عن ماذا تدافع أحزابنا الكردية عن الطبقية والديمقراطية أم في خدمة (الأنا)
التاريخ: الجمعة 20 اذار 2009
الموضوع: اخبار



عدنان بوزان
Bave-araz@hotmail.com

    بداية لابد أن نتطرق إلى بعض النقاط الجوهرية عن الطبقية وصراعها الدائم وعن الديمقراطية ومفهومها الذي أخذ بعداً سياسياً في هذا العصر بما أن الطبقية تعني وجود صراع دائم في الطبيعة بين الطبقة الحاكمة التي تأمر وتنهي وتظلم وتفرض هيمنتها على الآخرين والطبقة المضطهدة أو المظلومة التي تعمل وتنتج وتكدح وتناضل في سبيل نيل حقوقها الإنسانية وتخلصها من العبودية .. وكما أن الديمقراطية : تتكون اشتقاقاً من كلمتين هما " ديمس " أي الشعب و " كراتت " أي السلطة أو الحكومة . وتعني حكم الشعب ، أي اختيار الشعب لحكومته وغلبة السلطة الشعبية أو سيطرة الشعب على هذه الحكومة التي يختارها  وتتجلى الديمقراطية شبه المباشرة في مظاهر متعددة منها: الاستفتاء الشعبي – الاقتراح الشعبي – حق الناخبين في إقالة النائب – الحل الشعبي الذي هو حق الشعب في حل المجلس النيابي بأسره . وبالتالي الطبقية والديمقراطية تدخلان في خدمة الشعوب وفي سبيل تأمين لقمتها والعيش الكريم لها ..


     إذاً في كل المجتمع هناك أمتان ..! أمة للأغنياء وأمة للفقراء .. وهذا ما يذكرني بالعبارة الشهيرة (للينين) عندما مر في شوارع لندن جذب انتباهه في حالات متناقضة مباشرة من ناحية البذخ والترف والجاه والصروح المشيدة , ومن ناحية أخرى مخايل الجوع والفقر في الحواري , وأحزمة الفقر على مدار المدينة ..! هل غاب هذا الإحساس النبيل عن مقدمة الشعارات النضالية التي تطلقها فصائلنا الكردية اليوم ..؟ أم أنهم باتوا لا يحسون بمعانات الآخرين ولا يحملون هموم الطبقة المسحوقة التي ينتمي إليها عدد لا بأس من أنصار هذه الأحزاب فكيف يمكن لفصيل أن يحمل هموم شعبه المضطهد والمظلوم والقابع تحت دكتاتوريات ظالمة ؟ ولا يحس بهموم هؤلاء الأنصار لذا نستطيع أن نصنف أي قيادي غير مؤهل للمعترك السياسي عندما لا يحس بما يعانيه هذا النصير .. وبالتالي تتحول القيادة السياسية وتنسلخ من دورها الفعال والحقيقي وتبرز أقطاب من الوجاهة والزعامة في المحافل والمناسبات وتترسخ القبلية والعشائرية ويؤدي إلى الضعف في النضال والخطاب السياسي المنشود ولم يبقى سوى الإطار العام لهذا التنظيم فقط ..  

     كان ( الخبز ) من مقدمة شعارات النضال لأحزابنا الكردية في أواسط القرن الماضي وكان شعار لأي حزب من الأحزاب الكردية هو (خبز وسلم وحرية) وفكرة اليسارية كانت الخبز اليومي لقادة هذه الفصائل وسباقهم لكسب الجماهير حولهم ... لأنهم أكثر الناس إحساساً بأهمية الرغيف من الفقراء ؟ إن كسب الجماهير الفقيرة يكون عن طريق النضال من أجل تأمين رغيف الخبز أولاً قبل تجييشها في الحريات والأمن والسلام .. لذلك ينبغي أن يكون الكادر القيادي السياسي من طبقة المسحوقين للمجتمع فهذه المسألة بالغة الأهمية لأنها أكثر إحساساً بمعانات الآخرين وأكثر استجابة للتضحية  لأن واحدهم بالأساس ابن لهذه البيئات ووليد ونتاج هذا الوسط المبتلي بالفقر والجهل والتخلف  وللأسف قادة فصائل الحركة الكردية في سورية من أصول ريفية وغالبيتهم من ملاكي الأرض مازالت نفسيتهم تعيش في عصر الإقطاع وبعقلية الآغا والعبيد ويترجمون اليوم على أحزابهم على سبيل المثال تطويب الأحزاب بأسماء الشخصيات والحكم الوراثي الأبدي وما تبقى من الحزب حاشية الملك .. فعلى القائد السياسي الحزبي ألا يلعب دور الآغا في حزبه عندما يتصرف بتعال دون الرجوع إلى أحد أو حتى دون معرفة الهيئات المسئولة يأمر وينهي دون رقيب أو حسيب ..
    ولكن ليس هدفي ومبتغاي حمل السلاح أو الرشق على قادة فصائل الحركة الكردية أو إساءتهم بل هدفي هو أن أبرهن الحقيقة لهذا الشعب .. ولست بحامل السيف حتى أغرس الثقافة الماركسية في عقول الأبرياء بل هي الحقيقة والواقع لا يمكن أن تتحرر الشعوب إلا بتأمين لقمة العيش لهم .. وعندما نقارن شعار الخبز خلال عقود ماضية مع شعارات رنانة التي تطرحها اليوم فصائلنا الكريمة بأنها لا تخدم الشعب بل تخدم شخصيات أبدية .. فهذا لا بمعنى فتحت معركة ضد الأغنياء لأنني واحد من ملاكي الأرض بل أتمنى خلاص الفقراء من تحت رحمة كبار الملاكين لأني من خلال قراءتي للماركسية أدركت أهمية دور البرجوازية الصناعية في حياة الأمم من حيث التنمية والتطوير والنهضة والوفرة .. ونحن لا نريد أن نفقر الأغنياء ما نريده هو أن يغتني الفقراء أو أن يعيش في حالة مستورة نسبياً ويمكنه من تعليم أولاده , وتكون له دار وأرض وصوت انتخابي .. إن التركيز على الجانب الطبقي في نضال الأحزاب واجب وطني وقومي ينبغي أن يتنبه إليه قادة أحزابنا الكردية لا أن يتستروا بشعارات ضبابية , إن الإغراق في المناكفة الحزبية أو التباهي الفارغ بعدد أعضاء الحزب والتظاهر بأنه أقوى من غريمه السياسي.. يسيء لنضال الحركة بالكامل .. إن أي حزب عادة يقيم من خلال ما يطرحه من برامج ومن خلال مناضلته اليومية ومن خلال قدرة الحزب على تقديم الكادر الجيد البارز والمقبول اجتماعياً .. ومن خلال قيامه بمبادرات وحدوية لفصائل وتنظيمات مشتتة فهو يسعى بذلك لتوعية الجماهير .. وإذا كان الحزب مرتبط برأي شخص واحد هو الأمين العام فهذا يؤدي إلى جمود الحزب وبالتالي ينتهي من دوره النضالي  وهذه الحالة للأسف كما هي حال أحزابنا الكردية .. إذا مات الأمين العام , مات الحزب إلا إذا تبنته جهة ما .. أليست هذه الخاتمة مفجعة للحركة بعد مرور أكثر من نصف قرن من الزمن ..! من نضال شعبنا من الويلات والاضطهاد الممنهج والاعتقالات والتعذيب والتشريد والتنكيل..
    إذاً عن ماذا ندافع بعد أكثر من نصف قرن ..؟ عن الطبقية والديمقراطية في سبيل أن يصل هذا الشعب لنيل حقوقه المشروعة .. ؟ أم نخدم الشخصيات القبلية ..؟ أظن أنها واضحة عن ماذا تخدم – للأسف – هي واقع شعبنا وبعض أحزابنا ؟ والمستقبل كفيل بالإجابة ...







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=5308