الفيـــوز
التاريخ: السبت 06 حزيران 2009
الموضوع: اخبار



ديـــار ســـليمان

الفيـوز أو المنصهر هو جهاز يستخدم لحماية الأجهزة الكهربائية من إرتفاع التيار الكهربائي، ويعتبر أبسط أجهزة الحماية الكهربائية حيث يحتوي على سلك معدني ينصهر عند مرور تيار كهربائي مرتفع فيه وبذلك تنقطع الدارة الكهربائية ويتوقف مرور التيار، ويصنع الفيوز حسب تقديرات تيارية حيث يشير مقياس التيار الى مقدار الكهرباء التي يتحملها دون إحتراق، ويحدد المقياس بقطر السلك المستخدم في الجهاز، وبعض الفيوزات تستطيع تحمل كسر من الأمبير ويستطيع البعض الآخر تحمل مئات الأمبيرات.


أرجو بدايةً ملاحظة أن هذا ليس مقالآ في الفيزياء ولكنه مقدمة للحديث عن الفيوزات التي تحتويها أجساد بني البشر والتي قد تحترق لعوامل شتى، منها مثلآ أن يسُـلط على أحدهم وبشكل مفاجئ تيـار ضوء قوي بعد أن كان يعيش في الظلام فيؤدي ذلك الى إحتراق فيـوزاته والذي يؤدي بدوره الى إنقطاع التيار عن الطابق العلوي من جسمه، فيقال مجازآ أن فلانـآ إحترقت فيوزاتـه كناية عن إتيانه بأقوال وأفعال غير متزنة، كما يقال أيضآ في مثل هذه الحالة إنه أجر طابقه العلوي، ربما مفروشآ مع العفش القديم، مع ملاحظة أن بعضهم لا يمتلك أي فيـوز فيعيش ويموت (مطفيـآ) أي ربي كما خلقتني.
أولى الفيوزات المتفحمة والتي لا زال الدخان يتصاعد منها ولم أكن في وارد تناولها ولكنها طرأت على الموضوع هي فيوزات اللجنة الوزارية التي قامت بجولة (سياحية) في محافظة الحسكة لدعم فيوزات الموطنين التي أحرقتها قرارات سـلطة التوتـر العالي، حيث خرجت اللجنة بتوصيات تم ترجمة بعضها الى لكمـات قهرت مشاكل المواطنين بالقاضية وليس بالنقاط، حتى أن أحد الذين بدأ السباحة مبكرآ في نهر العسل الذي يتدفق الآن قد أعلن: وصلت يا جماعة وصلت، صحيح متأخرة ولكن أفضل من أن لا تصل أبدآ، ويبدو أنه ونتيجة خروج جماعة اللجنة من مكاتبهم المكيفة الوثيرة الى اجوائنا الملتهبة العارية، يبدوا أنهم لم يجدوا أنفسهم إلا وقد إحترقت فيوزاتهم وبدلآ من خوضهم في أس المشكلة ألا وهو القوانين والقرارات والتعاميم والإجرارءات والممارسات العنصرية والنهبوية والتي أشهرها وليس آخرها المرسوم العنصري رقم 49/2008 والتي كانت السبب في كل مشاكلنا، راحوا هم وما بعدهم ونتيجة إحتراق فيوزات الجميع يحاولون عبثآ أن يخفوا هذه الأسباب الواضحة وضوح الشمس تحت رداء فزاعـة الجفاف وتوجيه سهامهم بعيدآ عنها مما جعل المعالجة تنصب على القشور وهي معالجة تجعل بدورها كل شخص عديم الفيـوز يستعمل كل إمكانياته في جعل فـاه فاغرآ كل مساء قبل الدخول في أحلام سعيدة بإنتظار إنهمار الخيرات غير مدرك نتيجة الظلام الذي يعيشه إنها لو أمطرت لكانت غيمت أولآ، أما أن تنقلب الآية فهو الجنون بعينه، ومع أن المسألة كما أسلفت واضحة لكن جماعة اللجنة و ما بعد بعدها قرروا أن يحمل كل منهم السراج أبو فتيلة يبحثون به عن المواطن الكوردي النازح أو اللاجئ في ضواحي المدن ليسألوه عن أسباب طفشانه وأن: عُـد يا حبيب العمـر (هذا هو عنوان فيلمهم الجديد) فلقد قررنا أن ندفع لك زكاة ما سرقناه منك برغلآ وعدسآ و رزآ، إن هذا وأيـمُ الحق (لاحظوا القسم) سيؤدي الى حرق الفيوزات المتبقية عند بعضنا.
وهنا أكتفي في هذا الموضوع وأنتقل الى فيوزاتنا محلية الصنع، ولكي لا أثقل عليكم سأتناولها بشكلٍ ثانوي وأكتفي ببعض الأمثلة، مع الإشارة فقط الى أنه وعلى العكس مما ذهب إليه نزار قباني في إنكاره للمنطقة الوسطى، فإنني أظن أن إحتراق الفيوز هو مرحلة وسطى ما بين الإكتئاب والجنون، وربما بين التفاؤل والجنون.
ولعل من الأمثلة على إحتراق فيوزات البعض هو القول أن الأرض ليست من المجموعة الشمسية ولكنها تدور في فلكها، أو المسؤول الحزبي الفلاني ليس عميلآ للمخابرات ولكنه يتعامل معهم، أو الأحزاب الكوردية ليست خائنة أو عميلة ولكنها تدور في فـلك المخابرات أو في اللغة العامية فلانآ قصده شريف ولكن نيته عاطلة، هذا وقد شهدنا مؤخرآ هبة ثورية منفلتة ذات توتر عالي لا يتحكم بها فيوز ولا يصمد مهما كانت قوته وذلك من خلال التهجم على أحدى الشخصيات الوطنية ولكنها عادت وإنطفئت مثل أصحابها.
ولعل أخطر ما نشهده اليوم هو تحول البعض نتيجة هذا الإحتراق الى مجرد سلك كهربائي أو ما يشبه محطة (إم بي سي) الكورد تعبر من خلاله أو تنهمر عبرها المقالات التركية المدبلجة على مواقعنا الكوردية فيما يشبه غـزوآ ثقافيـآ، فلقد أصبح ونتيجة جهود هؤلاء في الدبلجة أشخاص مثل كمال أتاتورك وأحمد آلتان وعبدالله غول وغيرهم نجومنا الجدد مثلهم مثل مهند و نور ويحيى ولميس، وكأنه لم يكن بيننا في يومٍ ما خلاف أو خصام على كوردستان أو غيرها.  
أخطر شئ أن تكون فيوزات أحدهم محترقة ولكنه لا يعلم بذلك بل يعتقد أن فيوزات الآخرين محترقة فيحاول أن يستغفل الآخرين ويتذاكى عليهم.
إنتبهـوا لفيوزاتكم رجاءً، لا فجعكم الله بفيـوز.
06.06.09







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=5695