التطفل السياسي لدى المثقف الكردي
التاريخ: الأربعاء 05 تموز 2006
الموضوع: اخبار


د . ممو عبدي

المعرفة و السلوك المعرفي المتزن والمتوازن مؤشران للتطور الحضاري و الرقي الأخلاقي على المستويين الشخصي و الجمعي العمومي لدى جماعة اتنية أو شعب خاصة عندما يدفع ضريبة جهله و نقصه المعرفي الى الآن . ما من أمة ظهرت الى الوجود بقوة و تبوأت عرش المدنية بجدارة الا و كانت نتيجة حتمية للجهد المعرفي الخلاق الذي يبذله ابنائها المخلصون و المنتجون للحراك الابداعي كل لحظة ,فهم قمم شامخة في سماء اوطانهم و نجوم مضيئة في لياليهم المظلمة و الحالكة لذلك نرى أنه ليس معيبا أو غريبا أن تتجسد أمة بكاملها في شخص واحد بل العكس منه تماما تعد مفخرة لانه يمثل و بحق الضمير الحي لها انتماء ,التزاما و ابداعا .

فروسيا عظيمة بفضل كتابها المرموقين أمثال تولستوي دوستويفسكي بوشكين , فرنسا دخلت التاريخ بجهود جان دارك جان جاك روسو و جان بول سارتر و ألمانيا في الصدارة نتيجة لجهود غوته اينشتاين و هيغل , هنا يجب أن لا ننسى أن التاريخ اليوناني القديم يزخر بالعظماء المعطائيين الذين و منذ ذلك الوقت بدأ التاريخ المعرفي ,في الجانب النقيض ترى الوجه الآخر للعملة ابيدت شعوب نتيجة لافتقارها لمبدعين و نخب مثقفة مما كان يعكس بؤسهم الحضاي و فقرهم الثقافي و سلوكهم البعيد عن القيم الانسانية المتراكمة ,نستخلص مما فاتنا أن التاريخ المضيء و المشرق ثمرة بالتأكيد لجهود نخبة المجتمع التواقة للمعرفة و العمل المبدع الخلاق هذا من ناحية ,من ناحية أخرى نقل المعلومة كان وسام الشرف المعلق على جبين هؤلاء لأن الحقيقة لا تشوه و لا تموه حسب الأهواء و الأمزجة فالمغول و التتار ليسوا الا حملة و جلبة السلب و النهب حيث كان العلم يقف في الدرك الأسفل من سلم الأولويات لدى هؤلاء السلاطين الذين انشغلوا بمتاهات الدنيا و متاعات الحياة . اصابنا نحن الكرد الغبن أكثر من غيرنا لأسباب بعضها معروفة و اخرى باتت منسية في ثنايا التاريخ المنسي و المتناسي و هذا كان الى حد ما الحجة الأكثر تقبلا لدى الجماهير الكردية و التي أدت الى تخلفنا و تأخرنا عن ركب الحضارة , حيث تحولت الى انشودة لنا نغنيها متى نشاء لدفع البلا عنا و جعل تخلفنا كله في ربقة الاعداء من عرب و ترك و فرس , هذا جزء من الحقيقة لكن ليست كلها ,لم نكتفي بهذا القدر بل ربطنا جل مشاكلنا القومية و المعرفية و الدينية و الابداعية اضافة الى ماذكر بالدول العظمى حيث برانا أنفسنا من كل شيء و جمدنا الابداع و الخلق الى يوم الدين , يوم تنتصر فيه القوى الخيرة و تقيم لنا دولة قومية عصرية ما علينا الا أن نأتي لنجلس على كرسي العرش , طيب ما علاقة الانتاج الابداعي و المعرفي بهكذا تفكيرمستسلم ؟, فضلا عن ذلك أن الشعوب و الامم التي تعاني من الظلم و الاضطهاد تبدع أكثر لحاجتها له و تعويضا عما خسرته على الأصعدة كافة , فأمامنا كثير من الشعوب و القوميات الصغيرة و المنسية لكنها أنجبت مبدعين عالميين و أسماء لها قامات شامخة في الأدب و الفن أمثال رسول حمزاتوف و جنكيز أيتماتوف اللذين لهما من الشهرة ليست بأقل من منزلة غوركي و جورج أورويل ,خاصة و أن شعبا كهذا الذي حرم من أبسط الحقوق القومية في العصر الحديث يجب أن يظهر الى السطح الكفاءات في مجالات أخرى لأ نه السبيل الوحيد لاثبات كينونتك لاحقاق الحق و تحطيم كافة التوجهات العنصرية , الانكارية , الاقصائية و اللاانسانية . في هذا الصدد لا يسعني الا أن أذكركم بظاهرة فريدة من نوعها و هي تجربة المخرج السينمائي يلماز كوني و الشاعر شيركو بيكس الذين أبدعا فأنتجا فنا راقيا و ادبا عالميا مما ساهم في التعريف بالقضية الكردية أكثر من أية حركة سياسية كونهما خاطبا الناس بلغة حضارية مفهومة بعيدا عن التشنج و الاعلانات السياسية الفظة التي يغلب عليها الطابع المصلحي و الاسلوب الساذج في التعامل مع هكذا قضية بالغة الخطورة و الحساسية . طبعا بفعل ثورة الاتصالات و دخول شبكة الانترنيت الى كل بيت , أصبح من السهل أن تتطلع على الكم الهائل من المعلومات بسرعة خيالية تفوق سرعة الضوء مما سهل ظهور أسماء كتاب و شعراء و حتى علماء جدد في مختلف المجالات فترى الكاتب شاعرا و ناقدا و سياسيا و طبيبا و كل شيء , أي بمعنى آخر بدا على السطح صورة المثقف الشامل و الكامل(بتاع كلو) و الذي يفهم و يبدع بكل شيء . قلما يوجد عند أمة أو في بلد نمط من هذه الشريحة التي تسمح لنفسها بكل شيء الا عند الكورد الذي بشكل أو بآخر يعبر عن الفوضى في الانتاج اللاابداعي من جهة و التعطش للتعويض عما حرم منه خلال الحقب الماضية , ما من شأنه يمهد لتكوين ثقافة ضحلة و قزمة على الأرجح غير قابلة على العيش المديد و منافسة الثقافة الأعلى منها و خاصة نحن أمام امتحان صعب و هجوم شرس من القوى الشريرة التي تتحجج بأوهام واهية تريد النيل من كل شيء بما فيه الابداع الذي تمنينا أن يكون الابداع حقيقيا لامزيفا أو ارتزاقيا , لذلك نحن نعيش مرحلة انتقالية فظة و غزيرة بكل شيء لكن ليست مبدعة في كل ما ينتج عنها . فالديمومة و الاستمرارية بلا شك للعمل الخلاق و المهني الذي يخاطب التاريخ و الضمير الحي ولأن الكتابة بشكل عام هي الالتزام و الصدق فيما تريد ايصاله بعيدا عن التلفيق و المهاترات و الافتراءات التي تنبع اما من مواقف مسبقة تجاه قضية أو ظاهرة أو تصفية حسابات مع فلان من الناس. فالسيد بير رستم على علمي كاتب قصة باللغة الكردية فهو يكتب مبدعا أم هاويا بها , والتي (أقصد هنا اللغة الكردية)هي ايضا تتخبط في متاهاته و تقلباته, كان من الأولى به أن يستمر في هذا التوجه الادبي الذي نحن أحوج اليه من أي شأن آخر سيما و أن الادب المدون باللغة الكردية ذات الابجدية اللاتينية يعيش مخاضا عسيرا منذ زمن صدور أول مجلة باللغة الكردية هاوار من قبل المرحوم جلادت بدرخان المغفور له و الىيومنا هذا, لكن تبين فيما بعد أنه مل من الأدب و و جه قلمه الى نمط آخر من الكتابة ألا وهو التحليل السياسي على الطريقة الكردية التي لا تخلو من القروية في الطرح و العشائرية في التحليل , ثم هذه ماساة حقيقية لهذا النمط من الشباب الذي اندفع بقوة في ريعان شبابهم الى الكتاية باللغة الكردية التي تفائلنا خيرا و سررنا بهكذا ظاهرة, ناهيك عن أن الابداع الادبي أكثر خلودا من أي شيء آخر و حبل السياسة قصير و الذي أستاذنا المبجل اعتصم به في الآونة الأخيرة , فها هو يطلعنا يوميا على آخر المستجدات السياسية على شكل بيانات و بلاغات مطلقة في صحتها و صائبة في توقعاتها البيررستمية على صفحات الانترنيت, نحن لا نكشر عن أنيابنا تجاهه و لا نكفره مجرد أن اعتنق مذهبا , لا ليس الموضوع بهذا الطرح كل منا له آرائه و معبوديه لكن الطامة الكبرى في أن يتحول كاتب من شاكلة بير رستم الى رجل يكتب التاريخ و يحلل في السياسة , ينقد كما يحلو له بأسلوب يفتقد التوثيق و مليئ بالمغالطات التي كان من المفروض عليه أن لا يقبل بها حفاظا على سمعته و حرصا على نتاجه الأدبي الذي سيفسر انطلاقا من تلك المواقع السياسية التي باتت شغله الشاغل , اود أن أصرح بأن طيف القراء سيتضائل مادام هو يتحامل على طرف و يتهم الآخر بشكل قطعي , و خاصة في السياسة التي تتقلب و تتغير تبعا للمصالح , في الوقت الذي كان من الاجدى به أن يسخر قدراته الأدبية في التعاطي مع الشأن السياسي نقدا و تحليلا و كتابة .ثم الأهم في ذلك كتابته لقضايا تاريخية عارية عن الصدق و من نسج خياله السياسي الحديث . نقول لأستاذنا الفاضل و بفم مفتوح هل الفشل و الاخفاق في ألأدب قادك الى ان تصبح محللا سياسيا على طربقتك ؟, لماذا يبدل الخلود بقضية مؤقتة ربما تثنيه عن عزمه الأدبي و تنهي تلك الحقبة المضيئة ,اسفي على هذه الشريحة التي ارتضت لنفسها ان تكون ملكا لفئة لا لأمة , طبعا لم اتفاجأ بما يحلل هو منذ فترة , و قد بدا لي منذ وهلة أنه يمهد الطريق لكي يتبوأ العرش السياسي و يترك الهواية الأدبية ليحترف بالسياسة التي تمارس عند الكرد قاطبة من منطلق هواياتي و ليست مؤسساتي هذا من ناحية , أما الشيء الآخر الذي دفعني الى كتابة هذا المقال هي الآراء التي دونها هذا المحترف السياسي الجديد في الحزب العتيد الذي وددت أن أكون مخطئا في توقعاتي ,لكن الأهم هو وقوعه في مغالطات سياسة بعيدة عن التحليل و يكشف جهله الفظيع بالتاريخ الذي ليس من حق السيد بير رستم و أمثاله الكتابة عنها و سردها كما يحلو لهم فهي قضية تخصصية بحتة الا اذا كان هو يبطن مرام و نوايا لتقديم شهادة ولاء للذين يبدي اعجابه بهم , هذا من حقه, لكن قطعا ليس باستطاعته الادعاء و خلق افتراءات بعيدة كل البعد عن الحقيقة مبررا وجهة نظره مادحا فلانا من الناس لكسب ما هو يريده , فقد دون في آخر مقال له تحت عنوان "الشرعية التمثيلية في ذكرى ميلاد البارتي" مجموعة من الملاحظات التي أود شرحها باسهاب بعيدا عن التشنج الانفعالي كونه لامس قضايا مصيرية تاريخية سخرها لأهدافه و وظفها خدمة لأغراضه و نواياه .
اولا:ما يدعيه السيد بير رستم بأنه هناك محاولات حثيثة للاستيلاء على ميراث البارتي الذي أسسه نخبة من الوطنيين ليس صحيحا و حقيقة هذه الاحزاب و الحركات هي نتيجة حتمية و أكيدة لتشظي تلك الحركة و من حق الجميع أن يدعي أبوة البارتي الذي أسسه المناضل أوسمان صبري و رفاقه فهذه الحركات هي نتيجة حتمية للانقسامات الباراميثيومية لذلك الجسم الوحيد شاء السيد بير رستم أم أبى . ثم لم يكن هذا الحزب مواليا للبارتي و البارزاني بل على العكس منه تماما فرسالة المناضل أوسمان صبري لابنه هوشنغ خير دليل على ذلك حيث يتهجم فيها على القيادة في كردستان العراق و أخص بالذكر المرحوم البارزاني
 ثانيا :الشيء الثاني و الملفت للنظر هو التخبط اللغوي الذي يعاني منه السيد بير رستم و الضياع الفكري فقد بدأ مقاله بشيء و انتهى به المطاف بشيء آخر لا يمتان الىبعضهما البعض بصلة فقد عنون مقاله عاى الشكل التالي: (الشرعية التمثيلية في ذكرى ميلاد البارتي) و اختتم المقال بالجمل التالية: (وبالتالي فهو الأجدر اليوم أن يدعي بأنه وريث ذاك النهج وتلك الخطوة التوحيدية "المباركة" والتي تمت تحت قيادة الزعيم بارزاني وهكذا فهو الذي له (كل) الحق أن يدعي بأنه بحق يمثل وبقوة الشرعية القانونية والدستورية ميلاد الحزب الأول في غرب كوردستان ودون أن يكون قد زايد على أحد.) هنا اختلط الحابل بالنابل ولم نعد نعرف ماذا يريد بالضبط السيد بير رستم! هل الشرعية التمثيلية لميلاد الحزب الأول الذي أسس عام 1967؟ أم الحزب الذي تأسس عقب المؤتمر الذي انعقد في كردستان تحت اشراف الملا و قيادة البارتي؟ , فالضياع هنا واضح و الأجدر كان من السيد بير رستم أن يعنون مقاله على الشكل التالي(الشرعية التمثيلية للنهج البارزاني في كردستان سورية) و ليس كما عنون هنا لأن الجهود كلها تؤول للتأكيد على نهج البارزاني و ممثليه في هذا الجزء و ليس على ميلاد أول حزب
ثالثا : فقدان الأمانة التاريخية لدى كاتب المقال و محاولته الصاق التهم جزافا لحركة أقامت الدنيا و لم تقعدها خلال أكثر من ثلاثة عقود حيث يقول(بحيث دفع حزب العمال الكردستاني، ونتيجة لعوامل عدة منها ضعف القيادة الكوردية في جنوب كوردستان وبالتالي التراجع في النهج البارزاني عامة ومنه الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)، إلى أن يستفيدوا؛ أي (PKK) من هذه الظاهرة ومن أرث (البارتي) الجماهيري فكانوا يعرفون عن أنفسهم، وخاصة أمام الشرائح الاجتماعية البسيطة والريفية، باسم (البارتي) وهم الذين كانوا ولفترة (أعداءً) لنهج البارزاني والبارتي نفسه). و هذا هو الكذب و الافتراء بعينه هنا اريد التأكيد على أن حزب العمال الكردستاني خلافا لما يراه السيد بير رستم فقد حاز على ثقة الشعب من خلال التضحيات الجسام و قد كان صريحا في خطابه و أجرأ مما يتفوه هو به فقد حارب الفكر العشائري جهرا و علانية و لم يتستر تحت أية يافطة ,فقد حطم الحواجز و أزال الجدران مخاطبا بلغة واضحة و صريحة تخلو من الدجل و النفاق كاشفا كل الملفات و الأوراق . ثم ادعاء السيد بأن الحزب كان يعرف عن نفسه بالبارتي فهذا يعكس جهله باللغة الكردية و البارتي يعني الحزب باللعة الكردية و ليس البارزاني و نهجه الا اذا ترائى للسيد بير رستم أن البارتي هو حكر على البارزانيين دون غيرهم .ثم لماذا يريد التذكير بالماضي متهما طرفا و مبرئا الآخر في الوقت الذي هم انفسهم نسوا الخلافات و دشنوا مرحلة جديدة هذا ما بدا من تصريحات الطرفين فالسياسة ليست تذكيرا بالخلافات الماضية و انما تجاوزا للعقبات و المصالح الذاتية و تقديم التنازلات لمصلحة الخير العام .
رابعا : ادعاء السيد بير رستم بأن البارتي يمثل القوة الشرعية و الدستورية لميلاد الحزب الأول .هنا نريد أن نسأله من أعطى الشرعية الدستورية لمن .هل نحن أصحاب دولة و أجرينا انتخابات تشريعية و حاز هؤلاء على الأغلبية في البرلمان أم هي من نسج خياله الخصب الذي كان من المفترض أن يوظفه لكتابة رواية أدبية عن البارزاني و نهجه الذي فعلا ذاق طعم الويلات لا أن ينضم الى قافلة الذين يتخذون من البارزانية ليس عملا انما تأشيرة العبور الى جنة الخلد في منتجع صلاح الدين .
خامسا : أخير و ليس آخرا لم يتطرق السيد بير رستم الى من يمثل البارزاني فعليا على الساحة الكوردية السورية , أهو تيار الأستاذ نذير مصطفى ام تيار السيد نصر الدين عمر أم السيد صلاح بدر الدين الذي لم ينج من اتهامات الطرفين له بالارتزاق و الالتزاق . في النهاية ماالمغزى من مناقشة هكذا قضايا ان كنت بارزانيا أو آبوجيا أم طالبانيا فهذا لن يفيدنا بشيء , العبرة تكمن في أن نكون ممثلين حقيقيين للكورد السوريين (الشعب الكوردي) بغض النظر عن انتمائك لنهج أو ارتباطي بقائد يعيش خارج الجغرافية السورية فهم أدرى بقضاياهم و قطعوا أشواطا طويلة في انجاز مشاريعهم و نحن البائسين اليائسين نظل نستظل بفييهم لا أن نكون لنا خيمة من صنع يدنا و على أرضنا . قضايانا تلقى الحلول في دمشق و ليس في هولير أو آمد او السليمانية , حري بنا أن نتعلم منهم لا أن نتبعهم و نتسابق على كسب ود أي منهم . ان كنت بارزانيا حقا يجب أن تصالح أخاك و جارك و ذوي القربى لا أن تحاربهم بذوي البعدى , فالأقربون أولى بالمعروف , صدقت الحقيقة و صدق قائلها .
النهاية






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=487