بيان بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين لتأسيس المنظمة الآثورية الديمقراطية
التاريخ: السبت 15 تموز 2006
الموضوع: اخبار


جاء تأسيس المنظمة الآثورية الديمقراطية في الخامس عشر من شهر تموز عام 1957، على أيدي نخبة من الشباب القومي المثقف، كاستجابة طبيعية لتطلعات شعبنا الآشوري الكلداني السرياني في نيل حقوقه القومية المشروعة في وطنه.

ومنذ انطلاقتها كأول تنظيم سياسي قومي في تاريخ شعبنا الحديث، شكلت المنظمة رافعة للعمل القومي ، فتجاوزت الواقع الطائفي لشعبنا، وأعادت الاعتبار للمسألة القومية ووضعتها في رأس سلم الأولويات لدى جيل الشباب الذي انجذب بقوة لأفكارها ومواقفها. ومهد ذلك لنشوء مؤسسات وتجمعات أحزاب قومية لاحقا بعثت الحيوية في صفوف شعبنا، وخلقت حراكا سياسيا ثقافيا فكريا، ما زال يتفاعل ويتنامى بفعل التعاطي المسؤول مع قضية وجود شعبنا ووحدة هويته ومصيره. باعتبارها قضية شعب أصيل عانى الكثير من الظلم والتمييز في وطنه، ما أدى لهجرة الكثير من أبنائه وتشردهم في دول الإغتراب.


لقد عانت المنظمة الآثورية الديمقراطية الكثير على أيدي الأنظمة الشمولية المتعاقبة، نتيجة لمواقفها القومية والوطنية، فتعرضت كوادرها وقياداتها للملاحقة والاعتقال. غير أن ذلك لم يحرفها عن نهجها السلمي المعتدل، بل زادها تمسكا بنهجها القومي والوطني، ودفعها للانخراط أكثر فأكثر في الحراك الوطني باعتبارها جزءا أساسيا من هذا الحراك، ورافدا هاما للحركة الوطنية الديمقراطية في البلاد . من هنا جاء انضمامها إلى " إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي" الذي يمثل أوسع إطار تحالفي لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا منسجما مع توجهاتها، ومتوافقا مع إرادة جميع القوى المنضوية في الإعلان الطامحة إلى نقل البلاد إلى نظام ديمقراطي يجسد تطلعات الشعب السوري بكافة مكوناته.

في الوقت الذي نحتفل فيه بالذكرى التاسعة والأربعين لتأسيس منظمتنا، تشهد سوريا حالة من الاحتقان، بسبب غياب الحريات واستمرار حالة الطوارئ، وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتزايد نسبة البطالة، وتفشي ظاهرة الفساد والهدر في إدارات ومؤسسات الدولة، وزاد الأمر تفاقما اعتماد الحلول الأمنية في مواجهة الحراك السياسي السلمي المعارض، إذ تصاعدت وتيرة الاعتقالات السياسية مؤخرا، وطالت العشرات من نشطاء المعارضة والمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المعنية بقضايا حقوق الإنسان، وصولا إلى الفصل التعسفي لموظفين من النشطاء السياسيين كوسيلة غير مسبوقة لمحاصرة النشاط السياسي و إخماد أي صوت معارض.

لا شك بأن الخروج من أزمات البلاد المتراكمة، ومواجهة الأوضاع الإقليمية الضاغطة سواء في العراق الذي يشهد بوادر اقتتال طائفي، أو في فلسطين حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لعدوان إسرائيلي جائر، هذه الأوضاع بما لها من انعكاسات على الأمن والاستقرار على عموم المنطقة، تفرض أجراء تغييرات جذرية في السياسات المتبعة، وتحتم التسريع في عملية التغيير الديمقراطي في سوريا، وفق أجندة سياسية إصلاحية متكاملة، تشارك فيها جميع القوى الحية في المجتمع، لترسيخ السلم الاجتماعي وتحقيق الانتقال التدريجي الآمن لنظام ديمقراطي، يستجيب لحاجات مجتمعنا بكافة مكوناته القومية والدينية، ويجنب البلاد المخاطر التي تتهددها. وللشروع في ذلك لا بد من إطلاق الحريات العامة، وإيقاف العمل بقانون الطوارئ، وإلغاء جميع القوانين والمحاكم الاستثنائية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وطي ملف الاعتقال السياسي نهائيا، وإعادة المفصولين إلى وظائفهم، وإصدار قوانين ديمقراطية عصرية للأحزاب والانتخاب، تراعى فيها حقيقة التعدد القومي والسياسي، وتضع حدا للاحتكار السياسي، كخطى لا بديل عنها لتحقيق الإصلاح الشامل.

لقد تفاعل شعبنا في الوطن والمهجر مع أخوته في العراق، وساند مطالبه القومية المشروعة في ظل عراق ديمقراطي حر، غير أن تدهور الأوضاع الأمنية أثار الكثير من القلق والمخاوف على العراق وشعوبه عموما، وعلى شعبنا خصوصا، لاسيما بعد جرائم القتل التي طالت المئات من أبنائه وتكرار الاعتداءات على دور عبادته و كنائسه وتهجير عشرات الآلاف من مدنهم وقراهم على أيدي ميليشيات الإرهاب والتطرف الأصولي، التي استهدفت حياتهم وأملاكهم، مما اضطرهم للنزوح إلى البلدان المجاورة، وبعض المناطق الآمنة في العراق، حيث يعيشون في ظل أوضاع مأساوية، إننا نهيب بالحكومة العراقية الاهتمام بأوضاع هؤلاء النازحين، وبذل المزيد من الجهود لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع العراق، حتى ينعم أبنائه بالسلام ، وينتهي الاحتلال. وإذا كانت الناحية الأمنية تمثل الهاجس الأبرز الذي يشغل العراقيين، فإن شعبنا يواجه تحديا هاما يتمثل بتثبيت وحدة هويته القومية في الدستور العراقي، وهذا يتطلب تجاوز حالة الانقسام والتشرذم، وتضافر جهود كافة قيادات شعبنا السياسية والكنسية لتحقيق هذا الهدف.

أما في تركيا، فقد ظلت قضية شعبنا على الدوام حاضرة في ذاكرة الأجيال ، لارتباطها بجريمة الإبادة الجماعية التي تعرض لها على أيدي حكومة الاتحاد والترقي التركية، إبان الحرب العالمية الأولى، والتي راح ضحيتها نصف مليون من أبناء شعبنا وتهجير من تبقى على قيد الحياة في واحدة من أبشع جرائم التاريخ الحديث. وبالرغم من محاولات تركيا دخول الاتحاد الأوروبي فإن الحكومة التركية لم تبادر إلى مجرد الاعتذار عن ماضيها، ولم تبدل سياستها تجاه الأقليات، كما لم تتوقف التجاوزات على الأملاك أو الاعتداءات على ما تبقى من أفراد شعبنا هناك، وبشكل يتناقض مع سياساتها المعلنة، وبشكل يخالف شروط الانضمام للاتحاد الأوروبي، وتستمر المنظمة في موقفها بمطالبة الحكومات التركية المتعاقبة بالاعتراف بهذه الجريمة مع ما يترتب على ذلك من حقوق قانونية، كما تطالب دول الاتحاد الأوروبي بأن يشترط على تركيا الاعتراف بهذه الجريمة كمدخل لعضويتها الكاملة فيه.

ختاما ونحن نحتفل بالذكرى التاسعة والأربعين، وعلى عتبة الاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس منظمتنا في العام المقبل، فإننا ندعو أبناء شعبنا في الوطن والمهجر، إلى المزيد من التفاعل مع القضايا القومية والوطنية بما يعزز دوره الوطني ووجوده القومي في الوطن، ونؤكد بأن المنظمة الآثورية الديمقراطية كانت وستبقى صوت شعبنا وضميره في كل المواقف والمحافل، وتؤكد بهذه المناسبة استعدادها التام للتعاون والانفتاح على جميع أحزاب وكنائس ومؤسسات شعبنا ونخبه الفكرية والاجتماعية لما فيه خير شعبنا ووطننا.

- أواسط تموز 2006 م - 6756 آ

المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب السياسي






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=528