الكورد في سوريا : بين الطموح و العراقيل
التاريخ: الثلاثاء 04 تموز 2006
الموضوع: اخبار


بقلم: زيور العمر *

يصر الكورد في سوريا على وصف قضيتهم بقضية شعب و أرض , فيما تلح القوى السورية المعارضة على حصر المسألة في مجرد ظلم سلطوي طالت الكورد كغيرهم من المواطنين السوريين على إمتداد أربعة عقود من حكم نظام حزب البعث في سوريا. و لعل أهم ما يؤرق أطراف المعارضة العربية في سوريا هو, إصرار الكورد على أن أرضهم التاريخية " كوردستان " تعرضت الى التجزئة و التقسيم بين اربعة دول , و أن وجودهم في البلاد  ليس مجرد تواجد طارئ حتمته ظروف معينة من قبيل  الإلتجاء الى الأراضي السورية هرباً من قمع السلطات التركية في بدايات القرن العشرين كما تحلو للأوساط السلطوية و العديد من أطياف المعارضة " الديمقراطية " الحديث بهذا الشكل في الملف الكردي.

مطالبات الكورد في سوريا من زاوية الإعتراف الدستوري بوجودهم كثاني أكبر قومية في البلاد , فضلا ً عن الإعتراف بباقي حقوقهم السياسية و الثقافية لا تجد صدى في آذان المعارضين " الديمقراطيين " السوريين , ناهيك عن تبنيها في مشاريع التغيير الديمقراطي في البلاد . فكل الأطر المعارضة , التي تشكلت منذ أقل من عام  بدءاً بإعلان دمشق و إنتهاءا بإعلان جبهة الخلاص الوطني في الخارج , أجمعت على إسكان المسألة الكوردية في بيت " المواطنة "  و حق  الكورد في ممارسة حقوقهم الإدارية و المدنية بالتساوي مع باقي المواطنين السوريين .
إزاء هذا الإختلاف الجذري في مواقف الطرفين حيال كيفية حل قضية الكورد في سوريا , تجد القوى السياسية الكوردية المنضوية تحت سقف إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي , بشكل خاص - على إعتبار أن الأجتماع التأسيسي لجبهة الخلاص الوطني في لندن لم يشهد حضوراً حزبياً كوردياً من نوع ما , و إنما اقتصر على تواجد إحدى الشخصيات الكوردية المستقلة فقط-  نفسها أمام إستحقاق تبرير توقيعها لإعلان دمشق بالصيغة التي تبنت حل المسألة الكوردية في سوريا , إن لم تكن تواجه إستحقاق أعظم و أدهى , ألا و هو تحمل مسؤولية ما تم الإعلان عنه في البيان التأسيسي لجبهة الخلاص الوطني , و نعني هنا الشق المتعلق بالكورد . إذ أن البيان التأسيسي لجبهة الخلاص الوطني بقيادة خدام – بيانوني لم يستطع تجاوز سقف إعلان دمشق حول المسألة الكوردية في سوريا. فمنتقدوا الأحزاب الكوردية التي وقعت إعلان دمشق , يحملونها مسؤولية تعميم التصور المرفوض كوردياً عن قضيتهم في صفوف المعارضة السورية بإختلاف تلويناتها و أطيافها السياسية , و ويطلبون من هذه الأحزاب تصحيح الخطأ , قبل أن يصبح أمراً واقعاً لا مفر منه.
المعارضون في صفوف الأكراد لأية صيغة تبعد صفة " شعب و أرض " عن قضيتهم , مهددون , بدورهم , بخطر العزلة بعد أن رفضت كل محاولاتهم , قولا و فعلا , في إقناع الأطراف الأخرى على ضرورة تبني ديمقراطية تعكس حالة بلد  , متعدد القوميات و الأديان و المذاهب . بل أن التحذير من أن لا ديمقراطية في سوريا دون الإعتراف بهذه الحقيقة و ترجمتها في مسيرة بناء دولة جديدة مغايرة عن الدولة الأمنية الراهنة , المغلفة بأيديولوجيا قومية تحكم دولة متعددة الأقوام و الأديان , لم تلجم أحد , حتى بدا أن مجال المناورة و اللعب بالإعصاب أصبح ضيقاً , فكان المستفيد الأول و الأخير من هكذا وضع هو , السلطة الحاكمة.
حيال هذا الخلاف الجوهري , وجد النظام في دمشق فرصة سانحة للعب بالورقة الكوردية و شق صف المعارضة , عندما إلتقت نائبة رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية , نجاح العطار مع بعض أمناء العام في الأحزاب الكوردية ,  للتباحث في كيفية حل مسألة الأجانب الكورد , المنزوعي الجنسية , منذ عام 1962 , بموجب مرسوم تشريعي (93) و الذي أثمر , سلطوياً , عن تجريد أكثر من 120 آلف مواطن كوردي من جنسيتهم السورية . التحرك السلطوي السوري من قبل شخصية غير بعثية في إعلى الهرم السلطوي في البلاد من أجل حل مسألة الكورد المجردين من الجنسية , خطط له ليكون بمثابة إستكمال تصور سلطوي جديد من مسألة الأكراد عموما في سوريا و إستطراداً لما صرح به الرئيس  الأسد في وقت ليس بعيد من ان : " الأكراد جزء أساسي من النسيج الوطني و الإجتماعي في تاريخ سوريا". هذه التطورات و سياقاتها , و ما يمكن أن يتمخض عنها من نتائج و تداعيات , تهدد بإغراق القضية الكوردية في رمال متحركة , و بالتالي تعريضها لفرص الإبتزاز السياسي من هذا الطرف أو ذاك .
لهذا يمكن إعتبار رفض المعارضة السورية لمطالب الكورد القومية ,بالتزامن مع الدخول الجديد للنظام على الخط عبر بوابة إعادة تجنيس الكورد في محافظة الحسكة من خلال لقاء كوردي – سلطوي , التطورالأكثر دراماتيكية في مسيرة تحررالشعب الشعب الكوردي في سوريا , بحيث يضع الشعب الكوردي و قواه السياسية أمام إستحقاق إعادة الإعتبار لحقيقة قضيتهم . و يمكن في هذا السياق  إعتبار الدعوات الجديدة لتأسيس إعلان القامشلي مرحلة أولى في عملية الضغط على لاعبي المشهد السياسي السوري  للقبول بحقيقة المسألة الكوردية و تلبية متطلبات حلها بشكل عادل و شرعي .


*كاتب كوردي من سوريا






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=486