في ذكرى اربعينية الرفيق محمد عبدالله علي (ابو خالد)
التاريخ: الأثنين 13 تموز 2009
الموضوع: اخبار



عبدالباقي اليوسف

      لاشك ان الكتابة دائما لا تمكن المرء من التعبير عما يدور في فكره ،او ان تعبر عن اللوحة ، او المشهد بصورتها الحقيقية الكاملة ، خاصة عندما لا يمتهن الكاتب اسلوب الوصف والمديح ، لذا اجد نفسي مضطرا لكتابة بضعة اسطر متواضعة عن الرفيق ابو خالد ، وفاء لمرحلة ليست بقصيرة من حياتنا السياسية والنضال المشترك ضمن تنظيم واحد ، خاصة وان ظروف الحياة السياسية الكوردية منذ نشاتها بقيت بشكل سري ، بسبب ملاحقة اجهزة الدولة لها وبزج اعضاء وكوادر وقيادات هذه الحركة في السجون لفمعها ، لهذا فان نضال ومواقف وادوار اعضاء وكوادر هذه الحركة كان دائما غير معروف على حقيقتها  لدى الشارع الكردي ، فمنهم من بلغ بدوره ،اما  الاغلبية فبقي دورها مجهولا الا الجزء القليل.


    تعود معرفتي بالرفيق ابو خالد الى اوائل الثمانينات من القرن المنصرم ، حيث كان يعيش في ديريك. وكان يدير منظمة الحزب هناك وكان داره بمثابة مقر حزبي سري ، قبل ان ينتقل الى دمشق بسبب الظروف الاقتصادية القاسية الناجمة عن سياسات النظام في المنطقة الكردية والهادفة الى تفقير الشعب الكردي كي يضطر الى الهجرة ويصبح مهمشا في المدن الكبيرة ، كانت هذه الحالة السياسية للمسؤولين الحزبيين في معظم المناطق ، لذا فان معرفتي بعائلته ام خالد والاولاد تعود الى ذلك الوقت ، عائلته التي عرفناها بحبها لقضية شعبها والاستعداد للتضحية من اجلها ، وهذا ما كان تعكسه مواقف ابو خالد.

    عمل ابو خالد بعيدا عن الاضواء ، وبعيدا كل البعد عن الانانية ، ناضل بهدوء وتروي ، ساهم بتشأة جيل من الحزبيين الشباب خاصة بين الفئة المتعلمة منهم ، وعندما تقوت المنظمة واصبح لاعضائها تجارب حزبية، حدث ما هو غير مألوف لدى الحركة الكوردية عندما انسحب ابو خالد من مسؤولية التنظيم ، كان ذلك في نهاية العام 1987 .
     بعد المؤتمر السادس للحزب وحسب النظام الداخلي جرت الانتخابات في جميع منظمات الحزب لاعادة تشكيل الهيئات الحزبية ، وبحكم مسؤليتي لتنظيم الحزب في الجزيرة (محافظة الحسكة) اشرفت على كونفرانسات المنظمات الحزبية. تفاجانا انذاك بعدم ترشيح ابو خالد نفسه لمسؤلية المنظمة التي كان يديرها ، كما ان احدا من الاخرين لم يرشح نفسه ، طالب ابو خالد بضرورة ترشيح احدهم لاستلام مهام المنظمة ، لكن انظار الجميع كانت متوجهة اليه مطالبة اياه بضرورة الترشح للمنصب ، لم يرضى احدهم على ان يرشح نفسه ، ليس من باب الخوف من احد او بسبب المستوى الثقافي ، انما وفاء وتقديرا لمنزلة ابو خالد لديهم . واخذ الوقت منا كثيرا والكل يطالبون ابو خالد بالترشح ، عندها خرج ابو خالد وكعادته المعروفة  ليبدي شىء ما  و بعد مقدمة جميلة وشيقة تخللتها بعض الامثلة الشعبية ، قال ان مستوى العلمي والثقافي لدي لا يسمح بادارة مسؤولية المنظمة ، اليوم يوجد بينكم الكثيرون ممن يحملون الشهادة الثانوية ، كما ان العديد منكم يحملون الشهادات الجامعية في مختلف الاختصاصات ، لذا لن اقبل لنفسي ان ابقى في منصب المسؤول الاول بين هذا الوسط المتعلم ، سوف اكون معكم ولن ادخر جهدا مثل ما عرفتموني ، لكن من الواجب ومن الضروري ان يترشح للمسؤولية احدكم ، وبهذا الشكل جرى انتخاب رفيق اخر للمنظمة .
     لقد كبر ابو خالد مرة اخرى باعيننا جميعا ، وهكذا بقي كبيرا في عيني الى اخر لقاء بيني وبينه ، كنت دائما استشيره بكثير من الامور ، حتى عندما كنت في منصب سكرتير الحزب ، لكن كل شيء لا يقال ، ما اود قوله ان ابو خالد كان عزيز النفس ، كرديا وطنيا بلا حدود ، شارك في معظم نشاطات حزب يكيتي وكان في مقدمة الرفاق في المظاهرات والاعتصامات التي جرت في دمشق .
 كل الاجلال لروح الرفيق ابو خالد.
11/7/2009







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=5830