أيها السوريون تصبحون على وطن شفَّاف
التاريخ: الخميس 24 تموز 2008
الموضوع: اخبار



عمر كوجري

    دخلت الشفافية – كمصطلح – حديثاً إلى القاموس العام السوري، وتمفصلت كعنوان بارز وأساسي لخطاب القسم للسيد الرئيس بشار الأسد في مجلس الشعب عام 2000 إلى جانب مصطلحات أخرى حديثة مثل التحديث والتطوير والمعلوماتية.
    شمل هذا المصطلح المثقف والمتعالي عن السائد المعيق نواحٍ كثيرة في حياة السوريين. الشفافية في إلغاء القوانين، والمراسيم الصادة للتقدم والرقي في البلد وفي العمل القضائي، وفي علاقة المسؤول مع مرؤوسيه، والشفافية الإعلامية في انفتاحها على الرأي الآخر شرط توافر السوية الوطنية والانتماء المتأصل، وفي التعامل مع المؤسسات السياسية غير المنطوية تحت لواء الجبهة الوطنية


وفي النظر إلى السجناء السياسيين وموقوفي الرأي باعتبارهم أصحاب رأي مختلف، وليسوا مجرمين ولا متهمين بالخيانات العظمى، وفي تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطن على مبدأ الاحترام وسلوكياته وذلك باستدعائه رسمياً، وليس اقتحام منزله والسطو على هناءة نوم أطفاله وعائلته.
    بالفعل صدرت مراسيم رئاسية غزيرة حاولت جاهدة أن تقوض الرقابة والترهل في جسد الكثير من النظم والتعليمات التي فرملت الحياة العامة لحقبة زمنية طويلة.
والتي ألحقت الضرر الجسيم للقدرة الخلاقة والتوثب الصادق للإنسان السوري، فأضحى من جراء الممارسة الخاطئة للبعض أقرب إلى الشعور بالإحباط لتخوفه من شر ما ينتظره،  ورهبته من قول الحق.
وهكذا وجد إنساننا السوري نفسه غريباً عن وطنه، وغير فاعل حقيقي في معمعة الحياة واستحقاقاتها، وعلى التو باشرت مكنة التغيير بالعمل والدوران ، ولوحق الفساد والمفسدون على نطاق واسع، وشعر الإنسان السوري أنه على عتبة مرحلة تشي بالورود والأزاهير القادمة الكثيرة.
    غير أن التركيز على المسائل الحيوية لم يكن بمستوى النيات الصافية والرهانات، بل  همشت بعضها الجوهري .
فلم ترفع حالة الطوارئ المقيتة وغير المبررة موضوعياً، والتوقيفات العرفية لم تنته، وغيرها وغيرها .
  قدمت برامج ورؤى واجتهادات وأطروحات لإنعاش الوضع الاقتصادي المتردي، ورسمت آفاق غير واضحة الأبعاد والمعالم لانتشال العامة المسحوقة من غول الفاقة، دون أن يوازي ويتزامن هذا الاهتمام مع إصلاح الحالة السياسية المتصدعة منذ زمن طويل. فقد ظلت السياسة وتداولها في غير المواجهة الرسمية بلا قانون ينظم عملها، ويضبط إيقاعها ورغم صدور بعض صحف الجبهة علانية والترخيص لبعض الصحف الخاصة، ظل الإعلام على مركزيته ووجهه الواحد الوحيد.
   ولم تستمر البسمة طويلا"على وجوه دعاة المجتمع المدني ، وعاد العبوس ينام على سحنات المثقفين ومنتدياتهم الثقافية الصرفة تحت ذرائع واهية لا يقبلها المنطق والعقل.
ويوماً فيوم سيشعر الإنسان السوري أن ثورة المعلوماتية والأتمتة والمصارف الخاصة والخصخصة لا تعنيه في جوٍّ من عدم الأمان على لقمته على الأقل. فما الحاجة إلى تعلمه الكومبيوتر وأولاده ينامون على الطوى؟؟
   وعلى الصعيد الكردي وهذا ما يجب أن تتبناه المؤسسة الثقافية والسياسية العربية على الأقل غير الرسمية والموظفة إلى جانب هذه الحالة.
أقول: على هذا الصعيد لم يحدث انفراج تحت أي مسمى نسبي أو شامل، بل أن بعض الأوساط أمعنت الخناق على هذه الشريحة الواسعة والتي تشكل قومية ثانية في البلاد من حيث العدد، وبقيت كل الآلام والمشاكل التي عاناها، ويعانيها الكرد على حالها .
ولم يتم التحاور والتلاقي بين الرسمي والتنظيمات الكردية، وكان الكرد ينتظرون وقلوبهم مفعمة بالتفاؤل بحل كل مشاكلهم العالقة، وبقيت صرخات المعذبين في أدراج الرياح والتهميش.
والوضع الاقتصادي يزداد غلواً وظلماً بحق الغلابة من السوريين، في وقت يزداد في عدد الغيلان التي تأكل الأخضر واليابس، ولا تشبع. تلك الغيلان التي ربطت مشروعها فيما وراء البحار، وتكدس أموالها ومصالحها هناك في البنوك الأجنبية، بينما الفريق الاقتصادي مرتاح بما يحصل للشعب السوري، وكأنه متآمر مع جهات إياها لإلحاق الأذى والألم بالإنسان السوري، حتى يقضي على ما تبقى من مكتسبات حققها السوريون بنضالهم لعشرات السنين، فأصبحت الكثير من المفاصل الهامة للبلد تنهشها تماسيح الفساد، ودعاة الخصخصة، فيتم علناً بيع القطاع العام عبر تخسيره وإفلاسه، ونهبه بشكل منظم، حتى يمرر هؤلاء مشاريعهم التي لا تصب في مصلحة الوطن والمواطن بأي شكل.  
و..... إلى أن تحل بالعصا السحرية كل المسائل التي تهم المواطن السوري أقول:
تصبحون على وطن جميلٍ وشفاف أيها السوريون.   
emerkojari@hotmail.com






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=4210