للنقد قواعده ومناهجه, رد على مقال أحمد حيدر (الحلقة 12)
التاريخ: الأحد 09 تموز 2006
الموضوع: اخبار



بقلم : عبدالرحمن آلوجي

كان لا بد من الرد على مقال تزامن تماما مع ردي على الأعرابي (قحطان الشرابي) هذا المقال هو للكاتب أحمد حيدر بعنوان (الأحزاب الكردية في سوريا بعد 49 عاما, الواقع والآفاق) والذي ينبغي أن يكون هذا الرد الموضوعي درسا يمكن ان يرى من خلاله مدى تهافته , وخلله , والأخطاء البالغة التي أوقع نفسه فيها , لتكون دافعا له ولغيره بالتذكير كثيرا قبل الإقدام على هذا التحامل حيث يقول الكاتب المذكور " إن معاينة الراهن السياسي الكردي في سوريا معاينة واقعية يفرض استبعاد العناصر الشخصية والانفعالية والولاءات الحزبية , والعواطف والأماني " لأن مثل هذه القراءة السياسية كما يقول " لن تنتج مقاربة عقلانية للراهن السياسي ومنعكساته "


إنه كلام منهجي صحيح لو استطاع الكاتب أن يأخذ نفسه به , ويحسن تطبيقه , ويبتعد عن تأثيرات العاطفة والانفعال والموقف المسبق والمتشنج في سياق مقاله المليء بكل عناصر الانتقام وردات الفعل , والتأزم النفسي والمتناقض تماما مع مقدمته واستطراده بعدد ذلك , فكل ما قيل وما كتب وما عقد من ندوات برأي الكاتب " لقراءة الواقع السياسي الكردي وأزماته بل معظمها – كما يدعي -  غلبت عليها أجواء كرنفالية لا تمت إلى الواقع بصلة " بل أشد من ذلك إنما هي أضغاث أحلام ألقي بها - كما يقول -  في متاهات " الأحلام والتنظيرات الفارغة من كل مضمون " هكذا في نعوت تعميمية غير معللة وبغرور بالغ , وصلف عجيب , لا يكاد يمت إلى مقدمته المنطقية بصلة , مجافيا بذلك سمات الكتابة المنهجية والموضوعية والتي تعني " التزام الدقة والحياد والبعد عن الغرور والأحكام القطعية الجاهزة والمسبقة " ولكنه لا يكاد يخفي تحامله على قيادة الحركة التي أفرزت برأيه " كوادر غير مؤهلة فكريا وسياسيا واجتماعيا كي تتبوأ أعلى المناصب الحزبية , نتيجة مواقفها المتملقة , والمجاملة إلى درجة النفاق "  في لغة تكاد تقطر غيظا وحنقا على الحركة مبتعدة عن التحليل الموضوعي الهادئ المتزن الذي لا يكاد يقر بالكلام الملقى على عواهنه دون توثيق أو تدقيق معتمدا السطحية والسذاجة , على الرغم من بيانه في مقدمته بأنه سوف يتوقف عند الأخطاء والنواقص , ويكشف عن الأسباب الحقيقية للإخفاقات المتكررة والتشويهات التي لحقت بالنقد لقطع الطريق أمام أية مزاودة , أو محاولة لتشويه الحقائق التاريخية .
غير مدرك أنه إنما يهدف إلى تشويه مزرٍ للحقائق والنظر إلى الحركة بقصور بالغ واتهامها " بالابتعاد عن جماهيرها , وعدم امتلاكها للرؤية الواضحة للظروف الخطيرة التي تمر بها المنطقة ...  ولا بالمؤامرات التي تستهدف إلغاء الدور الحضاري للكرد , وضرب هويته الوطنية "  مؤكدا أن الحركة لا تكاد تمتلك " البوصلة الدقيقة التي تعينها على تحديد مهماتها " فهو يعتبر أن الحركة عاجزة عن الخروج من أزمتها والتلاقي مع القطاع الثقافي والمعرفي والجماهيري كما أنها لم تستطع أن ترتقي إلى مستوى التحديات المفروضة .
فالحركة الكردية  " نائمة وعاجزة ومخدوعة , وغارقة في فقدان ثقة الجماهير بها , وهي تترنح خلف الجماهير لاهثة وراءها , لا تكاد تدرك ضرورات المرحلة أو تحسن قراءة آفاقها أو تفهم خطورة المسؤولية فهي – الحركة – غارقة في الانقسام والبؤس الفكري وخاصة من أصحاب بعض الرؤى القاصرة والمشوشة مكرسة واقع التقوقع والانغلاق والأهواء الشخصية " كل ذلك في هجوم عدائي غريب منكر ومحكوم بتغريب على الواقع السياسي الكردي , ليأتي هذا الكاتب واعظا ناصحا مشنعا على الحركة خلقها حواجز وهمية تمنع أي اختراق للدائرة المرسومة خوفا من زعزعة كرسيها , مؤكدا أن هذه الحركة البائسة والمتخلفة والغارقة في أنانيتها وتشرذمها " لم تستثمر دماء شهداء 12 آذار ولا ضحايا مسيرات التضامن مع اغتيال الشيخ الشهيد الخزنوي , ولم توحدها هذه الأحداث " لأمر بسيط يفسر به الكاتب الجهبذ وهو " إشباع رغباتها الاستعراضية المريضة في حركات بهلوانية " هذا هو منطق الكاتب الجدلي المزعوم والقائم على منهجية موضوعية محايدة - كما يدعي - لا تكاد تجد فيه الاستعلاء والوعظ والتحامل والحقد الدفين على الحركة مما لا يقع ضمن النقد الموضوعي الذي يدعيه , حيث لم يطرح خلال هذه الصفحات حلا جذريا واضحا ولا حكما واحدا يستند إلى واقع صادق . وهو في كل مقال له , وما نشر له مؤخرا يهدف إلى إيقاف حالة التشرذم والانشقاق كما يقول " بغية الإسراع في علاجها واستئصالها قدر المستطاع للعدول عن سياساتها الخاطئة " فهو سريع إلى العلاج بل الاستئصال , وداعية إلى إيقاف حالة التشرذم علما أنه واحد ممن شرذم وساهم في تأسيس تيار المستقبل كرقم جديد يضاف إلى المتشرذم , ولكنه سرعان ما تنصل من تياره هذا , والذي يشهد دخوله الساحة الكردية من أضيق أبوابها لأنه لم يعمل يوما واحدا قبل ذلك في الحركة , ولم يدرك أبعادها , ولم يساهم في بنائها , ليتحول تياره فجأة إلى ماض قريب , كما أدلى به شخصياً  لبعض الثقات وهو يعلم ذلك , ولا يكتفي بالنيل من الحركة حتى يشنع على رموزها , ويتناول شخصياتها بالتجريح والافتراء , ليذكر واحدا من هؤلاء وهو ( عبد الرحمن آلوجي ) " كأحد المتثاقفين والقادة السياسيين والذي توارى عن الأنظار أثناء انتفاضة 12 آذار , كما أفاد شاهد عيان من أفراد عائلته تم أدلى هذا المناضل بحديث للتلفزيون السوري يدين فيه انتفاضة أهلنا , ومن المؤسف أنه لم يحصل على مكافأته سيارة آخر طراز من جهات  معروفة " 
بأسلوب غريب ومتناقض هش , لا يستند إلى دليل واقعي معتمدا فيه السباب والشتم . وهو يدعي أن عبدالرحمن كتب إلى الأوساط الكردستانية قائمة بأسماء يمنع النشر لهم ومنهم المرحوم ( ديار دوستكي ) والذين يخالفونه الرأي .
كما أنه كان يأمل أن يكون رئيسا لاتحاد الأدباء الكرد الذي أسسه مدفوعا بعقدة الرئاسة ليلغي هذا الاتحاد بعد أن أدرك أنه لن ينتخب رئيسا له , ولم يكتف ِ عبدالرحمن بذلك بل اندفع ﺒ  " خوائه الفكري الذي يعانيه , وعجزه عن قراءة الواقع الجديد , في الرؤى والخرائط ... إلى لغة المبالغة وتقويم للذات المريضة والمتقلبة " فالحركة مريضة كما ذات عبد الرحمن آلوجي والكاتب يحاول فوق كل ذلك أن ينتقد بموضوعية " بعيدة عن الانفعال والعاطفة والمواقف المسبقة التي ألزم نفسه بها " علما أنّ ما أورده من اتهامات بشأن التواري عن الأنظار والحديث المتلفز وتشكيل الاتحاد لا يكاد يستند إلى أبسط الحقائق وأكثرها قربا من الواقع , مما يفترض أن نمسها واحدة واحدة :
1-    التواري عن الأنظار والإدلاء بحديث متلفز :
 في واقعة التواري عن الأنظار وعدم الانخراط في الحدث اعتمد مبدأ السماع من شخص من عائلة عبدالرحمن وهو يفتقر إلى الصحة والدقة والرؤية الصادقة , حيث يدرك القاصي والداني أن عبد الرحمن كان على رأس التظاهرة الجنائزية الهائلة من بداية الحدث إلى منتهاه , وأنه كان المرجع الأول في الحسكة لكبار الشخصيات العلمية والثقافية والسياسية , وأن كثيرا من الأدعياء من أمثاله خرجوا إلى القرى والأرياف وهجروا دارهم , وقد مثل الحركة الكردية بإلقاء كلمة جامعة وشاملة و مرتجلة في كنيسة السريان وسط عشرات شخصيات البلد, وأن الحديث المتلفز كان مجتزأ ومقتطعا في أهم فقرات المقابلة , وأن الغوغائية التي ذكرت كانت تنصب على القادمين من دير الزور والمتورطين في أعمال السلب والنهب من الأعراب , الذين حاولوا ضرب العلاقة التاريخية بين العرب والكرد, وتحويل القضية الكردية العادلة إلى صراع عربي كردي ولم يقصد بها غوغائية الكرد كما ذكره الكاتب , وما موقع قامشلو. كوم في ذلك الوقت إلا دليلا قاطعا على ذلك .
2-    قضية الشهيد فرهاد وتأبينه :
 فالكاتب يخلط الأوراق وهو يحاول أن يجعل من أخلص رفيق لي مادة لدعايته الرخيصة , وهو يدعي أنه أحد أصدقاء فرهاد الذين قام بإقامة مهرجان تأبيني له علما  أنه  لم يكن يعرفه , وأن التأبين الذي حضره عضو المكتب السياسي عبدالرحمن مع وفد قيادي من البارتي وجماهير الحزب كان بتخطيط غير مباشر من قيادة البارتي , وأن عبد الرحمن لم " يتباكَ " كما يدعي الكاتب , بل انطلق في كلمة شاملة من فجعه الشديد على الشهيد فرهاد الذي لا نريد أن يكون أحرص منا عليه .
وقد أبدينا كامل استعدادنا لتبني ذاك التأبين بيد أن والد الشهيد فرهاد فضل أن يقوم بهذا التأبين الكتاب والمستقلون ولم نمانع في ذلك.
3- المحتوى الفكري والإبداعي لكتابات عبدالرحمن وتثاقفه  - كما يقول الكاتب -
فإن الحكم في ذلك لا يكون لكاتب له عشرات الأخطاء اللغوية في مقال واحد , فالنقد البلاغي , والاكتناز الفكري , والرؤية السياسية الواضحة يأتي من تقوبم الأدباء والمفكرين والنقاد ممن يمكنهم أن يقوموا أعمال الكاتب ويدركوا مكانته وقدرته , ومجالات إبداعه , وما كتبه خلال سنين طوال ومدى ثباته وتقلبه في الفكر والمواقف , وإذا أردت أيها الكاتب الشهم أن تراجع المقابلات واللقاءات في الصحف العربية والكردستانية منذ بداية الثمانينات إلى مشارف الألفين , فإن تقويم المفكرين والباحثين من أمثال ( فلك الدين كاكائي وعبد الغني علي يحيى وسامي شورش  و دحام  عبد الفتاح  ..... )
4-    القائمة الكردستانية والقمع الفكري الذي شاركت فيه :
  أما الأنباء أتتك من مصادر غير دقيقة فقد نقل بعضهم إليك هذه الأنباء زورا وبهتانا وأن شاهدك الوحيد هو المرحوم ديار دوستكي قد انتقل إلى رحمته تعالى, فهو شاهد لو نطق لفند دعواك ,علما أني لم أتدخل في أي شأن كردستاني .
كما أن رئاسة الاتحاد كان حاصلا  وكنت بالفعل رئيس الاتحاد , وان أعضاءه لم يكونوا شبه كتاب أو أدعياء- كما تدعي – بل كانوا من كبار الكتاب و ذوي آثار منشودة ومؤلفات عديدة وكانوا محايدين وبعيدين عن أي منطق فكري وحزبي محدد كما أن القمع والإرهاب و الحصار الفكري الذي توصف له  من قبل بعض من أخبرك هذه الأنباء ونقلها زورا وبهتانا وقلب الحقائق , وسوف تدرك أنت وسواك أني كنت الحية لقمع و تشويه , وحرب أعلنت علي كردستانيا عن طريق بعض الشخصيات في سوريا .
أما ما حصل من تمزيق وحدة البارتي و النيل من هيبته قمما لا أريد الخوض فيه حفاظا على قيمنا و أخلاقياتنا , وحرصا على إعادة اللحمة للبارتي و سعينا الجاد في توحيده .
5-    الخلط بين ما هو منهجي وعلمي وما هو مرتجل ومتعسف :
    حيث لا يكاد الكاتب يصب جام حقده على الحركة رغم عثراتها و أخطائها كثير                         من مواقفها غير المنسجمة طموحاتنا حتى ينبري في حالة تشنجية إلى ربط بين هذه المواقف الذاتية المسبقة وشخصيات الحركة ليصب جام غضبه على مواقفها التي وصفها بالضعف والتراجع وعدم التوحيد والتشبث , علما أن الحركة قدمت على صعيد واحد في مجموع الأحزاب الكردية في مواقف واعتصامات وواحد وعشرين بيانا وتصريحا في أحداث الثاني عشر من آذار وكان من ثمراتها هذه الجماهير التي خرجت من مدرسة البارتي الأولى والتي كان من أكبر أمانينا أن تحقق الوحدة و التوحيد وهو ما نلمسه واضحا في الميدان , من خلال نواة الهيئة العليا بين التحالف و الجبهة أما النظرة السوداوية القاتمة والتحامل على الحركة ووصفها بالتخلف الضحالة وكونها لاهثة خلف الجماهير , فإنها نعوت غير موضوعية , وغير دقيقة , ومحكمة بحقد دفين على الحركة التي لم يشارك فيها الكاتب إلا متأخرا جدا , ورؤية متهافتة وفهم ضحل وبعد واضح عن النقد المنهجي الذي لم يجده .






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=505