروا مشاعر وعواطف الناس لصالح أنا الضالة والأنانية ووقعوا في الهاوية. إن القائد الحقيقي هو الذي يكسب المعركة قبل الخوض فيها، أما خوض غمارها فليس سوى نتيجة لخطط وأفكار حفظها أنصاره ولا يمكن خوض معركة على غفلة أو دون الاستعداد الفكري والسياسي والمعنوي والمادي لها وإحاطتها من كل جانب. إن كل قائد ينزل إلى ميدان المعركة دون خطة واحتراف سوف يهزم بلا شك، فخطة السياسي في المعارك السياسية هي فكره وتصوراته ومدى تبنيه حقوق الشعب وتحديده للأهداف القريبة والبعيدة في عملية النضال وخلق روح المبادرة والمقاومة والتنظيم لدى أنصاره. إن ما ينطبق من هذا الكلام على السياسيين والمفكرين ينطبق أيضا على الفئات النخبوية الأخرى من المثقفين والكتاب والشعراء والفنانين، لأن هؤلاء هم مرآة الشعوب وعيونهم الساهرة. إن العلاقة بين الفئتين الأولى والثانية هي علاقة جدلية ومتبادلة ووثيقة جدا، فالمثقف الإيجابي والفعال هو من يكون دائما مع  الفكر والسياسة الخلاقة والمبدعة. إن جهود الخلاقة للفئة الأولى تكمن في توجيه الفئة الثانية من كتاب وشعراء وغيرهم للقيام بواجباتهم القومية والوطنية وتأدية رسالتهم التاريخية، أما السياسي الفاسد والغبي فتنشط في إدارته الثقافة الفاسدة والأنانية الذاتية.فرصاصة من عدو يمكن لها أن تقتل فردا واحدا من الشعب، أما خطبة مثقف فاسد وسياسي غبي وأناني تشل الحركة والروح في جسد ألف واحد.  إذا أصاب الشلل والكسل حركة شعب ما فإن كل مفردات وعناصر الحركة تصاب بها وتعبر كل مفردة عن نفسها على هذا المنهج والسلوك وكل إناء بما فيه ينضح أي كل منعكس سوف يدل ويشير إلى حقيقة مصدره من خلال نشاطه العام وبنفس القدر والأداء  حسب مكنونه الداخلي . فإذا أصيب الفكر والسياسة بالانحراف والاغتراب والسطحية سيسود ترهات الدهماء والغوغاء في المجتمع وتقود نفسها كما حدث في عهد ديمقراطية سقراط في دولة أثينا القديمة (أو كما يقول الكرد أحياناً مثل ديمقراطية أم سينو)، وسوف يسخر ويستخف الناس بنواميس الطبيعة والآلهة  والقيم وتفقد كل حقيقة ذاتها وتنقلب المفاهيم رأسا على عقب وتسود الفوضى  وتظهر الشخصية المزيفة بكثافة (كما شخصيات أحد أشعار الشاعر جكرخوين ـ جرتو وفرتو). فبدلا من أن تكون السياسة عامل إنقاذ وسمو تصبح عامل تخريب وتزييف وتراخ ولامبالاة، وبدلا من أن تصبح الآداب والفنون أداة إبداع وتسامي ورقي وتهذيب لتدب الروح والقوة في نفوس الأفراد وتضيف إلى الحياة العامة الجمال والزهو , تصبح الفنون أداة الفساد وإزعاج وتخريب الأذواق ويصاب أفراد المجتمع بفقدان الروح والحس الداخلي . فإذا ما وجدت جماعة صغيرة كانت أم كبيرة، تعيش حالة من الضعف والتمزق وحياة هامشية لا معنى لها ولا تواجد حقيقي لها مع الآخرين في هذا العالم، فاعلم عندئذ ومباشرة بأنهم مبتلون بقيادة ضعيفة مزيفة لا تملك أي فكر وتتصف بالجبن الذي يصل أحيانا بها إلى حد الاستسلام وتكون هي جماعة تستهلك أكثر مما هي تنتج، وكل شعب لا ينتج متطلباته الحياتية والسلع المادية الضرورية يكون شعبا ضعيفا يعيش على جهود الآخرين وتكون أمة طفيلية سيادتها مهددة لا تعيش الاستقلال في سياستها ومواردها ولا في ثقافتها. أما أفراد تلك الأمة يكونون بليدين من ذوي ثقافة وضيعة على الغالب، وكسالى في تفاعلهم مع الحضارة يعيشون بشكل هامشي وسطحي في حياتهم، يقودهم أناس انتهازيون يعيشون الصعلكة والتسول السياسية والفجور ولا يهمهم المجد والسمو وأخيرا إن الأمور لن تستقيم إلا إذا اجتمعت فيمن يقود الكرد قوتان هما (الفلسفة والسياسة)، فهل الكرد يمتلكون هاتين القوتين؟ هل ما هو ممتلك هي فلسفة كلب الصيد (سلوقي) أم فلسفة كلب الحراسة ؟ أم هي سياسة الثعلب أو حكمة الأسد؟ لا بل هو صبر الحمار أم تمرد الجمل؟.......







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=6187